ملفات » التحالف الإسلامي العسكري

تحوّل تاريخي في محاربة الإرهاب

في 2015/12/17

أيمـن الـحـمـاد- الرياض السعودية-

تاريخياً هذه هي المرة الأولى التي تتحالف وتنضوي 34 دولة إسلامية في حلف عسكري، والهدف هو محاربة الإرهاب أكثر الآفات ضرراً على الأمة الإسلامية والمسلمين، بل إن أذى الإرهاب امتد إلى الدين الإسلامي الذي دعا إلى صيانة وحفظ حرمة النفس البشرية.

قمعت المملكة الإرهاب في الداخل عبر إجراءات أصبحت اليوم معروفة على كل المستويات من خلال استهدافه فكرياً وعناصرياً وتمويلياً، وهو أمر أدى إلى امتداد ذلك التأثير الإيجابي في محاربته إلى قدرة المملكة على إرسال إشارات تحذيرية خارج حدودها، وتنبيه عدد من الدول بشأن هجمات إرهابية محتملة، حازت بموجبها على ثناءٍ عريض من المسؤولين في تلك الدول الذين يرون المملكة اليوم رقماً حيوياً ومهماً وأساسياً في مكافحة الإرهاب، ومصدراً موثوقاً يُعتمد عليه والتعامل معه، لذا كان التبادل المعلوماتي بين المملكة وحلفائها وأصدقائها حول العالم اليوم مسألة روتينية ولم تعد مسألة تستوجب إجراءات محددة.

جاء اليوم التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب كأحد مآلات التأذي الإسلامي من الإرهاب في المقام الأول، إذ وبفعل الحراك التاريخي الفوضوي الحاصل اليوم في الشرق الأوسط الذي أنتج تلك البيئة المضطربة التي حفّزت الإرهاب، وأدت إلى عملية "تَبرعُمية" أخرجت منه تنظيمات تحمل فكره الإرهابي والتكفيري تحت شعارات تداعب المخيلة الإسلامية اليائسة في خضم هذا الاضطراب.

ثم إن هذا التحالف الذي عزّ مثيله في وقتنا الحاضر جاء كمتطلب سياسي وأمني لأجل الحفاظ على الأمن واستقرار الدول، ودفع ودرء ما يهدد سكينة مواطنيها، كما أن هذا التحالف علاوة على هدفه المعلن، سيسهم في تقريب الدول الإسلامية للعمل تحت مظلة واحدة وهدف واحد، وهذا منتهى وغاية تسكن وجدان كل المسلمين، فالتقارب والاتحاد رغبة كل تجمّع وتكتل؛ كما هو حاصل في الاتحادين الأوروبي والأفريقي وغيرهما، ومن هنا قد يدفع ذلك لاحقاً بالأجندة السياسية والاقتصادية إلى التقارب شيئاً فشيئاً.

إن نظرة عامة تجاه القدرة العسكرية لهذا التحالف الإسلامي كفيلة بإدراك القوة التي يملكها، فعلاوة على العدة والعتاد، يمكن النظر إلى القدرات المعلوماتية والاستخباراتية وقواعد البيانات المتوفرة لهذا التحالف العريض والفائدة التي ستعم جميع الدول المنضوية تحت مظلته، وكما أسلفنا فقد أدى استهداف الإرهاب للدول الإسلامية إلى اكتسابها خبرات تراكمية دفعتها لتحرز ريادة نوعية في الحرب على الإرهاب على المستوى الفكري - والأمني العسكري.. وبالإمكان التنبؤ بقدرة هذا التحالف عندما نتحدث - على سبيل المثال لا الحصر - عن جدارة المؤسسة العسكرية التركية كقوة فاعلة إقليمياً ودولياً من خلال عضويتها في حلف "الناتو"، إذ تمتلك قدرات لا يمكن ذكرها في هذا الإيجاز.. والأمر ينطبق على مصر القوة الأولى على المستويين العربي والأفريقي، وينسحب على ذلك قدرات جميع الدول المشاركة التي إنما جاء التحالف الإسلامي لدمجها وضمها في بوتقة تنصهر فيها كل هذه القدرات والطاقات لتنتج تكتلاً يستطيع تنسيق جهوده وترابطها، ويلقى ترحيباً ومباركة بدأنا فعلياً نتلقاها عبر القوى الدولية المنخرطة فعلياً في محاربة الإرهاب مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا؛ التي قالت الصحيفة الناطقة بلغتها "لاكسبرس": "إن التحالف الإسلامي العسكري يعكس شغف العالم الإسلامي بمحاربة الإرهاب".

إن هذا الاتحاد الإسلامي العسكري جاء متماشياً مع مواثيق الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية التي ترى في الإرهاب آفة تجب محاربتها والقضاء عليها، ولذا فإن دعمه والوقوف في صفه والانضمام إليه يبدو اليوم أمراً ملحاً وضرورة لا خياراً، فهو - أي التحالف - تحوّل تاريخي في محاربة الإرهاب ومواجهته.