قضاء » قضايا

قضاء المملكة أنصف المظلوم واقتص من الجاني

في 2016/01/07

الرياض السعودية-

أوضح عبدالله الفلاج -محامٍ، ومستشار قانوني، ورئيس اللجنة الوطنية للمحامين- أنَّ شبه الجزيرة العربية قبل عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، عاشت حالة من التناحر والنزاعات القبلية دون أن يحكمها نظام ينظم حياة المجتمع فيها، وفي عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، وحرصاً منه على قيام دولة إسلامية عادلة، فإنَّ أول ما بدأ به هو توحيد جميع مناطق المملكة، وتحكيم شرع الله الحنيف، امتثالاً لقوله تعالى: "إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً"، سورة النساء الآية (105).

وبيَّن أنَّه تطبيقاً لذلك، فإنَّ نظام الحكم في المملكة قام منذ عهد مؤسسها بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغرَّاء وفقاً للكتاب والسنة، كمصدرين أساسيين للتشريع، إلى جانب ما يُصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة، مُضيفاً أنَّ الشريعة الإسلامية سبقت حفظ وحماية حقوق الأفراد وتحقيق العدالة والمساواة بينهم في شتى مناحي الحياة، وذلك بما يحقق مصالح العباد بجلب النفع ودفع الضرر عنهم، موضحاً أنَّها مصالح متجددة بتجدد أحوال الناس، مُشيراً إلى أنَّ الشريعة الإسلامية شاملة لم تدع خيراً إلاَّ دلت عليه ولم تترك شراً إلاَّ نهت عنه وحذرت منه.

حريات مكفولة

وأشار الفلاج، إلى أنَّه من هذه المصادر جاء في المادة (36) من النظام الأساسي للحكم: "توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلاّ بموجب أحكام النظام"، كما أنَّ المادة (37) من النظام نفسه نصَّت على: "للمساكن حرمتها، ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلاّ في الحالات التي يبينها النظام"، كما أنَّها كفلت في المادة (47) من نظام الحكم الأساسي حق التقاضي بالتساوي للمواطنين في المملكة، وبيَّن النظام الإجراءات اللازمة لذلك.

وأضاف أنَّها كفلت لهم أيضاً حرية الملكية الخاصة وحرمتها، ولا ينزع من أحد ملكه إلاَّ لما تقتضيه المصلحة العامة، على أن تضمن له التعويض العادل، وبذلك فإنَّ هذه المبادئ والعمل بها في المملكة سابق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام (1948م)، موضحاً أنَّه كان للشريعة الإسلامية عبر القرون قصب السبق في منح الإنسان حقه في المحافظة على خصوصياته، ومنع التعدي على حرماته، وبما أنَّ المملكة قائمة على الكتاب والسنة، فليس بغريب أن تأتي أنظمتها من نبع الشريعة الصافي.

ولفت إلى أنَّ المادة (46) من النظام الأساسي للحكم نصت على أنَّ: "القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية"، كما نصت المادة الأولى من نظام القضاء على أنَّ: "القضاة مستقلون، لا سلطان على قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء"، مؤكِّداً على أنَّ هذه ضمانات لاستقلال الجهات القضائية والقضاء في أنظمة المملكة وعدم التدخل في عمل القضاة، الذين يُعدَّ استقلالهم ضامناً لتحقيق العدالة، بحيث يتساوى الجميع أمام القضاء دون تمييز لشخص على آخر".

تحقيق العدالة

وبيَّن الفلاج، أنَّ ذلك إنَّما جاء لأنَّه بالتدخل في شؤون القضاء تختل أوجه العدالة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، التي ساوت بين الجميع على حد سواء، مُضيفاً أنَّه يمكن مقارنة ذلك بمبدأ استقلال السلطة القضائية في الأنظمة الوضعية، الذي يُعدُّ من أهم مبادئ تنظيم القضاء لتحقيق العدالة، مُشيراً إلى أنَّ نظام الإجراءات الجزائية حفظ للمتهم حقوقه كاملة من حيث الدفاع عنه، فجاء النص على أنَّ لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، وفقاً لما نصت عليه المادة الرابعة من نظام الإجراءات الجزائية.

وأوضح أنَّ المادة الرابعة من نظام الإجراءات الجزائية نصَّت على أنَّه "يحق لكل متهم أن يستعين بوكيلٍ أو محامٍ للدفاع عنه في مرحلتيّ التحقيق والمحاكمة"، مُضيفاً أنَّ النظام أتاح للمتهم أو وكيله المدافع عنه حضور إجراءات المحاكمة، حيث أنَّه يُعد أمراً لازماً لاستعمال حقه في الدفاع، لأنَّ حضور المتهم يُسهِّل له مناقشة الأدلة التي تُقدَّم ضده وتفنيدها في الوقت المناسب، بل إنَّ النظام ألزم في حال حضوره أن يكون حراً طليقاً من القيود التي تشعره بالذنب.

