ثقافة » مؤتمرات

الولاء للوطن لا يستعاد بندوات

في 2015/10/15

حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-

هذه المرة لا يقول الكلام الآتي شخص ليبرالي علماني تغريبي كما هي التهمة الجاهزة لدى رواد وأتباع فصائل الإسلام السياسي عندما يماط اللثام عن بعض سوءاتهم، من يقوله هذه المرة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري على هامش ندوة «التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة» التي نظمتها الوزارة بمشاركة أكثر من 450 إماما وخطيبا وداعية، والتي يمثل عقدها صورة صارخة لحجم وخطورة المشكلة التي نواجهها، إذ متى تحتاج الأوطان لندوات فقهية من أجل مشروعية وواجب الانتماء إليها.

الدكتور السديري في مقابلته مع موقع العربية نت يتهم حركات الإسلام السياسي بلعب دور رئيسي في تغييب مفهوم الولاء للوطن في سبيل بث الدعوات الأممية منذ أربعة عقود، ويؤكد أن إعادة المفهوم الحقيقي لحب الوطن والانتماء له بحاجة إلى جهد لأن ما بني خلال عقود يتطلب وقتا لمعالجته. وقبل أي شيء نود تصحيح العبارة الأخيرة لتقول إن ما «هدم» خلال عقود يتطلب وقتا لإعادة بنائه، فما تم هو هدم منهجي منظم لمفهوم وحقيقة ورمزية الوطن، وما زال الهدم مستمرا إلى يومنا هذا، فعلى سبيل المثال ما تم بثه من خطابات في وسائل مختلفة عن أزمة الأمة في سوريا مؤخرا يساوي أضعافا مضاعفة لما قاله الحركيون عن بسالة قواتنا المسلحة التي تدافع عن حدودنا الجنوبية منذ بداية الحرب، هذا إن كانوا قد قالوا شيئا. وما قالوه تمجيدا للمجاهدين في سوريا وغيرها لا يقابله أدنى قدر من تجريم منتجاتهم التي عادت إلى الوطن بالتفجير والقتل بسبب تكفيرهم للدولة والمجتمع.

هؤلاء الذين حولوا الوطن إلى «وثن» لا تنقصهم الشجاعة في قول هذا المصطلح حتى في هذا الوقت بصيغ مختلفة تؤدي نفس المعنى، وهذا العدد الكبير من الأئمة والخطباء «والدعاة» على وجه الخصوص، الذين جمعتهم الوزارة يكمن الخطر الحقيقي وراء البعض منهم، وليتهم فقط يقتصرون حديثهم عن الأمة وتذويب الوطن فيها، لكنهم يقدحون جهارا نهارا فيه وفي رموزه، هذا ونحن في أمن واستقرار فكيف لو أتيحت لهم ظروف مختلفة لا قدر الله. وعندما يقول الدكتور السديري إن على هؤلاء احترام التخصص بعدم اشتغالهم بالسياسة وتركها لأهلها فإنهم لن يفعلوا ذلك إلا إذا أُجبروا عليه لأن أساس كل ما يفعلونه ويقولونه سياسي وما الدين إلا ستارة يتخفون خلفها ويتمسحون بها.

المشكلة يا وزارة الشؤون الإسلامية لن تحلها ندوات، الحل الحقيقي هو في قطع دابر المتسببين فيها من منطلق حماية الأمن الوطني وبأي وسيلة تضمن ذلك، وإلا فهي مستمرة وستقودنا إلى ما لا تحمد عقباه.