سياسة وأمن » حوادث

جريمة الشملي نتاج أفكار ضالة لا تمثل الإسلام وأهله

في 2015/09/30

الرياض-

تركت حادثة الشملي الارهابية التي هزت المجتمع السعودي من أقصاه إلى أقصاه جرحاً غائراً في نفوس الجميع، ليس لأنها الأولى من نوعها، فقد سبقها الكثير من العمليات الاجرامية في حجم البشاعة، وحجم الأذى والضرر، وإنما لأنها العملية الارهابية التي اخترقت مباشرة واحداً من أهم سياجات قيم المجتمع، والتي حث عليها الدين الحنيف، ورعتها الأعراف والقيم والتقاليد الاسلامية وأدبيات أخلاق المجتمع، وهي رعاية صلة الرحم، ورفعها إلى مرتبة التبجيل.

ولهذا، لم تصب رصاصة سعد العنزي رأس ابن عمه مدوس وحسب، وإنما أصابت أيضاً ضمير المجتمع، والذي لم يستطع استيعاب كل هذا الحجم من التشوه الفكري والأخلاقي ليدفع شاب ما وباسم الدين لارتكاب حماقة كهذه، إذعاناً لسموم الفكر الداعشي المقيت، الذي حفل تاريخه الدموي بقتل العزل من المسلمين والمستأمنين والمعاهدين وشيهم بالنار وقطع رؤوسهم، هي الثقافة السوداء التي تقف خلفها العديد من الجهات المشبوهة لتشويه صورة الاسلام، ودفع أبنائه لمقاتلة بعضهم البعض، خدمة لمشروعات عدوانية ما عادت تخفى على أحد.

وتبعاً لهذه الصدمة المفجعة التي أصابت الجميع، كان لا بد من قراءة آثارها على الذهن الاجتماعي، ورؤية بعض طلبة العلم والمسؤولين إلى ما ينبغي فعله لتجاوز هذه الصدمة، ومن ثم إعادة ترميم قيم المجتمع وتعضيدها بالوعي، بغية تجنيب الشباب هذا المنزلق الخطير، وقد استضافت "الرياض" لهذا الغرض عدداً من الشخصيات الاجتماعية الذين تناولوا الحادثة من زوايا مختلفة.

استهداف أمن الوطن

حيث عبر مدير جامعة حائل د. خليل البراهيم باسمه ونيابة عن كافة منسوبي الجامعة عن استنكارهم الشديد للمشهد الاجرامي الذي شهدته محافظة الشملي، من هؤلاء الشباب المغرر بهم، وراح ضحيتها عدد من الابرياء، مبيناً أن هذا العمل الإرهابي بطريقته البشعة يجسد الحقد الدفين لهذه الفئة الضالة المغرر بها، التي لم تراع حرمة هذه الايام المباركة، واستهدفت استقرار الوطن وأمنه ومقدراته ومنجزاته.

وأوضح مدير جامعة حائل أن الجهود الكبيرة التي تبذلها رجالات الامن في مجابهة الإرهاب وأصحاب الفكر الضال، والتي ساهمت في استقرار الأمن والأمان في وطننا الغالي، وابطال مخططات هذه الفئة الضالة، مؤكداً ان جامعة حائل تعمل في سياق محاربة الفئات من خلال البرامج القوية التي تعزز من نجاح رسالتها الجامعية بصورة سليمة، وتكافح منابع الفتن والارهاب بكافة اشكالة.

وأكد د. البراهيم بأن مسؤولي الجامعة وأعضاء هيئة التدريس مسؤولين أمام الله عن أي انحراف في أوساط الطلبة والطالبات، إذا لم نفعَّل مثل هذه البرامج نحو تحصينهم وفضح الفكر الضال وما يقوم عليه، وسأل الله أن يحفظ هذا الوطن ممثلاً في قيادته الرشيدة ومسؤوليه وشعبه من كل كيد، وأن يديم عليه أمنه وأمانه واستقراره.

تلاحم الشعب والقيادة

فيما ندد كاتب كتابة العدل الاولی الشيخ فهد الزويمل ما حصل في محيط منطقة حائل، معتبراً ما حدث جريمة بشعة تتنافى مع ديننا الإسلامي الحنيف، وأن الجميع يقف صفاً واحداً خلف قيادتنا الحكيمة، مشدداً على ضرورة تلاحم المجتمع مع القيادة الرشيدة، لنبذ التطرف والإرهاب بكل أشكاله وصوره، وضرورة الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار هذا الوطن.

وأوضح الشيخ الزومان أن ما حدث من قتل للأنفس البريئة وإثارة للذعر وزعزعة للأمن، هو نتاج للأفكار الضالة، وهي لا تمثل الإسلام وأهله، وقد وقعت نتيجة لغسل العقول والبعد عن الدين، وانجرافهم وراء الأفكار الهدامة الضالة، مشيراً إلى أن ما حدث ينذر بخطر، وهو أن وراء هذا العمل جماعة تؤيد هذه الأعمال المشينة، التي لا يقرها دين ولا عقل ولا خلق.

