دول » دول مجلس التعاون

أبرز ما نشرته مراكز الأبحاث الدولية عن الخليج (الربع الثالث - 2015)

في 2015/10/12

ترجمة - علاء البشبيشي- شؤون خليجية-

تستعرض السطور التالية أبرز ما نشرته مراكز الأبحاث الدولية عن الخليج خلال الربع الثالث 2015. ويستهل التقرير بالمملكة العربية السعودية؛ حيث يتناول تداعيات حادث التدافع في الحج، ودور ولي العهد محمد بن نايف في محاربة الإرهاب، وفي المقابل صعود نجم ولي ولي العهد وسط ترجيحات أن يخلف والده، وما يترتب على ذلك من تكهنات حول طبيعة العلاقة بين بن نايف وبن سلمان، ودور الأمير متعب بن عبدالله.

وفي الشأن الإماراتيّ، يتطرق التقرير إلى تداعيات رفع دعم الوقود. وفي السياق القطري يوفر إطلالة على المستقبل السياسي لنائب أمير قطر الشيخ عبدالله بن حمد. كما يتناول الاختراق الجهادي للمخابرات الكويتية، ومستقبل الخلافة في عمان بعد السلطان قابوس.

وفي الملف الاقتصادي، يرصد التقرير تداعيات انخفاض النفط، والصعود الإيراني المرتقب، على دول الخليج، ومدى حكمة اتخاذ قرارات إصلاحية سريعة لمواكبة هذه التحديات في هذا التوقيت الحرج، وسط توقعات بأن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، تقترب من فترة إصلاحات ضرورية للتكيف مع البيئة سريعة التغير. كما يتطرق التقرير إلى خطوات استثماراتية كويتية بالتعاون مع شركة ستيب ستون جلوبال الأمريكية للأسهم الخاصة، ويقدم تقييمًا لأداء المؤسسات المالية الإسلامية في دول الخليج، وإطلالة على تغير الاستراتيجيات الاقتصادية في الخليج.

وفي ملف العلاقات الخارجية، الذي يحظى بنصيب الأسد من اهتمام مراكز الأبحاث الدولية خلال الربع الثالث، يتناول التقرير تطورات العلاقات الخليجية مع كل من: الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيران- بما في ذلك اعتقال المغسل والملف الشيعي داخل المملكة، إلى جانب الآثار الإقليمية للاتفاق النووي- واليمن، وسوريا، ولبنان، والعراق، وإسرائيل، ومصر، والإخوان المسلمين في مصر وحركة حماس.

وُزِّعَت الملخصات جغرافيًا؛ لتسهيل البحث والاطلاع. ورُتِّبَت تاريخيًا من الأحدث إلى الأقدم؛ للتأكيد على أهمية السياق الزمانيّ، ولفت الأنظار إلى المتغيرات المتلاحقة ذات الصلة. كما يُصدَّر كل ملخص بالإشارة إلى العنوان الأصلي والمصدر والكاتب وتاريخ النشر؛ لغرضَي التوثيق وتسهيل الرجوع إلى النص الكامل بالإنجليزية.

دول الخليج

السعودية

تحت عنوان "تداعيات حادث التدافع في الحج على الملكية السعودية" نشر مركز بروكنجز مقالًا لـ بروس ريدل بتاريخ 24 سبتمبر، استهله بالقول: "المأساة الرهيبة التي وقعت في مكة اليوم أثناء الحج تمثل تحديًا لهيبة الملك سلمان. ولا غروَ أن يسارع أعداء المملكة، بدءًا من القاعدة وصولًا إلى إيران، لإلقاء اللوم على الرياض. ولمَّا حدث ذلك بعيد ذكرى 11 سبتمبر؛ فإن الحادثين يثيرا تساؤلات حول مدى كفاءة آل سعود في القيام بواجبهم كخدام للحرمين الشريفين، كما أن توقيف كبار المسؤولين التنفيذيين في مجموعة بن لادن يثير قلقًا محتملًا".

وتحت عنوان "ولي العهد السعودي.. نموذج لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط" كتب بروس ريدل في مركز بوركنجز بتاريخ 21 سبتمبر: "إذا كان البغدادي نموذجًا للإرهاب الجهاديّ الذي يجتاح العالم الإسلامي اليوم، فإن ولي العهد السعودي الجديد هو النموذج لمكافحة الإرهاب.

تعلَّم ليكون مكافحًا للإرهاب؛ فبعد دراسته في ولاية أوريجون، قضى عدة سنوات مع مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI وسكوتلاند يارد. وسبق لوالده أن خدم كوزير للداخلية في السعودية لأكثر من ثلاثة عقود، وأعدَّ ابنه ليحل مكانه. وبالفعل برع محمد بن نايف في هذا المنصب. حيث قاد حملة لدحر تنظيم القاعدة من المملكة بين عامي 2003 و2006، وهو التهديد الأكثر عنفًا الذي واجه آل سعود خلال القرن الماضي. حتى أصبح الوجهة المفضلة لأجهزة الاستخبارات والأمن الأمريكية، وحظي بثناء جورج تينيت، وليون بانيتا، وجون برينان، كما أحبط العديد من الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة، من بينها مؤامرة لمهاجمة شيكاغو.

وفي الآونة الأخيرة ألقى رجاله القبض على أحمد إبراهيم المغسل، العقل المدبر لهجوم 1996 الإرهابي الذي استهدف القاعدة الجوية الأمريكية في الخبر، وأسفر عن مقتل 19 عسكريًا أمريكيًا و300 جريح. ليثبت مرة أخرى مهارته كأمير مكافح للإرهاب، لا سيما وأن المغسل يمكن أن يكون مصدرًا فريدًا للمعلومات عن الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية، بما في ذلك حزب الله.

ويستعد بن نايف الآن ليكون أول أفراد العائلة المالكة من جيله للصعود إلى العرش، إلا إذا عدَّل العاهل السعودي خط الخلافة مرة أخرى لصالح ابنه ولي ولي العهد محمد بن سلمان. لكن حتى الآن، محمد بن نايف هو وريث العرش، وكان هو الذي يدير المملكة في الداخل، بينما كان الملك سلمان في فرنسا والمغرب هذا الصيف".

لكن في المقابل، نشر معهد واشنطن تقريرًا لـ سايمون هندرسون، بتاريخ 2 سبتمبر 2015، تحت عنوان خادم الحرمين الشريفين يأتي إلى واشنطن، بصحبة ابنه، رجَّح أن وجود الأمير محمد بن سلمان إلى جانب والده الملك سيعود بالنفع على منصبه، وقد يعني ذلك أنه سوف يخلف والده في النهاية بدلاً من ولي العهد الأمير محمد بن نايف. لذا، فعلى الرغم من وجود مجموعة من الخلافات بين واشنطن والرياض، تشكل الزيارة فرصة أخرى للمسؤولين الأمريكيين لتطوير علاقتهم مع الأمير محمد بن سلمان، الذين تفاعلوا معه بالفعل في قمة كامب ديفيد.

وتحت عنوان "من الذي يوجه آل سعود؟" نشر معهد واشنطن تقريرًا لـ سايمون هندرسون، بتاريخ 10 أغسطس 2015، جاء فيه: أثارت العلاقة بين الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان الكثير من النقاش في دوائر السياسة الخارجية في جميع أنحاء العالم. وليس هناك شك في أن العاهل السعودي يرغب أن يصبح نجله محمد بن سلمان ملكاً يومًا ما. والسؤال الوحيد هو ما إذا كان سيُسمح لبن نايف بأن يصبح ملكاً بين [فترة حكم] الرجلين. ويعتقد العديد من المراقبين السعوديين في الوقت الحالي أن الملك سلمان سيُبلغ عن اعتزاله ويُعلن أن محمد بن سلمان قد حل محله - إن نظام الخلافة في حالة تغير مستمر، ويبدو أن القانون الصارم الوحيد هو الأهمية القصوى التي تُولى لرغبات الملك.

ولكن هناك معلومات متضاربة بشأن ما إذا كان التنافس قائماً بين الأميرين الاثنين. وتفيد تقارير أخرى من الأجانب الذين تعاملوا معهما، بأن بإمكان الخصمين العمل في الواقع بشكل جيد كفريق واحد. وفي الأشهر المقبلة سيتم اختبار هذه الشراكة بشكل متزايد.

أما القوة الثالثة فهي "الحرس الوطني السعودي" بقيادة الأمير متعب بن عبد الله، الذي تضاءلت طموحاته لأن يصبح ملكاً عندما توفي والده قبل ستة أشهر، واختفى تماماً عندما قام الملك بترقية محمد بن سلمان إلى منصب ولي ولي العهد في نيسان/أبريل. ويتشبث الأمير متعب الذي يُنظر إليه باعتباره حليفاً لمحمد بن نايف، بمنصبه في "الحرس الوطني" على الرغم من التقارير التي تفيد بأن محمد بن سلمان يريد استيعاب القوة، التي هي قبلية أساساً في القوات البرية السعودية، مما يجعل متعب عاطلاً.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، من هو صانع القرار الرئيسي فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية السعودية؟ قد يكون هذا الشخص هو الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 29 عاماً، بصفته رئيس "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية". إن ذلك يشير مرة أخرى إلى الصعوبات التي تواجهها المملكة "فسجل الحسابات الذي يعكس ما يجب القيام به مقابل الموارد المتاحة لا يتوازن".

وبعد مرور ستة أشهر على تعيين الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أميرًا للرياض، وهو المنصب الذي يُنظَر إليه باعتباره أحد جواهر تاج آل سعود، أشارت جالف ستاتس نيوز إلى أن فيصل مُنِح هذه الإمارة كإجراء مؤقت، أو لـ "حجز المنصب" على حد وصف مصدر يعمل في هيئة تطوير الرياض؛ الذراع التنفيذي للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي يرأسها فيصل. ويتكهن بعض المراقبين بأن المنصب قد يكون محجوزًا لأحد كبار أبناء الملك سلمان: (1) أمير المدينة الطموح فيصل. (2) أو وكيل وزارة البترول والثروة المعدنية الأمير عبدالعزيز. (3) أو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان، الذي يقال إنه شعر بخيبة أمل لأنه لم يحصل على منصب رفيع في الحكومة التي شكلها والده".

وفيما يتعلق بالسعودية، ذكرت توقعات ستراتفور للربع الثالث 2015، منذ 8 يوليو 2015، أن الرياض تدخل الربع الثالث بهدفين رئيسيين: (1) الحد من التوسع الإيراني (2) الحفاظ على الأمن الداخلي.

وبعدما حققت جهود التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن هدفها الرئيس، المتمثل في الحد من مساحة النفوذ الإيراني في الصراع الذي تدور رحاه على حدود المملكة، على الرياض الآن التعامل مع المفاوضات السياسية الصعبة والطويلة لإعادة الحكومة الموالية للسعودية إلى صنعاء. هذه العملية ستتجاوز الربع الثالث، فيما ستستمر مشاركة الرياض وجيرانها الخليجيين في مفاوضات اليمن التي تجري بوساطة أممية وعمانية.

وستواصل السعودية أيضًا توفير الدعم والتدريب للمتمردين السوريين، في إطار سعيها للإطاحة بحكومة الأسد الموالية لإيران في دمشق. علاوة على ذلك، ستدعم السعودية القبائل العربية السنية العراقية (بمساعدة الأردن)، وسوف تجد أرضية مشتركة مع المنافسين الإقليميين- إسرائيل وقطر وتركيا- من أجل التصدي للتهديدات المشتركة المتمثلة في إيران وتنظيم الدولة.

وستحافظ السعودية على التدابير الأمنية القوية في الداخل، مع استمرار الاعتقالات الاستباقية والمحاكمات العاجلة للمليشيات السنية المشتبه في تبعيتها لتنظيم الدولة، لا سيما بعد محاولتهم إثارة العنف الطائفي باستهداف الشيعة في المنطقة الشرقية المضطربة، والغنية بالنفط. وستواجه الرياض أوقاتا عصيبة بينما تحول دون شن المليشيات السعودية السنية هجمات طائفية ضد شيعة الخليج والأهداف الحساسة الأخرى داخل دول مجلس التعاون الخليجي، فيما ستعمل السعودية لتثبيت دورها كضامن لأمن جيرانها، حتى حين يمثل مواطنوها خطرا متزايدًا على الأمن الإقليمي.

كما سيتحتم على السعودية وجيرانها مواجهة الارتفاع المحلي في استهلاك الطاقة خلال أشهر الصيف الحارة. ومع ذلك، قد يزيد إنتاج السعودية من الطاقة، إلى جانب الكويت والإمارات، خلال الأشهر المقبلة، حيث تسعى دول الخليج لتأمين حصة أكبر من السوق في آسيا.

وما بين تفاقم الأزمة الأوروبية، والزيادات المحتملة في إنتاج النفط من كبار المنتجين الخليجيين، وارتفاع الطلب الصيفي في الولايات المتحدة والصين، لا يشير العرض والطلب في أسواق النفط العالمية إلى أي تقلبات كبيرة في الأسعار.

