مجتمع » حريات وحقوق الانسان

الملف الأسود للعمالة المنزلية بالإمارات

في 2015/10/28

شؤون خليجية-

على الرغم من إعلان السلطات الإماراتية المستمر عن سنها قوانين ووضعها معايير لضمان حقوق العمالة الأجنبية، وخاصة العمالة المنزلية، إلا أن الكثير من التقارير الحقوقية والصحفية خاصة الدولية، تكشف بشكل مستمر أن أغلب تلك القوانين ليست إلا قوانين شكلية لا تطبق "حبر على ورق"، وكان آخرها تحقيق وثائقي أجرته هيئة  الإذاعة البريطانية (بي بي سي) والذي نقل معاناة العاملات الوافدات بسجن السناء بالإمارات وأغلبهن من العمالة المنزلية.

دعوة لوقف تصدير النساء للإمارات

 جاء في التقرير الوثائقي الذي سيعرض في مهرجان (بي بي سي) العربي نهاية الشهر الحالي أن المرأة هي التي تتحمل المسؤولية خاصة إن كانت خادمة.

ونقل التقرير أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة بشكل عام والعاملات المنزليات الوافدات بشكل خاص والتي تخطى عددهن الـ150 ألف عاملة، مشيرًا إلى أنه وعلى الرغم من أنهن ضحايا إلا أن الانتهاكات كانت سببًا للوصول بهن للسجن.

وأشار إلى أن الصومال والفلبين على رأس قائمة الدول المصدرة للعمل بالإمارات خاصة العمالة المنزلية، حيث تضطر المواطنات لمغادرة بلادهن لكسب لقمة العيش جراء شح فرص العمل في بلادهن.

وأضاف أن الفليبينيات يتم استكتابهم لدى وكالات التوظيف للعمل في الإمارات، وبالتالي تتكفل الأسرة المستقدمة بجميع مصاريف السفر،  وتغادر الفليبينيات بلادهن آملات في عيش رغد؛ بيد أنهن يكتشفن فيما بعد أنه لا يوجد لهن أي مكان في هذا العالم؛ لأن نظام الكفالة في الإمارات يعني أن جميع حقوقهن للعمل والتحول إلى كفيل آخر والعودة إلى بلادهن بيد الأسرة الكفيلة التي قامت باستقدامهن.

وأبرز الانتهاكات التي تعرضت لها تلك العمالة وفقًا للتقرير هي اضطرارهن للعمل في  بعض الأحيان حتى لـ 21 ساعة، إضافة إلى حرمانهن من رواتبهن في بعض الأحيان وتعرضهن لامتهان بدني وجنسي أيضا من قبل كفلائهن.

ومن الانتهاكات التي ذكرها التقرير أيضًا تعرض العاملات  للتحرش الجنسي والاغتصاب حتى على أيدي موظفي الكفيل أو أحد غيرهم أيضا؛ لكن لا يسمع لهن في أي مكان.

شهادة لخادمة فليبينية تعرضت للاغتصاب

نقل التقرير شهادة خادمة فليبينية اسمها "مونيكا" كشفت تعرضها  لاغتصاب من موظف للكفيل وحملت؛ وأضاف أنه في تلك الحالة تتعرض المرأة لتوجيه تهمة الزنا إليها وعقوبته تتراوح بين الجلد والرجم، في حين يتم تكبيل النساء المعتقلات في سجون الإمارات بتهمة الزنا.

وحول الأحكام القضائية التي تحصل عليها العاملات يقول التقرير أن المرأة تسجن  مؤبدا بعد إثبات جريمة الزنا عليها وفي عامة الأحوال لا تقدر على الدفاع عن نفسها؛ حتى إن امرأة أثيوبية معتقلة أنجبت ورجلها مربوطة بسرير المستشفى.

وواصلت شبكة "بي بي سي" نقل شهادة "مونيكا" في تقريرها، مشيرة لقرارها العودة للفلبين ورفض كفيلتها إعادة جوازها إليها مبررة بأنها لم تنجز فترة عقدها، وبالتالي اتصلت الخادمة الفلبينية بمضيف برنامج إذاعي معروف في الفليبين وحكت له معاناتها من داخل حمام لمنزل الكفيل مباشرة على الهواء. واستطاعت الحكومة الفلبينية استعادة الخادمة بعد انتشار مكالمتها مع الإذاعة كالنار في الهشيم، بينما لم ينجوا غيرها من أوضاع مشابهة.

