سياسة وأمن » لقاءات

المشكلة السورية في غرفة العناية المركزة العمانية

في 2015/08/18

فريد أحمد حسن- الشبيبة- الأسبوع الماضي استقبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية معالي يوسف بن علوي بن عبد الله في مسقط نظيره السوري وليد المعلم الذي يزور أول دولة خليجية بعد غياب لأكثر من أربع سنوات أي منذ بدء الأزمة السورية . الزيارة جات بغرض مناقشة المشكلة السورية التي اشتدت وتعقدت حتى ما عاد لها من سبيل سوى أن تنفرج .

المعلم زار مسقط على رأس وفد للنظام السوري وتبادل وبن علوي وجهات النظر بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية ، بينما ذكرت وكالة الأبناء العمانية أن الوزيرين متفقان على أن الوقت قد حان لتوحيد "الجهود البناءة" لإنهاء الأزمة السورية.

في خلفيات الخبر أن المعلم كان قد زار قبل وصوله مسقط العاصمة الإيرانية طهران وأنه التقى بالرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أكد مواصلة دعم بلاده ل"الشعب والحكومة في سوريا في مواجهة الإرهابيين"، ورأى أن سوريا تواجه منذ سنوات "تدخلات خاطئة من جانب بعض الحكومات وتواجدا للجماعات الإرهابية"، كما التقى المعلم في طهران ممثلا لرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدا نوف. وفي خلفيات الخبر أيضا أنه كان المتوقع أن يعقد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية سوريا والسعودية وإيران في مسقط، وأن وليد المعلم يزور مسقط بدعوة رسمية من نظيره العُماني يوسف بن علوي لإجراء مباحثات ثنائية تمهد للقاء المعلم بنظيره السعودي عادل الجبير في نفس الزيارة أو في وقت لاحق .

لعل من المناسب هنا التذكير أن سلطنة عمان لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق خلافا لبقية دول مجلس التعاون وتتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، الحليف التقليدي لدمشق وتؤمن بأن "الأوان قد حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حد لهذه الأزمة والتطلع إلى ما يلبي حاجة الشعب السوري في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية" وهو ما تم التأكيد عليه في اللقاء مع المعلم .

خطوة دعوة وزير الخارجية السوري لزيارة مسقط لم تكن مفاجئة ، وقبوله الدعوة لم يكن مفاجئا أيضا ، تماما مثلما أن وجود المعلم في طهران ولقائه بروحاني لم يكن مفاجئا، وكذلك لم يكن صدفة وجود بوغدا نوف في طهران . أيضا ليس مفاجئا اتخاذ السلطنة قرارا بالسعي لإيجاد حل للمشكلة السورية خصوصا بعد نجاحها في ترتيب اللقاء بين أطراف الملف النووي في مسقط ودفع هذا الملف الشائك إلى تلك النهاية السعيدة التي شهدها العالم أجمع.

بعض المواقع الإلكترونية حاولت أن تحلل اللقاء العماني السوري في مسقط فقالت" إن الدعوة تأتي في إطار المبادرة العمانية والتسارع الحاصل في مسار الحل الذي اتضحت عناوينه العامة في لقاء التفاهم الروسيـــــ الأميركيــــ السعودي في الدوحة قبل أيام ولا تتعارض مع /بل تستكمل المبادرة الإيرانية المعدّلة التي يبحثها الثلاثي الايرانيــــ الروسيــــ السوري في طهران، وربما يكون إطلاقها بداية النهاية للحرب" . المحللون رأوا أيضا أن عناوين المرحلة المقبلة تتلخص في "مكافحة الإرهاب والتكفيري وتصفيته ،وتحجيم الإخوان المسلمين، والأمن الجماعي، وتخفيض الصراعات الجيوسياسية والمذهبية، والتوصل إلى تسويات للملفات الساخنة، والتعاون الدولي والإقليمي لإعادة البناء" ، وهذه ملفات يمكن أن تديرها السلطنة بجدارة خصوصا وأنها تقف على الحياد من الجميع ومن كل شيء وتحظى من ثم بثقة الجميع حيث الجميع يعلم أنه لا مصلحة للسلطنة في هذا التحرك سوى قيامها بدورها الحضاري والإنساني الراقي الذ تتميز به ويشهد لها العالم كله بإسهاماتها فيه .

هناك إذن تحرك واضح لإيجاد حلول مناسبة لمختلف المشكلات التي تعاني منها المنطقة والتي أوصلتها إلى مرحلة قتل النفس المحرمة على المزاج والهوية وقتل كل من هو مختلف في أي شيء، وبسبب أن سلطنة عمان استمرت في قناعاتها ومبادئها بالوقوف على الحياد وعدم قطع علاقاتها مع أي طرف لذا فإن من الطبيعي أن يلجأ العالم إليها كي تدير هذه الملفات الشائكة التي تتطلب دبلوماسية هادئة وعمل كتوم تتميز به الدبلوماسية العمانية التي عودت الناس عدم التحدث في تفاصيل أي ملف تديره قبل أن تنجزه وتتأكد من أنه انتهى ولم يبق منه سوى وضع اللمسات الشكلية .

هل خطوة البدء في إيجاد حل نهائي للمشكلة السورية من الأمور التي تم الاتفاق عليها بين إيران ودول 5 + ا ؟ هل ضرب المنظمات الإرهابية وخصوصا داعش في الفترة الأخيرة بهذا الشكل اللافت جاء صدفة أم أنه هو الآخر من بين الاتفاق المذكور ؟ وهل سيتبع حل المشكلة السورية إيجاد حل للمشكلة العراقية التي هي في كل الأحوال مرتبطة بالمشكلة السورية ؟ وهل من علاقة لتقدم دول الحلفاء بقيادة السعودية في اليمن بكل هذه التحركات المبشرة بالخير ؟

هذه الأسئلة وغيرها كثير تشغل بال المواطن العادي الذي يعاني من ناتج السياسة من دون أن يفهمها ، ولهذا فإن زيارة وليد المعلم لمسقط وما سبقه وتلاه من تحرك ملحوظ وإعلان سلطنة عمان عن دخولها على خط حل الأزمة السورية بلقائها بالوفد السوري أعطى الأمل بأن ما يدور حاليا في المنطقة من تصفيات يمكن أن تنتهي قبل قيام الساعة .

سلطنة عمان لن تقبل بأقل من نجاحها في حل المشكلة السورية لكنها ستظل تعمل في صمت قد يشعر معه البعض بتأثر بصيص الأمل لكن الجميع سيظل واثقا من أن الدبلوماسية العمانية ستوصلهم إلى لحظة الفرح المرتقبة .