وفي تقرير جالف ستاتس نيوز لإدارة المخاطر حصلت السعودية في شهر يوليو على درجة (B2↓1)؛ ما يعني بعض المخاطر على المستوى السياسي، في مقابل استقرار مالي ملموس. وركَّز التقرير على قضيتين رئيسيتين، هما: المزيد من الخسائر في اليمن دون تحقيق أهداف الحملة، وفتح تداول الأسهم للأجانب، إلى جانب تسريبات ويكيليكس، وصعود محمد بن سلمان.

الإمارات

تحت عنوان  "رفع دعم الوقود في الإمارات العربية المتحدة: مكاسب على المدى الطويل تفوق المعاناة على المدى القصير"، نشر مركز بروكنجز الدوحة/ ذا ناشيونال تقريرا لـ روبن ميلز بتاريخ 26 يوليو 2015، جاء فيه: "رفع الإمارات العربية المتحدة الدعم عن أسعار الوقود كان متوقعاً منذ فترة طويلة. ومن المفارقات، جعل هبوط أسعار النفط العالمية من رفع الدعم هذا أمراً لا مفر منه. كما أنّ مكاسب هذا القرار على التنمية الوطنية والبيئة على المدى الطويل تفوق المعاناة المحتملة على المدى القصير.

في غضون ذلك، قام الأردن والمغرب، اللذان يواجهان ضغطاً مادياً كبيراً ناتج عن كونهما دولتان لا تنتجان النفط، برفع الدعم عن الوقود، في حين نفذت مصر بعض الخطوات الأولية. وفي الخليج العربي، من المرجح أن تقوم سلطنة عمان ومملكة البحرين، اللتين تعانيان من عجزٍ كبير في ميزانيتهما، برفع الدعم. ولكن ما من شيء يشير إلى إمكانية اتخاذ خطوة مماثلة في المملكة العربية السعودية التي يزيد الدعم الذي تقدمه لقطاع النفط (86 مليار دولار أمريكي) عن الدعم الذي تقدمه لقطاع التربية (58 مليار دولار أمريكي).

وعلى الأرجح، هذا هو الجانب الأكثر أهمية من هذا الإصلاح: فبدلاً من تبديد الأموال، يمكن استخدام الدعم المقدم للوقود لتحسين البنية التحتية والتعليم والصحة. لا بد أن تكون هذه الخطوة، التي أخذت وقتاً كبيراً لكي تتبلور، مثالاً تقتدي به الدول المجاورة للإمارات العربية المتحدة".

وفي الجزء الأول من تقرير جالف ستاتس نيوز لإدارة المخاطر، حصلت الإمارات خلال شهر يوليو على درجة A1*، ما يعني استقرارًا كبيرًا في المجالين السياسي والاقتصادي. وركَّز على الانتخابات الثالثة للمجلس الوطني الاتحادي المقرر انعقادها في أكتوبر، وغياب الشيخ خليفة، كما يتطرق إلى نصائح صندوق النقد الدولي بخصوص الإنفاق، والعلاقات مع دول الخليج، لا سيما السعودية وقطر، والدعم المستمر لمصر، لا سيما في مواجهة الإخوان، وعلى الجبهة الليبية.

وفي التقرير الثاني للشهر ذاته، حصلت أبو ظبي هذا الشهر على درجة A1، فيما حصلت دبي على درجة A2 ↑؛ ما يعني استقرارًا كبيرًا في المجالين السياسي والاقتصادي. وركَّز على انتخابات الشارقة، وإجراءات التقشف المتوقعة، في ظل وصول حجم الأعمال الجديدة في القطاع الخاص غير النفطي في دبي خلال شهر أبريل إلى أضعف مستوياته في ثلاث سنوات، كما كانت تيرة توظيف التوظيف أيضا أبطأ، وفقا لمسح أجرته ماركيت. ومستقبل الخلافة في ظل ترجيح أن محمد بن زايد سيتولى زمام الأمور بعد وفاة أخيه غير الشقيق. ولم يتضح بعد الواضح من سيكون ولي العهد القادم لأبو ظبي، لكن المرشح الاكثر ترجيحا هو هزاع بن زايد، وهو ثالث أبناء فاطمة، ومستشار الأمن القومي، إلى جانب مرشحين آخرين، هما: الأخوان الشقيقان طحنون وحمدان.

قطر

وفي منتصف سبتمبر سلطت جالف ستاتس نيوز الضوء على الشيخ عبدالله بن حمد، نائب أمير قطر، وموقعه من التوازن السياسي في أعلى هرم السلطة القطرية. فبينما تضعه مناصبه الحالية في صدارة قيادة الحياة العامة، يُعتَقَد أن الأمير تميم سيعين أحد أبنائه وليًا للعهد عندما يحين الوقت المناسب.

لكن نظرًا لأن أكبر أبناء تميم يبلغ 7 سنوات فقط، يتساءل مراقبو الشؤون القطرية عما إذا كان الأمير عبدالله لديه طموحات أكبر مما يتيحه له منصبه الرسمي، وإذا كان ذلك كذلك؛ فإلى أي اتجاه.

وفي تقرير جالف ستاتس نيوز لإدارة المخاطر في شهر يوليو 2015 حصلت قطر على درجة (A11)؛ ما يعني استمرار الاستقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وركَّز التقرير على قضيتين رئيسيتين، هما: استمرار صداع كأس العالم، وتطلع جهاز قطر للاستثمار إلى آسيا والولايات المتحدة، كما تطرق إلى تطور العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وانتخابات المجلس البلدي في دورته الخامسة.

الكويت

وفي الربع الثاني من شهر أغسطس كشفت إنتليجنس أونلاين عن اعتقاد أجهزة الاستخبارات التابعة لوزير الداخلية السعودي ولي العهد محمد بن نايف، ونظيره الإماراتيّ سيف بن زايد آل نهيان، أن أجهزة الأمن والجيش الكويتية مخترقة بشكل كبير من قِبَل السلفيين. بل ذهب أحد الدبلوماسيين الإماراتيين إلى حد تأكيد أن المؤسسات الكويتية تمر بحالة "تآكل متقدمة". من أجل ذلك، ورغم أن التعاون بين أجهزة الاستخبارات في دول مجلس التعاون الخليجي يقف على أرضيةٍ صلبةٍ رسميًا، تلتزم بعض الدول جانب الحذر حينما يتعلق الأمر بالكويت.

عمان

وفي أغسطس 2015 لفتت إنتليجنس أونلاين إلى أن محافظة ظفار العمانية أصبحت في بؤرة اهتمام أجهزة المخابرات الغربية، التي تتابع أي دلائل تشير إلى احتمالية وصول الأمور إلى مرحلة الاشتعال؛ استنادًا إلى تاريخ الحرب الانفصالية منذ 1964 وحتى 1976، والتي تعهدت المحافظة بعدها بالولاء لشخص سلطان عمان، قابوس بن سعيد، وليس لدولة عمان. بيدَ أن صحة السلطان، البالغ من العمر 75 عامًا، تدهورت مؤخرًا، دون تحديد خليفته؛ ما يفتح باب التكهنات حول مستقبل البلاد بعد رحيله.

وفي أوائل يوليو 2015 كشفت مصادر جالف ستاتس نيوز أن السلطان قابوس ليس على ما يرام، وأن الوصول إليه أصبح محدودًا للغاية، إلا أن التأكد من صحة هذه التقارير بالغ الصعوبة، كما كان الحال طيلة فترة مرضه. مشيرة إلى أنه لم يتحدث هاتفيًا مع زعماء الدول الإسلامية لتبادل التهاني الرمضانية، كما يقتضيه البروتوكول، واكتفى فقط بإرسال البرقيات.

ومن غير الواضح مَن مِن داخل الحكومة أو عائلة آل سعيد هو الذي يتولى مسؤولية المهام الحساسة خلال الأشهر الأخيرة، مثل: التوسط بين الولايات المتحدة والحوثيين. لكن حينما يتعلق الأمر بالتعاقدات الرسمية، فإن الخلفاء المحتملين من آل سعيد هم الذين يضطلعون بها بالنيابة عن السلطان.

وحتى الآن لم يسمي قابوس خليفة له، لكن يُنظَر إلى ثلاثة من أبناء عمومته، وهم: هيثم وشهاب وأسعد أبناء طارق، باعتبارهم أقوى المرشحين. وقد كُلِّف كل واحد منهم بمهمةٍ واحدة على الأقل خارج البلاد، إلى جانب الشؤون المحلية الأخرى؛ ما يُصَعِّب فك رموز سباق الخلافة بين الثلاثة.

اقتصاد الخليج

تحت عنوان القلاع الرملية الخليجية نشرت فورين بوليسي/مركز بروكنجز الدوحة تقريرا لـ روبن ميلز بتاريخ 9 سبتمبر 2015، جاء فيه: هوت أسعار النفط تاركةً المملكة العربية السعودية وحلفاءها في مواجهة أزمة اقتصادية طويلة المدى، في الوقت الذي يتأهب فيه الاقتصاد الإيراني لجني أرباح سريعة. أتى هذا الهبوط في الأسعار نتيجةً لاصطدام نمو النفط الصخري الأمريكي بشكل كبير مع الطلب الفاتر، وزاد الطين بلة تراجع العملة الصينية وانهيار سوق الأسهم في الصين في أغسطس من هذا العام.

وفي ظلّ غياب توافق بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض الإنتاج، لم يبقَ أمام المملكة العربية السعودية وحلفائها في منطقة الخليج إلا استراتيجيتها الوحيدة، ألا وهي زيادة الإنتاج ومحاولة استبعاد المنافسين المنتجين للنفط بتكلفة عالية. قد تبدأ الأسعار بالارتفاع تدريجياً خلال عاميّ 2015 و2016 مع تراجع إنتاج النفط الصخري، إلا أن هذا الارتفاع يقابله تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتحوّله إلى مسار أقل استهلاكاً للطاقة.

وتواجه اليوم دول مجلس التعاون الستة– المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، البحرين، عُمان، والإمارات – نوعين من المشاكل خلال هذه الفترة من تراجع أسعار النفط. النوع الأول هو تمويل الإنفاق الحكومي، وهو تحدٍ قابل للحل نسبياً، أما الثاني فهو تأمين نمو اقتصادي قوي ومتنوّع، وهذا تحدٍّ يبدو مستعصياً نوعاً ما.

ورغم أن صحيفة التلجراف البريطانية ذكرت في إحدى مقالاتها أنه "قد تفلس المملكة العربية السعودية قبل أن يتداعى قطاع النفط في الولايات المتحدة"، إلا أن الرياض وجاراتها في مجلس التعاون الخليجي لم تصل إلى حافة الهاوية بعد. تتمتع هذه الدول بالاستقرار السياسي، مع ديون ضئيلة، وصناديق ثروة سيادية ضخمة، وتكاليف إنتاج نفط منخفضة. لكن قدرتها على التعامل مع أسعار النفط المنخفضة تتفاوت بشكل كبير، إذ تتراوح أسعار النفط المطلوبة لمعادلة الميزانيات الحكومية، وفق حسابات صندوق النقد الدولي، ما بين 47 دولاراً للبرميل في الكويت، و59 دولار في قطر، وهي أعلى بقليل من المستويات الحالية التي تصل إلى 73 دولار للبرميل في دولة الإمارات، و103 دولار للبرميل في المملكة العربية السعودية، و94 دولار في عُمان، و93 دولار في البحرين.

وبشكل عام، يمكن القول إن مشاكل الميزانية في دول مجلس التعاون الخليجي قد لا تكون مريحة لكنها مشاكل قابلة للحل، فالاقتصادات لا تنهار لمجرد معاناة الدول من عجز في الميزانية، فما بالك بالأنظمة السياسية؟ أما المشكلة الأكبر والتي طالما حاولت الدول المصدّرة للنفط معالجتها دون جدوى، فهي ابتكار نموذج اقتصادي واجتماعي جديد. صحيحٌ أن بعض دول الخليج يمكن أن تدبّر أمورها المالية والاقتصادية في الوقت الحالي، لكن في غضون سنوات قليلة، ستحتاج كافة الدول إلى إصلاحات جذرية إذا ما رغبت بالمحافظة على قوة قطاع النفط وحمايته من الانهيار.

وفي السياق ذاته رصد سايمون هندرسون، في معهد واشنطن بتاريخ 2 سبتمبر 2015، أنه بالفعل، يتم تأجيل مشاريع البناء الطموحة التي بدأت في عهد الملك عبد الله كما يتم خفض الميزانيات، بما فيها النفقات الدفاعية. ولم تنجح سياسة الإنتاج العالية في رفع الأسعار حتى الآن، ولكن ليس هناك ما يدل على تغيير ذلك - وفي الواقع، يبدو أن السعوديين على استعداد لجعل الأسعار تهبط أكثر وأكثر. وفي أوائل سبتمبر نصح مركز ستراتفور الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بالتمهُّل في أي محاولة للإصلاح؛ ليس فقط لتجنب رفع مستوى خطورة حدوث انشقاق دخلي، ولكن أيضًا لعدم تثبيط الشركات والعمال الأجانب عن العمل في الخليج.

