دول » قطر

الأمة ابتليت بمن حللوا القتل والإجرام وسفك الدماء

في 2016/03/05

الراية القطرية-

أكد فضيلة الشيخ الدكتور ثقيل بن ساير الشمري أن الله سبحانه وتعالى أنعم على البشرية بنعمة الأمن والرخاء ووعدهم في حال حُسن العبادة والتوحيد أن يمكّن لهم في الأرض ويُعضد من شوكتهم، مستشهداً بالآية الكريمة "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".

وقال د. الشمري، في خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب: إن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت مكمّلة لرسالة السماء في هذا الأمر، حيث دعت إلى تحقيق الأمن أيضاً للبشرية جمعاء.. مبيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح ذلك في رسالته بأن دين الإسلام هو دين السلام ودين الخير الذي يجلب للبشرية الاطمئنان والنجاة.. لافتاً إلى أن من أجل تأكيده للحفاظ على هذه النعمة، حرّم إراقة الدماء وأكل الأموال بالباطل والنيل من أعراض الناس.

حجة الوداع

وأوضح في السياق ذاته أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن هذا الأمر في أعظم مشهد عرفته البشرية يوم حجة الوداع وذلك حين قال: أيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ، أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ، أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ؟ "ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ النَّاسُ: يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ، أَلا لا يَجْنِي جَانٍ إِلا عَلَى نَفْسِهِ، لا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلا يَجْنِي وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ، أَلا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ، فَلَيْسَ يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلا مَا أَحَلَّ لَهُ نَفْسُهُ، أَلا وَإِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُؤوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ، غَيْرَ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، أَلا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ مِنْ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ.

وأكد خطيب الجمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عنوان إيمان المؤمن هو المحافظة على النفوس، حيث قال: المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم.

صلاح الأمة

وجدّد تأكيده أن عنوان صلاح الأمة واستقامتها يكون بمحافظة أبنائها على النفوس.. موضحاً أن ذلك فيه مصلحة شرعية، وضرورة دينية، وفطرة سوية، وذلك لأن هذا الأمر به تستقيم حياة البشرية جمعاء.

وأشار فضيلته في سياق متصل إلى أن الأمة في هذا الزمان ابتليت بطائفة من الناس قليلة العلم والعرفان حيث حلّلوا القتل والإجرام وسفك الدماء واستحلال الأموال والعبث في مصالح الناس.. لافتاً إلى أن هذه الطائفة تساعد على العبث في أمن الناس وخدمة أعداء الأمة من حيث يشعرون أو لا يشعرون، أو من حيث يعلمون أو لا يعلمون.. مبيناً أنها طائفة مُفسدة في الأرض لأنها ترتكب الكثير من الجرائم الشنيعة، فكلها إرهاب ظالم وعدوان غاشم وفساد في الأرض والله لا يحب الفساد.

وذكر د. الشمري أن في الأمة طائفتين شديدتي الخطورة تساعدان المفسدين وتحققان مصالح الأعداء بعلم ودون علم.. موضحاً أن الطائفة الأولى تعمل على تخريب عقول بعض الشباب وعلى تشتيت أفكارهم، مضيفاً أنهم أضحوا يستحلّون كل شيء من الأمور التي حرّمها النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي يضرّون الأمة.

الطائفة الأخرى

وأوضح أن الطائفة الأخرى تتلخّص مهمتها في قتل الناس وتهجيرهم من أوطانهم وخطف الآمنين منهم ومحاصرة المستضعفين.. مشيراً إلى أنها لا يمكن أن يُطلق عليها إلا عصابات مجرمة لأنها تهدم المساجد ودور العلم والمدارس وتقتل العلماء وتحارب المصلحين من أبناء الأمة.

ودعا فضيلته الأمة الإسلامية إلى الوقوف في صف أهل الحق، ومحاربة الباطل بكل ما أوتيت من قوة.. وقال: إن محاربة أهل الباطل لأهل الحق تستدعي من أهل الحق أن يقفوا جميعاً في وجه أهل الباطل وينصرونهم.. موضحاً أن أهل الباطل أعمالهم مرفوضة شرعاً، وأن الله سبحانه وتعالى لا يهديهم إلى الطريق الصحيح ما داموا على الأعمال الباطلة.

وقال فضيلته مخاطباً المصلين: نحن بحاجة لنعرف كيف نقف في وجه هذه الطوائف، فإن المسؤولية عظيمة، كلنا راع وكل راع مسؤول عن رعيته.. علينا أن ننصر كل مظلوم وأن نقف في وجه الظالم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه".. موضحاً أن معنى لا يسلمه أي لا يتركه لأعدائه. وأضاف: إن في هذه الحالة يجب على المؤمنين أن ينصروه لأن ذلك هو الواجب الديني عليهم، والحمية الإسلامية تقتضي نصرة المظلوم، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما".

وحدة الصف

وأكد خطيب الجمعة أهمية وحدة الصف بين المسلمين وأن يتحدوا على كلمة سواء لأن في الاتحاد قوة وفي الاجتماع هيبة بحسب قوله، والذئب لا يأكل إلا من الغنم القاصية. ودعا المسلمين في هذه الأيام أن ينفضوا عنهم المجاملة والغفلة وحُسن الظن بالظالمين مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم. وعلينا أن ننفض عنا ما يُعرف بالمجاملة أو الغفلة وحُسن الظن.. إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.

ونصح المصلين بأنه ينبغي على المؤمن ألا يُلدغ من جحر مرتين وأن يكون ذكياً فطناً لأن ذلك هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.. وجدّد نصحه للمؤمن الذي يعمل لدينه ولنصرة الحق ألا تأخذه غفلة الصالحين فيغتر بالظالمين والمُفسدين والمُرجفين الذين يَخدعون الناس بمعسول الكلام وأن يعرفوا أن هناك فرقاناً يفرق الله به بين الحق والباطل.