مجتمع » أسرة

كيف يؤثر عجز الميزانية في حياتنا؟

في 2015/12/31

ريم أسعد- الاقتصادية السعودية-

هذا السؤال الذي سيطر على الأذهان في جميع وسائل التواصل عقب إعلان الميزانية لعام 2015/2016 ومن حق المستهلك أن يفهم ولقد قام عديد من الخبراء بنشر المعرفة مباشرة في حساباتهم. مقالي اليوم للقارئ العادي: المتوسط التعليم والطالب وسيدة البيت، لأن السؤال يأتي ملحا من هذه الشريحة بالدرجة الأولى.

أولا نبدأ بتعريف "الدعم الاقتصادي، والذي يعرف علميا بأنه التدخل المباشر من الدولة لخفض سعر السلعة بالنسبة للمستهلك أو البائع أو كليهما.

وعادة ما ينتشر دعم الوقود والطاقة في الدول الثرية بالطاقة وأحيانا في دول الاقتصادات الناشئة Emerging Economies. ويؤثر الدعم مباشرة في الأنماط الاستهلاكية والإنتاجية إضافة إلى توزيع الموارد في البلاد، إضافة إلى أن له تبعات متعددة على الميزانية والإنفاق والنمو على المدى البعيد. وفي حالة المملكة من الطبيعي أن يتم دعم أسعار الوقود والطاقة لتخفيف التكلفة المعيشية للسكان، فسعر اللتر الواحد للبنزين من أقل المستويات في العالم (في المرتبة الخامسة بعد فنزويلا وليبيا والجزائر والكويت بواقع 0.23 سنتا للتر الواحد، حسب تقديرات الإثنين 28 ديسمبر 2015). ومن المعلوم أن خفض الدعم بدأ تفعيله رسميا أمس الثلاثاء الموافق 29 ديسمبر 2015 رفع أسعار البنزين بنسبة 38 في المائة لبنزين فئة 91 ونسبة 66 في المائة لبنزين 95.

تاريخيا وفي عام 2009 مثلا أنفقت الدولة نحو 33 مليار دولار لدعم البنزين، وفي عام 2010 نحو 44 مليار دولار، وفي 2011 بلغ الدعم 61 مليار دولار. ويشكل دعم البنزين أكثر من 76 في المائة من إجمالي مخصصات الدعم الحكومي، بينما تشكل الكهرباء ما نسبته 24 في المائة من إجمالي الدعم. من الدول الداعمة لأسعار البنزين إيران وفنزويلا والكويت والإمارات (والتي رفعت الدعم في شهر أغسطس الماضي لاعتمادها وسائل الطاقة البديلة بشكل تدريجي).

وبالعودة إلى السؤال المحوري عن كيف سيؤثر خفض الدعم في حياتنا فرأيي كالتالي:

أولا – ينبغي معرفة أن أي حكومة حريصة على شعبها وبلادها ستتخذ الإجراءات المناسبة للمصلحة ذات الأولوية وهي الأمن الاقتصادي. أحيانا لا تناسب هذه الإجراءات رغبة المواطن لكن تغليب المصلحة العامة هو الأهم.

ثانيا – كمواطن يجب عليك إدراك وفهم الدورة الاقتصادية لبلادك.

ثالثا – كمواطن مسؤول عليك المشاركة في نشر الوعي لمن في بيتك ودائرتك.

رابعا – الأنماط الاستهلاكية في حياتنا اتسمت بالتبذير لعقود وكثير من الممارسات السلبية داخل البيت وخارجه. أصبح المواطن السعودي خارج بلاده يوصف بالتبذير واللاوعي والاستهتار بالموارد العامة والخاصة من ماء وكهرباء ومشاوير وحتى الموارد البشرية. بكل بساطة حان الوقت لبعض التغيير.

وهذا التغيير سيجلب معه منافع إيجابية في قطاعات وصناعات ومنتجات جديدة بجانب الحد من السلبيات. فمثلا ستشهد منتجات الخلايا الشمسية في المنازل والشركات ازدهارا، وكذلك مبيعات السيارات الكهربائية النظيفة. أيضا قد يرتفع الطلب على السيارات الأصغر حجما وأوفر في استهلاك البنزين، ويخف الطلب على "الجِمسات" الضخمة والتي تزحم الشوارع وتكثر منها الحوادث.

سيمتد تأثير هذا التغيير في الأجيال من بعدنا لأنها ستتعلم بالممارسة وتكتسب الحس بالمسؤولية العامة، لذا أرجو من كل رب وربة أسرة أن يجتمعوا بأبنائهم ويشرحوا لهم ملخصا مبسطا لهذا الإجراء الحكومي بشكل إيجابي وليس فقط "لا تخرج البنزين صار غالي!"، حتى يستفيدوا من حاضرهم لمستقبلهم. والله الموفق.