وبينما استبعد أن تقوم أيا من الدول الأعضاء في مجلس التعاون بفرض ضرائب جديدة خلال عام 2015، لكن يمكن أن تقطع عمان الشوط الأكبر في هذا الاتجاه. وهي الدولة الخليجية الأكثر صراحة فيما يتعلق بإمكانية رفع الرسوم على صادرات المعادن، وربما فرض ضريبة على التحويلات المالية التي يرسلها العمال الأجانب.

وبينما تقل احتمالية أن تقوم البحرين ودبي بفرض ضرائب أعلى؛ نظرا لموقعيهما كمركزين ماليين ومصرفيين، من المحتمل أن تتبع الكويت وقطر النهج العمانيّ خلال السنوات القادمة.

وفي أواسط سبتمبر كشفت مصادر إنتليجنس أونلاين عن تكليف هيئة الاستثمار الكويتية (KIA) شركة ستيب ستون جلوبال الأمريكية للأسهم الخاصة بإدارة خمسة مليارات دولار بالنيابة عنها. في المقابل، تفضل مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) أن تعهد بأموالها إلى شركة هاميلتون لين، ومقرها فيلادلفيا.

وبينما تعتبر هاتان الشركتان رائدتان في السوق، فإنهما يواجهان الآن منافسة من شركة كابيتال ديناميكس السويسرية. ولكي يقتحم هذا الوافد الجديد السوق؛ عقد شراكة مع جرينستون إيكويتي بارتنرز ومقرها دبي، برئاسة المصرفيّ عمر الغربللي.

وفي منتصف سبتمبر أيضًا قال مركز ستراتفور: لطالما أثبتت هذه الممالك عدة مرات في الماضي أنها قادرة على التكيف، وسنّ التغييرات؛ عندما تواجه مزيجًا من انخفاض أسعار الطاقة والتهديدات الإقليمية. ومع انخفاض أسعار النفط الحالية إلى ما دون 50 % مما كانت عليه في الوقت ذاته من العام الماضي، وفي ظل التقارب الناشئ بين الولايات المتحدة وإيران، تقترب دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، مرة أخرى من فترة إصلاحات ضرورية للتكيف مع البيئة سريعة التغير.

وفي أواخر أغسطس قالت جالف ستاتس نيوز إن المؤسسات المالية الإسلامية تُبلِي بلاءً حسنًا داخل دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل نمو الميزانيات العمومية للبنوك بنسبة 7 % سنويًا، لكن التوسع لا يزال محدودًا؛ نتيجة الاعتماد المفرط على العقارات ونقص المنتجات المتطورة.

وتقود السعودية هذا المسار، بقاعدة أصول تبلغ قيمتها 339 مليار دولار في عام 2014. وبامتلاكها أكبر بنكين إسلاميين في المنطقة- البنك الأهلي التجاري ومصرف الراجحي- لا تزال السعودية هي السوق الأكبر والأهم للصيرفة الإسلامية. وتأتي الإمارات في المرتبة الثانية بـ 144 مليار دولار، ثم قطر بـ 111 مليار دولار، وبعدها الكويت بـ 107 مليارات دولار، وفقًا لإحصائيات مؤسسة إدبيز البريطانية. بيد أن هناك تحديات تلوح في الأفق. حيث تواجه دول الخليج عائقًا يرتبط مباشرة بمتطلبات الشريعة من حيث التعامل في الأصول الملموسة، وليس الديون. ويتفاقم الوضع في ظل تعثر جهود دول مجلس التعاون الخليجي للتنويع، وهي المشكلة التي انعكست على المؤسسات المالية الإسلامية.

لكن ذلك يمكن أن يتغير، إذا وجدت دول الخليج طريقة لتنويع اقتصادها، وتحرير البنوك من الاعتماد على العقارات، ومنحها المزيد من النفوذ الاقتصادي، ومعها القدرة على جذب حصة أكبر من سوق الصيرفة العالمي.

وفي أواخر أغسطس أيضًا نشر مركز ستراتفور تقريرا عن تغير الاستراتيجيات الاقتصادية في الخليج، خلص إلى أن: غياب التنويع يشكل تهديدًا طويل المدى لاقتصادات الخليج والاستقرار الاجتماعي، وهو الأمر الذي تدركة الدول الأعضاء في مجلس التعاون تمامًا. والآن، تواجه ملكيات الخليج تراجعًا كبيرًا في أسعار النفط العالمية، إلى جانب آثار سنوات من ارتفاع الإنفاق الحكوميّ. هذا ما دفع هذه الدول للحديث علانية بشكل متزايد عن تبني تغييرات في السياسة الداخلية وضبط الميزانيات لتتواءم مع الحقائق الاقتصادية المتطورة.

ومع ذلك، تمتلك الدول الخليجية احتياطيات مالية كبيرة مقارنة بحجم السكان والاقتصادات الكلية. ورغم هذه الفسحة، سوف تتعامل دول الخليج مع هذا التباطؤ، وتدير عملية الإصلاح خلال السنوات المقبلة، في حين تعكس ميزانيتها العمومية أساسًا اقتصاديًا قويًا للحد من المخاطر التي تواجه استقرارها ونظامها الاجتماعي المُتَعَهَّد بعناية.

وفي الفترة ذاتها رصدت إنتليجنس أونلاين توسع شركة كارلتون كونكشن الدبلوماسية التجارية، في منطقة الخليج. وفي هذا السياق، ضمت الشركة مؤخرًا عضوًا جديدًا لمجلسها الاستشاري، هو: المستشار ديفيد هاتشر الذي عمل داخل وزارة الدفاع السعودية لسنوات عديدة.

علاقات خارجية

أمريكا

أدلى مايكل آيزنشتات بشهادته أمام "لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي"، "اللجنة الفرعية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، يوم 9 يوليو 2015، وتطرق خلالها إلى سد فجوة المصداقية في العلاقات بين الولايات المتحدة و "مجلس التعاون الخليجي"، قائلا: يمكن لواشنطن أن تأمل في استعادة مصداقيتها فقط من خلال مواجهة مساعي إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يجب على الولايات المتحدة أن:

1- تكثّف الدعم للمعارضة "المعتدلة" في سوريا.

2- تعمل على نحو أكثر فعالية لردع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حلفاء طهران وأتباعها في المنطقة، ومنعها.

3- تُعزز الدعم للشركاء المنخرطين في الصراعات مع حلفاء طهران وأتباعها.

4- تُلحق التدريبات العسكرية الدفاعية الروتينية بتمارين على ضربات العمليات الهجومية طويلة المدى في منطقة الخليج.

5- تُولي الأهمية للخطوط الحمراء وتشحذها فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني بغية إضفاء المزيد من الوضوح على الثمن الذي ستدفعه إيران إذا حاولت تجاوز (العتبة النووية).

ليس هناك سبب يدعو إلى عدم سير هذه السياسة جنباً إلى جنب مع التعاطي مع إيران، تماماً كما واجهت الولايات المتحدة العدوان السوفييتي، وفي الوقت نفسه كانت تتعاطى مع موسكو خلال الحرب الباردة. وبقدر ما قد يصب إبرام اتفاق نووي طويل الأمد مع طهران في مصلحة الولايات المتحدة، فمن مصلحة واشنطن أيضاً تقييد النشاطات الإيرانية التي تؤجج العنف الطائفي، وتساهم في جذب جماعات مثل "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وتهدد في النهاية استقرار وأمن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

وتحت عنوان "الرئيس والملك سلمان وبينهما الخليج"، كتب أنتوني كوردسمان، رئيس كرسي "أرليه بورك" في الشؤون الاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، تقريرا بتاريخ 1 سبتمبر 2015،  خلُص إلى أن دول الخليج لم تعد تثق في الولايات المتحدة، وأن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز لن يكون استثنائيًا.

وأضاف: كثيرين في المنطقة لا يثقون في التزام الولايات المتحدة بالبقاء في الخليج، ويشعرون بالقلق حيال نظريات المؤامرة التي تشير إلى تحوُّل أمريكا بطريقة أو بأخرى تجاه إيران. بل يرى كثيرون أن الولايات المتحدة لا تمتلك ما يكفي من الفعالية القيادية، وليس لديها استراتيجية واضحة للمنطقة. لكن هذه المشاعر نادارًا ما تمثل صدمة للبيت الأبيض".

وأردف: "ينبغي أن يظهر الرئيس أوباما أن بإمكانه تنفيذ السياسات، وتحويلها إلى إجراءات فعلية. كما يحتاج إلى القيام بعمل أفضل فيما يتعلق بالاتصالات الاستراتيجية لوصف ما يقوم به بالتفصيل، وشرح القيود المفروضة على خياراته، وتجاوز أسلوب "الدوران" في شرح تأثير هذه الإجراءات ودرجة نجاحها. مما لا يمكن إنكاره، أن الرئيس أوباما لن يكون بمقدوره فعل ذلك كله خلال زيارة الملك سلمان، لكن البيت الأبيض ليس برجًا عاجيًا، ورئيسه لم يعد لديه الكثير من الوقت".

وقال محلل شؤون الشرق الأوسط يعقوب شابيرو، في الحوار الذي أجراه معه مركز ستراتفور بتاريخ 27 يوليو 2015: "لن يكون بإمكان السعوديين الاعتماد على الولايات المتحدة بالقدر ذاته كما اعتادوا في الماضي. إذ رأينا في حربي العراق الأولى والثانية كيف اتخذت الولايات المتحدة قرارات فعلية تجسدت في وضع قوات على الأرض.

وهكذا سيكون على المملكة التصدي لإيران بطريقتها الخاصة، ولن يكون بإمكانها الاعتماد على الولايات المتحدة لدعم كافة تحركاتها. لذلك، تتلخص الاستراتيجية السعودية الشاملة في: بناء تحالف عربي سني واسع النطاق للتصدي لإيران.

أولا وقبل كل شيء، هم يريدون توحيد أكبر قدر ممكن من الكيانات العربية السنية المختلفة ضد إيران، ويريدون أيضا وضع أنفسهم كرواد لتلك المجموعة. إنهم يريدون أن يظهروا للغرب، والقوى العظمى الأخرى، أنهم الدولة التي يمكنها قيادة هذه المجموعة ضد إيران، وضد تنظيم الدولة، وضد التهديدات الإقليمية الأخرى. وإذا كانوا يستطيعون ذلك، فإن أنظار القوى الأخرى ستتوجه أولا إلى المملكة العربية السعودية- ربما- لإنجاز ما يريدونه.

وتحت عنوان "المسألة الشيعية في المملكة العربية السعودية" لفتت مجموعة الأزمات الدولية يوم 19 سبتمبر إلى أن "الحكومات الغربية قلقة بشكل مبرّر حول القيود المفروضة على الحريّة الدينيّة؛ ففي عام 2004 قامت وزارة الخارجية الأمريكية بإدراج المملكة العربية السعودية كبلد مقلق في هذا الشأن. ولكن الضغط الخارجي الذي يستهدف هذه المسألة بشكل مباشر، وعلى الخصوص في ضوء الشكوك المتنامية بأن الولايات المتحدة معادية للإسلام وتناصر الشيعة على المستوى الإقليمي، قد يعطي نتائج عكسية. إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يعملان بشكل أفضل فيما لو قامتا بتركيز جهودهما العامة على الحاجة إلى إصلاح أوسع، بهدف توسيع الحقوق والمشاركة السياسية لجميع السعوديين، بصرف النظر عن الطائفة أو المعتقد الديني".

من جانبه اعتبر مركز ستراتفور أن استئناف المساعدات الأمريكية للبحرين خطوة سطحية توضح مدى هشاشة وتعقيد اللعبة التي تحاول الولايات المتحدة خوضها. قائلا: يجسد رفع القيود الأمريكية على المساعدات الأمنية للبحرين جهود واشنطن الرامية للحفاظ على هذه العلاقات بشكل أو بآخر. لكن أهمية هذا الإجراء تظل رمزية في أحسن الأحوال، وليس لها تأثير كبير فيما يتعلق بالسخط الأخلاقي الأمريكي حيال الإصلاح السياسي الداخلي في البحرين.

وتوقع مركز ستراتفور في مستهل الربع الثالث أن شركاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة، بينما يتكيفون على التحول الذي طرأ على النهج الأمريكي في الشرق الأوسط، سوف يجتمعون على كبح جماح الصعود الإيراني. صحيحٌ أن أيًا من هذه الجهات لا يستطيع تحمل تبعات خسارة الولايات المتحدة، باعتبارها الراعي الأمني الرئيس، لكنهم سيحرصون على تنويع جهات اعتمادهم عبر التواصل مع جهات دولية فاعلة أخرى للمساعدة في تأمين المصالح التي يضعها التقارب الأمريكي-الإيراني في مرمى التهديد المحتمل. وفي هذا السياق، سوف تسعى روسيا، وربما بعض الدول الغربية مثل فرنسا، للاستفادة من محاولات هذه الدول الشرق الأوسطية للعمل مع شركاء جدد.

