دول » الكويت

الأمية السياسية في البلد

في 2016/01/21

د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-

يحبس المجتمع الكويتي هذه الأيام أنفاسه على أخبار إنهيار سعر البرميل النفط الذي وصل سعر الكويتي منه إلى مشارف الـ 20 دولارا. فهل لنا من سبيل للخروج من أزمتنا الاقتصادية؟

موضع اهتمامي ليس الاقتصاد تحديدا، لكنه مدخل مهم لمناقشة ما نعيشه هذه الأيام. فمن سخرية القدر أن نكون نحن أهل المنطقة ممن نقتات ونعتاش على النفط كسبب رئيسي لدخلنا كدولة وكأفراد، أن نكون نحن ممن يستسبب في قطع أرزاقنا وتدهور السوق النفطي لهذا الحدّ. لهذا يجب أن نتوقف مليّا ونحاسب المسؤولين ونعي مسؤوليتنا الفردية والمجتمعية إن أردنا النجاة.

قبل أن نُكمل، كتب الزميل المميز فهد المطيري في «الجريدة» مقالة جميلة عن الأمية السياسية يوم الاثنين الماضي. حديثه انصبّ بشكل خاص على فئة الشباب وضرورة السّعي للتثقف سياسياً إن أرادوا انقاذ أنفسهم ووطنهم مما هو فيه. وهذه بالطبع ملاحظة تستحق التقدير وأنصح الإخوة بقراءتها.

نعود الى موضوع المقالة، كُلنّا يعلم أن سياسة الكويت الخارجية تعتمد على الوقوف في المنتصف والاعتدال والموازنة في العلاقات مع الدول. لكن وبحسب الظروف الإقليمية والدولية، تدفع الأمواج والاضطرابات الديبلوماسية سفينة الكويت بعيدة عن هذه الدولة وقريبة من الأخرى وهكذا دواليك. هذا كلّه معروف ومتوقع ولا غبار عليه.

الشيء الذي يجب علينا كمجتمع أن نفهمه، والدور الذي يجب أن نقوم به هو مساعدة هذه السفينة من أجل الاستقرار لا أن ندفعها بجنون نحو المزيد من الدمار والاضطراب وبعيدا عن الاستقرار. فأقوال شخصيات على غرار فهد الشليمي الذي يدعي بأننا مستعدون لو طلبت منا الدولة الفلانية أن نقطع المحيط معاً لفعلنا او تغريدة لناصر الدويلة بأننا نحن العرب مستهدفون في هويتنا. أعتبر مثل هذا الكلام الفارغ لا يمت للمنطق الدولي ولا أصل له في عالم السياسة والديبلوماسية. كلام يعلم من يدرس في السنة الأولى علوم سياسية أنه ساذج لأنه ببساطة لا يوجد حب وغرام دائم ولا كره وبُغض دائم بين الدول، بل مد وجزر ومصالح متبادلة. ودول الخليج ليست باستثناء، فالعلاقات بين البحرين وقطر، وبينها والمملكة السعودية، وبينها وبيننا بخصوص الخفجي، كلها امثلة على صعوبة تحقيق احلام الشليمي والدويلة والمنّاع على ارض الواقع.

فالتحالف الدولي والاقليمي المناوئ للايرانيين استسلم واقتنع بعد مرور أربعة عقود أنه عاجز عن الوقوف بوجهها وكسر إرادتها. ولأن الغرب أذكى منا، سارع للتوقيع على الاتفاق النووي ورفع العقوبات واقتناص الفرص الاقتصادية بعد كل هذا العناء والعداء. أما من ظلّ في مؤخرة الركب هم نحن، فلازلنا نُكابر وبدأنا نحصد هذه المعاداة ونجني تدهور أسعار النفط من دون الاستعداد ووضع البدائل. فشبابنا اليوم مطالب كما يقول فهد المطيري بالتحرك والتثقف السياسي وحساب الأرباح والخسائر وأن إيران دولة اقليمية محورية ويصعب ركوب كل موجة هكذا من دون توقع ودراسة المستقبل. فتحليلات الشليمي والدويلة والنفيسي التي لا تزيد المنطقة الا اشتعالا واحتقاناً وتطرفاً، كلام كهذا يجب ان يُرمى في سلة تدوير (ولن اقول مزبلة) الفكر السياسي.