علاقات » دول أخرى

اتفاقية تجارة مرتقبة.. عُمان والهند نحو تقوية العلاقة الاستراتيجية

في 2024/04/04

كمال صالح - الخليج أونلاين- 

تحث حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الخطا لتوقيع اتفاق التجارة الحرّة مع سلطنة عُمان خلال مدة لا تتعدى 100 يوم عقب انتخابات مايو القادم.

الاتفاقية من شأنها أن تنقل العلاقات بين مسقط ونيودلهي إلى مستوى جديد من الشراكة والتعاون، خصوصاً أن السلطنة تمثل أهمية كبيرة في الاستراتيجية الهندية، نظراً لموقعها وحجم الجالية الهندية الموجودة فيها.

ويبدو أن الحماس متبادل للتوصل إلى هذه الاتفاقية، فالجانبان يبذلان جهوداً لتذليل الصعوبات وتسهيل التبادل التجاري بينهما، فكيف ستنعكس هذه الاتفاقية المرتقبة على البلدين؟

لمسات أخيرة

مؤخراً كشف مصدران حكوميان هنديان عن اعتزام نيودلهي إتمام اتفاقات التجارة الحرّة مع سلطنة عُمان وبريطانيا، خلال أول 100 يوم من عمر الحكومة الجديدة في حال فاز مودي بالانتخابات المقبلة.

وأضاف المصدران لوكالة "رويترز"، أن من بين أهداف وزارة التجارة الهندية لخطة الـ100 يوم التركيز على اتفاقية التجارة مع سلطنة عُمان وأيضاً مع بريطانيا.

واقتربت مسقط ونيودلهي من اختتام المحادثات بشأن اتفاق تجاري سيسمح بوصولٍ أسهل للسلع والخدمات إلى أسواق كل منهما، حيث اتفق الجانبان على غالبية القضايا في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.

والعام الماضي بدأ الجانبان محادثات اتفاق التجارة الحرة، في سياق مسعىً هندي واضح لتعميق روابط الشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما أن اتفاقية مشابهة بين الهند والإمارات دخلت حيز التنفيذ في مايو 2022.

وتسعى نيودلهي لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات إلى عُمان التي تشمل الأرز والأدوية ومنتجات النفط والصلب، كما أنها تتفاوض مع السلطنة لتسهيل وصول المهنيين الهنود، مثل الأطباء والممرضات والمهندسين، وغيرهم من العمال، وفق وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية.

لماذا سلطنة عُمان؟

تعد سلطنة عُمان ثالث أكبر شريك تجاري للهند بين دول مجلس التعاون الخليجي، كما أنها تمثل أهمية كبيرة لنيودلهي نظراً لموقعها الجغرافي.

فعُمان تقع بالقرب من مضيق هرمز، الممر الذي يعبر منه معظم النفط الخام المتجه إلى آسيا، كما أن السلطنة تحوي خامس أكبر عدد من الهنود العاملين في الخارج، وفق إحصائيات رسمية هندية.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الهند وسلطنة عُمان قرابة 12.38 مليار دولار خلال العام 2023، بعد أن كان خلال العام 2021، يبلغ 5.4 مليارات دولار، وفق بيانات رسمية هندية.

وبالنسبة لعُمان من شأن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع الهند، أن تفتح آفاقاً جديدة لاقتصاد الدولة الخليجية الصاعدة، والساعية لجذب المزيد من الاستثمارات والاتفاقيات مع الأطراف الدولية لتعزيز اقتصادها.

زيارة تاريخية

وفي ديسمبر الماضي قام سلطان عُمان، هيثم بن طارق، بأول زيارة للهند، بحث خلالها العلاقات الثنائية بين مسقط ونيودلهي.

الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام أخذت طابعاً اقتصادياً وسياسياً، وتزامنت مع جهود يبذلها الجانبان لتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وقبل وبعد الزيارة، نشطت الجهات المعنية في كلا البلدين بالتأسيس لاتفاقات تسهيل التجارة وانسحاب السلع وتسهيل حركة المرور بينهما، منها اجتماع مجلس الأعمال العُماني الهندي في مايو 2022، والذي عقد في نيودلهي.

وحينها أعرب وزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش غويال، عن أمله في أن تساهم هذه الاتفاقية في خفض الرسوم الجمركية على منتجات محددة لتعزيز التجارة، مؤكداً أن "هناك إمكانات هائلة لتعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية بين البلدين"، كما خصصت السلطنة منطقة حصرية للهند في ميناء الدقم الاستراتيجي، تمكنها من رسو سفنها التجارية وحتى الحربية أيضاً.

تطور حقيقي

ويرى الأكاديمي والمحلل الاقتصادي العُماني، حامد المرجان، أن اتفاقية التجارة الحرة بين السلطنة والهند تمثل تطوراً حقيقياً في العلاقات التجارية بين البلدين الممتدة منذ آلاف السنين.

ولفت المرجان، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الهند وسلطنة عُمان ارتبطتا بتبادل تجاري وثقافي أثر في علاقات نيودلهي لا مع مسقط فحسب، بل بالخليج والوطن العربي.

وأشار إلى أن هناك عوامل تدعم هذه الشراكة، "أولاً أن اقتصاد الهند سيصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ومن ثم على العمانيين الاستفادة من هذا العملاق الاقتصادي، وتسخير كل الإمكانيات للاستفادة التجارية من الهند".

وأضاف: "هنا وجب على خبراء الاقتصاد العمانيين تسخير هذا الشراكة لتصبح مورداً آخر للدخل الاقتصادي العماني، سواء عن طريق تصدير مواد الخام أو الصناعات مثل الهيدروجين والغاز وغيرها، وكذا استغلال الموانئ العمانية لإعادة تصدير المنتجات الهندية بعد اكتفاء السوق العماني منها إلى دول العالم العربي وأفريقيا، خاصة الجزء الشرقي منها".

وتحدث عن أن نيودلهي ترى في السوق العُمانية فرصة لترويج منتجاتها، خاصة في ظل متوسط الدخل العالي للمواطن العُماني الذي يقدر بـ25 ألف دولار سنوياً مقارنة بـ2000 دولار في الهند.

النفاذ لمنطقة الخليج

ويرى المرجان أن الهند تستهدف دول الخليج لتسويق منتجاتها، مشيراً إلى أنه يمكنها منافسة المنتجات الصينية لقربها من منطقه الخليج وخاصة عمان.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين": "حالياً التبادل التجاري بين عمان والهند في حدود 12 مليار دولار، في حين تنوي الدولتان زيادته"، وهذا- حسب قوله- يعتمد على مدى الاستفادة من اتفاقيه التجارة الحرة.

وقال المرجان: "لا شك أن العمانيين يتجهون نحو تعزيز الاقتصاد العماني من خلال رؤيه عمان الاقتصادية، ويطمح الاقتصاد العماني إلى تنويع مصادر الدخل والهند تعتبر سوقاً للمنتجات العمانية خاصة المعادن والغاز، مثل الهيدروجين والطاقة المتجددة التي تحتاج إليها الهند في تطوير اقتصادها".

ولفت إلى أن "عمان تحتاج أيضاً إلى وجود سوق لها، بالإضافة إلى الاستفادة من الهند في مجال تكنولوجيا الطب والرعاية الصحية وتكنولوجيا المال والأعمال خاصه قطاع البنوك".

واستدرك بالقول: "لا يمكن المقارنة بين السوقين، سوق عددها يقارب مليارين من البشر، وسوق لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة"، لافتاً إلى اعتقاده بأن "اتفاقية التجارة سيستفيد منها البلدان وتخدم استراتيجيتهما  الاقتصادية".