مجتمع » تعايش

حول قانون مكافحة الكراهية

في 2015/08/20

عائشة سلطان- مدونة- الاسلام مبتلى اليوم بجماعات تتسلق نصوصه وتختطف سماحته وعظمته ، جماعات جعلت كراهية الاخر المختلف ومحاربته وقتله قاعدة واصلا من أصول الدين ، وصارت من خلال هذه القاعدة تشعل الحروب وتستعدي الناس ضد بعضها وتفجر المساجد لان من يصلي فيها مسلمون مختلفون مذهبي!.

في الايام الماضية اصدرت الامارات واحدا من اكثر القوانين اهمية فيما يتعلق بتحديد العلاقات وضبطها بين مختلف اطياف المجتمع من مواطني الدولة وساكنيها ، اثر موجات النبذ الطائفي والتصنيف المذهبي التي تجتاح المنطقة العربية واقليم الشرق الاوسط وربما العالم بأسرة ، والذي افرز عددا متناميا من جرائم القتل المروعة اثر تفجيرات لأسواق واحياء وأضرحة ومزارات ومساجد وكنائس وغيرها في العراق والبحرين والسعودية والكويت وباكستان ولبنان ومصر وتونس و… هناك ذهنية نبذ وعنصرية وكراهية للاخر تجتاح المنطقة متخذة من الاختلاف في الاديان والمذاهب ذريعة لقتل الآخر واشاعة الفوضى وخلخلة الأمن والاستقرار !

في التأصيل هناك تحديد واضح لما يعنيه التمييز والكراهية والعنف لفظيا وجسديا ، كما ان هناك تحديدا دقيقا واشارات لا تحتمل للبس للحالات وللعقوبات التي تقع على اي فرد في المجتمع يقوم بازدراء الاخرين وتحقير ديانتهم او مذهبهم أو طائفتهم او رموزهم الدينية و… الخ ،وقد تصل هذه العقوبات كما جاء في نصوص القانون حد الاعدام والسجن لما يزيد عن عشرة اعوام اضافة لغرامات مالية تصل الى مليون درهم ، وهنا لابد من التأكيد على انه لا مبالغة في العقوبات ابدا ، حيث ان المحرض على القتل يعتبر قاتلا والمثير للفوضى والكراهية في المجتمع شخص جنايته ليست بسيطة او ذات تأثير محدود ، اننا نسمع ونرى يوميا الى ان اخذ خطاب الكراهية الناس في المجتمعات المحيطة بنا ، لقط اصبح القتل عبادة من وجهة نظرهم واجتهاداتهم المنحرفة توصل صاحبها للجنة والتمتع بالحور العين !

خطاب الكراهية ونبذ الاخر واقصائه والمطالبة بالتخلص منه قتلا وحرقا و… الخ ليس جديدا في التاريخ الانساني ، لكنه دائما ما ارتبط بحالة الاضمحلال والتخلف ، فحين يصل المجتمع الى قاعه الحضاري ولا يعود رصيده من التحضر كافيا ليتجاوز خلافاته الاثنية والعقائدية فان افراده لا يجدون طريقة للتعبير عن كراهيتهم لبعضهم البعض سوى بالقتل والسحل والحرق ، كان ذلك ايام الرومان وممارسات المستكشفين الاوائل والهجرات الاوروبية للبلاد الجديدة وكان ذلك ايام محاكم التفتيش ضد مسلمي الاندلس كما كان ذلك اكبر سقطات هتلر الذي صنف البشرية عرقيا وانطلق في مشروعه العنصري ، فماذا كانت النتيجة ؟ حربا عالمية طحنت منجزات قرون من البناء والحضارة وملايين القتلى والدمار وتقييد لالمانيا تدفع ضريبته حتى يومنا هذا !

الاسلام مبتلى اليوم بجماعات تتسلق نصوصه وتختطف سماحته وعظمته ، جماعات جعلت كراهية الاخر المختلف ومحاربته وقتله قاعدة واصلا من أصول الدين ، وصارت من خلال هذه القاعدة تشعل الحروب وتستعدي الناس ضد بعضها وتفجر المساجد لان من يصلي فيها مسلمون مختلفون مذهبيا ! وتحت راية الكراهية يتم الاعتداء على البعض فتسبي النساء وتباع في اسواق النخاسة ويقتل الرجال لانهم ينتمون لملل اخرى .

ان هذا السعار الطافح بالكراهية والتحريض مرده الى نظرية مركزية في اذهان الكثيرين. خلاصتها انهم المؤمنون وسواهم كفار ، وانهم الناجون وغيرهم في النار وانهم ملاك الحقيقة وحماة الدين وغيرهم جهلة وفاسقون يجب الخلاص منهم، انها نظرية الفرقة الناجية وابلسة الاخر !!

لهذا كله فإن قانون مكافحة ونبذ الكراهية وتغليظ العقوبات الواردة فيه يُعد قانونا مهما وحضاريا يحفظ الوطن والانسان كي لا ننزلق كما انزلق غيرنا !