دول » عُمان

ماذا ينتظر مجلس عمان؟

في 2015/11/25

علي بن راشد المطاعني- الشبيبة العمانية-

مرحلة جديدة من العمل التشريعي والرقابي بدأت ببدء الدورة السادسة لمجلس عمان بمجلسيه الدولة والشورى بعد الافتتاح الذي رعاه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله- كمؤسسة تشريعية ورقابية وفق الاختصاصات الموكلة لهذين المجلسين، والصلاحيات الممنوحة لهما في اقتراح مراجعات مشروعات القوانين والأطر في البلاد.

ونظرا لما تمر به الدولة من أوضاع اقتصادية استثنائية غير عادية نتيجة انخفاض أسعار النفط وتبعاتها، فإن دور مجلس عمان لا يتوقف عند حدود تقييم أعمال الحكومة عبر السؤال والجواب في جلسات استضافة الوزراء المختصين، ورفع سقف المطالب والضغط على الجهات والوزارات لتلبية رغبات الناخبين، وإنما يتعدى ذلك إلى اقتراح الحلول بكيفية الخروج من الأزمات وتهيئة الرأي العام لتفهم تلك الحلول المقترحة، وتحمل تبعات المرحلة في مثل هذه الظروف غير العادية التي تعيشها البلاد كغيرها من الدول المنتجة للنفط.

فالأدوار المرتقبة لمجلس عمان بشقيه في المرحلة القادمة كبيرة ومهمة بعد تهيئة كل السبل لممارسة دوره، وستتجه الأنظار إليه فيما سيقدمه كشريك في التنمية مع الحكومة، الأمر الذي يجعل الكثير يتطلع إلى دور أكبر وحلول تخرج من رحم المجلس وتسهم في تجاوز الأزمة وتذليل بعض الصعوبات والعراقيل التي تحول دون إحراز تقدم في تنويع مصادر الدخل وتطوير الإيرادات غير النفطية، والتشاور حول كيفية إدارة الأمور في التعاطي مع الشأن العام.

بلاشك هناك أهمية كبيرة لتثمين جلالة السلطان المعظم - حفظه الله - دور مجلس عمان في الكلمة السامية في افتتاح الدورة الحالية في حصن الشموخ وإسهاماته في المرحلة الماضية، لدفع مسيرة التنمية الشاملة قدما نحو المزيد من التطور والنماء، وهذا يعطي أهمية كبيرة للمرحلة القادمة من عمل المجلس في ظل المعطيات الراهنة من خلال الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها في العديد من الجوانب، والمهام الكبيرة التي تنتظره في العمل الوطني، فمجلسا الدولة والشورى يضمان ما يربو على 170 عضوا من الكفاءات الوطنية في كافة المجالات والخبرات المتمرسة في العمل الحكومي والخاص والكفاءات العلمية من الجامعات لرفد العمل الوطني في كل ميادينه بما يسهم في تعزيزه، وهذا ما تأمله الأوساط المحلية والمتابعون حيث تنتظر أن ترى تفعيلا للدور المحوري للمجلسين في النهوض بالعمل البرلماني وانتشاله من الشكليات والوجاهة إلى الممارسة الفعلية التي لا بد أن يلمسها الجميع على أرض الواقع في العديد من الجوانب التي يمكن أن تحسب لمجلس عمان إقرارها أو اقتراحها أو تبنيها.

أمام مجلس عمان ملفات مستعجلة مثل الملف الاقتصادي بكل تداعياته لكي يبدي المجلس مرئياته ومناقشاته من خلال اقتراح مشروعات قوانين في مجالات الاستثمار وتسهيل الإجراءات فيه، واقتراح الأطر المحفزة للاقتصاد الوطني وهيكلة قطاعاته وتطويرها، ومعالجة القضايا الاقتصادية التي تعاني منها البلاد كالتجارة المستترة وعزوف الشباب عن العمل وترسيخ قيمه المؤدية إلى الإنتاجية العالية والجودة التي يتطلع لها المستهلك، بل إن الهم الأكبر الذي ينتظر من المجلس هو المشاركة في إدارة الأمور والتعاطي مع الشأن المحلي في كيفية معرفة المجتمع لقيمة الخدمات التي يستخدمها، وترشيدها وفق منظور اقتصادي يجعل الكل مسؤولا عن ضبط الإنفاق، وتكيّف الأوضاع المالية للدولة مع المحددات الجديدة.

إن مجلس عمان ( الدولة والشورى ) يجب أن يلعب دورا محوريا في المرحلة القادمة ويقود العمل الوطني بشكل أفضل مما هو عليه في تهيئة المجتمع لتقبل الحلول التي تقترحها الحكومة في معالجة تداعيات تراجع الإيرادات النفطية وانعكاساتها على الموارد المالية للدولة، فالحلول تحتاج في الكثير من الأحيان إلى مشاركة واسعة وإجراءات تتطلب تفهّما من ممثلي الشعب في بلورة سياسات وخطوات عملية جادة تجعل التنمية المستدامة قائمة على المشاركة الفاعلة من كافة أطياف المجتمع.

ومن مهام المجلس تعزيز الحوار المجتمعي عبر القنوات المشروعة وفي إطار مؤسسي في ظل وجود دولة المؤسسات والقانون التي تتطلب أن تترسخ في البلاد لتكون هي الوحيدة المعبرة عن رأي المجتمع ونقل متطلباته وفق ما يتوفر لها من صلاحيات، تأخذ الأمور بشكل منهجي سليم بعيدا عن العشوائية التي تتجاوز الأطر والقيم والأعراف المجتمعية، والابتعاد عن كل ما يعكّر صفو الحياة العامة ويكدّر الخواطر.

في المقابل تقع على عاتق الأجهزة الحكومية مسؤوليات كبيرة في التعاون مع المجلس في كل ما يسهم في تسريع خطوات عمله والتفاعل والتجاوب مع ما يطلبه الأعضاء في مجالات عملهم وبما يخدم المجلس وليس لأمور شخصية طبعا، لكي تتكامل الأدوار وتتعاضد الجهود بما يفي بمتطلبات العمل في الدولة ويتواكب مع المتغيرات التي تتطلب تفاعلا أكبر وتعاونا أفضل يسهم في تسريع الحلول ومعالجة المشكلات التي تعترض وطننا.

بالطبع النهوض بعمل المجالس يحتاج إلى جهاز إداري ممثل في الأمانات العامة يتواكب مع هذه المتغيرات التي تحتاج إلى مدّ الأعضاء بكل ما يحتاجونه من بيانات وأداوت تسهم في تسريع الحلول، وهذا يتطلب رفد أجهزة الأمانات بكوادر مؤهلة في كل المجالات ترفد عمل الأعضاء بشكل علمي يسهم في تعزيز دور العضو والمجلس بشكل عام.

نأمل أن يضطلع مجلس عمان بدوره المحوري المعهود في تجسيد الشراكة من أجل التنمية في البلاد، وأن يلعب دورا أكبر في النهوض بالمسؤوليات التي تمليها تطورات المرحلة الراهنة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تفرض علينا التعاطي معها بمسؤولية كبيرة للوصول لبر الأمان الذي نتطلع إليه جميعا في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - ورعاه وأدام الصحة والعافية عليه.