سياسة وأمن » مؤتمرات سياسية

أضواء على قرارات القمة الخليجية

في 2015/12/15

عوض باقوير- الوطن القطرية-

قمة الرياض الخليجية التي اختتمت في العاصمة السعودية قبل ايام تحدث بيانها عن جملة من القرارات الهامة سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي او في مجال التعليم والقضايا الثقافية ورغم ان الملفات السياسية تعد على قدر كبير من التعقيد كالملف اليمني والملف السوري الا ان بيان الرياض أشار إلى جملة من القرارات الاقتصادية والتي تهم دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها.

اول تلك القرارات يتعلق بالاتحاد الجمركي والذي لايزال متعثرا بين دول المجلس رغم إقراره منذ سنوات حيث تسببت التشريعات والقوانين المحلية لكل دوله في عدم تنفيذه رغم أهميته اولا للاقتصادات الخليجية وثانيا انعكاسه الإيجابي على المواطنين في دول المجلس ومن هنا فإن قرار القمة في ان يكون العام القادم هو عام استكمال منظومة الاتحاد الجمركي يعد قرارا مهما ويصب في مصلحة الاقتصادات الخليجية والتي تعاني بسبب تدهور أسعار النفط الذي هو المصدر الأساسي للدخل لدول المجلس الست.

القرار الثاني الذي صدر من قمة الرياض هو استكمال منظومة السوق الخليجية المشتركة وهي جزء اصيل من الاتفاقية الاقتصادية المقرر منذ سنوات ولاشك ان هذه السوق الخليجية يتطلع لها المواطن الخليجي سواء كان مستثمرا او غير مستثمر حيث ان التبادل التجاري والاستثماري بين دول المجلس لايزال دون الطموح حيث بلغ 140 مليار دولار وهو رقم لا يتماشى والرساميل والصناديق السيادية التي تملكها دول المجلس ومن هنا فان اكتمال منظومة السوق الخليجية المشتركة العام القادم سوف يكون له انعكاس إيجابي وانتعاش للاقتصاد الخليجي.

ان منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي انطلقت عام 1981 لاتزال بعيدة عن تحقيق الطموحات الشعبية منها على سبيل المثال عدم وجود السوق المشتركة وتوحيد القوانين والتشريعات في مجال الخدمة المهنية والمناهج المشتركة في التعليم رغم ان هذا الأخير يعاني من مشكلات في الجودة وضعف المخرجات لسوق العمل.

ان التكامل الاقتصادي بين دول المجلس يعد من أولويات اي تكتل او مجموعه متماثلة فدول الاتحاد الاوروبي بدأت بعلاقات اقتصادية وتجارية في مجال الحديد والصلب وهكذا توالت الخطوات الاقتصادية منذ خمسينيات القرن الماضي حتى تم التوصل إلى منظومة الاتحاد الاوروبي وتم توحيد العملة والبنك الاوروبي وتوحيد الجمارك ومن هنا فان التكامل الاقتصادي هو الذي يقود إلى منظومة قوية ويعطي احساسا لشعوب المنطقة بأن تشابك المصالح الاقتصادية هو الذي سوف يوحد السياسات في كل القضايا التي تهم دول وشعوب مجلس التعاون.

ان الربط الكهربائي وفي مجال المياه والحديث عن مشروع القطار الخليجي هي مشاريع مهمة وحيوية لكن هناك بيروقراطية في العمل الخليجي المشترك عند الحديث عن مجلس التعاون الذي تعدى عمره ثلاثة عقود ونصف فالتجمعات المشابهة كتجمع دول الآسيان مثلا اكثر فاعلية وحركة من دول المجلس ومن هنا فان الديناميكية في العمل الخليجي مطلوبة خاصة ان دول المجلس تواجه وإن كان بشكل متفاوت تحديات حقيقية كالتركيبة السكانية والارهاب وموضوع النفط علاوة على قضايا سياسية تهدد الأمن والسلام في منطقة الخليج كالوضع في اليمن بشكل خاص ومشكلات البطالة والتعليم وقضايا الشباب كل هذه التحديات تحتاج إلى نقاش صريح بين صناع القرار وشرائح المجتمع المختلفة من خلال منظور مشترك.

ولاشك ان احد قرارات قمة الرياض بشأن وضع الاتحادات والمكاتب الخليجية تحت إشراف مجلس التعاون الخليجي هي خطوة ايجابية.

ان امام دول المجلس فرصا تاريخية للانطلاق نحو التكامل الاقتصادي وهي المرحلة الثانية بعد التعاون حسب ميثاق المجلس عند تأسيسه في قمة ابوظبي عام 1981 وهذا بلا شك يفرض على دول المجلس قادة ومثقفين ومفكرين ومنظمات مجتمع مدني ان تتحرك بشكل أسرع في نمط التفكير خاصة ان هناك اجيالا جديدة لها تطلعات ولها طموح في مجال الإبداع والانطلاق الفكري لمزيد من التطوير والتجديد في المنظومة الخليجية فاستمرار البيروقراطية في العمل الخليجي قد يعطي احساسا بالاحباط لدى الأجيال الجديدة بالتغني بالخليج الواحد وانا الخليجي في الأغاني التي صاحبت المراحل الأولى من القمم الخليجية استنفدت أغراضها وبدأ الحديث يتمحور حول ماذا حقق المجلس بعد مضي 35 عاما من القمم المتواصلة رغم ان الدول الست متماثلة في نظم الحكم الوراثية والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد وقبل كل ذلك يجمع المنطقة الاسلام الحنيف ومن هنا الكل يتطلع إلى تنفيذ قرارات قمة الرياض في المجال الاقتصادي.