علاقات » اسرائيلي

داعش تزرع.. والحصاد إسرائيلي!

في 2015/11/24

حسين عطوي- الوطن القطرية-

في أعقاب ازدياد خطر تنظيم،على اثر تمدده في العراق وسوريا، خرج وزير الدفاع الصهيوني السابق موشيه يعلون في أواخر أب 214 ليقول ما حرفيته «تنظيم داعش يعمل بعيداً ولا يشكل خطراً على مصالحنا».

اليوم وبعد الهجمات الإرهابية والوحشية التي نفذها داعش في باريس والضاحية الجنوبية لبيروت، وتفجير الطائرة المدنية الروسية، وبالتالي انتشار حالة الرعب والهلع في معظم دول العالم من مخاطر وقوع هجمات مماثلة، عاد يعلون وأعلن قبل أيام، مطمئناً الرأي العام الإسرائيلي، أن «وجهة داعش ليست إسرائيل» أضاف يعلون قائلاً: «إسرائيل ليست مهددة كثيراً من قبل تنظيم داعش رغم أنها تتقاسم معنا الحدود في أكثر من منطقة، وينشط فيها التنظيم ويتمتع بقوة».

وأكد أن داعش «يتجنب شن الهجمات على إسرائيل».

مثل هذا الكلام لوزير الأمن الإسرائيلي يعلون يثير التساؤلات.

لا سيما وأن العالم كله بات مهدداً من خطر داعش في حين أن إسرائيل مطمئنة لا يساورها أي قلق من هذا الخطر.

ـ لماذا لا يشعر القادة الإسرائيليون بخطر داعش على أمن كيانهم ؟.

ـ وما هي الفائدة التي تجنيها إسرائيل من العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش هذه الأيام؟.

ـ وبالتالي كيف يعمل المسؤولون الإسرائيليون على توظيف استفحال خطر هذا التنظيم الإرهابي وحالة الهلع والرعب التي سببتهما عملياته الإرهابية.

أولاً: إن تأكيد أعلى مسؤول أمني اسرائيلي بان داعش لا يشكل خطراً على إسرائيل وانه مطمئن إلى ذلك، إنما يؤشر إلى احتمال كبير بوجود تنسيق أمني بين أجهزة الأمن الصهيونية، وتنظيم داعش، وهو أمر بدأ يثير شكوكاً جدية، لاسيما بعد أن سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أعقاب مجزرة باريس إلى القول بان أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت على علم بالتفجيرات عبر اختراقات،وأعمال تنصت على مكالمات هاتفية لقيادات من داعش.

وأكد أن إسرائيل تمتلك معلومات هامة ومؤكدة بشأن الضالعين في تفجيرات باريس وستقدمها إلى فرنسا وللجهات المعنية؟.

وهذا يعني أن الموساد الإسرائيلي، أبلغ الحكومة الإسرائيلية بهذه المعلومات قبل حصول التفجيرات، ولم يسارع نتانياهو إلى ابلاغ الحكومة الفرنسية بها لتجنب وقوعها، وذلك بهدف استثمارها وتوظيفها في خدمة السياسية الإسرائيلية.

ثانياً: يبدو من الواضح إن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من هذه العمليات الإرهابية، خصوصاً، وأن الأماكن التي جرى تنفيذها فيها واستهدافاتها تصب تماما في خدمة الأهداف الإسرائيلية في هذه المرحلة بالذات، التي تواجه فيها إسرائيل انتفاضة فلسطينية متجددة في فلسطين المحتلة، وتعاني من عزلة دولية بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، إلى جانب شعورها بازدياد تهميش دورها في المنطقة والعالم.

وهذا ما يجعل الشكوك تزداد حول مدى وجود تنسيق أو اختراق كبير للموساد داخل تنظيم داعش، لاسيما وأن الأماكن التي اختارها داعش لتنفيذ عملياتها الإجرامية هدفت إلى تحقيق جملة أهداف، تخدم إسرائيل وهي:

1ـ أن تؤدي عملية التفجيرات في ضاحية بيروت الجنوبية إلى إثارة فتنة لبنانية ـ فلسطينية من خلال مسارعة داعش إلى الإعلان بان فلسطينيين هما اللذان نفذا التفجير، وذلك لتحريض اللبنانيين على القيام بعمليات انتقامية ضد الفلسطينيين وبالتالي استهداف القضية الفلسطينية، وتشويه صورة الانتفاضة الثالثة، وإفقادها أي احتضان أو دعم شعبي لنصرتها.

