ثقافة » شؤون جامعية

التحول إلى التعلم الجامعي الذكي لن يكون سهلاً

في 2015/09/26

الاتحاد-

اعتبر الدكتور منصور العور مدير جامعة حمدان بن محمد الذكية، أن التحوّل من التعليم التقليدي إلى التعلّم الذكي في الجامعات، والذي يعدّ مطلباً استراتيجياً لعام 2021 في دولة الإمارات لن يكون بالأمر السهل، كونه مرهوناً بثقافة الفرد والمجتمع وليس بالنظام نفسه وتقنيات التغيير، وعلى الرغم من عدم قابلية الجامعة في الوقت الحالي، بتقديم برامج تواكب توجّه الدولة من ناحية البرامج الهندسية في الطاقة والروبوت وعلوم الفضاء، فإن الجامعة تواكب هذا التوجّه من خلال برامج أخرى وكلية جديدة تدمج الفنون بالتكنولوجيا سيتم إطلاقها العام المقبل، لتحويل مواهب الأجيال إلى تخصصات علمية تحتاجها دبي والإمارات بشكل عام.

حوار: دينا جوني

لا تطبّق جامعة حمدان بن محمد برامج تعلّم ذكية بالكامل، وبالتالي فإنه يبقى على المتعلّم أن يتوجه شخصياً إلى مبنى الجامعة لحضور عدد محدد من الصفوف، الأمر الذي يحوّل التعلّم إلى نصف ذكي، وفي شرح ذلك، يقول د. العور إن نظام ترخيص البرامج الأكاديمية في جامعة حمدان بن محمد من هيئة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يقتضي هذا النموذج المدمج، الذي يضم ثلاثة مكوّنات هي التعلّم الذاتي، والافتراضي، والتقابلي.

وأكد العور أن النموذج المدمج هي الصيغة الأفضل للتطبيق في العالم العربي، ولا يمكن تحويل المجتمعات من أنظمة تعليمية تقليدية بالكامل إلى ذكية وافتراضية دفعة واحدة، وأكد أن التجارب العالمية فشلت في ذلك، وخير مثال على ذلك، جامعة فينكس.

وقال العور، إن السبب في ذلك هو أن عملية التعلّم يجب أن تلازمها عملية ضمان جودة المحتوى وجودة المخرجات التعليمية، ولفت إلى أننا نمتلك الطريقة المثلى للتحول الذكي في العالم العربي، بما يتناسب مع العقلية العربية ومخرجات التعليم العام في العالم العربي، وأشار العور إلى أن الجامعة في الوقت نفسه، بدأت باتخاذ الخطوات اللازمة لتحويل بعض برامج الماجستير المعتمدة من قبل التعليم العالي إلى ذكية بالكامل، وهي عبارة عن برنامجين في كلية الإدارة، وبرنامج في الصحة والدراسات البيئية، وبرنامج في كلية التعليم الإلكتروني.

وكان التعلم مع بداية تأسيس الجامعة موزعاً على الشكل التالي 30% للتعلّم الذاتي، والتقابلي 30%، والافتراضي 40%. وتمّ بعد ذلك تقليص نسبة التقابلي إلى 25%، لترتفع نسبة التعلّم الذاتي إلى 35%، والافتراضي 40%، أما في المرحلة المقبلة، فسيتم إلغاء التعلّم التقابلي في البرامج المذكورة وتوزيع نسبتها على النمطين الآخرين.

وأكد د. العور أن الانتقال يجب أن يتم بمعايير هيئة الاعتماد الأكاديمي لكي نضمن الجودة في عملية التحول، وبما أن أكبر هاجس يحوم حول التعلّم الذكي هو التدقيق، وإن كانت عملية التعلّم تحصل فعلياً، وكيفية التأكد من حصولها، لذلك فإن الامتحانات ستتم في مراكز محددة للتأكد من المتعلّم بشخصه.

كيف ترتدي التكنولوجيا؟

وعن إمكانية طرح برامج علوم الروبوت والفضاء، بما يواكب توجهات الدولة والقيادات الرشيدة فيها، قال د. العور إن تلك البرامج تحتاج إلى مختبرات، وبالتالي من الصعب تطبيقها ضمن منظومة التعلّم الذكي حالياً.

إلا أن الجامعة تواكب هذا التطور من منظور آخر، إذ تتجه جامعة حمدان بن محمد خلال العام المقبل، بالتعاون مع «حي دبي للتصميم»، إلى تأسيس كلية الفنون والتكنولوجيا التي ستضم اختصاصات صناعة السينما، والتأليف الموسيقي، والموضة والأزياء، والهدف منها صقل الهوايات الموجودة في الإمارات والعالم العربي بتخصصات علمية مواكبة للتطورات التكنولوجية الهائلة.

