سياسة وأمن » تصريحات

دراما رمضان: هل هي (سيلفي) حقيقي؟

في 2016/06/13

يبدو أن رمضان، لم يعد فقط شهراً للعبادة والصوم والتقوى، وإطلالة باذخة على سماوات الفرح والدهشة والألق، وعودة أنيقة لذكريات الطفولة وصور البراءة، بل هو كل ذلك وأكثر، ولكنه أصبح أيضاً شاشة كبرى تعرض كل ملامح الفن والدراما والترفيه والتسلية ليتحول هذا الشهر الفضيل لبازار فني ضخم ومنوع، تصاحبه ضجة كبرى من النقاش والجدل واللغط، بل والاختلاف والانقسام.

رمضان والفن، متلازمة شهيرة صنعتها وسوقتها المؤسسات الإعلامية العربية الكبرى، محولة شهر رمضان الفضيل إلى موسم للذروة تُحقق فيه أعلى المكاسب والإيرادات والتأثيرات.

لقد أصبحت الدراما وبرامج الترفيه والمنوعات أطباقاً رمضانية ثابتة على مائدة البيوت العربية، ولم يعد بالإمكان الاستغناء عنها أو حتى التقليل منها، خاصة وأنها تستهدف بذكاء وكثافة الأجيال الصغيرة والشابة التي تُمثل الأغلبية الساحقة للمجتمعات العربية.

والفن كقيمة وظاهرة وحالة، سلاح ذو حدين كطبيعة كل الأشياء، فقد يكون أداة للتثقيف والتنوير والوعي أو أداة للتضليل والتأزيم والخداع.

تلك مقدمة ضرورية ــ كما أظن طبعاً ــ لأصل إلى فكرة هذا المقال، وهي أهمية وخطورة وتأثير الفنون باعتبارها رافعة حقيقية تُسهم بفاعلية وديناميكية بتطور وتحضر وازدهار المجتمعات والشعوب والأمم، بل هي تتصدر قائمة القوى الناعمة الكبرى التي تُشارك في صياغة وتشكيل وتوجيه الوعي الفردي والجمعي والرأي العام.

لن أدخل في معمعة الجدل الطويل والتباين الكبير حول قيمة ما تعرضه القنوات العربية من برامج ومسلسلات رمضانية، ولن أستدرج للوقوع في فخ النظريات والمؤامرات التي تُنسج حول هذه الأعمال الفنية، وهي على كل حال طبيعة الصناعة الفنية والدرامية والإعلامية التي تُحرض على الاختلاف والتباين، وتتعمد إحداث هزة في الأفكار والرؤى والقناعات، وتُحاول أن تنفض بعض الغبار عن الكثير من ركام التراث والعادات والأعراف. لا، لن أدخل في تلك المعمعة العقيمة التي أهدرت فيها الكثير من الجهود والطاقات والأموال.

لقد استطاعت بعض الأعمال الفنية والدرامية الرمضانية أن تُمارس "الصدمة" في وجه الكثير من أفكارنا وثقافاتنا وسلوكياتنا، وتمكنت من التقاط "سيلفي" مؤلم كشف حقيقتنا كما هي بلا رتوش، وشكلت "صحوة" جديدة لترشدنا لدروب الخلاص التي تُمثل "الشريان" النابض في "قمرة" حياتنا التي اختطفت منذ عقود.

ليت الفنون والدراما على وجه الخصوص تُحرر من كل تلك المخاوف والهواجس والعقد التي تسببت ومازالت في عزلتنا وتفرقنا وتشرذمنا.

للفن سحره وألقه وتأثيره الذي لا يضاهيه شيء آخر، وهو قادر على تحقيق ما عجزت عنه كل تلك الكتب والنقاشات والمحاضرات والدراسات والمؤتمرات التي استنزفت الأمة الإسلامية لقرون طويلة.

الفن، هو جسرنا الأنيق باتجاه الحياة التي نستحقها.

فاضل العماني- الرياض السعودية-