روسيا

ورصد مركز ستراتفور أوائل يوليو إعلان شركاء واشنطن التقليديين في المنطقة- ومن بينهم: مصر والسعودية والبحرين- عن استيائهم من الولايات المتحدة لمغازلة إيران وعقد تفاهمات معها. وردًا على ذلك، بدأ هؤلاء الشركاء يتطلعون لرعاة جدد:

(1) مصر من جانبها بدأت تحيي علاقتها مع صديقها القديم: روسيا. حيث زار بوتين القاهرة في فبراير، ووافقت موسكو على تزويد مصر بأسلحة تقدر بملياري دولار (بتمويل من السعودية والإمارات)، وأجرت الدولتان أولى تدريباتهما البحرية لمشتركة في يونيو. وتتجه مصر لتنويع مورديها العسكريين، ووقعت بالفعل صفقات مع فرنسا وألمانيا والصين في العام الماضي.

 (2) تعمل السعودية هي الأخرى على تعميق علاقاتها مع روسيا؛ حيث سافر ولي ولي العهد محمد بن سلمان، إلى موسكو في زيارة رسمية يوم 17 يونيو.

 (3) كما عقدت البحرين صفقات مع موسكو، وزار الملك روسيا في أكتوبر الماضي، وقال سفير الرياض لدى روسيا، في 19 يونيو، إن موسكو مستعدة لتقديم مساعدات عسكرية فنية إلى البحرين.

رجحت نشرة إنتليجنس أونلاين الفرنسية أن الهدف الرئيس وراء زيارة وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى موسكو، 17-19 يونيو، هو: الاقتراب أكثر من روسيا في الشؤون النووية؛ بحيث تتوفر لديها إطلالة أفضل على  محطات الطاقة النووية الإيرانية التي تساعد موسكو في بنائها.

فرنسا

بعد زيارة موسكو بأيام قليلة، زار ولي ولي العهد باريس وشهد توقيع تسع اتفاقيات، وهو ما وضعته نشرة جالف ستاتس نيوز في سياق الجهد الكبير الذي أنفقه الرئيس الفرنسي لبناء علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى استضافة فرنسا الملك سلمان- حين كان وليًا للعهد- خلال زيارة رسمية في سبتمبر، قبل بضعة أشهر من توليه العرش.

وفي أوائل أغسطس كشفت إنتليجنس أونلاين عن "حالة غموض تخيم على مستقبل عقد تصدير سفن بحرية دورية فرنسية إلى البحرية السعودية. متحدثة عن ميل وزير الدفاع السعودي، ولي ولي العهد محمد بن سلمان، إلى إعادة النظر بشكل كامل في صفقة استيراد 34 سفينة دورية تم التفاوض عليها مع فرنسا. في المقابل، لم يوقع مكتب تصدير الأسلحة الفرنسية ODAS على العقد حتى الآن، مع القوات البحرية السعودية. ولم تعد شركة Couach الفرنسية متأكدة من إتمام الصفقة، رغم إعلان فوزها بالعقد خلال زيارة بن سلمان إلى باريس في يونيو.

تحت عنوان "السعودية ومصر ترغبان في شراء سفن هجومية جديدة" نشر مركز ستراتفور تقريرا بتاريخ 17 أغسطس 2015، جاء فيه: تبذل السعودية جهودا كبيرة لتعزيز قوتها الجوية والبرية، ويبدو أن الرياض تركز الآن بشكل متزايد على الاستثمار في قواتها البحرية، وهو ما يساعدها عليه الحصول على سفن جديدة قوية.

ومن المؤكد أن ترسانة الرياض بحاجة إلى سفينة حاملة للمروحيات من طراز "ميسترال" الفرنسية، التي إن زُوِّدَت بالقوات وجُهِّزَت بشكل صحيح؛ ستكون مفيدة جدًا في عمليات قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن. يمكن أن يستفيد السعوديون أيضًا من استخدام هذه السفن داخل الخليح وفي محيطه، لا سيما بالقرب من جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، محل النزاع بين إيران والإمارات، كما تستطيع الرياض نشر قوات بشكل سريع من "ميسترال" لفرض السيطرة على الأرض.

لكن القدرات العسكرية وحدها ليست كافية لإنشاء قوة مشتركة وفعالة وناجعة، بل تتطلب أيضًا إرادة سياسية قوية. وفي الواقع، هناك العديد من العقبات في طريق نجاح قوة التدخل العربية المشتركة، لا سيما تلك التي تتنافس الرياض على قيادتها. ورغم استعداد الدول العربية السنية للعمل بشكل وثيق في بعض الأحيان، سوف تستمر الأهداف والمصالح المتباينة في تقويض وحدتها.

في منتصف سبتمبر كشفت إنتليجنس أونلاين عن تعرض وكالة تصدير الأسلحة الفرنسية ODAS، برئاسة رئيس أركان الجيش الفرنسي الأسبق إدوارد غيود، لضغوط متزايدة من وزارة الدفاع الفرنسية والعملاء الدوليين الذين لا يشعرون بالرضى عن الطريقة التي تُدار بها صفقات السلاح. ووفقا لمصادر النشرة الاستخباراتية الفرنسية، حاول وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، بكل الطرق لإبعاد ODAS عن العقود السعودية الحالية، أو التي لا تزال قيد التفاوض. وربما يلجأ بن سلمان إلى مراسلة أبرز المساهمين في الوكالة- إيرباص، تاليس، DCNS، والحكومة الفرنسية- لحثهم على إصلاحها.

وكشفت مصادر خاصة لنشرة إنتليجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية، في باريس والدوحة، منتصف سبتمبر، أن شركة MBDA الأوروبية للأنظمة الصاروخية حصلت على عقد بمليار يورو إضافية لتسليم المزيد من الصواريخ إلى القوات الجوية القطرية، كجزء من صفقة رافال.

بريطانيا

بمناسبة بدء جلسات البرلمان البريطاني 2015-16، تَتَّبعت "جالف ستاتس نيوز" الزيارات مدفوعة النفقات التي قام بها النواب البريطانيون إلى الخليج خلال فترة انعقاد الجلسات السابقة 2014-15.

إطلالة على هذا السجل توضح أن الإمارات (رئيس الوزراء البريطاني وعضو مجلس العموم السابق جوردون براون، ورئيس لجنة الاستخبارات والأمن بمجلس العموم البريطاني، السير مالكولم ريفكيند، ووزير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أليستر بيرت، وزوجته، والنائبتان العماليتان جيما دويل وتيسا جويل، والمحافظ جريجوري باركر) والبحرين (عضو مجلس الوزراء البريطاني السابق عن حزب العمال هازل بليرز، المحافظون الثلاثة: بيرت، وجيرالد هوارث، وكواسي كوارتينج) على وجه الخصوص، دفعتا لعدد من أعضاء البرلمان البريطاني ليقوما بزيارتهما، ما يعكس العلاقة الوثيقة بين تلك الدول ولندن. فيما لم يُعلَن عن أي رحلات قامت الحكومة السعودية أو الكويتية أو العمانية بتغطية نفقاتها.

ومن المثير للاهتمام أيضًا ملاحظة أنه بسبب تغيير أعضاء البرلمان البريطاني في ويستمنستر خلال الانتخابات العامة الأخيرة، فإن عددًا كبيرًا من هؤلاء النواب، الذين زاروا الخليج في الدورة الأخيرة خلال انعقاد الدورة الأخيرة، قد غادروا البرلمان الآن، ما يشير إلى أن الخليج سوف يحتاج إلى أن يبدأ في بذل جهود جديدة لاستمالة بعض النواب الجدد.

وفي منتصف أغسطس كشفت جالف ستاتس نيوز تطوير عدد من المراكز المالية الرئيسية في منطقة الخليج- بما في ذلك: دبي والكويت وقطر- علاقات عمل مع السلطات البريطانية، التي تتمتع- بالنظر إلى أهمية لندن كمركز مالي ودولي- بتجربة معتبرة في التصدي للتدفقات المالية إلى تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة الأخرى المشارِكة في القتال في سوريا والعراق.

لم يكن واضحا مدى عمق هذا التعاون، لكن أحد المشاركين في هذه العملية وصف العلاقة بأنها "متقدمة"، ويمكن لهذا التعاون أن يكون مفيدًا في تعقب وتعطيل تدفق التمويل إلى سوريا. وإن كان الخلاف لا يزال قائمًا حول مدى تدفق الأموال من دول الخليج إلى تنظيم الدولة ومناطق الصراع، لا سيما بالمقارنة مع الوضع قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر. لكن هذه الجهود الرامية لتضييق الخناق على تمويل تنظيم الدولة حصلت على دفعة جديدة بعد تصاعد المخاوف إثر الهجمات الأخيرة، التي استهدفت السياح في تونس والتفجيرات الانتحارية في مساجد الشيعة  في الكويت والسعودية.

الهند

وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لحكومة مودي، في 1 يوليو 2015، كتب كلا من سلطان بركات مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، و زميل أول في قسم السياسات الخارجية- مركز سياسات الشرق الأوسط،  وكديرا بثياغودا، زميل زائر في قسم السياسات الخارجية بمركز بروكنجز الدوحة، متخصص في العلاقات الآسيوية والشرق أوسطية، تحت عنوان "مصالح الهند الأوسع في الشرق الأوسط - فهو ليس مجرد محطة بترول": "وجهة مودي الأولى إلى منطقة الشرق الأوسط هي: إسرائيل، التي تربطها بالهند علاقات هامة، لاسيما في مجالات الدعم العسكري ونقل التكنولوجيا والتنمية الزراعية والري.

الزيارة ستؤثر، بما لا يدع مجالاً للشك، على علاقات الهند بدول الشرق الأوسط - حتى لو أنّ مودي يميل إلى الاعتقاد، حسبما قال سفيرٌ هنديٌ سابق في المنطقة، بأنّ "الدول العربية مشغولة جداً بقتالها بعضها البعض وإيران بحيث لن تأبه لزيارته.

ملف التعاون الأمني فهو يمثل أحد المجالات الرئيسية للتعامل. ففي العقد الماضي، أبرمت الهند اتفاقيات دفاع مع عددٍ من دول الشرق الأوسط، كل واحدةٍ على حدة، بما فيها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان. وفي الوقت نفسه، باتت الهند أكبر مشترٍ للأسلحة الاسرائيلية.

كما يمكن للهند أن تقدم خبرتها التقنية بعدة طرق. ونظراً للتطور السريع في قطاعات الخدمات المهنية والتعليم والاقتصاد المعرفي، فإن بإمكانها أن تعطي دروساً لدول الشرق الأوسط التي تتطلع إلى تنويع مصادر اقتصادها.

إيران

في ورقة نُشِرَت يوم 22 يوليو، بعنوان "المملكة العربية السعودية والاتفاق النووي مع إيران"، كتب المحلل في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزنسكي: "نظرا لحصول إيران على خاتم الموافقة الدولية على تخصيب اليورانيوم، لا يمكن استبعاد إمكانية اتخاذ السعودية مسارا مماثلا، حتى رغم المعارضة الأمريكية. مضيفًا: في بيئة ما بعد الصفقة "سوف تجد السعودية صعوبة في التزام اللامبالاة... وسوف تسعى للقيام بردٍ، ولو جزئي، على التهديد الإيرانيّ".

وقد تقود السياسة السعودية إلى الاعتراف الدولي بحقها في تخصيب اليورانيوم، تماما مثل إيران. ومع ذلك، فإن تطوير برنامج نووي يعتمد على تخصيب اليورانيوم ليس سوى خيار طويل الأمد، كما تفتقر المملكة إلى "البنية التحتية والمرافق المناسبة" الضرورية لتحقيق ذلك، بحسب "جوزنسكي".

لكن اتفاق دول 5+1 "يوفر عشر سنوات من ضبط النفس الإيرانيّ النووي، وفي هذا الإطار الزمني ستكون المملكة قادرة على الاختيار من بين عدة احتمالات مختلفة في المجال النووي المسموح به بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.

ولتطوير برنامج نووي "يرجح أن تسعى المملكة لتطوير شبكة من عدة بلدان، من بينها باكستان". ويعتقد على نطاق واسع أن الرياض مولت جزءا كبيرا من برنامج باكستان النووي.

كما عملت المملكة على تطوير علاقات أوثق مع القوى النووية: الصين  وفرنسا وروسيا، وجميعهم يحرص على إبرام صفقات بعدة مليارات. وتعتبر وستنجهاوس الأمريكية للكهرباء أحد مقدمي عروض الاتفاق النووي لأغراض مدنية للسعودية في نهاية المطاف.

وافترض "جوزنسكي" سيناريو يتضمن قيام باكستان بتثبيت رؤوس حربية نووية على الأراضي السعودية؛ "كأحد أشكال الردع الموسع، إذا تخطت إيران علنًا العتبة النووية".

