دول » الكويت

الصين والخليج العربي.. نمو في العلاقات يرسم معالم مستقبل واعد

في 2016/01/21

الخليج اونلاين-

استأنفت دول مجلس التعاون الخليجي والصين المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين الأسبوع الجاري، ومن المتوقع أن يستكملا مفاوضاتهما قريباً والتوقيع على الاتفاقية الشاملة خلال العام الجاري.

وتزامن عقد جولة المفاوضات مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، والتقى خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وعدداً من كبار المسؤولين إضافة إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني.

وأعرب الرئيس الصيني خلال اجتماعه بالزياني عن تقديره لمستوى العلاقات القائمة بين بلاده ودول المجلس، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز العلاقات في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، كما رحب باستئناف مفاوضات التجارة الحرة.

- أكبر سوق للنفط

وبما أن الصين تعتبر ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وستكون أكبر سوق للصادرات النفطية الخليجية بحلول عام 2030، متجاوزة بذلك أمريكا واليابان، تتجه بكين حالياً إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دول الخليج من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات في مجال التجارة والصناعة والتكنلوجيا والطاقة والتعليم.

وتنظر دول الخليج إلى الصين، التي تستورد أكثر من نصف وارداتها النفطية من دول المجلس، إلى أنه سوق ضخم ليس فقط للصادرات النفطية، إنما للمنتجات البتروكيمياوية والصناعات المعدنية، التي أخذت تتوسع وتأخذ حيزاً كبيراً في الخطط والاستراتيجيات طويلة المدى لدول التعاون مؤخراً؛ لتنويع الموارد ومصادر الدخل.

وتتصدر السعودية دول الخليج في الشراكة مع الصين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما منذ 2004 إلى 2013، نحو 390.3 مليار دولار، في حين بلغ حجم الاستثمارات الصينية في السعودية في 2014 نحو 730 مليون دولار، وبلغ حجم الاستثمارات السعودية في الصين 30.61 مليون دولار، وبلغ عدد المشاريع السعودية الصينية المشتركة نحو 88 مشروعاً برأس مال مستثمر بلغ نحو 537 مليون دولار.

وفي الإمارات، شهد حجم التبادل التجاري مع الصين نمواً بمعدل 35% خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، ليصل إلى 100 مليار دولار في نهاية عام 2015، في حين بلغ مع الكويت 13 مليار دولار في 2014، ووصل مع عُمان 23 مليار دولار، منها 20 مليار دولار لمنتجات النفط والغاز و3 مليارات لمنتجات أخرى، ومع البحرين عدا النفط ومشتقاته، نحو 1.98 مليار دولار في 2014، فيما ارتفع حجم التبادل التجاري بين قطر والصين من 3.4 مليارات دولار في عام 2010 إلى 10.6 مليارات دولار في عام 2014.

- علاقات متميزة

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الدوحة وبكين تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، رغم أن التبادل التجاري بين البلدين بدأ منذ خمسينات القرن الماضي، حيث أبرمت شركة قطر للغاز والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري اتفاقية في مجال الطاقة لتوريد 2 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال في عام 2008، وافتتحت قطر في أبريل/ نيسان الماضي، المركز الأول في الشرق الأوسط لتسوية المعاملات بالعملة الصينية (اليوان)، الذي يعزز التبادل التجاري والاستثماري بين اقتصاديات الصين والدول الخليجية.

وفي يناير/ كانون الثاني 2012، اتفقت شركة البترول الوطنية الصينية وقطر للبترول ورويال دتش شل على بناء مشروع مصفاة ومجمع للبتروكيمياويات بقيمة 12.6 مليار دولار في شرق الصين، كما أبرمت بترو تشاينا اتفاقية في مايو/ أيار من عام 2012، لشراء 40% من حقوق الاستكشاف والإنتاج في القطاع الرابع في قطر من شركة "جي دي إف سويس قطر".

