دول » السعودية

فضيلة الشيخ: تلعب على من؟

في 2015/06/09

 
صعد فضيلة الشيخ منبره في صلاة الجمعة، ثم تحدث عن مؤامرة إيرانية ضد الوطن، كان نتاجها تفجير مسجدي القديح والعنود، وأن ما عمله هؤلاء المطلوبون الـ16 هو نتاج لمخططات استخباراتية بدأت من طهران! وقد يكون الشيخ مُحقََا، فالسياسة لا تعترف بالأخلاق وإنما لغة المصالح، وعدو الأمس قد يكون صديق اليوم، ولكن المشكلة أن الشيخ أردف قائلا: خطابنا الشرعي بريء من هؤلاء، وليس له أي دخل لا من قريب ولا من بعيد بما حصل! وله وللكثير ممن يردد ذات السيمفونية: تلعب على من؟! سأثبت لك شيخنا الكريم بالدليل والبرهان والمكان والزمان أن بعض المنتسبين للخطاب الذي تدافع عنه جزء من المشكلة. سأذكرك شيخنا أولا - إن كنت تمتلك ذاكرة جيدة - ببعض خطبك القديمة وبعض مقالاتك التي تسير بها ركبان الواتس وتويتر. خطبة الشهر الماضي.. هل تذكرها؟ تذكر ما قلته قبل ثلاث جمع فقط؟ تذكر عندما تحدثت عن (الشيعة) والذين تُصرّ مرة تلو أخرى بتسميتهم (الرافضة)، لغتك مثلا تزداد حدة وتقطب جبينك حينما تمر كلمة (رافضة) في ورقة خطبتك. بل في ذيل كل خطبة تدعو على (اليهود) و(النصارى) و(الرافضة). في الوقت الذي كان النبي الكريم يحسن لجاره اليهودي، في الصباح، وهو يعلم، عليه الصلاة والسلام، وهو أغير مني ومنك، أن ذات اليهودي يردد في المساء مع قومه (يد الله مغلولة!) فما بالك بمن يجمعه معك الدين والمصير المشترك والأرض والوطن!
تخيل تأثير خطبك وكلماتك على الشاب (سعد) وهو يدرس في الصف الأول الثانوي في المدرسة المجاورة. (سعد) الممتلئ حماسا -مفرطا أحيانا- لدينه، والذي أتمنى ألا يتحول لقنبلة موقوتة ذات جمعة، مثل كثير من أقرانه من الشباب في شرق السعودية وغربها. تخيل كيف يتشكل (سعد) فكريا وهو يسمع هذا الكم من الكراهية كل جمعة.
المحزن في الموضوع هو خطبتك الأسبوع قبل الماضي حين حدثت جريمة القديح! فأنا أعرفك جيدا.. وأعرف خطبك النارية عن (الرافضة) وأدرك تماما أنك تتبع لسياسة (لم آمر به.. ولم يسؤني)، ولا تستطيع التنازل عن فكرك بهذه السهولة، ولا تريد الظهور بمظهر الضعف أمام (سعد) ورفاقه من المريدين الذين يلتفون حولك، ولكنك تدرك كذلك أن السياسي له توجه حازم في قضايا الوطن ووحدته، وضربه بيد من حديد لمن يريد شق الصف. لذلك كان وضعك صعبا في خطبة الجمعة، لأنك تريد إرضاء السياسي وزيادة المريدين! كان الارتباك واضحا في لغتك في تلك الخطبة، حيث اختفت فجأة كلمة (الرافضة) من أوراقك، ليس هذا فحسب، بل تم الدعاء في نهاية الخطبة على (اليهود والنصارى) فقط هذه المرة. كان موقفك حائرا في تلك الخطبة فلم تستخدم مفردة (رافضة) حتى لا تغضب السياسي، ولم تستخدم كلمة (شيعة) حتى لا يغضب المريدون، وتحدثت فجأة عن الدماء المعصومة، لأنك ليس لديك الشجاعة لتقول أمام الناس إن الشيعة، وإن اختلفت معهم، لا يجوز تفجير مساجدهم، وليس لديك العلم الشرعي الذي يريك أن دماءهم وأموالهم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا!
المؤلم أن ما تفعله من مسجدك يوجد له نسخ كربونية بذات الطول الخطابي والعرض الفكري في جوامع متناثرة. كل ما نريد أيها الفاضل الهدي النبوي في التعامل مع الآخرين، موالين ومخالفين، حيث سيرة عطرة قاسمها المشترك الرحمة بالناس وهدايتهم. خطابنا الشرعي ليس له أي دخل فيما حصل في القديح والعهود؟ أيها الشيخ الكريم: تلعب على من؟