وأضاف أنَّ نظام الإجراءات الجزائية في المادة (157) منه نص على أن: "يحضر المتهم جلسات المحكمة بغير قيود ولا أغلال، وتجري المحافظة اللازمة عليه، ولا يجوز إبعاده عن الجلسة في أثناء نظر الدعوى، إلاَّ إذا وقع منه ما يستدعي ذلك، وفي هذه الحالة تستمر الإجراءات، وعلى المحكمة أن تحيطه علماً بما أتخذ في غيبته من إجراءات"، كما أنَّ النظام نص على أنَّ: "الجلسات يجب أن تكون علنية، إلاَّ إذا كان هناك أسباب أمنية من شأنها أن تخل بسير إجراءات المحاكمة".

جلسات علنيَّة

وأشار الفلاج، إلى أنَّ المادة (154) من نظام الإجراءات الجزائية نصت على أنَّ: "جلسات المحاكم علنية، ويجوز للمحكمة أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها، مراعاة للأمن أو محافظة على الآداب العامة، أو كان ضرورياً لإظهار الحقيقة"، مُضيفاً أنَّ النظام قد كفل للمتهم أيضاً في حال كونه غير قادر على سداد تكاليف أتعاب المحاماة في الجرائم الكبيرة أن يطلب من المحكمة أن تُعيِّن له محامٍ على نفقة الدولة وفقاً لما نصت عليه المادة (139) من نظام الإجراءات الجزائية.

وأكَّد على أنَّ المادة (139) من نظام الإجراءات الجزائية نصت على أنَّه: "يجب على المتهم في الجرائم الكبيرة أن يحضر بنفسه أمام المحكمة، مع عدم الإخلال بحقه في الاستعانة بمحامٍ يدافع عنه، وإذا لم يكن لديه المقدرة المالية في الاستعانة بمحامٍ، فله أن يطلب من المحكمة أن تندب له محامياً للدفاع عنه على نفقة الدولة وفقاً لما تبينه اللائحة"، موضحاً أنَّ كل هذه الإجراءات كفلت حرية المتهمين المحصنين بالبراءة قبل أن تثبت إدانتهم، ومنح الالتزام بتعيين المحامين والوكلاء للدفاع عن المتهمين، وعلنية الجلسات، والحق في تقديم كافة الدفوع، تأكيداً على حرية الفرد ومنع الاعتداء على حقوقه المادية والمعنوية.

وقال: "تبرز أهمية هذا الموضوع وتظهر مكانته، لكونه متعلق بالقضاء، الذي يُعدُّ حارساً للعدالة والإنصاف، الذي به ترد الحقوق، وينصف المظلوم، ويقتص من الجاني، ولما للقضاء من مكانة عالية وهيبة ومنزلة رفيعة معلومة بداهة، بكونه سبب للعيش الآمن والحياة المطمئنة، التي تنعم بها المملكة، وتصدقها الإحصاءات، مقارنةً بدول العالم الأخرى، لافتاً إلى أنَّ كثير من الأصوات التي تتعالى بالمناداة بحقوق الإنسان تصدر من أصحاب غرض، وتستعمل في غير موضعها المثالي كوسيلة للضغط على الدول والجماعات في تليين المواقف واتخاذ القرارات".

أمة متحضّرة

وأكَّد الفلاج، على أنَّنا في المملكة ننظر إلى تكريم الإنسان ديناً في المقام الأول، لتكريم رب العزة له، وأخلاقاً كأمة متحضرة ذات مبادئ سامية، وضعت الأنظمة والقوانين لحماية الشخص من نفسه وحماية مجتمعنا من سلوكه المتعدي على حقوق الآخرين، حيث يقف النظام القضائي حارساً أميناً لتطبيق هذه المبادئ السامية والأنظمة السارية، مستحضرين مساءلة رب العالمين قبل الأجهزة والأنظمة الرقابية البشرية، وفي هذا مدعاة لحماية الحريات العامة المشروعة وحفظ لحقوق الأفراد والجماعات.

ولفت إلى أنَّ المملكة عملت على تضمين حقوق الإنسان في المادة (26) من النظام الأساسي للحكم بالنص على أن: "تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية"، كما قامت بإنشاء هيئة حقوق الإنسان، وهي هيئة حكومية مستقلة تهدف إلى خدمة حقوق المواطن والمقيم في المملكة وتعزيزها، وفقاً لمعايير حقوق الإنسان العالمية في جميع المجالات، ونشر الوعي وضمانه على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، كما أنَّها أنشأت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، التي تُعنى بحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الشكاوى والتجاوزات، وإعداد الدراسات والمؤتمرات لمعالجة التجاوزات والحد منها.

