قضاء » احكام

حقوقيون خليجيون يرصدون خطورة تنفيذ عقوبة الإعدام

في 2015/10/12

شؤون خليجية -

ناشد نشطاء حقوقيون خليجيون الدول العربية والإسلامية بإلغاء عقوبة الإعدام، واستبدالها ببرامج توعوية تعالج أسباب الجريمة، مؤكدين أن عقوبة الإعدام لا تساهم في القضاء على الجريمة ولا يمكن إصلاح أضرارها لو تبين براءة المحكوم عليه عقب تنفيذ الحكم.

وطالبوا في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية" بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، بوقف استخدامها فورًا وعدم التحجج بتطبيق الشريعة الإسلامية، مشيرين إلى أن بعض الدول تستخدم هذه العقوبة لإسكات الأصوات المعارضة لسياستها والمطالبة بالديمقراطية والإصلاح والعدالة الاجتماعية.

وسلط النشطاء الضوء على استخدام عقوبة "الإعدام" على الأطفال - الأحداث- وخاصة في المملكة السعودية، ووصفوها بالخطوات "الوحشية"، ملمحين إلى ممارسة بعض المحققين لأساليب تتنافى مع القانون وتعتبر خرقا للشرائع للحصول على اعترافات منتزعة تحت التعذيب.

 

عدم التطبيق إلا في أضيق الحدود

في البداية أكد الناشط الحقوقي السعودي يحيى عسيري- رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان- أن الواجب الشرعي والقانوني على المملكة العربية السعودية عدم اللجوء لتنفيذ عقوبة الإعدام إلا في أضيق الحدود، مشيرًا إلى أن الواقع أن السعودية هي من بين أعلى الدول في العالم في تطبيق هذه العقوبة.

وأوضح "عسيري"، في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية" بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، أن ثلاثًا من هذه الدول الأعلى في تطبيق الإعدام تدعي أن السبب هو الدين الإسلامي، وهي السعودية وإيران والعراق، ويضاف إليها الصين والولايات المتحدة.

وأضاف أن المحاكمات الجارية تفتقد للعدالة من أوجه عدة، حيث لا يوجد نظام واضح محدد وصريح ومكتوب حتى في أشد العقوبات وهي الإعدام، مشيرًا إلى أن النظام القضائي السعودي يسمح للقاضي بالاجتهاد وإنزال عقوبة إعدام تعزيرية في قضايا عديدة.

وتساءل: "إذا كانت العقوبة التعزيرية يجب ألا تتعدى الحد، فأي شيء أبقاه القضاء السعودي للحدود إذا كان يعدم تعزيرًا!"، قائلًا: "حتى في القصاص، لا توجد عدالة، فبعض الأشخاص لا يمكن أن يطبق فيه القصاص بسبب اسمه وأسرته، مهما ارتكب من جرائم، بل إنه لا يخضع لمحاكمة من الأصل، والبعض الآخر يخضع لمحاكمة ويُسمح للجميع سواء محاميه وأقاربه وعشيرته بالشفاعة والتوسط لدرء العقوبة عنه."

وأضاف "عسيري": "وعلى الجانب الآخر البعض تنتزع منه الاعترافات ولا يحصل على محامي ولا مترجم في عدد من الحالات الموثقة، ويؤخذ للإعدام بكل استهتار بدمه دون أن تستوفي المحاكمة العادلة شروطها، وفي استهانة لمكانته إذا كان من العمال أو من ذوي الجنسيات التي لا تهابها السعودية"، وأكد أن "هذا تحقيق لوصف هلاك الأمم، التي تهلك بتطبيق العقوبات على الضعفاء وتجنب الشرفاء".

 

تستخدم لإسكات المعارضين السياسيين

فيما قال الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب- رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان: إن عقوبة الإعدام من أقسى العقوبات التي لم يعد العالم يتقبلها، ولم تثبت التجارب أنها ساهمت في القضاء على الجريمة بصورة أكبر من العقوبات الأخرى، كما أنها عقوبة لا يمكن إصلاح أضرارها لو تبين أن الفرد الذي أعدم "بريء" من ارتكاب الجريمة، وهي حالة تكررت كثيرًا.

وأوضح "رجب"، في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية" بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، أن أضرار عقوبة الإعدام تصبح مضاعفة عندما يتم تطبيق هذه العقوبة على المعارضين السياسيين، كما يحصل اليوم في بعض دول العالم الثالث.

وأضاف: "علينا كنشطاء ومؤسسات مجتمع مدني في العالم العربي أن نسعى ونضغط لإلغاء هذه العقوبة الانتقامية، ونتأكد من أن الحكومات لا تستخدمها لإسكات الأصوات المعارضة لسياستها".

وعن مدى تأثير التحركات الحقوقية المستمرة منذ سنوات لمناهضة الإعدام، قال "رجب": "هناك بعض الدول جمدتها، وهناك منهم من ألغى العقوبة لكننا نسعى لإلغائها أو على الأقل تجميدها في البحرين".

وبدوره، شدد يوسف المحافظة- نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان- على أن البحرين والسعودية تستخدم هذه العقوبة لإسكات المطالبات المنادية بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومن أجل تخويف كل النشطاء العاملين والمناضلين من أجل حرية شعوبهم.

 

استبدالها ببرامج توعوية تُعالج أسباب الجريمة

كما ناشد الحقوقي الكويتي أنور الرشيد- رئيس المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني- الدول العربية والإسلامية أن تلغي عقوبة الإعدام التي لم تردع من سيرتكب الجريمة، ولا شك بأن استمرارها والنتائج التي تترتب عليها لم ولن تؤدي إلى الحد منها على أقل تقدير، مطالبًا باستبدالها ببرامج توعوية تُعالج أسباب الجريمة.

