سياسة وأمن » حروب

"48 ساعة حاسمة".. هل اقتربت مفاوضات الدوحة من هدنة في غزة؟

في 2024/03/25

كمال صالح - الخليج أونلاين-

على وقع تصعيد آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة يحُث الوسطاء الخطى للتوصل إلى اتفاق يقطع الطريق أمام مزيد من المجازر، خصوصاً في رفح التي تمثل آخر معقل لأكثر من مليون ونصف المليون نازح.

ففي الوقت الذي تتعالى الأصوات المنددة باستمرار الحرب عالمياً، وبفشل المنظومة الدولية، ممثلة بمجلس الأمن والهيئات الأممية، في وضع حد للمذبحة التي ترتكبها "إسرائيل"، تتجه الأنظار إلى الدوحة، حيث تُعقد الآمال على جهود الوساطة للتوصل لاتفاق.

وحتى اللحظة، يقف التعنت الإسرائيلي حجر عثرة أمام التوصل إلى اتفاق، وفق حركة "حماس"، في الوقت الذي تتحدث المصادر عن فجوات كبيرة بين الجانبين، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرى، فما الذي تحمله الساعات الـ48 القادمة؟

موافقة إسرائيلية

هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن حكومة بنيامين نتنياهو وافقت على مقترح أمريكي يتضمن حلاً وسطاً مع "حماس" وأنهم ينتظرون رد الحركة.

المسؤول توقع أن تتلقى "إسرائيل" رد "حماس" خلال الساعات الـ48 القادمة، في الوقت الذي تحدثت القناة 13 الإسرائيلية عن تليين حكومة الاحتلال موقفها بشأن عدد الأسرى الذين ستُفرج عنهم، كما أنها تدرس قضية عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة.

يأتي هذا بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة التي عُقدت بالدوحة، في إحراز أي تقدم باتجاه وقف إطلاق النار، بسبب رفض وفد "إسرائيل" سحب قواته من غزة، والسماح بعودة النازحين إلى منازلهم شمال القطاع بدون شروط.

وقالت القناة إن "مغادرة الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد، ديفيد برنياع، تشير إلى عدم إحراز تقدُّم في المفاوضات، حيث اشترط أن يتم في المرحلة الأولى من صفقة التبادل إطلاق سراح 40 أسيراً محتجزاً من الفئات كافةً، أحياء".

وفي وقت لاحق الأحد (24 مارس)، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله: "مستعدون لتقديم تنازلات كبيرة من أجل إبرام صفقة لاستعادة المختطفين".

وسابقاً تحدث مسؤول إسرائيلي لوكالة "رويترز" عن فجوات كبيرة ظهرت بشأن عدد السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة من الرهائن الأربعين الذين تجري مناقشة إمكانية استعادتهم.

موقف أولي من "حماس"

وتصر حركة "حماس" على وقف إطلاق النار نهائي، وانسحاب جيش الاحتلال، وعودة النازحين، وهو ما ترفضه "إسرائيل" وتعتبره غير واقعي.

وحتى اللحظة لم يكشف عن فحوى المقترح الأمريكي، إلا أن القيادي بحركة "حماس"، سامي أبو زهري، قال لوكالة "رويترز": إن "ما تريده أمريكا والاحتلال هو استعادة الأسرى بدون أي التزام بوقف العدوان، ومن ثم استئناف الحرب والقتل والدمار، وهذا ما ترفضه الحركة".

وحمّل أبو زهري "إسرائيل" مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق؛ "لأنها ترفض حتى الآن الالتزام بإنهاء الهجوم العسكري وسحب قواتها من قطاع غزة والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة".

شروط الطرفين

وتشترط "حماس" وقفاً دائماً لإطلاق النار، على ثلاث مراحل، تستمر كل مرحلة 42 يوماً، على أن تبدأ المرحلة الثانية مع إعلان وقف دائم لإطلاق النار، وهو ما رفضته "إسرائيل"، بالرغم من قبولها للإطار العام الذي يمر بثلاث مراحل.

