دعوة » فتاوى

فقه الانتماء والمواطنة.. تأصيل شرعي !

في 2015/09/16

سعد بن عبدالقادر القويعي- الجزيرة-

لم يكن تنظيم وكالة وزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في معهد الأئمة، والخطباء التابع للوكالة لبرنامج «التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة» - قبل أيام -، سوى دعوة حقيقية لحاجة الأمة إليه، بل وحاجة شبابنا إلى الانتماء، والمواطنة، والقيام بالحقوق المشروعة تجاههما في الإسلام، والتي يبدو أننا وسط ما نعيشه من حوادث، وأحداث بحاجة - دائماً - إلى التذكير بمعنى الانتماء، وواجب إحيائه في نفوس أبنائنا؛ من أجل تحقيق قوة المجتمع، وترابطه؛ مما يحميه من أعدائه، وذلك من خلال اجتثاث الأفكار الضالة المؤدية إلى الأعمال الإجرامية، وهدم صروح العزلة الشعورية عن هذين المفهومين؛ حتى يُثمر التقوى، ويُوقظ الشعور بالمسؤولية بما يُحقق الطمأنينة، والفاعلية الاجتماعية.

فقه الانتماء، والمواطنة بمختلف دوائرهما، وأنواعهما سنة كونية، بمقتضى التكوين الإلهي للإنسان، باعتبار أن الاستقرار، والسلم الاجتماعي مطلبان تقصدهما الشريعة الإسلامية قصدا، وذلك من منطلق التمكين لمشروع الاستخلاف في الأرض؛ ولكونه مصلحة من المصالح المعتبرة شرعا، وكونا. وهو ما يقتضي انتماءً حقيقياً للدين، وأهله، وعملاً بما جاء به من أحكام، ومقاصد. ولا يكون ذلك الأمر متحققا إلا بوصف الإطار العام للانتماء بمنطلقه المعنوي، وأفقه القيمي.

إن صدق الانتماء يتمثل في الحفاظ على الأوطان؛ وحتى يكون المواطن مصدرا من مصادر السلم، وعنوانا من عناوين الخير في الأرض، فلا بد أن يكون منسجما داخل مجتمعه الذي يحيط به؛ حتى تسلم مشاعره له، وتصدق أحاسيسه فيه، ويتحقق هذا المفهوم من خلال قراءة الماضي، واستيعاب الدرس، وتفهم العبر؛ ليتلاشى المزالق، والمساقط، ويتحرى المراقي، والمصاعد. وهذا ما يؤكد أن فقه الانتماء، ومقومات المواطنة - بمفهومها الواسع -، لا بد أن يكون منضبطا في إطار الأمة، وذلك انطلاقا من الأساس المعرفي، الذي يؤسس لهوية الأمة، وخصوصيتها.

بقي أن يقال: لا يمكن أن ننظر إلى الانتماء، والمواطنة بعين الاتهام، وصفة الجاهلية. فتحقيق الانتماء، ومبدأ المواطنة لا يتعارضان - أبدا - مع محبة الله، أو محبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. بل إن رؤية الإسلام للمفهومين - معا - تتكامل، ولا تتعارض، - خصوصا - ونحن نرى - اليوم - دوران جسم الأمة الإسلامية مع فقدان الاتجاهات؛ بسبب تعاظم الأهواء، وتعدد الانتماءات، بعد أن علا صوت الجهل، وتحكم منطق القوة؛ ولأن تداخل العناصر المشتركة من الزمان، والمكان، والأحداث في بناء الواقع لا يمكن إفاله بحال، فإننا سنكون بحاجة ماسة إلى فهم العالم المحيط من حولنا، - إضافة - إلى الاستيعاب الدقيق لوقائعه؛ حتى لا نقع في عزلة شعورية عنه. وهذا الأمر - بلا شك - سيتطلب إثراءا؛ لتشكيل وعي منهجي بالفكرة التي طرحها معهد الأئمة، والخطباء، وبطريقة التناول العلمي وفق الهوية المشتركة الجامعة للأمة، وحفظ مقومات الانتماء، والمواطنة المهمة.