وأختتم كاتب كتابة العدل الاولی حديثه بتقديم الشكر لرجال الأمن البواسل على جهدهم لحفظ الأمن وراحة المواطنين، والشكر موصول إلى أبناء المنطقة على وقفتهم  وهذا ما يثلج الصدر، وذلك ما يدل على الولاء والمحبة وتكاتف ابناء الوطن في ما بينهم، سائلاً الله أن يديم الأمن والأمان على مملكتنا الغالية وحكومتنا الرشيدة.

واجب التحصين الفكري

وبدوره، بين أستاذ العقيدة المشارك في جامعة حائل ورئيس ادارة الامن الفكري بجامعة حائل د. أحمد الرضيمان، ان المملكة هي بلاد التوحيد، ومهبط الوحي، ومأرز الايمان، وولاتها هم حماة التوحيد، ولذلك فهي مستهدفة من أعداء الاسلام، ومن أدواتهم من الخوارج المنتسبين إلى الاسلام، فكل من جاء بالتوحيد، ونصرة الاسلام فإنه مستهدف من أعداء الاسلام، وأتباعهم من التنظيمات والجماعات التي تنتسب إلى الاسلام كذباً وزوراً.

واضاف أن ما حصل في حادثة الشملي بمنطقة حائل، شيء مؤسف، هز الوطن، وهو دليل واضح للحقد والغل الذي ملأ قلوب أعداء المملكة، وأعداء التوحيد، فاستغلوا مثل هذا الشاب الخاوي فكرياً، فملؤوه عبر الانترنت سماً زعافاً ضد بلده، فكان نتيجة ذلك، أن ألقوه في الضلال والفساد والاجرام، فخسر نفسه ومجتمعه ووطنه، وكان عاقبة أمره خسرا.

وقال د. الرضيمان: إني هنا لا ألوم الاعداء من الجهات المعادية خارج الوطن، لأنهم أعداء، وماذا يتوقع من العدو؟ إنما ألوم أبناءنا كيف يكونون أدوات للاعداء ينفذون مخططاتهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم، وألوم أنفسنا ومجتمعنا على تكاسلنا عن القيام بالواجب من التوعية والتحصين الفكري، وبالاخص ادارتي التعليم والشؤون الاسلامية بمنطقة بحائل، فهؤلاء الطلاب لم يتعرضوا في مدارسهم إلى اي برنامج يكشف شبهات داعش والجماعات الضالة.

واستغرب رئيس ادارة الامن الفكري بجامعة حائل ان الجهود التي تبذل هي فقط ردود افعال، وتسجيل مواقف، في الصحف وأمام الكاميرات، وكان الاولى وضع خطة استراتيجية للتحصين الفكري، ومن كان لا يعرف فليترجل عن منصبه، ويدعه لغيره، فالوطن خط احمر، والامن كالهواء لا نستغني عنه لحظة واحدة.

خطورة الغزو الفكري

من جانبه، ندد الداعية المعروف الشيخ محمد النونان الجريمة البشعة في حادثة الارهاب بمحافظة الشملي، مثمناً قيمة وروح رجال أمننا حفظهم الله في القبض على من غرر بهم وباعوا عقولهم لمجاهيل يصرفونهم كما شاؤوا، لزعزعة أمن بلادنا بلاد الحرمين التي تسوده الشريعة وولاة يحكمون بها، وعلماء يبينون الطريق الصحيح والمنهج القويم الذي لا غلو فيه ولا جفاء في هذه الايام المباركة.

وبين النونان أن وحدتنا الوطنية تمثل أبرز المكاسب الوطنية، حيث الحفاظ عليها واجب لكل مواطن يعيش على تراب هذا الوطن، ويستظل بسمائه ويترعرع من خيراته، في محاربة الفكر الضال، وعلينا مسؤولية كبيرة كطلبة العلم والدعاة في بيان خطورة الغزو الفكري وما يخلّفه من شتات في المجتمع، اضافة إلى أهمية ترسيخ مبادئ ومفاهيم ديننا الإسلامي في عقول الناشئة، وبعدهم عن الأفكار الضالة الهدامة التي تدمّر الوطن وأبناءه وتدمر المجتمع بأكمله، معتبراً أن ما حصل بمنطقة حائل لن يزيدنا إلا تماسكاً وتعاوناً، فحزننا وضجرنا من الحدث لن يعيقنا عن مواصلة الدفاع عن ديننا القويم ووطننا الكريم.

تضافر كافة الجهود

فيما جدد مدير عام فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة حائل خالد النويصر بأهمية تثقيف الدولة للمواطنين والمقيمين على أراضيها أمنياً وفكرياً تجاه ظاهرة الإرهاب وخطورتها؛ وان لوزارة الشؤون الاجتماعية جهودا كبيرة في هذا الشان، في التوجيه والمتابعة والتثقيف الاجتماعي ومحاربة هذا الفكر العفن ومحاصرة انتشاره. وأكد النويصر ان ادارته في المنطقة وبتوجيه من الوزارة تعمل في هذا الشأن مع الجهات لكل ما يعزز من مهام التبصير بهذه الآفة المقلقة، ولحماية المجتمع من هذه الآفة التي تريد خراب ودمار وطننا وتغيير فطرة فلذات أكبادنا وشبابنا، مطالباً بأهمية الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه الفئة الخارجة عن المنهج الإسلامي الوسطي الصحيح، وذلك بتضافر كافة الجهود الحكومية والشعبية.