وأشار "الرشيد"، في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية"، إلى أن اليوم العالمي الثالث عشر لمناهضة الإعدام هو اليوم الذي أقره التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام المكون من عدة منظمات دولية، موضحًا أنه في مثل هذا اليوم من كل عام يقيم الحقوقيون في مختلف دول العالم، فعاليات وندوات وورش عمل تنبه المجتمعات إلى خطورة عقوبة الإعدام، وما تؤديه من المآسي الإنسانية التي لا تقل خطورة عن مرتكب الجريمة نفسها التي أُعدم من أجلها المُدان.

ولفت إلى أن منطقتنا العربية والإسلامية تزخر حقيقية بهذه العقوبة التي مازالت تُطبق وبشكل واسع، حتى أصبحت الدول العربية والإسلامية بصدارة الدول التي نفذت عقوبة الإعدام.

وأكد "الرشيد" أن معالجة أسباب ارتكاب الجريمة هي التي تحد من ارتكاب الجريمة بحد ذاتها، وعقوبة الإعدام التي يتم تطبيقها منذ قرون طويلة لم تؤد إلى اختفاء الجريمة.

 

إعدام الأحداث بالسعودية (غير مسبوق)

وبدوره، سلط الناشط الحقوقي السعودي على الدبيسي- رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان- الضوء على قضايا إعدام الأحداث بالمملكة، مشيرًا إلى أن الاهتمام بمناهضة عقوبة الإعدام يتضاعف إلى حد بعيد حينما يتعلق بإنزال العقوبة على الأطفال.

واستنكر "الدبيسي"، في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية"، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، قرارات الإعدام التي أصدرتها السعودية بحق 3 أطفال، مما يجعل اليوم العالمي لمناهضة الإعدام مسلطًا على هذه الخطوات الوحشية والفظيعة التي تصدرتها السعودية بهذه الأحكام غير المسبوقة في العصر الحديث.

وقال: إن الاهتمام الدولي بقضية إعدام (علي النمر ١٧ سنة وقت الاعتقال)، و(داوود المرهون ١٧ سنة)، و(عبدالله الزاهر ١٥ سنة)، يرجع لعوامل عديدة، حيث يعد الحكم ظالمًا إلى أبعد المقاييس، إذ لا يمكن لأي قانوني أن يجد مسوغات راجحة على هذا الحكم قياسًا على التهم المنسوبة، والتي لم تتضمن أيًا من الجرائم التي تصنف أنها "جرائم جسيمة" كالقتل أو الإرهاب بمعناه القانوني الدولي، وليس السعودي.

ولفت "الدبيسي" إلى أن الكثير من التهم المنسوبة مثل التظاهر، أو إرسال رسائل بجهاز البلاك بيري للدعوة للمشاركة في مظاهرات، هي حقوق وممارسات مشروعة، ناهيك عن بعض التهم العجيبة مثل شراء ماء للمتظاهرين.

وأشار إلى أن ما تعرضوا له من انتهاكات مثل التعذيب والمحاكمات السرية وعدم إعطاء الحق في الحصول على محامي، والإكراه على الاعتراف والإقرار، وكذلك الخداع الذي مارسه المحققون في التحقيق، واعتماد القاضي على تهم منتزعة تحت التعذيب، يعد خرقًا قانونيًا لكل القوانين والشرائع، بل وحتى خرق لقوانين السعودية المحلية.

ولفت الناشط الحقوقي السعودي، إلى أن الطفل يحظى في الدول الأوروبية وبعض الدول الغربية (وفق اتفاقية حقوق الطفل- ما دون ١٨ سنة- التي انضمت لها السعودية)، على عناية خاصة واحترام، وكأنما هي حالة من القداسة، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمدرسة وانتهاء بالتشريعات والقوانين، بينما في الدول العربية وبعض الإسلامية لا تجد مثل ذلك بشكل عام.

وبين أن الثقافة الغربية ترى في أحكام الإعدام التي تصدرها المملكة بحق الأطفال شناعة كبيرة وغير متخيلة بالنسبة لهم، بينما وفق ثقافتنا في محيطنا العربي والإسلامي الأمر لا يبدوا عند كثيرين بذات الصورة، لذلك فإن التعذيب الوحشي الذي تعرض له هؤلاء الأطفال يمر بدون معاقبة أو مساءلة المعذبين.

وأكد "الدبيسي" أن موضوع "عقوبة الإعدام" بصفة عامة يقع في صميم سياسات الاتحاد الأوربي في مجال حقوق الإنسان، إلى جانب أولويات أخرى مثل التعذيب وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة، تحت ما يسمى "إرشادات الاتحاد الأوروبي" EU Human Rights Guidelines، أما الاهتمام بعقوبة الإعدام فإنه يتضاعف إلى حد بعيد حينما يتعلق بإنزال العقوبة على الأطفال.

وأضاف: "لذلك رأينا موقف الاتحاد الأوربي ومواقف سابقة تتعلق في قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان والمرأة وحرية التعبير، وذلك في قضايا وليد أبو الخير وسمر بدوي ورائف بدوي".

وأشار إلى أن الاتحاد الأوربي مهد لهذا الاهتمام بحقوق الإنسان عبر الكثير من جوانب علاقاته مع مختلف دول العالم، فلديه حوارات بشأن حقوق الإنسان مع أكثر من ٤٠ دولة، كما تحتوي كل الاتفاقيات التجارية والتعاونية على بند ينص على أن حقوق الإنسان تمثل عنصرًا أساسيًا في العلاقات بين الأطراف.