2ـ أما عمليات باريس فإنها هدفت الى توفير الظروف المواتية لإثارة العداء ضد العرب والمسلمين في عموم الدول الغربية، وبالتالي تمكين إسرائيل من استثمار ذلك والظهور بمظهر من يساعد الغرب على مواجهة الإرهاب، وصولاً إلى انتزاع دور لها في الحرب العالمية ضد الإرهاب، لتجميل صورة إسرائيل من ناحية، وتمكين دعايتها من تشويه صورة نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته، والخلط بينها وبين الإرهاب.

3ـ بخصوص التفجير في الطائرة الروسية فان حكومة نتانياهو تريد القول أنها تستطيع مساعدة روسيا في الحرب الأمنية ضد داعش، لما للموساد من قدرات واختراقات داخل هذا التنظيم، وبالتالي محاولة الحصول، في مقابل هذه المساعدة الأمنية، على ضمانات روسية بعدم تزويد سورية وحزب الله بأسلحة روسية كاسرة للتوازن.

ثالثاً: انطلاقاً مما تقدم يمكن تفسير لماذا خطر داعش يهدد العالم لا يهدد إسرائيل، فداعش ومنذ خروجها إلى العلن لم تنفذ أي عملية ضد إسرائيل، والعمليات التي قامت وتقوم بها اليوم تخدم الإستراتيجية الإسرائيلية، وبالتالي هذا ما يفسر لماذا يعرب المسؤولون الإسرائيليون عن شعورهم بالطمأنينة، وأن عمليات داعش لن تصل إلى إسرائيل ولن تستهدفها.

طبعاً هذا دليل إضافي على وجود مصالح مشتركة بين إسرائيل وداعش، وأن الوسائل التي يعتمدها الأخير هي نفس الوسائل التي تعتمدها إسرائيل في حروبها ضد العرب والفلسطينيين، فإسرائيل لا تتوان عن ارتكاب المجازر الإرهابية، تماماً كما يفعل داعش هذه الأيام لبلوغ أهدافه، فهو يكفر كل من يخالفه الرأي، تماماً كما تتهم إسرائيل كل من يقف ضدها بأنه معاد للسامية.

رابعاً: إن التوظيف الإسرائيلي لخطر تنظيم داعش الإرهابي بات واضحاً، ولا يحمل أي لبس، فإسرائيل التي تملك المعلومات بشأن الضالعين في العمليات الإرهابية تريد ابتزاز العالم بها، وبالتالي مقايضة هذه المعلومات بان تجبر العالم على التعاون الأمني معها، وفك العزلة عنها واعتبارها طرفاً أساسيا في أي تحالف دولي للحرب على الإرهاب، واستطراداً دفع باريس الى التراجع عن اقتراحها نشر مراقبين دوليين في القدس، وغض النظر عن ما تقوم به اسرائيل من جرائم ضد الشعب العربي الفلسطيني، ومن استيطان وتهويد للأرض والمقدسات الفلسطينية، ومن إجراءات قمعية عنصرية ضد الفلسطينيين وانتفاضتهم الثالثة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، وأخيرا ستعمل إسرائيل على استثمار تنامي الإرهاب لأجل إخافة اليهود في العالم لدفعهم إلى الهجرة الجماعية إلى فلسطين المحتلة في سياق خطتها القاضية بتعديل الميزان الديمغرافي على الأرض فلسطين لمصلحتها، وجعل الفلسطينيين أقلية في أرضهم ووطنهم الأصلي، محرومون فيه من حقوقهم الوطنية،وهو الأمر الذي عكس نداء نتانياهو لليهود الفرنسيين للهجرة الى اسرائيل والقول لهم: «أنّ قطاراً جوياً بانتظار مساعدة كلّ يهودي يرغب بمغادرة فرنسا إلى تل أبيب».