وأضاف أنَّ المملكة صادقت على عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعلى سبيل المثال لا الحصر: الميثاق العربي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

محاكمات نزيهة

وأكَّد عبدالرحمن الفراج –محام، ومستشار شرعي- على أنَّ النظام القضائي في المملكة أعطى المتهمين الحقوق الكاملة في الدفاع عن أنفسهم مباشرة أو عن طريق محامين، بل إنَّه كفل أن تتولى وزارة العدل تكليف محامين عن المتهمين لمن يعجز عن توكيل محامٍ يدافع عنه، مُضيفاً أنَّه نصَّ أيضاً على أن تكون الجلسات علنية، حيث انعكس ذلك إيجاباً على شفافية المحاكمات ونزاهتها واستكمالها لجميع جوانبها الشرعية والنظامية، إلى جانب تمكين المتهم وذويه من الدفاع وتقديم المذكرات والحجج، التي تؤيد مواقفهم.

وأوضح أنَّ المادة (61) من نظام المرافعات الشرعية نصَّت على أن: "تكون المرافعة علنيةً، إلاَّ إذا رأى القاضي من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب أحد الخصوم إجراءها سراً محافظة على النظام، أو مراعاة للآداب العامة، أو لحرمة الأسرة"، مُضيفاً أنَّ الأنظمة الجزائية في المملكة منعت التعدي على المتهمين بأيّ شكلٍ من الأشكال، حيث نصت المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية على: "حظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنوياً، ويحظر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة".

نظام قضائي متميز

وبيَّن الفراج، أنَّ النظام القضائي في المملكة كفل الحريات العامة وحقوق الأفراد التي لا تخالف أصول الشريعة ولا تتعدى على حقوق الآخرين، مُضيفاً أنَّ لكل مجتمع حتى غير المسلم منها أصول ومبادئ يعتمد عليها ولا يرضى بمخالفتها، وكذلك الحال بالنسبة للمجتمع الإسلامي، الذي ارتضى الشريعة مصدراً أساسياً له، موضحاً أنَّه من الواجب ألاَّ تخالف حقوق الأفراد والحريات العامة هذه المبادئ والأصول، حيث كفل النظام القضائي حق الإنسان في الحياة وفي الأمن وفي العمل وفي الملكية، وغيرها من الحقوق التي سبق الإسلام فيها الأنظمة الوضعية.

وأضاف أنَّ ذلك ظهر جلياً في الأنظمة القضائية السعودية، ونراه واضحاً في التطبيقات والوقائع القضائية، حيث جرَّم النظام الاعتداء على النفس أو ما دونها، كما منع أكل أموال الناس أو التعدي عليها، وكفل حق العمل للمواطن والمقيم، مُشيراً إلى أنَّ ممَّا أنعم الله به على هذه البلاد المباركة أنَّ مصدر التشريع القضائي فيها مستمد من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، حيث نص النظام الأساسي للحكم على ذلك، وهو ما تفتقده كثير من الأنظمة الوضعية، التي اجتهد البشر في صياغتها وجرت عليهم عواقب وخيمة وانتكاسات متعددة.

وأشار إلى انَّ ذلك هو ما أنتج واقعاً مُرَّاً تعيشه كثير من المجتمعات من الناحية الأخلاقية والاجتماعية والمالية، موضحاً أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أحكم وأعلم بما يصلح لعباده في أمور دينهم ودنياهم، لذلك اتجهت الدولة -وفقها الله- منذ تأسيسها إلى جعل الكتاب والسنة مصدرين أساسيين للتشريع لا يجوز مخالفتهما، إذ ظهر هذا جلياً في حماية حقوق الأفراد وأمنهم قبل الأنظمة الوضعية، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: "كل المسلم على المسلم حرام، ماله، وعرضه، ودمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة (40) عاماً".

يستمد النظام القضائي بالمملكة عدالته من خلال مرجعيته لكتاب الله –عزَّ وجلَّ- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فيستنبط منهما أحكامه وأنظمته، التي كفلت حقوق الأفراد والمجتمع وأمنهم وأوجدت الضمانات الكافية لتحقيق العدالة واستقلال القضاء في أحكامه، فلا سلطان على القضاء غير سلطان الشريعة الإسلامية، كما أنَّ هذه الأنظمة قد كفلت حقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم بكافة مراحل سير القضية، ونصَّت على أن تتكفل المحكمة بتعيين محامين على نفقة الدولة، للدفاع عن المتهمين العاجزين عن دفع التكاليف، إلى جانب إعطاء المتهمين مهلةً كافيةً لإعداد الدفوع وإحضار البيِّنات، إذ أنَّ الأصل هو براءة المتهم ما لم يصدر بحقه حكم نهائي يقضي بإدانته، حيث إنَّ النظام القضائي المستند على أحكام الشريعة الإسلامية راعى حقوق الإنسان قبل الأنظمة الوضعية، التي يتشدق بها المغرضون في الخارج.

