سياسة وأمن » تصريحات

المواجهة

في 2016/01/11

وليد الرجيب- الراي الكويتية-

ليس من المنطقي أن تتم مواجهة عسكرية بين السعودية وإيران، فالجميع يدرك حجم الدمار والمآسي التي ستصيب المنطقة وشعوبها واقتصادها، وستُحل هذه المشكلة حلاً سلمياً يستند إلى حكمة القادة في المنطقة، قبل أن يبلغ التهور مداه، ويحدث ما لا تحمد عقباه.

لكن نتائج إشعال هذه المشكلة لن تنتهي بسهولة، فقد أثارت بين شعوبنا النعرات الطائفية والقومية، وساد الانحياز الانتقائي لكل طرف، وخاصة عندما أصبح التصعيد متعمداً وغير مسؤول، من خلال اقتحام عناصر مثيرة للشغب، محسوبة على الحرس الثوري الإيراني، ومليشيا الباسيج أو قوات التعبئة الشعبية، وقوات الأمن لجمهورية إيران الإسلامية، باقتحام السفارة السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد، في ظل تراخي الشرطة المتواجدة في محيط السفارة، بشكل لا يمت للأعراف الديبلوماسية والسياسية بصلة.

فالتهديد والتصريحات الاستفزازية، يمكن إطفاء نارها بالعقلانية والحكمة، لكن نار التأجيج الطائفي ستزداد أواراً، وهو الأمر الخطر على السلم الأهلي في المنطقة، فالمشاعر والتحيز المذهبي والقومي والكراهية، تستمر إلى ما بعد الحروب، وهذه لا تنفع معها التهدئة واستخدام المنطق والعقل، فعقل المتعصب غائب دائماً.

فعندما انتهت الحرب العالمية الثانية، توقف الدمار وبدأ الإعمار، لكن مشاعر الكراهية ضد النازية والفاشية لم تنته، كما أن الكراهية بين المسيحيين والمسلمين، التي تصاعدت أثناء الحروب الصليبية، ما زالت موجودة حتى الآن بسبب التعصب والتخلف، وظل الشعور والتوفز للمواجهة قائماً، يظهر بأشكال مختلفة، سواء من قبل المسلمين ضد المسيحيين أو العكس، أو حتى من خلال الكراهية الصهيونية للعرب باسم الدين.

فاحتمالات المواجهة تعيش لقرون في وجدان التخلف، من خلال سن السكاكين وحفر الخنادق بشكل دائم، ولا يحتاج الأمر سوى شرارة حمقاء لتشعلها مرة أخرى، وتوجه الحراب إلى الصدور الخطأ، تاركة الفرصة للإرهاب أن يعبث ويدمر بحرية، وتاركة الفرصة وغفلة الشعوب عن عدوها الرئيسي المستفيد من الحروب، وهو تحالف الامبريالية والصهيونية، التي تعتاش على الحروب، وتستفيد من عداء الشعوب لبعضها.

إننا ندعو مع الداعين للتهدئة، وتجنيب شعوب المنطقة النزاعات العسكرية، واستخدام الحكمة على أساس المصالح الوطنية لبلداننا، وإسكات الأصوات المتعطشة للحروب، ولتأجيج العداء الطائفي والقومي، والحفاظ على ثرواتنا من الآثار السياسية والاقتصادية الوخيمة.