وفي مارس/ آذار 2011، وقعت قطر عقداً بقيمة 879 مليون دولار مع الشركة الصينية الهندسية للموانئ لإنشاء المرحلة الأولى لميناء الدوحة الجديد، وفي يناير/ كانون الثاني عام 2012، منحت شركة مزايا قطر للتطوير العقاري عقداً بقيمة 130 مليون دولار إلى شركة سينوهيدرو الصينية لإنشاء مشروع قرية السدرة، فيما وافق صندوق الثروة السيادي القطري في عام 2012 للاستثمار في أسواق رأس المال الصينية، بالإضافة إلى مساهمة جهاز قطر للاستثمار في البنك الزراعي الصيني.

وفي أغسطس/ آب من عام 2012، اشترى صندوق الثروة السيادي القطري 22% من أسهم شركة سيتيك كابيتال القابضة المحدودة، بالإضافة إلى امتلاك الشركة أسهماً بقيمة 1 مليون دولار، أي أعلى حد يمكن للمستثمر الأجنبي الحصول عليه في الصين.

الصين التي تسعى إلى رفع حجم اقتصادها إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2020، تتوقع أن يكون لدول الخليج دور بارز في هذه الزيادة، فقد حققت حركة التجارة بين الجانبين ارتفاعاً منذ عام 1991، حيث بلغ حجم التبادل التجاري فيه 1.5 مليار دولار، ليرتفع إلى 11.2 مليار في عام 2002، ثم وصل إلى 33.8 مليار دولار في عام 2005، ليقفز إلى 70 مليار دولار في عام 2008، منها 42 مليار دولار للصادرات الخليجية و28 مليار دولار للواردات الصينية، ثم وصل إلى 175.25 مليار دولار في عام 2014، في حين قُدّرت صادرات دول الخليج إلى الصين بنحو 110 مليارات دولار، والواردات بـ 70 ملياراً.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أنه من المتوقع أن تصبح الصين، التي تستورد نسبة 75% من النفط الخام من دول الشرق الأوسط، بحسب مؤسسة "جيمس تاون فاونديشن" الأمريكية، أكبر سوق للتصدير لدول التعاون الخليجي في عام 2020، بقيمة صادرات 142 مليار دولار، وواردات تصل لـ 137 ملياراً، ليبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج نحو 279 مليار دولار، حيث تشير تلك الأرقام إلى تطور مستقبل العلاقات الخليجية الصينية الاقتصادية.

- نمو واستثمار

شهدت التبادلات غير النفطية بين الصين ودول الخليج نمواً متزايداً مؤخراً، بفضل اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول المجلس، حيث جعلت سياسة عدم التدخل في شؤون المنطقة العربية التي اعتمدتها بكين، حليفاً موثوقاً فيه أكثر من دول الغرب.

وتعتلي المملكة العربية السعودية رأس الدول التي تزود الصين بالطاقة، لكونها أكبر مصدر للسوق الصينية الضخمة، حيث زودت الرياض بكين عام 2013 بنحو 19% من حاجاتها من الطاقة، فيما تعمل دول الخليج على الاستثمار في المصافي في الصين.

وازداد حجم التعاون بين الشركات السعودية مؤخراً، منها "سابك"، التي تمتلك الحكومة السعودية فيها 70% من مجموع أسهمها، وغيرها من المؤسسات والشركات الخليجية العاملة في مجال البتروكيمياويات والصناعات المعدنية والشركات الصينية، بالإضافة إلى المشروعات العملاقة منها مشروع إقامة مصفاة للنفط جنوبي الصين الذي تم الاتفاق عليه في عام 2012 بين مؤسسة البترول الكويتية وشركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبك)، باستثمار بلغ 9 مليارات دولار.

وبما أن دول الخليج تمثل المصدر الأول للصين في المجال التجاري والاستثماري والنفطي، يرى مراقبون أن بكين تدرك ضرورة تعزيز استثماراتها مع منطقة الخليج مستقبلاً، لضمان مصالحها الأساسية في مجالات الطاقة والتجارة والصناعة، ويرجح خبراء أنه من المحتمل أن تكون دول الخليج نقطة التقاء الحزام الاقتصادي المعروف بـ "طريق الحرير" البري والبحري للقرن الـ 21، الذي سيقود العلاقات الاقتصادية في العالم إلى النمو والاضطراد على المدى القريب.