وقال: "حتى إذا لم يكن المسار السعودي صوب امتلاك القدرات النووية مضمونًا، فإن مجرد انطلاق سباق التسلح سيكون له عواقب سلبية على الاستقرار الإقليمي بصفة عامة، وعلى إسرائيل بشكل خاص".

ويرى أن "إسرائيل لا تمنح الأحداث في شبه جزيرة العرب ما يكفي من الاهتمام، لصالح تكريس معظم جهودها بصورة طبيعية لمراقبة التهديد الإيراني.

وختم  "جوزنسكي" بالقول: "وبالتالي يجدر بإسرائيل تحسين عملية جمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز القدرة على تقييم التطورات على المسرح الخليجي، حتى تتمكن- إلى جانب فوائد أخرى- من رصد أي محاولات إضافية من دول أخرى لخلق "توازن نووي ضد إيران".

ونشر ميدل إيست بريفنج تحليلا منتصف سبتمبر حول التحالف النفطي المرتقب بين إيراني والعراق ضد دول الخليج في سوق التصدير الإقليمي، قائلا: "في غضون بضعة أشهر ستعود صادرات النفط الخام الإيراني إلى السوق الدولي بكامل اندفاعها. وبينما يستمر العراق في زيادة صادراته النفطية، وبالنظر إلى العلاقة السياسية القوية بين بغداد وطهران؛ ينبغي أن يتوقع المنتجون في الخليج العربي صعود تحالف جديد في ساحة التصدير الإقليمية المزدحمة بالفعل.

هذا التحالف لن يؤدي فقط إلى زيادة التخمة القائمة، ولكن يحتمل أيضًا أن يعدل التوازن داخل أوبك. وقد يؤدي تدريجيًا إلى تضييق المسافة بين الحسابات الاستراتيجية والسياسية من جهة وصادرات النفط من جهة أخرى. وهكذا سيكون طريق أوبك وعرًا.

وحول التنافس على النفوذ لإقليمي، قال مركز ستراتفور ضمن توقعاته للربع الثالث: بينما يواصل توازن القوى الشرق أوسطي نضوجه، تتحرَّك الرياض وأنقرة بناء على افتراض أن واشنطن سوف تعترف بدور طهران في المنطقة، ومن ثمَّ يعملان على كبح توسع النفوذ الإيراني. سوف يكون هذا أكثر وضوحا في سوريا والعراق، حيث سيواصل وكلاء القوى السنية جهودهم لتقويض المؤسسات المدعومة من إيران، والممتدة من بلاد ما بين النهرين وصولا إلى البحر المتسوط.

وفي 28 أغسطس 2015 رجح مركز ستراتفور أن تتصاعد صراعات الشرق الأوسط، قائلا: "على عكس تركيا، تمتلك السعودية عددًا قليلا نسبيًا- إن وُجِد- من المصالح المشتركة مع إيران، وهي قوة عربية سنية، يعتنق معظم شعبها التفسير الوهابي للإسلام وينظرون للشيعة بشكٍّ عميق. ولأنها تضم قلية شيعية تمثل 10-15% من السكان، وبعدما لم يعد العراق حصنا منيعا ضد الطموحات الإيرانية؛ حُقَّ للمملكة العربية السعودية أن ترى نفسها على خط المواجهة في الصراع مع طهران.

ولأن الإيرانيين يحاولون بالفعل إثارة الأقيات داخل المملكة؛ يرجح أن يحاول السعوديون على الأقل تشجيع كردستان، ذات الحكم الذاتي، التي تستطيع التأثير على القضايا الاقتصادية والأمنية الإقليمية، رغم أن دعم الأكراد سوف يفسد علاقة الرياض بأنقرة. وبرغم أن كليهما قوة سنية، ليس من مصلحة السعودية أن تهيمن تركيا على الشرق الأوسط مقارنة بإيران".

وتحت عنوان "تشريح عملية التفجير" نشرت فورين آفيرز تقريرا لـ ماثيو ليفيت، بتاريخ 1 سبتمبر 2015، قال فيه: لا تزال ملابسات القبض على المغسل مجهولة، ولكن التوقيت يطرح عدة تساؤلات. فكيف تم القبض فجأة على رجل هرب من الاعتقال لحوالي 20 عاماً؟ وعلى ماذا يدل هذا الاعتقال الذي أتى على خلفية الصفقة النووية الإيرانية، وفي سياق تصاعد التوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية وبين حلفائهما في لبنان؟

الجدير بالاهتمام هو أن هذه العملية لإلقاء القبض عليه تأتي على خلفية الصفقة النووية والمنافسة الإيرانية السعودية على النفوذ في المنطقة عموماً وفي لبنان خصوصاً، وفي وقت ينزلق فيه لبنان نحو الفوضى. ومهما كانت الظروف، فإن إلقاء القبض على الرجل الذي دبر هذا الهجوم الهائل ليس بالقضية الصغيرة. فعائلات الضحايا يستحقون العدالة، لا بل وإن المغسل الذي يتحدث الفارسية هو في وضع فريد يسمح بتوفير المعلومات التي تشتد الحاجة إليها حول النشاطات السرية للعملاء الإيرانيين ووكلائهم في المنطقة.

وحول الحدث ذاته، نشر مركز ستراتفور تقريرًا منتصف سبتمبر رأى أن المعلومة الأكثر إثارة للحيرة، من بين التفاصيل الشحيحة القابلة للتثبت، هي: مشاركة لبنان إيجابا أو سلبا في تسليم المغسل للسعوديين. ذلك أن لبنان- البلد ذاته الذي أصدر قانون العفو العام سنة 1991، مانحًا الملاذ لشخصيات مثل: عماد مغنية، وحسن عز الدين، وعلي عطوة، ومحمد علي حماي، و واصف علي حسون- لا يُعرَف عنه تسليم المطلوبين إلى دول أجنبية. بل سبق أن استعصى لبنان على الضغوط الأمريكية في ظروف مماثلة، حتى حينما طلبت الولايات المتحدة السيطرة على المشتبه بهم في اختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847.

لعل الأقل وضوحا، هو السبب وراء القرار الإيراني بتسليم المغسل أصلا، إذا تأكد أن طهران هي التي أبلغت السعوديين بتحركات المغسل.

- هل الدافع هو تقديم حُسن النية للمملكة، كمحاولة إيرانية لإظهار أن الجمهورية الإسلامية مهتمة بإصلاح العلاقات مع المملكة جزئيا على الأقل؟

ربما يكون الأمر كذلك، لكن تسليم أحد المسلحين الذين خططوا لتفجير وقع في عام 1996 ليس من المحتمل أن يكون له أثر كبير على العلاقات السعودية-الإيرانية.

- هل حدث ذلك بموجب تفاهم، منخفض المخاطرة، بين الأمريكيين والإيرانيين، لتظهر طهران أنها على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة بطرق محدودة خارج إطار التفاهم الذي تم التوصل إليه بشأن البرنامج النووي؟

لا يوجد أي دليل يدعم هذه النظرية، لكن يبدو أنها تحمل بعض المصداقية إلى حد ما. ومهما كانت التفاصيل الحقيقية، من الواضح أن: متشددًا معروفًا، معلقًا في رقبته مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، طار من ملاذه الآمن في إيران إلى لبنان، البلد المعروف بإيواء المطلوبين، وتحديدًا في بقعة يسيطر عليها حزب الله المدعوم من إيران. ومن هناك، نُقِلَ إلى الرياض. شيء ما في العلاقة الجيوسياسية بين إيران ولبنان والسعودية يجعل هذا الأمر مستحيلا.

ورغم أننا لا نستطيع حتى الآن تحديد الجدول الزمني الدقيق للأحدث، أو تحديد من هو المسئول عن ماذا، فإن غرابة الأحداث تجبرنا على التوقف وإعادة النظر في المفاهيم السابقة حول الشرق الأوسط، التي ربما تكون بحاجة إلى إعادة تقييم، أو عفا عليها الزمن تماما.

وحول "الأثر الإقليمي لمكاسب إيران غير المتوقَعة بعد رفع العقوبات" كتب  مايكل آيزنشتات, أندرو جيه. تابلر, ماثيو ليفيت, مايكل نايتس, و سايمون هندرسون في معهد واشنطن، بتاريخ 14 أغسطس 2015: "في سوريا، من شأن هذا الأمر أن يمنح إيران قدرةً كافية لإنقاذ نظام الأسد، الذي يكافح من أجل البقاء في خضم حرب أهلية مروّعة. وفي العراق، من شأن الازدهار الذي سينتج عن رفع العقوبات أن يؤدي إلى شراء إيران النفوذ على نحوٍ غير مسبوق، في الانتخابات المقبلة في العراق (مجالس المحافظات في عام 2017، والانتخابات الوطنية في عام 2018). أما المستفيد المحتمل الآخر هو حزب الله، إلى جانب حماس وفتح والجهاد.

ويعني احتمال رفع العقوبات أنّ أيّ مساعدات مستقبلية يحصل عليها المتمرّدون الحوثيون لن تكون مقيّدةً بسبب نقص الأموال في طهران. وستسمح الطفرة بعد رفع العقوبات بتعزيز جهود إيران المستمرة والرامية إلى حيازة الأسلحة التقليدية مثل الصواريخ الباليستية، وشراء أنظمة الأسلحة الخفيفة والصغيرة أو بيعها. ولعلّ الأثر الأكثر أهمية الذي يولّده هذا الاتفاق، سيكمن في دعم الخطاب الإيراني الذي يقول إنّ طهران تشكّل قوةً صاعدة بينما تأخذ الولايات المتحدة في التراجع. وبفعل المكاسب غير المتوقعة بعد رفع العقوبات، سوف تمضي إيران قدماً في تحقيق هذا الهدف من خلال قدرتها على تقديم المزيد من الدعم لحلفائها في المنطقة.

وحول القضية ذاتها نشر مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بكلية كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد- مركز بروكنجز الدوحة  تقريرًا بعنوان هل من فرصة للاحتواء؟ الاتفاق الإيراني والبلدان العربية المجاورة، لـ إبراهيم فريحات (شرقية)، نائب مدير مركز بروكنجز الدوحة، وزميل أول في قسم السياسات الخارجية، بتاريخ 16 أغسطس 2015، جاء فيه:

هناك نظرية بارزة بشأن تأثير الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 على المنطقة العربية تقول إنّ التدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية سيزيد، نظراً لأن الاتفاق سيمنح إيران القدرة على الوصول إلى موارد مالية كبيرة كانت مجمدة في السابق. لقد قامت إيران بتمويل حربين أهليتين في سوريا واليمن على الأقل، في حين أنها تخضع لعقوبات دولية صارمة – يمكن للمرء أن يتخيل ماذا سيفعل الإيرانيون مع عشرات مليارات الدولارات الإضافية.

إنّ الخطوة الأولى نحو اتفاق شامل وحد للصراع تكمن في الانخراط الجدي الذي يشمل الحلول السياسية للصراعات في المنطقة على أن تحترم هذه الحلول استقلال الدول المتأثرة وسيادتها ووحدتها. والبديل لذلك سيكون مستويات غير مسبوقة من العنف، لا سيما وأن الحرب بالوكالة تمتص الموارد المالية الإيرانية التي حررها التوقيع على الاتفاق النووي، وبالتالي ستُراق المزيد من الدماء في المنطقة العربية. مما لا شك فيه أنّ الاقتصاد الإيراني يحتاج بالتأكيد إلى هذه الموارد، إذ يكفي ما أريق من الدماء العربية. وستبقى الكرة في الملعب الإيراني إلى أن تأخذ إيران مثل هذه المبادرة.

اليمن

تحت عنوان الوضع المتفاقم على الجبهة الشمالية في اليمن كتب مايكل نايتس، الكسندر ميلو في معهد واشنطن، بتاريخ 24 سبتمبر 2015:  تتقدّم العمليات البرية الهادفة إلى دحر السيطرة الحوثية بسرعة أكبر مما توقع العديد من النقاد حول القدرة العسكرية التي يتمتع بها «مجلس التعاون الخليجي». ويعني ذلك أن المقاومة الحوثية هي شديدة القوة، وما زالت هناك مهمة صعبة متمثلة بتحرير المراكز الحضرية، مثل تعز وصنعاء.

ربما تمّ طرد الحوثيين من المناطق الجنوبية والشرقية، وربما حتى من صنعاء، ولكن ينبغي على واشنطن أن تبدأ بالتفكير في طريقتها المفضلة لإنهاء الصراع. ويجب إثناء قوات التحالف التي تقودها السعودية عن السعي إلى تحقيق أهداف متطرفة، مثل إخضاع مواطن الحوثيين في صعدة، والذي سيكون صعباً جداً من الناحية العسكرية وقد يؤدي إلى قيام نزاع طويل الأمد مع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.

