اقتصاد » ميزانيات

الإصلاح

في 2015/08/24

مالك عبدالله- الوسط- الإصلاح إنما هو غاية كل إنسان على وجه المعمورة، بل هو هدف الأنبياء والمرسلين وأولياء الله الصالحين، لأن جميع الأديان إنما هي من أجل إصلاح الإنسان وصلاحه.

كما أن حركة الإنسان الطبيعية غير الشاذة، والذي لا ينتمي لأي دين بل يتحرك وفق فطرته هي في الأساس باتجاه الإصلاح وإن كان الإصلاح الدنيوي الخالي من أي تأثيرات روحية.

فالإصلاح هدف سامٍ لا يمكن لأي إنسان أن يتنصل منه، أو حرفه عن غايته وهي الارتقاء بالإنسان سواء فرداً أو مجتمعاً.

فالإنسان بشكل فردي يسعى للإصلاح الشخصي اعتماداً على الرؤية والعقيدة التي يحمل، فالإنسان الذي يعتقد بدين سماوي يسير وفقاً لتعليمات ذلك الدين -إن هو التزم بتعاليم ذلك الدين- ليحقق هدفه ولا يحقق ذلك إلا من خلال الإصلاح الذاتي المستمر والذي قد يكون من خلال تطوير نفسه، وتجنب أخطائه الماضية وتصحيحها.

وإنسان لا يعتقد بأي دين سماوي وهو الآخر يسعى لإصلاح نفسه وإن كان هدفه مختلف عن النوع الأول، وهناك أنواع أخرى من الأفراد ولكن جميع هذه الأنواع تسعى في النهاية وتعمل على الإصلاح وإن كانت لا تقوم بالتخطيط أو تضع عنوان الإصلاح لما تقوم به لكنه من الناحية العملية يعتبر إصلاحاً.

والإصلاح عملية مستمرة لا تتوقف في الجانب الفردي، وهي عملية يحتاجها أيضاً كل مجتمع سواء أكان صغيراً أو كبيراً، وقد تكون عملية الإصلاح مركبة، فالفرد يصلح نفسه ومن ثم يعمل على إصلاح أسرته وأجوائها وهو أيضاً مسئول عن إصلاح مجتمعه الصغير الذي يعيش فيه وكل ذلك يؤثر بشكل مباشر في عملية إصلاح المجتمع الكبير الذي ينتمي إليه، فضلاً عن مسئوليته كفرد في هذا المجتمع الكبير بإصلاح هذا المجتمع.

وكل تلك العملية هي مسئولية مشتركة للجميع لا يمكن لأحد أن يتنصل منها، كما لا يمكن لأحد إقصاء أي شخص من القيام بها كونها حق أصيل لكل فرد، وكل عمليات الإصلاح سواء الفردي أو المجتمعي أو حتى الشعبي وفي أنواعه الاقتصادية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والتربوية كافة تقوم على أسس محددة لا يمكن تجاوزها وإلا فقد معناه وتحول إلى شيء أخر لا يمكن أن يكون ضمن الإصلاح.

فأول تلك الأسس هي العدالة، فالإصلاح بمختلف مستوياته إذا لم يقم على العدالة الحقيقية فلا يمكن أن يكون إصلاحاً، فالإنسان الذي يريد أن يصلح نفسه إذا لم يتعامل مع الأمور بعدالة فهو وقع في أول الأمور التي تدمر أي شيء يمكن أن يقوم به لإصلاح نفسه، وكذلك الإصلاح المجتمعي أو السياسي.

فالعدالة ركن أساسي في أي عملية إصلاح، وهي جدار متين يمكن الاستناد له على كل الأصعدة القريبة والمتوسطة والبعيدة.

ومن ضمن الأركان الأساسية الأخرى هي المساواة، فالإنسان الذي يميز نفسه عن الآخرين بشكل غير منصف، ويمارس في ذلك نوعاً من أنواع التمييز سواء العنصري أو الطائفي أو الطبقي فلا يمكنه أن يقول بأنه يقوم بعملية إصلاح نفسه.

وهناك أسس أخرى هي أساسية لأي عملية إصلاح فمتى ما افتقدتها أي عملية إصلاح؛ فإنها تفقد قيمتها وتكون كلمة خاوية دون معنى.