فالمقصود برنامج الأزياء على سبيل المثال، سيركّز على التكنولوجيا القابلة للارتداء مثل النظارات الذكية، والساعات الذكية المواكبة للموضة، والفساتين بشريحة كومبيوتر تجعلها تتلوّن باستمرار.

وأكد أن الجامعة تعدّ الذراع التعليمية لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي ننفذها بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم ولي عهد دبي.

وقال د. العور إن من سمات التعلّم الذكي هو التعلّم مدى الحياة، نظراً لتوافر المعلومة، لمن يريد أن يستزيد، فمن لا يطلع على وسائل التواصل الاجتماعي وجوجل في الربع الأول من القرن 21 يعد جاهلاً، إذ إن الأمية لم تعد تمثل القراءة والكتابة فقط، وإنما أضيف إليها أمية المعلومة.

التكلفة الأرخص

وعن تكلفة البرامج الدراسية في جامعة حمدان بن محمد، أكد د. العور إلى أنها تعدّ الأرخص في الدولة، إذ إن تكلفة برنامج البكالوريوس 4 سنوات تقدّر بـ90 ألف درهم، أما تكلفة تلك البرامج البرامج في الدول العربية فمختلفة، يحددها عدد المتعلمين المسجلين في البرنامج، فكلما زاد العدد قلَّت التكلفة.

أما مسألة تأمين المعلمين فهي سهلة، لأنه تعليم افتراضي عن بعد، وتتم عملية الاختيار من خلال شبكة عالمية فيها علماء وخبراء، ولفت إلى أن المعلمين المعتمدين هم من البرازيل، وجامعات بيركلي، وستانفورد، وجامعة سنغافورة الوطنية، والجامعة الأسترالية، ومن نيوزيلندا، وتشكّل مساهمات المعلّم في البحث العلمي عنصراً أساسياً في عملية اختياره.

وبعد ذلك تعقد دورة تدريبية في التعلّم الذكي للمعلمين من الدول الذين لا يتوفّر عندهم تعلّم ذكي، أما المعلمين الموجودين شخصياً في مبنى الجامعة، فيتم توقيع شرط تعاقدي معهم، ينصّ على ضرورة الحصول على رخصة التعلم الذكي خلال سنة واحدة، من خلال برنامج تدريبي داخل الجامعة.

هذا البرنامج مطلوب من عدة دول عربية لتأهيل أساتذة الجامعات، وهو مصمّم من جامعة حمدان بن محمد ومعترف به عالمياّ، هدفه تحويل المعلم للعب دور المدرب والموجّه بدلاً من الملقن.

تعاون مع المدارس

سيكون هناك نوع من التعاون مع وزارة التربية والتعليم بأن تلعب الجامعة دوراً في عملية إدارة التعلّم في الصفوف الافتراضية والعمليات التي تقام داخل الصف، وهناك أيضاً تعاون مع برنامج محمد بن راشد للتعلّم الذكي في مجال البحث العلمي من ناحية رصد وتقييم التجربة في المدارس، كما أن الجامعة مستعدة لنقل تجاربنا للجهات الأكاديمية الأخرى، وهناك بالفعل تعاون لتطبيق التجربة مع الجامعة العربية وبعض الجامعات السعودية والمصرية.

تعلّم مدى الحياة

قال د. منصور العور إن جامعة حمدان الذكية طبقت مفهوم التعلم مدى الحياة منذ عام 2002 من خلال آلية محددة هي هرم تصنيف المتعلمين، وصنف التعليم المتاح للجميع، وهم يشكّلون عصب التأثير الجامعي في حياة المجتمع، وهو تعليم غير منتظم يهدف فيه المتعلّم إلى الحصول على المعلومة وليس الشهادة، والصنف الثاني هم حملة الشهادات المهنية الذين يرغبون بالحصول على شهادة متخصصة تضاف إلى الشهادة الجامعية.

والصنف الثالث هم طالبو الشهادات الأكاديمية المبتكرة في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وهنا تصبح أعداد المنتظمين أقل، وبالتالي فإن التأثير يكون فردياً ولا يمس شريحة كبيرة من المجتمع، والصنف الرابع هم فئة التنفيذيين والمدراء لتطوير قيادات وكوادر قادرة على التأثير والتطوير كل ضمن قطاعه.

وأشار د. العور، الحالة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تقدّم جامعاتنا تعليما مدى الحياة تكون عبر تحوّلها إلى جامعات ذكية، وهناك مطلب استراتيجي لعام 2021 في الإمارات يقضي أن تتحول جميع جامعاتنا ومدارسنا الى ذكية. وهي عملية ليست سهلة ليس من ناحية تحويل النظام وإنما من ناحية ثقافة الأفراد والتقبّل.