وتحت عنوان " قضية اليمن الجنوبي: تَجَنُّب الفشل" قدمت مجموعة الأزمات الدولية توصيات، بتاريخ 24 سبتمبر، إلى المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني، والحكومة اليمنية والداعمين الدوليين للمرحلة الانتقالية (بما في ذلك المبعوث الخاص للأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ومجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء):

1- تعريف نجاح مؤتمر الحوار الوطني بأنه التوصل إلى اتفاق حول بعض القضايا، في حين تظل قضايا أخرى (خصوصاً قضية بنية الدولة) دون تسوية، ربما باستثناء المبادئ العامة، وتستمر النقاشات.

2- الاتفاق على تمديد الإجراءات الانتقالية مثل:

أ‌. تأجيل محدود للاستفتاء الدستوري والانتخابات التي تليه؛

ب‌ إجراءات بناء الثقة للجنوب (بما في ذلك وبين أشياء أخرى معالجة المظالم المتعلقة بالتوظيف والأراضي؛ وتحسين الظروف الأمنية؛ وتفويض صلاحيات مالية وإدارية أكبر إلى الحكومات المحلية)، إضافة إلى إطار واضح ومحدد للجدول الزمني، وآليات، وتمويل ومراقبة التنفيذ؛

ت‌. تشكيل حكومة تكنوقراط إلى أن يتم إجراء الانتخابات؛

ث‌. استمرار المفاوضات إما حول المسألة الأوسع لبنية الدولة أو ـ إذا تم التوصل إلى تلك المبادئ ـ على تفاصيلها؛

ج‌.... إشراك مجموعة أوسع من النشطاء الجنوبيين في المفاوضات التي ستعقد دون شروط مسبقة، خصوصاً قادة الحراك خارج وداخل البلاد.

إلى دول مجلس التعاون الخليجي:

3- لعب دور أكثر فعالية في التيسير وربما الوساطة، إلى جانب الأمم المتحدة، في المفاوضات المستمرة.

إلى الحراك:

4- في حالة أولئك الذين لا يشاركون حالياً في مؤتمر الحوار الوطني، الانضمام إلى أية مفاوضات موسّعة دون شروط مسبقة، وطرح خيار الاستقلال للنقاش.

5- الاستمرار في جهود تطوير هيكلية قيادية متماسكة والاهتمام بشكل خاص بدعم وتشجيع جيل الشباب.

6- وضع حد للخطاب الاستفزازي الذي يؤجج الخلاف بين الشمال والجنوب.

لى حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح:

7- دعم توسيع المفاوضات حول قضية بنية الدولة دون شروط مسبقة وبمشاركة طيف أوسع من نشطاء الحراك.

8-  التأكيد العلني على الجوانب الإيجابية لترتيبات الوحدة والفيدرالية، بدلاً من معارضة الانفصال من حيث المبدأ أو التأكيد على تبعاته السلبية.

وتساءل ابريل لونجلي آلي ونبيل خوري، عبر أتلانتك كاونسيل/ مجموعة الأزمات الدولية، ، بتاريخ 13 أغسطس 2015: هل يمكن للولايات المتحدة وقف الحرب في اليمن؟ ليجيبا: إن مصلحة الأمن القومي الأميركي والواجب الأخلاقي يفرضان على الولايات المتحدة التدخل ديبلوماسيّاً، ولكن بصرامة، لوقف القتال. محلياً، لا بد من التوفيق بين الفصائل السياسية والقبلية. بإمكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبدعم قوي من الولايات المتحدة – وبشكل مثالي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن -التوسّط من أجل التوصل إلى حلّ سياسي بين الفصائل المتحاربة في اليمن، وهو الحل الذي تعّرض للعرقلة حتى الآن ليس بسبب تعنّت الحوثيين وحسب، بل أيضا بسبب استمرار دعم كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا الجهود الحربيّة للتحالف.

يشكل الاتفاق النووي إنجازا، ولونظريا، في حد ذاته، الا أنّه على المدى البعيد، سوف يُحكم عليه من خلال ليس فقط قدرته على منع طهران من امتلاك السلاح النووي، بل ومن خلال تأثيره السياسي إقليمياً. اليوم، يوضع هذا الاتفاق على المحك: هل يمكن بدء حقبة جديدة لحل النزاعات في الشرق الأوسط انطلاقا من هذه الاتفاقية، أم أن جهود الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لم تنجح سوى في الحدّ من قدرات إيران النووية، على حساب مشاكل المنطقة الأخرى؟

وحذر فارع المسلمي عبر مركز كارنيغي للشرق الأوسط بتاريخ 7 سبتمبر 2015 من ازدهار التطرّف في الحرب الأهلية اليمنية، قائلا: يشي الوضع العام في اليمن بأن ظاهرة الجهادية على طريقة تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية ستنمو على الأرجح، سواء في شكلها الراهن أو ستتخذ أشكالاً وأسماء جديدة. حتى في حال ضَعُفَ أو انقسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد مقتل الوحيشي، ستملأ الفراغ فصائل أكثر تطرّفاً وتروّج لإيديولوجية مماثلة، كتنظيم الدولة الإسلامية، طالما لاتوجد سلطة شرعية في اليمن.

واستجابةً لما وصفته إنتليجانس أونلاين- أوائل أغسطس 2015، بـ"الغرق في الرمال"، بدأت وزارة الدفاع السعودية، تدرس أوجه القصور الحملة التي تشنها المملكة في اليمن.

إذ يبدو أن نظام الرادار السعودي المضاد للصواريخ لا جدوى منه في اليمن ذات الطبيعة الجبلية، كما أن مدى الرادارات قصير جدًا. بينما يمتلك المتمردون الحوثيون قاذفات صواريخ الكاتيوشا، التي تطلق صواريخ غراد يبلغ مداها 30 كيلومترا. ولأن بالإمكان تحميلها على سيارات تويوتا التي يمتلكها المتمردون؛ يمكن ضبط أنظمة الصواريخ، وإطلاقها، وسحب المركبات مرة أخرى، في أقل من دقيقتين.

ورغم أن مدفع "القيصر"، الذي يمتلكه الحرس الوطني السعودي، يتمتع بالقوة والدقة، لكنه يصبح كالأعمى دون نظام رادار. ثمة مسألة أخرى، هي أن برنامج تطوير حرس الحدود السعودي مداه أقصر من أن يكون مفيدًا. ولذلك يتطلع الجيش لإيجاد حل للاستخبارات والاستطلاع والاستيلاء على الهدف، قد يتضمن نشر مناطيد على طول الحدود بين السعودية واليمن، إلى جانب طائرات مراقبة بدون طيار في المناطق الجبلية.

في أوائل سبتمبر رجح مركز ستراتفور أن أي حل وشيك في اليمن لن يحل تمامًا الخلافات السياسية العميقة التي تقسم البلاد. فبينما دمر الصراع دمَّر اليمن، لكنه أيضًا وحَّد جماعات المصالح الكثيرة في معسكرين من الفصائل المتعارضة. ومع نهاية الحرب، ستتفكك هذه التحالفات؛ ما يخلق بيئة سياسية أكثر تفتيتًا، وهو ما يؤسس للأزمة المقبلة في اليمن.

حتى حينما تستعيد الحكومة- اسميًا- سيطرتها على البلاد مرة أخرى، فإن حركة الحوثي لن تختفي ببساطة. قد يدخل الصراع حالة سبات، بيدَ أن الحوثيين كيان سياسي وديمجرافي قوي في اليمن، وسيواصلون السعي للحصول على مزيد من الحكم الذاتيّ.

لكن ربما يكون أحد أخطر التهديدات قصيرة المدى التي تواجه الحكومة الجديدة، هو: إحياء حركة الاستقلال في الجنوب. والطرف الآخر الذي استفاد من الأزمة، هو: تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب.

صحيحٌ أن القاعدة في شبه جزيرة العرب- مثل الحراك الجنوبي- تركز اهتمامها على التهديد الحوثي في الوقت الراهن. لكن بمجرد تراجع قوة الحوثيين في حضرموت، ستخوض الجماعة الجهادية منافسة مع حكومة هادي والحراك الجنوبي، لاستعادة السيطرة على المحافظة.

سوريا

تحت عنوان "الدول الخليجية يمكن أن توفّر الوظائف للاجئين السوريين، وهذا ما يحتاجونه بالتحديد" كتب إبراهيم فريحات (شرقية( في مركز بروكنجز الدوحة بتاريخ 15 سبتمبر 2015: "عادةً ما تقدّم الدول الخليجية عدداً من المخاوف التي تحد من قدرتها على استيعاب عدد كبير من اللاجئين السوريين، من بينها عدد المقيمين الأجانب الذي يفوق أصلاً عدد السكان المحليين في العديد من البلدان، والولاءات السياسية لبعض اللاجئين التي تشكّل تهديداً أمنياً، بالإضافة إلى أنّ الدول الخليجية  قدّمت مساعدات مالية سخية لهذه الأزمة. صحيحٌ أنّ هذه المخاوف مبرّرة إلى حد ما، إلا أنها لا ينبغي أن تمنع الدول الخليجية من استقبال اللاجئين السوريين. بإمكان هذه الدول أن تفعل الكثير من أجل التخفيف من حدة هذه الأزمة الإنسانية.

إنّ اللاجئين بحاجة إلى حلول تحافظ على كرامتهم. إنهم يريدون كسب عيشهم، وليس الاتكال على الصدقات. والأسواق الخليجية هي المكان المناسب الذي يوفّر لهم فرص عملٍ محترمة ودخلاً كريماً. بالتالي، أما عدم مساعدتهم على نحوٍ ملائمٍ سيؤدّي إلى تفاقم المشاكل الأمنية في المنطقة، حيث أنّ بعض النازحين سيتحولون إلى متطرّفين لا محالة".

وفي موجز السياسة نشر مركز بروكنجز الدوحة تقريرا لـ تشارلز ليستر بتاريخ أغسطس 2015 تحت عنوان "المقاتلون الأجانب العائدون: تجريمهم أم إعادة دمجهم؟" خلص إلى أن بعــض العائديــن يحتفــظ بإمكانيــة إعــادة الدمــج في المجتمــع الغــربي، والبعــض الأخــر تتطلــب حالتــه إعــادة التأهيــل والرعايــة النفســية. وقبــل كل شيء، لا ينبغــي بالضرورة معاملة كل مقاتل عائد عــلى أنه شخص متطرف مدى الحياة، بل كعضو يحتمل أن تكـون لـه قيمـة في مجتمـع موطنـه الأصلـي.

إن الحكومات الغربية نظــرا لتدخلهــا المحــدود في الشــؤون الدينيـة، سـوف تتـردد في تمكيـن الإسلاميين المحافظين في الداخـل للعمـل كرديـف أيديولوجـي مـوازن للحـركات الإسـلامية العنيفـة. ولكــن، تبقــى حجــة شرعيــة بــأن الفــارق الأيديولوجــي بــن السـلفية ”المهادنـة“ والسـلفية ”العنيفـة“ بسـيط للغايـة، بحيـث أن الأولى- عنـد البعـض- قـد توفـر المـبرر اللازم للأهـداف التـي تتبناهـا الأخـيرة، بما في ذلـك مجموعـات مثـل الدولـة الإسـامية.

ينبغـي بالـضرورة أن لا ينظـر إلى العقيـدة الإسـلامية المحافظـة بأنهـا تتعــارض مــع نــزع التطــرف، ولكــن يمكــن للســلفية المهادنــة أن تمثــل علاجــاً فعــالاً للجهــاد العنيــف.

لا تمثـل قضيـة المقاتليـن الأجانـب تهديـداً أمنيـاً علـى المـدى القريـب فحسـب، بل أيضـاً تحديـاً على المـدى الطويل. والخطـر الأكثـر إلحاحـاً اليـوم عـلى أمـن الـدول الغربيـة يتمثـل في الهجـات التـي ينفذهـا أفـراد في الداخـل ممـن يعملـون بصفـة انفراديـة، لا تحتـاج إلى خـبرة مقاتـل أجنبـي أو تدريـب عسـكري، بـل مجـرد العـزم على القتـل وزرع الرعـب. إن أسـاليب أكـثر ملائمـة وفعاليـة للتعامـل مـع قضيـة المقاتلين الأجانب، سيسـاهم بشـكل أو بآخـر في تثبيـط مثـل هـذه التهديـدات المحلية التـي لا يمكن التنبـؤ بهـا ولا منـع ظهورهـا.

وكشف مركز ستراتفور يوم 3 أغسطس عن زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء على المملوك، الرياض خلال شهر يوليو. ويُعتَقَد أنه التقى بن سلمان، الذي طلب ثمنا باهظا للتعامل مع النظام السوري هو: قطع العلاقات مع إيران. وذكر المركز أيضًا أن ثمة محاولات روسية وأمريكية للتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة ما بعد الأسد لكن هذا يتطلب اتفاق الرعاة وإقناع المتمردين للتفاوض مع العلويين. وعلى وقع التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا، يتضح أن هذه المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، وكان لابد من إحداث تغيير على الأرض لحلحلة الأزمة، ربما تمهيدًا للعودة إلى طاولة المفاوضات بأوراق وشروط جديدة.