ومن أهم ضمانات العدالة في المملكة تعدد درجات التقاضي، حيث نص النظام القضائي على أن تُنظر الأحكام على ثلاث درجات، خصوصاً في قضايا القتل والقطع والرجم والقصاص في النفس أو فيما دونها، ممَّا ينعكس على جودة ودقة الأحكام الصادرة من القضاء، كما أنَّ درجات التقاضي هي محاكم الدرجة الأولى "الجزائية"، ثمَّ يُستأنف الحكم وجوبا أمام الدائرة الجزائية في محاكم الدرجة الثانية "الاستئناف"، ومنها في حال المصادقة إلى محكمة الدرجة الثالثة، وهي "المحكمة العليا"، التي تتولى مراجعة الأحكام والقرارات، التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف بالقتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيما دونها، وغير ذلك من المهام.

قال د.أحمد الصقيه –محام، وقاض أسبق-: "إنَّ الشريعة الإسلامية جاءت في مقاصدها وقواعدها في الشق الجنائي بقواعد تخص عنصر الردع والزجرَ للمجرمينَ وإشاعة السلم الاجتماعي داخل المجتمع والحرص على إفشاء الأمان فيه واجتثاث الجريمة وعدم تكرارها، وهذا ظاهر وواضح من تشريعات الإسلام في حدوده وتعازيره، وحتى في القصاص ذاته، ولك أن تلاحظ كيف جعل الغاية والمقصد من إيقاع العقوبات اجتثاث الجريمة وعدم تكرارها، فأمر أن يكون ذلك على مشهد من الناس، كما في قول الحق –سبحانه وتعالى-: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)".

وبيَّن أنَّ ذلك كان مقصود الشريعة في أحكامها وحدودها وتعازيرها, مُضيفاً أنَّ المقصود من القصاص في الإسلام هو المحافظة على الحياة وديمومتها بين الناس، لذا قال -تبارك وتعالى-: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، لافتاً إلى أنَّ المقصد الأكبر في ذلك هو بسط العدل الذي هو شريعة الإسلام، موضحاً أنَّ الشريعة عدل كلها، كما صحت بذلك الأخبار وتضافرت عليه الآثار، مُشيراً إلى أنَّ الحق سبحانه وتعالى حرَّم الظلم على نفسه، -كما في الحديث القدسي-: "إنِّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا".

وأضاف أنَّ الحدود ما حُدَّت وقامت ولا أُوجدت إلاَّ لغرض حماية هذه الحقوق، حيث جاءت الشريعة ودارت أحكامها في فلك حمايتها وحراستها، مؤكِّداً على أنَّ ما يحدث اليوم من اعمال ارهابية وسفك للدماء وقتل وترويع للآمنين، يُعدُّ تشويهاً كبيراً لصورة الإسلام والمسلمين، لذا فإنَّ هذه الأفعال ليست من الإسلام، ويجب التصدي لهم فكرياً وأمنياً وقضائياً.

قال عبدالله الفلاج –محام، ومستشار قانوني، ورئيس اللجنة الوطنية للمحامين- : "إنَّ النظام الأساسي للحكم في المملكة وجميع الأنظمة الأخرى تستمد مرجعية الأحكام فيها من الشريعة الإسلامية الغرَّاء، ويظهر ذلك بجلاء في الأنظمة المُطبَّقة في المملكة، إذ نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم على أنَّه: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله)، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة، كما نصت المادة الثامنة من النظام نفسه على أنَّه: (يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية)".

وأضاف أنَّ المادة الأولى من نظام المرافعات الشرعية في المملكة نصت على: "تُطبِّق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة، وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام"، كما أنَّ نظام المرافعات أمام ديوان المظالم نص في المادة الأولى منه على: "تطبق محاكم الديوان على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنة، والأنظمة التي لا تتعارض معها، وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام". وأكَّد على أنَّ الشريعة الإسلامية سبقت جميع الأنظمة الوضعية والدساتير العالمية بأن كفلت للأفراد والجماعات حقوقهم وأمنهم في أنفسهم وأموالهم وتحقيق مزايا لم يسبق لها مثيل بحفظ حقوق الناس، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ، وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً"، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع أحدكم على بيع أخيه، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، وأشار بيده إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ مسلم من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".