سياسة وأمن » تصريحات

مشروع "الاتحاد الخليجي".. ما هي عوامل إقامته وشروطه؟

في 2024/06/10

طه العاني - الخليج أونلاين-

في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية المتسارعة على الساحة الدولية يتجه مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو تعزيز التعاون والتكامل بين أعضائه من خلال مشروع الاتحاد الخليجي.

هذا المشروع، الذي يعتبر طموحاً طويل الأمد، يهدف إلى توحيد السياسات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية بين الدول الأعضاء، وتشكيل كيان أكثر تماسكاً وقوة على الساحة العالمية.

وأعادت مملكة البحرين، خلال الذكرى الـ43 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو الماضي، الحديث عن تحقيق الوحدة الخليجية، حيث أشاد وزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني، بالإنجازات التي حققها المجلس، حتى أصبح مثالاً لـ"التكامل والترابط الأخوي والشراكة الاستراتيجية الشاملة والمستدامة".

وأفاد الزياني -بحسب وكالة أنباء البحرين الرسمية "بنا"- بأن "دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مؤهلة وقادرة على المضي قدماً نحو الاتحاد الخليجي المبارك، في ظل ما يجمعها من روابط راسخة وعميقة من الأخوة التاريخية، والتقارب الجغرافي والحضاري ووحدة الدين والدم واللغة والهدف والمصير المشترك".

وأكدت مملكة البحرين، عبر وزير خارجيتها، دعمها لتطلعات قادة دول مجلس التعاون في تعزيز العمل الخليجي المشترك، وشددت على أهمية تقوية المنظومتين الدفاعية والأمنية، ومتابعة تنفيذ المشروعات التنموية والاقتصادية المشتركة، مثل الربط البري والكهربائي والمائي، وتطوير شبكة السكك الحديدية، كما ركزت المنامة على استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، وتحقيق السوق الخليجية المشتركة، والإسراع في تحقيق الوحدة الاقتصادية.

فكرة إقامة الاتحاد الخليجي

منذ تأسيس مجلس التعاون في 25 مايو 1981، كانت فكرة الاتحاد الخليجي مطروحة بوصفها هدفاً نهائياً لتكامل دول المجلس.

وفي قمة مجلس التعاون التي عقدت في الرياض عام 2011، اقترح الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود مبادرة تهدف إلى تحويل مجلس التعاون إلى اتحاد خليجي.

هذه المبادرة كانت متوافقة مع المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون، والتي تنص على "تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات وصولاً إلى وحدتها".

ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب توافر عدد من العوامل والشروط التي تسهم في إنجاح المشروع، وتشمل البنية التحتية المؤسسية اللازمة لتفعيل سياسات موحدة، والتوافق السياسي بين الدول الأعضاء، والانسجام الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى الاستقرار الأمني الداخلي والخارجي.

كما أن التحديات الراهنة، مثل التوترات الإقليمية والسياسات العالمية المتغيرة، تجعل من الضروري إعداد استراتيجية متكاملة ومدروسة لتحقيق الاتحاد الخليجي.

ونشر "مركز الجزيرة للدراسات"، في وقت سابق، ورقة أشار فيها إلى أن الاتحاد أصبح أمراً ضرورياً نظراً للتهديدات والمخاطر التي تواجه مجلس التعاون الخليجي في هذه الفترة، فإقامة اتحاد سيشكل كياناً جديداً قادراً على تخفيف الأعباء عن الحكومات الخليجية، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق وحدة قومية أكبر وأقوى.

أهمية الفكرة

ويقول الباحث الدكتور حبيب الهادي إن فكرة الاتحاد الخليجي بدأت مطلع الثمانينيات بتأسيس مجلس التعاون، إذ أسس في فترة عصيبة إقليمياً؛ بسبب الحرب العراقية الإيرانية، وتحديات القضية الفلسطينية، والعلاقات بين دول الخليج وإيران وغيرها من الأحداث التي حتمت على دول الخليج أن تتوحد في ظل هذا المجلس.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أنه رغم كون مجلس التعاون من أفضل المجالس والمنظمات والهيئات والمؤسسات العربية، مقارنة بالاتحادات الأخرى، هناك أصوات لدى بعض دول الخليج تنادي بتطويره إلى اتحاد.