وفي أوائل أغسطس رصدت إنتليجنس أونلاين جهودا يبذلها جهاز الاستخبارات الوطنية التركي MIT ورئاسة الاستخبارات العامة السعودية GIP لحث زهران علوش، قائد مجموعة جيش الإسلام- أحد أبرز القوى الإسلامية المتمردة في سوريا- على التحالف مع أحرار الشام في القتال للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ويرى اللاعبون السنة في المنطقة أن الفصيلين يكمل بعضهما بعضًا.

على الجانب الآخر، تعتبر أحرار الشام أقرب إلى المخابرات العامة الأردنية، التي اخترقت المجموعة منذ وقت مبكر جدًا. ذلك أن العديد من أعضاء أحرار الشام أردنيون. ولدى الحركة عدد كبير من الجنود، وكثيرًا ما هاجمت الجيش السوريّ، خاصة استهداف الطائرات الهليكوبتر التابعة له. أعيد تشكيل قيادة الحركة في بداية العام الجاري بعد مقتل معظم قادتها، ومن بينهم حسن عبود، المعروف أيضًا باسم أبو عبدالله الحموي، في هجوم إدلب العام الماضي. ويرأس الحركة الآن قائد عسكري جديد، هو صلاح (أبو صالح) طحان.

وكشفت إنتليجنس أونلاين الفرنسية، أن ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ناقش مع رئيس جمهورية الشيشان رمضان أحمد قاديروف، أثناء زيارته إلى الرياض يوم 20 يوليو، آفاق التعاون بين البلدين فيما يتعلق برصد نشاط الجهاديين الشيشانيين المتواجدين بأعداد كبيرة حاليًا في سوريا.

وبينما لم يُنشر في الإعلام العربي من تفاصيل الزيارة سوى "بحث الأمور ذات الاهتمام المشترك"، بل ذهبت بعض التغطيات إلى الهدف منها كان أداء مناسك العمرة. لكن بعدها بيومين فقط، كتب الرئيس الشيشاني تغريدة على موقع تويتر، اقترح فيها سحب الجنسية الروسية من كل مواطن توجه للقتال إلى جانب تنظيم "الدولة"، وغيره من التنظيمات الإرهابية، قائلًا: "أقترِح سحب الجنسية الروسية من كل أولئك الذين ذهبوا للقتال في صفوف دولة إبليس، والمنظمات الإرهابية الأخرى".

ورأت جالف ستاتس نيوز أوائل يوليو أن التغييرات التي حدثت لصالح قوات المتمردين، قبيل توسيع التواجد العسكري الروسي في سوريا، تعود لتعافي العلاقات بين الرياض وأنقرة من فترةِ مرضٍ، واكبت تقارب الأخيرة مع الدوحة، منذ لقاء أوائل مارس في الرياض بين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. صحيحٌ أن الأسد لم يُمنى بخسائره كلها على أيدي الجماعات المتمردة المدعومة من السعودية وتركيا و/أو قطر، بيدَ أن الانفراجة الدبلوماسية مع أنقرة، على ما يبدو، مهَّدت الطريق أمام الرياض كي تصبح أكثر حزمًا في إمداد المعارضة السورية بالسلاح والمال. كما حسَّنت مستوى التنسيق بين الجهود العسكرية والدبلوماسية، وساعدت على تبديد الانقسامات العنيدة التي أضعفت فعالية الجماعات المتمردة.

وتحت عنوان "أهمية التعليم العالي في عملية إعادة البناء بعد انتهاء الصراع" نشر مركز بروكنجز الدوحة تقريرا لـ سلطان بركات، سانسوم ميلتون بتاريخ 10 يوليو 2015، جاء فيه: "سياسات إعادة الإعمار "الليبرالية الجديدة" التقليدية، التي تُعتبر مسؤولة جزئياً عن السجل السيئ في جهود إعادة الإعمار، لم تدركْ أهمية التعليم العالي بصورةٍ كافية من أجل التصدي لهذه الفجوة ومعالجتها. ونظراً لانشغال الجهات المعنية بقضايا الأمن وبالعديد من التحديات الإنسانية على المدى القصير، فهي نادراً جداً ما تنظر إلى التعليم العالي باعتباره أولوية رئيسية في بيئات ما بعد انتهاء الصراع. وبدلاً من ذلك، يُنظر إلى الاستثمار في التعليم العالي بشكلٍ عام كما لو أنه ترفٌ ليس بوسع المجتمعات التي مزقتها الحروب أن تتحمل كلفته.

إن سنواتٍ من الدراسة والخبرة قد أدت بنا إلى الاستنتاج بأنه، لكي تلعب المجتمعات المحلية دوراً قيادياً في عملية الإنعاش المعقدة، كما هو ضروري لنجاحها، يلزم اتباع نهجٍ طويل الأمد لإعادة البناء يتسم بالجرأة والقدرة على إحداث التغيير- نهج يضع التعليم العالي في مركز جدول أعماله.

التعليم العالي، عندما يؤخذ من الناحية الاستراتيجية، لديه القدرة على تقريب فئات المجتمعات المنقسمة من بعضها البعض، بالرغم من خلفياتهم العرقية والدينية المتنوعة، ويتيح لها فرصة الانخراط في إجراء بحوثٍ هامة وأساسية في أجواء جامعية مفتوحة ومتنوعة. ولضمان أن التعليم العالي يمكن أن يبدأ في المساهمة نحو الانتعاش، كما ذكرنا آنفا، فمن الضروري أن يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية هذا القطاع بكل جوانبه - اساتذة وطلاب وبنية تحتية - أثناء نشوب الصراع وفي أعقاب انتهائه مباشرة".

وتحت عنوان "محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" وما بعده في الخليج" نشر معهد واشنطن، بتاريخ 6 أغسطس 2015، تقريرا لـ لوري بلوتكين بوغارت، جاء فيه: تشكل السعودية هدفاً رئيسياً لـ تنظيم "الدولة الإسلامية"، وتنظر المملكة إلى استراتيجيتي التجنيد والتخطيط الإرهابي المتطوّرتين اللتين يعتمدهما التنظيم بأنهما تشكلان تحدّياً متنامياً.

ويناهز عدد الاعتقالات المتعلقة بالإرهاب في السعودية خلال الثمانية عشر شهراً المنصرمة 900 حالة، ترتبط أغلبيتها بـ تنظيم "داعش". ومن المرجّح أن يتضاعف هذا الرقم، حيث اعتقلت الرياض، في أعقاب الهجمات الضخمة التي شنّها تنظيم "القاعدة" في المملكة ابتداءً من عام 2003، أكثر من 11 ألف شخص من الإرهابيين المشتبه بهم خلال السنوات العديدة التي تلت الاعتداءات. أكثر من نصف الأشخاص الذين أُلقي القبض عليهم خلال عمليات الاعتقال الكبرى التي أُعلن عنها في أيّار/مايو وأيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2014، كانوا قد أعتلقوا سابقاً (وتمت أحياناً محاكمتهم وإدانتهم وسجنهم) بتهمٍ تتعلّق بالإرهاب. كما تعتبر دول "مجلس التعاون الخليجي" الأخرى أنّ شبكات تنظيم "الدولة الإسلامية" في السعودية تشكّل تهديداً يطال سائر الخليج. وتستمرّ دول الخليج أيضاً في النظر إلى تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، الذي يتّخذ من اليمن مقرّاً له، باعتباره تهديداً إرهابياً يحدق بها.

ولا تزال فجوةٌ كبيرة قائمةً بين التدابير الأمنية الليّنة من جهة، والتي تعتقد واشنطن أنّ حكومات الخليج ينبغي أن تعتمدها، وتلك التي تحسَب معظم الأسر الحاكمة أنّها الأفضل لصون أمنها الخاصّ من جهة أخرى. أمّا على المستوى الإقليمي، فتُوفّر المخاوف المتزايدة بشأن المتشدّدين السنّة المتطرفين في الخليج فرصاً جديدة للتعاون بين واشنطن وحلفائها في "مجلس التعاون الخليجي". لذلك، ينبغي طرح السؤال الأساسي الآتي: نظراً إلى الواقع السياسي في دول الخليج، كيف يمكن تعميق التعاون القائم من أجل تحقيق الأهداف المشتركة؟

لبنان

وقالت جالف ستاتس نيوز أوائل يوليو: تستخدم المملكة العربية السعودية الشبكات الكبيرة التي ترعاها في لبنان لمواجهة النفوذ الإيراني؛ مستخدمة في ذلك سياسة القبض والبسط عند الضرورة. وتتهم وسائل الإعلام اللبنانية السعودية باستغلال النفوذ المالي للتأثير على السياسة اللبنانية. وكتبت صحيفة السفير، التي ينظر إليها عمومًا بأنها موالية لسوريا، في منتصف يونيو، أن الرياض طلبت من باريس تجميد تسليم الأسلحة التي كانت وعدت بها كجزء من منحة قدرها 3 مليارات دولار. وبينما وصلت الدفعة الأولى من الأسلحة في أبريل، نفت الرياض بشدة أن تكون جمَّدت بقيتها. وفي ظل الضعف الذي يعتري قوى 14 آذار، يصبح النفوذ السعودي محدودًا بالضرورة. وطالما بقي حزب الله هو أقوى الجماعات في السياسة اللبنانية- واستمرت قدرته، كما أثبت في مايو 2008، على إسقاط الحكومة- فإن قدرة الرياض- المعتمدة على دبلوماسية دفتر الشيكات- على تشكيل الأحداث سوف تبقى محدودة.

وتحت عنوان "لبنان واستراتيجيات البقاء المضللة" قالت مجموعة الأزمات الدولية بتاريخ 20 يوليو 2015: الديناميكيات التي يشهدها لبنان اليوم تشبه على نحو غريب تلك التي سبقت الحرب الأهلية؛ فقد عادت ثقافة الميليشيات، التي سادت في الماضي، والتي تبددت ظاهرياً مع استيعاب المجموعات المسلّحة جزئياً في أجهزة الدولة، عادت إلى الظهور. والفوارق الاجتماعية والاقتصادية القديمة باتت أكثر عمقاً. وتدفُّق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين يعيد إلى الأذهان الموجة السابقة من اللاجئين الفلسطينيين، الذين أدى رفضهم من قبل شرائح واسعة من المجتمع اللبناني، وما تلا ذلك من تسييس لقضيتهم، إلى تحوّل ما كان في البداية مبعث قلق إلى تهديد رئيسي للأمن. وقد انخرط حزب الله في دور إقليمي أدى إلى تعميق الانقسام الطائفي، وأضاف هذا الدور إلى مبرر وجوده كحركة مقاومة ضد إسرائيل، والذي تمتع على أساسه بدعم واسع. ويشهد الجيش اللبناني، المؤسسة العابرة للطوائف والتي تعتبر العمود الفقري لما تبقّى من الدولة، حالة استقطاب متزايد.

تشمل الخطوات الصغيرة لكن البناءة التي يمكن اتخاذها: إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي طال إجراؤها كثيراً، دون انتظار تدخل خارجي لتحديد نتائجها، كما كان الحال تاريخياً أو كذريعة تستخدم للتأجيل؛ وتبنّي سياسة حيال اللاجئين السوريين تقلّص التهديدات الأمنية وتضمن احترام كرامتهم وحقوقهم؛ وتطبيق محاكمات قضائية عادلة إزاء السجناء الإسلاميين وغيرهم؛ وإخضاع عناصر الأمن للمساءلة عن الانتهاكات التي تتم ممارستها ضد السجناء، واللاجئين والمجموعات الضعيفة الأخرى. إذا أخفقت الطبقة السياسية والآخرون الذين يمكنهم التأثير في مسار لبنان في اتخاذ مثل تلك الخطوات الأساسية والبديهية، فإن البلاد لن تنجح إلاّ في تجاوز الحالات الطارئة التي تواجهها في الوقت الحاضر على حساب رهنها لمستقبلها.

العراق

وتحت عنوان "هل يمكن للعراق أن يقرّب بين إيران ومجلس التعاون الخليجي؟" كتب لؤي الخطيب في مركز بروكنجز الدوحة بتاريخ 29 يوليو 2015: ترسل زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى النجف مؤخراً ومؤتمره الصحفي مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري في بغداد إشارات هامة تتركّز جميعها حول زيادة الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط. أولاً، تعتبر الحكومة الإيرانية أنّ الاتفاق النووي مع ستّ قوى عالمية يحلّ أي مخاوف بشأن إمكانية استخدام برنامجها النووي لأغراض عسكرية. وثانياً، توفّر الجوانب المشتركة في تراث البلدين جبهةً طبيعية لمحاربة خطر الطائفية والتطرف. وأخيراً، باتت إيران تمدّ فعلياً "غصن زيتون" في سياق التعاون مع جيرانها لحلّ الصراعات الإقليمية.