"حماس" اشترطت أيضاً "انسحاب قوات الاحتلال من شارعي الرشيد وصلاح الدين لتمكين النازحين من العودة إلى مناطقهم، وأن تتزامن المرحلة الثالثة مع البدء بعملية الإعمار الشامل لقطاع غزة وإنهاء الحصار"، بالإضافة إلى عودة مقيدة لـ 2000 نازح إلى شمال القطاع تبدأ بعد مرور أسبوعين من بدء التنفيذ.

واشترطت "حماس" مقابل الإفراج عن كل مجندة إسرائيلية على قيد الحياة، الإفراج عن 50 أسيراً فلسطينياً، تحددهم الحركة، على أن يكون من بينهم 30 أسيراً من أصحاب المؤبدات.

بينما طرحت "إسرائيل" في المرحلة الأولى الإفراج عن 40 محتجزاً إسرائيلياً على قيد الحياة من كل المجندات، وعرضت الإفراج عن 5 من أصحاب المؤبدات هي من تحددهم، بالإضافة إلى إبعاد أصحاب المؤبدات إلى خارج فلسطين.

مخاطر الانهيار

نجاح المفاوضات الحالية بين "حماس" و"إسرائيل" يبدو أنه خيار ضرورة بالنسبة لأمريكا، ووفقاً للخبير في الشؤون الإسرائيلية، عصمت منصور، فإن الولايات المتحدة لن تسمح بانهيار المفاوضات.

وأضاف، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، أن الولايات المتحدة "تدرك أن انهيار المفاوضات يعني العودة إلى نقطة الصفر، والعودة إلى عملية رفح، وإلى التصعيد على الحدود مع مصر، وما لذلك من تداعيات إنسانية وسياسية وانعكاسات على الأمن القومي المصري، وعلى القضية الفلسطينية، وعلى غزة وعلى مستقبل القطاع".

وأشار إلى أن طرفي النزاع "حماس" و"إسرائيل" وصلا إلى مرحلة جيدة رغم الخلافات، مشيراً إلى أن الخلافات الحالية يمكن التغلب عليها"، وأن نتنياهو يراهن على إفشال المفاوضات الحالية.

وقال منصور: "المفاوضات الحالية تعني انهيار ائتلاف حكومة نتنياهو إذا ما نتج عنها التوصل لصفقة، وأطلق سراح ربما مئات الأسرى من ذوي الأحكام المؤبدة، لذلك هو لا يريد الصفقة كي لا يعرض ائتلافه للخطر".

ولفت إلى أن نتنياهو يراهن أيضاً على "أنه بعد اجتياح مدينة رفح سيكون وضع حركة حماس أسوأ ميدانياً، ومن ثم يمكن لحكومة الاحتلال الذهاب إلى صفقة بشروط أفضل".

التحول الأمريكي

ويدل الإصرار الأمريكي على إنجاح جولة المفاوضات الحالية، وبما يفضي لوقف إطلاق النار، على وجود تحول في الموقف الأمريكي. ووفقاً للخبير في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور، فإن موقف واشنطن يشهد تحولاً، لكنه بطيء وغير كافٍ.

وقال: "هو تحول لفظي حتى الآن، وفي التصريحات، وخطوات رمزية، وهذا انعكاس لسياسات وممارسات نتنياهو وحكومته، وليس موقفاً من "إسرائيل"، وأيضاً بسبب الحرب وبشاعتها والصور التي تأتي من غزة".

وأضاف: "كذلك الموقف الأمريكي الداخلي، للديمقراطيين والمسلمين والعرب، كلها عوامل دفعت لهذا التغير، لكن هو تغير على السطح وغير كافٍ، لكنه مؤشر لتحول العلاقة بين الأمريكان وبين "إسرائيل"، إذ لم تعد لها ذات المكان والإجماع الداخلي والقدسية التي كانت لها في السابق".

ومساء الأحد (24 مارس)، قالت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، إنها لا تستبعد أن تكون هناك عواقب على "إسرائيل" إذا مضت في تنفيذ اقتحامها العسكري لمدينة رفح جنوبي غزة، وهو ما يشكل ضغطاً أكبر على تل أبيب لقبول الصفقة.