اقتصاد » فرص عمل

الأيدي العاملة الوطنية وصندوق رفد

في 2016/04/23

عمير بن الماس العشيت- عمان اليوم-

تمكنت الأيدي العاملة الوطنية وفي غضون ثلاثة عقود من عمر النهضة المباركة أن تدير وبجدارة فائقة كافة الوظائف والمهن في القطاع العام بالسلطنة وأن تحظى بثقة الحكومة التي استطاعت أن تنفذ كافة أهدافها الاستراتيجية المتعلقة بالتنمية البشرية الرامية إلى إحلال وتعميم الوظائف للمواطنين ليحظى المواطن وبكل فخر وإجلال بإدارة شؤون بلاده في مختلف القطاعات الحكومية دون الحاجة إلى أيد عاملة أجنبية أو خبراء أو مستشارين. فالمواطن أصبح هو المعلم والمحاضر والقاضي والخطيب والطبيب والممرض والكاتب والباحث والمهندس والعامل والإعلامي والفني والمدير والموظف والمبدع والمخترع والطيار والقبطان والخبير والمستشار، لكن الوضع في القطاع الخاص يتجه إلى منحى آخر غير منسجم مع أيقونات الحكومة -باستثناء القطاعات المصرفية والشركات الحكومية – نظرا لعدم وجود مساواة عادلة بين موظفي القطاعين سواء من ناحية الرواتب والعلاوات أو التأمينات وأنظمة التقاعد وكذلك هيمنة الأيدي العاملة الوافدة على كافة المناصب السيادية وغيرها في هذا القطاع حتى أن بعض الأجانب صار لديهم صلاحيات ونفوذ واسعة تستطيع من خلالها فرض سياساتهم على الأسواق المحلية بحسب مصالحهم مما شكل هذا المشهد ضغطا كبيرا على المواطنين سواء العاملين بالقطاع الخاص أو الأفراد المستفيدين من خدمات رفد وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبناء عليه فان الفرص الحقيقية للمواطنين في القطاع الخاص باتت صعبة ويشوبها نوع من الغموض كما أن سياسات التعمين في القطاع الخاص التي تبنتها الحكومة أثمرت عن نتائج محدودة جدا على المواطنين بسبب الأيدي العاملة الوافدة المتشبثة بقوة في الوظائف وخاصة القطاع الخاص والامتيازات والأرباح الكبيرة التي تحققها في السلطنة وبدعم من بعض المواطنين وأصحاب الشركات ومازال تواجدهم على أرض السلطنة يتعاظم شيئا فشيئا وبشكل مقلق وخطير حتى كادت أعدادهم أن تتساوى مع عدد سكان السلطنة، وبالتالي أصبح موقف المواطن من القطاع الخاص ضبابيا .. ونتيجة لذلك بادرت الحكومة بتوفير بدائل تقرب الهوة بين الطرفين منها تأسيس صندوق رفد الهادف إلى تمكين الشباب من إقامة مشاريع خاصة بهم وإيجاد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
تأسس صندوق رفد بموجب المرسوم السلطاني رقم 6/‏‏2013 والتي آلت إليه بعد ذلك كل من برنامج سند وموارد الرزق وتنمية المرأة الريفية حيث دأب الصندوق ومنذ انطلاقة مسيرته في الأول من يناير 2014 على تحفيز المواطنين إلى تأسيس المشاريع الخاصة بهم واستطاع من خلال جهود الإدارة وطواقم الموظفين تحقيق العديد من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المستفيدين من خدماته بعد أن قام بتمويل 1886 مشروعا في كافة المحافظات واستفاد منه 3 آلاف باحث عن عمل تقريبا أغلبهم من العاصمة .. إلا أن هناك تحديات قوية ما زالت تواجه المواطنين المستفيدين من الصندوق كما أن القرارات والتوصيات التي خرجت بها الندوة الأخيرة بسيح الشامخات المتعلقة بتخصيص ما نسبته 10% من المشتريات والمناقصات للمستفيدين من صندوق رفد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لم تحقق كافة الأهداف المنشودة .. تتمحور التحديات في المنافسة الشرسة وغير العادلة التي يواجهها المواطنون من قبل الأيدي العاملة الوافدة المدعومة مباشرة من أصحاب الشركات الكبرى في السلطنة والتي تتعامل مع المستثمرين المحليين وكأنهم غرباء غير قادرين على العمل التجاري وبسبب هذا الوضع المريب والمزري لم يحصلوا على العقود والمناقصات التي من الممكن ان تمكنهم بالمشاركة الفعلية مع القطاع الخاص وتحسن أوضاعهم المادية لتغطية التزاماتهم كما يواجهون عدم الإقبال على منتجاتهم في الأسواق وبعكس الشركات التي تديرها الأيدي العاملة الوافدة والتي تحظى بمناقصات وإقبال من قبل الزبائن وهي ثقافة اعتاد الناس عليها وهي مخيبة للجهود المبذولة وبناء عليه فقد تكبد الكثير من المواطنين خسائر مادية فادحة وصاروا غارقين في الديون والمطالب القانونية وفي ذات الوقت لا يستطيعون العمل في أي مؤسسة بالقطاعين لسداد ديونهم بحكم أسمائهم المقيدة في سجلات الهيئة العمالية وهذه مشاهد حقيقة يفترض من المسؤولين بصندوق رفد رفعها إلى جهات الاختصاص لإيجاد حلول ناجعة لها كذلك السياسة المركزية التي ينتهجها صندوق رفد وعدم توفر الصلاحيات الكاملة للفروع المنتشرة في المحافظات أدت إلى إفشال وتباطؤ بعض المشاريع الخاصة بالمواطنين وهذا الأمر يختلف تماما مع المستفيدين من صندوق رفد في العاصمة الذين حققوا نجاحات جيدة في بعض المجالات كونهم قريبين من مراكز القرارات كذلك يفترض أن تتعامل مؤسسات القطاع العام والخاص مع المستفيدين من صندوق رفد ومع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل مباشر حتى يتمكنوا من تحقيق الغايات المثلى في الشراكة الحقيقية بين المواطنين والقطاع الخاص فلو بادرت مؤسسات القطاع العام إبرام عقود تجارية واستثمارية مع المواطنين لكان الأمر مختلفا تماما عن ما هو عليه الآن لكن الواقع يبين أن القطاع العام ما زال يتعامل مع الشركات الكبرى والصغرى التي تديرها الأيدي العاملة الوافدة بشكل واضح ومتكامل وهذا يتنافى قطعا مع سياسات الشراكة التي تسعى إليها الجهات الرسمية.