من المهم أن نذكر أنّ المعنى الضمني الكامن وراء آخر زيارة لظريف إلى النجف قد يشير إلى إجماع متزايد من التأييد للاتفاق النووي بين صفوف القيادة الشيعية الدينية في كلّ من إيران والعراق. ويبيّن هذا التأييد التحدي الذي تواجهه الملكيات التي يقودها السنة في الخليج ما إذا كنت ترغب في أن تصبح من الحلفاء "الفعليين" في الحرب ضدّ الدولة الإسلامية. وينبغي اعتبار زيارة ظريف الأخيرة إلى العراق على أنها تبعث برسائل عدة تهدف جميعها إلى التمهيد لعلاقات جديدة ووثيقة أكثر مع حلفاء إيران والدول المجاورة لها.

إسرائيل

كشفت مصادر ستراتفور أواخر أغسطس 2015 إلى أن العلاقات السعودية -الإسرائيلية السرية تسارعت في الأشهر الأخيرة، وأن الرياض وإسرائيل تجمعهما تفاهمات عمل فيما يتعلق بالصراع في سوريا.

يعود ذلك إلى أن إسرائيل، مثل اللاعبين الآخرين في الشرق الأوسط، ستضطر إلى أن تصبح أكثر استغلالًا للفرص بشكل ملحوظ. فيما سوف تكون عاجزة ببساطة عن بناء سياج أمني ​​على جميع حدودها، وترك الشرق الأوسط يواجه مصاعبه الخاصة. وعندما تضع الحرب الأهلية السورية في نهاية المطاف أوزارها، قد تجد إسرائيل على حدودها الشمالية إما: دولة علوية مدعومة من إيران، أو دولة إسلامية سنية لها علاقات مع تركيا أو السعودية، أو أي كيان آخر لم يتبلور حتى الآن.

مصر

في منتصف يوليو أشارت جالف ستاتس نيوز إلى أن ثمة إرهاصات أيضًا تشير إلى أن مشاعر الملك سلمان تجاه الجيش المصري مختلفة عن سلفه الملك عبدالله. لكن حتى لو لم يعد الحماس السعودي للجيش المصري كما كان في الماضي، فإن المملكة تواصل دورها الداعم للاقتصاد المصري ماليًا بفعالية، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والكويت. حيث وفرت هذه الدول الخليجية مجتمعة دعمًا ماليًا، يزيد على 20 مليار دولار، لإدارة السيسي على مدى العامين الماضيين، أسهمت الرياض بثلثها على الأقل؛ ما بين قروض ومنح نقدية وتوفير مشتقات نفطية.

ورجحت أن تستمر مصر في الاعتماد على معونات ضخمة مماثلة لعدة سنوات قادمة. صحيحٌ أن مشروع الميزانية الذي صدر في أواخر يونيو، يتضمن بعض- الإصلاحات الاقتصادية الجريئة- التي تشمل: إجراءات حثيثة لإلغاء الدعم عن الديزل والبنزين، لا تزال البلاد تعتمد اعتمادًا كليًا على هذا التمويل. على سبيل المثال: من المقرر أن تبلغ قيمة ما تستورده القاهرة من غاز طبيعي مسال في السنة المالية القادمة قرابة 2.25 مليار دولار، لتوليد الكهرباء التي لا تزال مدعومة إلى حد كبير، ولا يمكن توفير هذا الغاز إلا بالاعتماد على أموال الخليج.

لكن بطبيعة الحال، يستحيل على السيسي أن يواكب رؤى داعميه السعوديين والإماراتيين فيما يتعلق بالإسلاميين؛ فإذا كان الملك سلمان ينتهج مسارًا أكثر ليونة، فإن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان ليس كذلك. وموقف الأخير المناهض للإخوان متجذَّر ولا لبس فيه، ويتطابق مع نزوات السيسي.

ويعتقد منتقدو السيسي في القاهرة أنه قايض دعم المغامرة العسكرية السعودية مقابل استمرار الدعم المالي. فحينما تحدَّث السيسي، في أبريل، عن مشاركة مصر في القوة العسكرية العربية المشتركة التي تشكلت لدعم الحملة في اليمن، استخدم مصطلح "مسافة السكة"؛ في إشارة إلى أن نشر القوات المصرية بالنيابة عن حلفائها الخليجيين لن يستغرق سوى مدة الانتقال.

لكن بعد مرور عدة أشهر، ورغم الشائعات حول مشاركة بعض القوات الخاصة في الصراع، لا توجد إشارات تؤكد أن القاهرة أرسلت في الواقع قوات نظامية. لكن هذا لن يغير شيئًا من واقع أن القاهرة، في مرحلة ما، سوف يتحتَّم عليها سداد ديونها المستحقة.

وقالت نشرة جالف ستاتس نيوز إن معادلة "القوات مقابل التمويل" هي التي تحكم علاقة السيسي بالخليج، وأن مصر ستستمر في الاعتماد على معونات ضخمة مماثلة لعدة سنوات قادمة. لكن مقايضة القوات مقابل الدعم لم تنجح حتى الآن، والمشكلة أن مصر سيتحتم عليها سداد ديونها المستحقة في موعدها بغض النظر عن الدعم الخليجي. فيما رجح مركز ستراتفور أن يبقى الوضع المالي في مصر غير مستقر، ومعتمدًا على المساعدات الخليجية.

ورغم ذلك، أكدت نشرة جالف ستاتس نيوز أن السيسي لا يُظهِر أي مؤشرات على تخفيف حملته الرامية لإخضاع الإخوان المسلمين تماما، رغم مطالبة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز له بأن يتخذ موقفًا أكثر ليونة.

في المقابل رصدت نشرة جالف ستاتس نيوز إرهاصات تشير إلى أن مشاعر الملك سلمان تجاه الجيش المصري مختلفة عن سلفه الملك عبدالله، لكنها أكدت أن الدعم السعودي لمصر سيتواصل برغم كل شيء.

الإخوان

كتب سايمون هندرسون، في معهد واشنطن بتاريخ  2 سبتمبر 2015: "في حين كان العاهل الراحل الملك عبد الله حاسماً في امتعاضه لـ "الإخوان المسلمين"، إلا أن الملك سلمان - أو ربما الأمير محمد بن سلمان في واقع الأمر - يميّز بين القوى المتطرفة وتلك الأقل تطرفاً في صفوف "الجماعة". ويتماشى هذا النهج مع رؤيته الأكثر عمومية المتمثلة بتقريب وجهات النظر بين دول العالم العربي، والمدفوعة في جزء كبير منها لمواجهة إيران. ومن هنا جاء الائتلاف الواسع الذي جمعته حولها الرياض (للحرب في) اليمن، فضلاً عن جهودها في سوريا، حيث ترى المملكة أن الصراع ضد نظام الأسد الذي تدعمه إيران يُعتبر امتداداً للتنافس الفارسي/ العربي الأوسع".

وتحت عنوان "السعودية وحماس.. شراكة براجماتية" نشر مركز ستراتفور تقريرا في 27 يوليو 2015، خلص إلى أن الدعم السعودي لحماس يمكن أن يصب في صالح التحالف الإقليمي الذي تقوده الرياض ضد طهران، بطرق ثلاثة:

أولا: استنادا إلى كونها الداعم الرئيس لحماس، يمكن للمملكة أن تشق طريقها مباشرة لمواجهة المتغيرات الإقليمية في الشام. وكلما امتلكت السعودية المزيد من النفوذ في المنطقة، كلما أصبحت الولايات المتحدة أكثر ميلا للوقوف إلى جانب مصالح المملكة بشكل عام.

ثانيًا: دعم حماس سوف يمنح السعودية ضمانا بالحصول على مساعدة في مكافحة التهديد الناشئ الذي يمثله تنظيم الدولة في غزة. صحيحٌ أن دعم حماس يعتبر خطوة صغيرة، إذا وُضِع في سياق العمليات السعودية الأخرى لمحاربة تنظيم الدولة، لكنها تتلاءم مع رغبة الرياض في أن يُنظَر إليها باعتبارها الخصم الأكثر استعدادا وفعالية لمواجهة تنظيم الدولة في المنطقة.

ثالثا: والأكثر وضوحًا، هو أن تمويل ودعم السعودية سيقلل اعتماد حماس على إيران للحصول على المساعدات. وبينما تُصلِح الرياض علاقتها مع حماس، فإنها تُقلل من قدرة طهران على بسط نفوذها على الحركة الفلسطينية. وهذا بدوره يعني تقليص وكلاء إيران في محيط المعركة الأساسية الواقعة في قلب بلاد الشام.

نتيجة لذلك، تسعى السعودية لتوثيق علاقتها مع حماس منذ شهور. ورغم العقبات العديدة لإصلاح العلاقة بينهما، تحتاج حماس إلى داعم مالي، والسعودية تمتلك المال الكافي لتقديم المساعدة. وباختيار دعم حماس الآن، تُظهِر السعودية أنها قلقة من تمدد تنظيم الدولة، وتُثبِت أنها لاعب مؤثر في بلاد الشام.

مثل هذه العلاقات البراجماتية، هي نتائج حتمية للمصالحة بين الولايات المتحدة وإيران، وتمثل صورة مصغرة توضيحية لما ستكون عليه الاستراتيجية السعودية الشاملة في الأشهر والسنوات القادمة.

وحول الزيارة التي قام بها وفد حماس مؤخرا إلى الرياض، قال يعقوب شابيرو، محلل شؤون الشرق الأوسط ، عبر مركز ستراتفور بتاريخ 27 يوليو 2015: حتى الآن، خَلُصَت كافة التصريحات العلنية إلى أن الزيارة لم تكن أكثر من رحلة حج، وحدث أن قابل الملك سلمان خلالها. لكننا نرى المشهد بشكل مختلف.

وأضاف المركز: نحن نعتقد بوضوح أن حماس كانت تتناقش مع السعودية حول إمكانية توفير أموال؛ نظرا لحاجة حماس الماسة إلى المساعدات المالية بشكل عام، لمحدوديتها في غزة.  كشفت مصادرنا أنهم تحدثوا بشأن مكافحة تنظيم الدولة، بل وأشارت بعض التقارير إلى حماس كانت تحاول إقناع السعودية بإجراء حوار مع إيران على مستوى أكثر دبلوماسية. وهو ما لم أره يحدث حتى الآن. لكن هذه كانت الأشياء التي نعتقد أنها طُرِحَت على طاولة النقاش بين حماس والسعودية في تلك الزيارة.

وقالت جالف ستاتس نيوز أوائل يوليو: تتبنى القاهرة والرياض وجهات نظر متباينة إلى حد ما فيما يتعلق بسوريا؛ ذلك أن عداء السيسي للإخوان المسلمين وقطر، إلى جانب رؤيته بأن الأسد قد يكون جزءًا من أي خطة للسلام، يتعارض حاليًا مع رؤية الرياض التي يبدو أن ملكها الجديد يتخذ موقفًا أكثر مرونة من سلفه الراحل عبدالله تجاه التيار الإسلامي وقطر.

وفي أوائل أغسطس تحدثت إنتليجنس أونلاين الفرنسية عن تحالف بين السعودية والإخوان للتصدي لإيران، قائلة: "إعادة التقارب الاستراتيجي بين الرياض والإخوان يحمل بصمة القمة (السعودية- القطرية) في مكة يوم 8 يوليو. لكن هناك بعض المعارضة في دهاليز السلطة السعودية. فبينما تحظى هذه الاستراتيجية بدعم قوي من محمد بن سلمان، وزير الدفاع ولي ولي العهد الذي حضر الاجتماع مع والده، فإن وزير الداخلية ولي العهد محمد بن نايف أكثر ارتيابًا حيال الحكمة من مثل هذا التحالف.

لم يحضر بن نايف القمة في مكة، واكتفى بلقاء أمير قطر لاحقًا داخل قصره في جدة. ونصح الأمير بشدة ألا يكون هناك الكثير من الضجة حول الدعم السعودي والقطري لجماعة الإخوان، وهو الخطأ الدبلوماسي المتكرر الذي ترتكبه قطر؛ كي لا تثير غضب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، ومعارضة كليهما للجماعة لا تزال راسخة.

في الواقع، تشعر الإمارات أن السعودية ينبغي أن تقدم المزيد من العون لجهودها في مطاردة أعضاء الجماعة. كما يحتاج محمد بن نايف- الذي كان مسؤولًا عن السياسة السعودية في اليمن لسنوات- بإلحاح إلى الدعم العسكري والدبلوماسي من مصر والإمارات. وهي الجبهة التي شهدت نجاحًا للعمليات التي تقودها المملكة لصدّ تمرد الحوثيين في اليمن.

وفي منتصف يوليو أشارت جالف ستاتس نيوز إلى أن الرياض اقترحت على القاهرة أن تتبع سياسة أكثر ليونة، مواكبةً لدعم المملكة للفصائل السنية "المعتدلة" في اليمن وسوريا. لكن السيسي لم يُظهِر أي مؤشرات على تخفيف حملته الرامية لإخضاع الإخوان المسلمين.