ويرى الهادي أن الدول الخليجية يمكنها تحقيق ما تهدف إليه من فكرة الاتحاد تحت مظلة مجلس التعاون الحالي، من خلال تطويره "كتشكل درع الجزيرة أو قوة خليجية للتدخل السريع لأي قضية من القضايا وتكون ذات قدرة عسكرية نافذة، لكن قد يواجه ذلك اختلافات في وجهات النظر".

وأكد الباحث أن هناك فوائد اقتصادية كثيرة يمكن أن تتحقق من الاتحاد الخليجي، سواء الاتحاد الجمركي أو اتحاد العملة أو الاتحاد الاقتصادي والبورصات.

وتابع: "هناك فوائد سياسية أيضاً، تكمن في قوة المجلس بشكل أكبر، ويكون بهذا الاتحاد أكثر قدرة على التعاطي والتفاعل مع القضايا السياسية المختلفة، فضلاً عن الجانب الاجتماعي؛ حيث سيكون هناك تقارب كبير بين الشعوب الخليجية".

ويلفت الهادي إلى أن هناك تحديات ومعوقات عدة تواجه فكرة الاتحاد، "قد يمكن تجاوزها من خلال إرادة قيادات دول مجلس التعاون للسعي في تقوية أواصر المجلس ودعمه، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعلمياً، وذلك يمكن تحقيقه بسهولة، وصولاً إلى الاتحاد السياسي وفق خطوات مدروسة وخطط واضحة".

رفض عماني سابق

على الرغم من إصرار السعودية منذ عدة سنوات على تحقيق الاتحاد الخليجي فإن تحقيق هذا الهدف لم يتم، حتى وفاة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في يناير 2015.

ومع أن هذا الموضوع يمثل طموحاً عميقاً لشعوب دول مجلس التعاون الخليجي على مدار أكثر من ثلاثة عقود، والذي كان من شأنه أن يخلق وحدة قوية من الدول الصغيرة المهددة بعدة عوامل، لتصبح كياناً موحداً يتمتع بقوة اقتصادية وبشرية وعسكرية وأمنية متقدمة، فإن المشروع لم يتحقق.

ومن بين أهم أسبابه رفض سلطنة عمان حينها وتلويحها بالانسحاب من مجلس التعاون إذا تم طرح هذا الموضوع في قمم الخليج، وفقاً لـ"الجزيرة نت".

وذكر الموقع أنه على الرغم من التحديات الأمنية والاستراتيجية العميقة التي واجهتها دول الخليج منذ عام 1981، فإنها لم تكن ترغب في المخاطرة الكبيرة وفضلت الحفاظ على مبدأ السيادة والاستقلال بمعناه التقليدي داخل دوائر صنع القرار السياسي.

وقبيل انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في عام 2013، أعلنت سلطنة عمان رفضها البقاء كعضو في مجلس التعاون إذا ما تم تحويله إلى اتحاد.

وفي وقت سابق، أوضح وزير الشؤون الخارجية السابق في سلطنة عمان، يوسف بن علوي، أن التماسك بين دول الخليج لم يبلغ بعد مستوى يسمح بتحويل مجلس التعاون إلى "اتحاد"، كما تطمح بعض الدول الأعضاء.

واعتبر، خلال حديثه لصحيفة "الحياة" السعودية، أن نظام المجلس، الذي ينصّ في المادة الرابعة على أنه يستهدف الوصول إلى (الوحدة)، تمت صياغته في زمن القومية العربية، الذي قال إنه "صار غير ممكن التطبيق"، لذلك فإن بلاده ترى أفضلية "ترحيله للأجيال المقبلة".