ملفات » إعدام الشيخ نمر باقر النمر

«تهمة» النمر: لا يقرّ لولي الأمر بطاعة

في 2016/01/04

السفير اللبنانية-

كانت أبرز الشعارات التي رُفعت خلال الحركة الاحتجاجيّة التي شهدتها المنطقة الشرقية في العام 2011، «إنهاء واقع التهميش» في مملكة آل سعود.
الشيخ نمر باقر النمر، كان أبرز وجوه هذه الحركة التي تطالب بحقوق إضافيّة للأقليّة الشيعية، ولغيرهم من المواطنين السعوديين، كما أنَّه كان من أكثر الأصوات انتقاداً لآل سعود.
نشاطه السياسي دفع سلطات المملكة إلى اعتقاله مرّات عدّة بين العامين 2006 و2009، آخرها كان إلقاء القبض عليه في 8 تموز العام 2012، وأعقب ذلك احتجاجات استمرّت أيّاماً، قُتل فيها ثلاثة أشخاص. ذلك كان دليلاً على تقدير يكنّه كثيرون لرجل الدين المعارض الذي أعدمه النظام السعودي يوم السبت الماضي، إلى جانب 46 آخرين.
في العام 1993، توصّل معظم رجال الدين الشيعة ومعهم قيادات الطائفة إلى حلول وسط لمشاكلهم مع الحكومة بعد سنوات قضوها في المنفى.
كان ذلك تقدماً محدوداً دفع بعض أبناء الطائفة إلى المطالبة بإصلاحات. وصار النمر أبرز هؤلاء عبر خطبٍ ألقاها في مسجد الإمام الحسين في بلدته العوامية، مسقط رأسه. إذ دعا في خُطبه إلى تشكيل «جبهة المعارضة الرشيدة». وفي الوقت ذاته، برز حرصه على تجنّب الدعوة إلى العنف، خلافاً لما يروّج له النظام السعودي على أنّه «داعية إلى الفتنة».
يقول محمد النمر، شقيق الشيخ النمر، إنَّ إعدام شقيقه «سيثير حفيظة الشباب». ولكنه يشدّد: «نتمنّى أن تكون حركة احتجاج سلمية. نرفض العنف والاصطدام بالسلطة، كما رفضها الشيخ الشهيد».
ولد النمر في العام 1959 في منطقة العوامية في محافظة القطيف شرق السعودية، ودرس في مسقط رأسه، ثمّ هاجر إلى إيران العام 1980، حيث التحق بالحوزة العلمية، وبقي هناك ما يقارب العشر سنوات، قبل أن يتّجه إلى سوريا.
توفيت زوجته إثر صراع مع مرض السرطان في العام 2012، وكان لديه ابن وثلاث بنات. وأولاده يدرسون في الولايات المتحدة، باستثناء واحدة من بناته، تقيم في السعودية.
مع اندلاع احتجاجات «الربيع العربي» العام 2011، كسر الشيخ نمر باقر النمر الحظر الرسمي الذي فرضه النظام السعودي على ممارسته للخطابة والتدريس منذ آب العام 2008، إذ استهل خطاباته بمطالب سلميّة لحقوق مشروعة.
بدأت محاكمة النمر في آذار العام 2013، حين وجّهت إليه عدّة تهم من بينها «إثارة الفتنة».
في تشرين الأول 2014، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، حكماً ابتدائيّاً يقضي بإدانة النمر، والحكم عليه بـ «القتل تعزيراً».
وأُدين الرجل الذي وصفته المحكمة، في حيثيات حكمها، بأنه «داعية إلى الفتنة»، وبأنَّ «شره لا ينقطع إلّا بقتله»، بتهمٍ من بينها «الخروج على إمام المملكة والحاكم فيها خادم الحرمين الشريفين لقصد تفريق الأمة وإشاعة الفوضى وإسقاط الدولة».
كما تضمّنت الإدانة «قيامه بإعلانه عدم السمع والطاعة لولي أمر المسلمين في المملكة، وعدم مبايعته له ودعوته وتحريض العامة على ذلك، ومطالبته بإسقاط الدولة عبر خطب الجمعة والكلمات العامة، وتحريضه على الإخلال بالوحدة الوطنية». و «التدخل في شؤون دول شقيقة ذات سيادة عبر التحريض من داخل المملكة على ارتكاب جرائم إرهابيّة فيها، وإثارة الشغب، وإذكاء الفتنة الطائفية وزعزعة أمنها، ودعوته أبناء السعودية إلى المشاركة في ذلك، واشتراكه في التخزين في الشبكة المعلوماتية لخطبه وكلماته باتفاقه مع أحد الأشخاص على تصويرها وتسجيلها ونشرها عبر الشبكة المعلوماتية وهروبه وتخفيه من رجال الأمن بعدما علم أنه مطلوب للسلطات».
وقالت المحكمة: «بما أن المدعى عليه داعية إلى الفتنة خارج عن الطاعة والجماعة، حريص على تفريق جماعة المسلمين، ولا يقر لولي الأمر بطاعة ولا بيعه، ونتج من ذلك إزهاق لأنفس بريئة من المواطنين ورجال الأمن، وبما أن شر المدعى عليه لا ينقطع إلا بما نص عليه حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال النووي: (فاقتلوه: معناه إذا لم يندفع إلا بذلك)... فقد قررت المحكمة الحكم بقتل المدان تعزيراً».
وأيدت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا في 25 تشرين الأول 2015 الحكم الابتدائي الصادر بإعدام النمر، ليتمّ تنفيذ الحكم يوم السبت 2 كانون الثاني 2016.
آخر ما أخذ عليه كان شريطاً مصوراً، تمّ التداول به عبر وسائل التواصل الاجتماعي العام 2012، وألقى فيه الشيخ النمر خطاباً انتقد فيه ولي العهد نايف بن عبد العزيز، قائلاً إنّه «يعذب في قبره وتحرقه النار ويأكله الدود»، كما أعرب، في الخطبة ذاتها، عن استيائه لاختيار سلمان ولياً للعهد خلفاً له، حينها.
وفي نيسان العام الماضي، أصبح محمد بن نايف ولياً للعهد إلى جانب كونه وزيراً للداخلية، بعد الانقلاب الذي عُزل بموجبه مقرن من ولاية العهد، ليُفتح الطريق أمام نجل الملك محمد بن سلمان الذي عُيّن في منصب ولي ولي العهد.
عن ذلك، يقول محمد النمر: «من المؤسف أن تكون الأحكام أقرب إلى عمليّات الثأر الشخصية».