ولفت التقرير إلى وجود الآلاف من الخادمات من الفيليبين والصومال وأثيوبيا في الإمارات حتى بعد عودة "مونيكا" إلى بلادها وهن يتعرضن لما جرى معها.

تلك الانتهاكات أدت بأندونيسيا وفقًا للتقرير لتقليل عدد مواطناتها المسافرات لدول الشرق الأوسط وذلك بعد أن تعرض اثنان من مواطنيها لتعذيب شديد في الإمارات.

ودعا التقرير دول العالم لإتباع خطى إندونيسيا بوضع حد أمام "تصدير" النساء إلى الدولة الغنية بالنفط؛ لأن ذلك عبودية هذا العصر.

ولم يقتصر الفيلم حول الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المنزلية وإن كانت هي الأبرز، ولكنه نقل معاناة المرأة بشكل أمام المحاكم الإماراتية.

الانتهاكات ضد الخادمات بالإمارات لا تجد اهتمامًا دوليًا

بدورها تحدثت جريدة "الغارديان" البريطانية عن نفس الموضوع، مشيرة إلى عدم وجود رقم رسمي لعدد المعتقلات بالإمارات، مضيفة أن العدد يقدر بالمئات بحسب تقديرات ناشطين وجمعيات خيرية ومنظمات حقوقية وتقارير أعدها صحفيون استقصائيون.

وعرضت الصحيفة عدد من القضايا البارزة والتي حظيت باهتمام إعلامي حول هذا الشأن ومنها اعتقال امرأة بريطانية بدبي عام 2010 عندما اشتكت للشرطة عن قيام نادل مطعم باغتصابها واتهمت بممارسة الزنا مع خطيبها.

كما نقلت ما حدث بعدها بعدة أعوام حيث سجنت النرويجية مارتي ديليلف، بتهمة الزنا، مع أن زميلا لها قام باغتصابها. ولم يطلق سراحها إلا بعد موجة احتجاج دولية.

وأكدت "الغارديان" أنه وعلى الرغم من حصول عدد من القضايا على اهتمام كاف إلا أنه ومن النادر أن تثير حالات تتعلق بنساء عاملات في الإمارات في مجال الخدمة المنزلية اهتماما دوليا أو حتى النساء الإماراتيات أنفسهن.

كما نقلت قصص لعدد من الانتهاكات التي نقلتها خادمات وافدات وأبرزها "ليلى" من بنغلاديش والتي تعرضت  للاغتصاب من سيدها، وحذرتها العاملات الأخريات منه وأنه رجل شرير.

ونقلت الصحيفة تصريح للباحث في شؤون الخليج بـ"أمنستي إنترناشونال" دروري دايك، والذي قال فيه: إن "ضحايا الاغتصاب يتهمن بممارسة الزنا طوعا، ولا يتم التحقيق في اتهامات الاغتصاب". وأضاف: "في الوقت الذي تقول فيه التقارير الإخبارية إن الوضع تحسن إلا أن الروايات الشفهية تشير لاستمرار تعرض النساء المهاجرات للخطر، حيث إنهن يعتقلن ويتهمن بممارسة الجنس، وفي العادة ما يتركن في السجن مع أولادهن من العلاقة".

وأشارت إلى قانون الكفالة والذي يؤدي لترسيخ تلك الانتهاكات وضياع حقوق الضحايا منبهة إلى  أن غالبية العمال الأجانب الذين يشكلون نسبة 90% من السكان يحتاجون إلى الحصول على كفالة من الجهة التي تستقدمهم، ولا يمكنهم العمل إلا مع المستقدم ولا يستطيعون مغادرة البلد بدون إذنه، وأضافت أنه وعلى الرغم من أن  احتجاز الجوازات هو ضد القانون إلا أن جوازات السفر للخدم والعاملين عادة ما تصادر.