مجتمع » حريات وحقوق الانسان

حقوقي ولكن...!

في 2015/08/26

منى فهد عبدالرزاق الوهيب-الرأي-  من المجتمع نتلقى معايير الخير والشر، الحق والباطل، السائغ والمعيب.... والمجتمع هو مورد أكثر مباهج الحياة ومسراتها، والجانب الاجتماعي هو أهم جانب في شخصية الإنسان، فمن المجتمع ونواته (الأسرة) نتعلم كل شيء.

المجتمع هو الذي يحدد لنا مدى ما يمكن أن نحلم به، ونطمح إليه، والأجر والثواب الذي نناله عند الله - تعالى - يأتي كثير منه من خلال العلاقات الاجتماعية، كصلة الأرحام، وعلاقات الصداقة، والزمالة في العمل الرسمي والتطوعي...، وكثير من السيئات - أيضا - يسجّل على الإنسان بسبب سوء علاقاته الاجتماعية.

على الرغم من أن الحياة الاجتماعية كانت وما زالت تكتسب فضاءات ومعاني جديدة، فالتقدم الحضاري يقتضي المزيد من التداخل والتشابك في علاقات الأفراد والأمم، إلا أنه ما زال هناك أشخاص يسيئون التعامل مع بعضهم البعض، وينفّرون الناس من حولهم، مع العلم أن إحدى قواعد تأسيس العلاقات الاجتماعية تقول.. كلما ارتقى الإنسان في مدارج الكمال زادت حاجته إلى الآخرين، على خلاف ما يتوهم، وصار المزيد من ارتقائه واكتماله مرتبطاً بالمزيد من العلاقات الجيدة مع أسرته، وأصدقائه، وزملائه، والناس أجمعين.

اليوم نواجه من يسيء إلى العلاقات الاجتماعية، حتى في الأعمال التطوعية لنيل ما عند الله تعالى من الأجر والثواب، منهم يفتقد لأبسط قواعد الاحترام بتجاهله الرسائل والأعمال المفروضة عليه مع زملائه، ومنهم من يتعامل مع زملائه بأسلوب الريب والتشكيك حتى في أصغر الأمور، ومنهم كثير الاعتذار والتغيب ولا يقدر حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه أمام الله ثم أمام المجتمع الذي يعمل من أجله، كل ماذكرته آنفا معاناة شخصية لأشخاص للأسف الشديد يعملون متطوعين في عمل حقوقي، لا أعلم كيف سينصفون الناس ويدافعون عن حقوقهم؟ وهم يبخسون زملاءهم أبسط الحقوق، وهم يفتقدون لأبسط قواعد علاقات العمل والزمالة، عندما يشير بيده ويرفعها بوجه زملائه وهو يقول أنا وأنا، فهذه صفة من صفات المراهق هو من يقول.. أنا وأنا، أما العاقل والناضج، فيقول.. نحن.

كلنا يعلم في زماننا باتت القدرة على العمل ضمن فريق شرطاً ضرورياً للإنجازات العملاقة خصوصاً الحقوقي منها، وبات من الواجب على كل واحد منّا أن يشذّب في شخصيته كل الزوائد التي تمنعه من الاندماج والالتحام بالآخرين، كما بات عليه أن يتعلم كيف يجعل سلوكه منسجماً مع النظم السائدة، وكيف يحترم قائد المجموعة، وكيف يفهم زملاءه، ويسوس علاقاته الاجتماعية.

في الختام أوجه كلماتي إلى كل من يعمل معنا في نفس الدائرة والمجال، إلى بعض أعضاء مجلس إدارة منظمة حقوقية تهتم بحقوق الآخرين وتهمل حقوق زملاء العمل، ثم أوجهها إلى الناس كافة، لتجاوز كل ما سبق في علاقاتنا مع الناس نحتاج إلى الكثير من الثقافة، والكثير من الفهم إلى جانب الكثير من التهذيب، واللطف والتسامح، والصبر والحلم، والذي يمنع المرء من إقامة علاقات جيدة مع الناس قد يكون الشعور بالخجل من مواجهة الناس، أو الشعور بالنقص، أو عدم التدرب على مهارات الحوار والإقناع، يا سادة السياج الذي يحمي المجتمع من سوء التعاملات هو نهوض أهل حقوق الإنسان بإنصاف بعضهم البعض، وأداء حقوقهم، وبذل النصح في ما بينهم، ومحاصرة الشرور، وإلجاء الظلم إلى أضيق الطرق، بالإضافة إلى وجود تنمية وإنتاجية حقوقية، ومراقبة اجتماعية واسعة النطاق لاستثمار التفوق في كل المجالات عامة والمجال الحقوقي خاصة.