دول » دول مجلس التعاون

تطور متسارع... أين وصل قطار الطب النووي بدول الخليج؟

في 2024/03/09

محمد أمين - الخليج أونلاين-

حققت دول مجلس التعاون الخليجي، تقدماً في تطوير الطب النووي على المستويين التشخيصي والعلاجي، من خلال توفير كافة التقنيات والمعدات والخدمات اللازمة داخل المستشفيات والمراكز التخصصية.

ويعد الطب النووي، من تخصصات الأشعة التي تستخدم كميات صغيرة من المواد المشعة بهدف تصوير أو قياس وظيفة أحد أعضاء الجسم، إضافة إلى تشخيص أو علاج أمراض معينة، في عملية لا تسبب ازعاجاً للمريض.

ويتم ذلك عن طريق الاستنشاق، أو البلع، أو حقن الوريد بمادة مشعة، وعقب هذا الإجراء يبدأ الكشف عن الإشعاع بواسطة نوع خاص من الكاميرات يسمى "جاما كاميرا"، فيما تتوفر عدة أنواع من المواد المشعة، كل نوع يستخدم بحسب العضو المراد الكشف عنه أو علاجه.

وبواسطة فحوصات الطب النووي يتم الكشف عن وجود أمراض عديدة مثل السرطان، والعدوى، وانسداد الأوعية الدموية، وأمراض الكلى، وأمراض الدماغ، والتغيرات المرتبطة بالشيخوخة، أما فيما يخص أمراض الغدة الدرقية وبعض الأمراض المشابهة يتم التدخل بقصد تداويها.

جمعية للطب النووي بالسعودية

تواصل السعودية عملها ضمن برنامج تحول القطاع الصحي، والتي تسعى من خلاله إلى تسهيل الوصول للخدمات الصحية والرفع من جودتها، عبر تطوير وتحسين المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والخدمات الإسعافية وتعزيز التحول الرقمي الصحي.

وبناءً على هذا الهدف أولت المملكة، أهمية كبيرة للطب النووي، لتتوزع أقسام هذا التخصص البالغ عددها 68، في 12 منطقة من مناطق السعودية، والتي تحتوي على أحدث الأجهزة والمعدات الطبية.

وفي عام 2020، شهدت المملكة، تأسيس "الجمعية السعودية للطب النوويّ والتصوير الجزيئي (SSNMMI)"، بهدف تعزيز وتطوير المعرفة والممارسة في الطب النووي والتصوير الجزيئي، ومشاركة الوعي المجتمعيّ.

واستضافت المملكة في نوفمبر 2023، أعمال المؤتمر الدولي الأول للجمعية السعودية الذي عقد في الرياض، بمشاركة أكثر من 40 متحدثاً في 38 محاضرة علمية وورشة عمل.

وناقش المؤتمر التحديات والفرص في قطاع الطب النووي، مع عرض أحدث التقنيات والممارسات في هذا المجال، بمشاركة عدد من الاستشاريين والأخصائيين من الخبرات المحلية والدولية.

وصاحب المؤتمر 4 فعاليات متوازية في الطب النووي التشخيصي والعلاجي، وتقنية الطب النووي، والفيزياء الطبية، وورش عمل تعليمية. 

الكويت.. تاريخ طويل وتقدم لافت

تولي الكويت، أهمية كبيرة لتطوير الطب النووي من خلال مواكبة أحدث التقنيات والمستجدات العلمية لهذا التخصص الهام، وتوفير أحدث الأجهزة والمعدات.

وبدأ هذا التخصص في الكويت في ستينيات القرن الماضي وتحديداً عام 1963، حينما استُخدمت مادة اليود المشع العلاجية، لينمو مؤخراً من خلال توفير مستشفيات ومراكز متخصصة تحتوي على أحدث التقنيات والأجهزة.

ووفرت الصحة الكويتية حديثاً، جهازين لـ "التصوير الهجين المدمجة" في قسمي الطب النووي بمستشفيي الفروانية، ومركز الكويت لمكافحة السرطان، وذلك بعد تدشين الجهاز الأول في مستشفى الجهراء الجديد.

وتعد الكويت أول دولة توفر هكذا أجهزة على مستوى الخليج والشرق الأوسط، وفق وزير الصحة أحمد العوضي في 29 فبراير الماضي.

قطر.. تقنيات جديدة

تواكب قطر، المعايير الدولية للممارسات الطبية لتقديم خدمات عالية الجودة لكافة المرضى، حيث استخدمت تقنيات علاج في الطب النووي لأول مرة في تاريخها.

ومنذ عام 1983 وهو تاريخ نشأة الطب النووي في قطر وتحديداً بمستشفى حمد العام، تولي وزارة الصحة أهمية كبيرة لهذا التخصص، حيث دشنت العديد من الأقسام والمراكز الطبية، وأدخلت طرق علاج حديثة.

ففي 27 فبراير 2022، بدأت مؤسسة حمد الطبية، العلاج النووي للأورام مع افتتاح مختبر الصيدلة الإشعاعية الأول بالمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان.

ومؤخراً وتحديداً في 4 أكتوبر 2023، استخدمت "حمد الطبية" الطب النووي في علاج مرضى أورام الغدد الصماء العصبية (العلاج باللوتيشيوم - 177 دوتاتيت) لأول مرة في تاريخها.

وقالت كبيرة أطباء أشعة الطب النووي في المؤسسة د. مريم الكواري حينها: "إن هذا النوع من العلاج يعد خياراً مثالياً للمرضى الذين توقفت حالاتهم عن الاستجابة للعلاجات الأخرى مثل العلاج الجراحي والكيميائي".

وأضافت، أنه "سيساعد في السيطرة على الأعراض لدى المريض، وكذلك تقليص الورم والتحكم في نموه لسنوات عديدة، مما يساهم في تحسين جودة حياة مرضى أورام الغدد الصماء العصبية، خاصة أن هذه الأورام العصبية تنتشر في الجسم بشكل كبير مما يصعب إزالتها بالجراحة".

وتوقعت أن يستفيد من هذا النوع من العلاج حوالي 10 مرضى سنوياً.

وتسعى مؤسسة حمد الطبية إلى تقديم المزيد من العلاجات بتقنية (اللوتيشيوم - 177) لبقية المرضى الذين تتطلب حالاتهم الصحية ذلك، مثل سرطان البروستاتا وأمراض المفاصل التي تتميز بالتهاب الغشاء المفصلي الناجم عن الحديد والعوامل الالتهابية بعد نزيف المفاصل.

أول مجلة عمانية متخصصة

انطلاقاً من أن تخصص الطب النووي يؤثر بشكل كبير في تشخيص وعلاج الحالات المرضية المختلفة، ويساهم في تحسين الرعاية الصحية في القرن الحادي والعشرين، تواصل سلطنة عمان تقديم خدماتها بهذا المجال.

ومنذ عام 1990 بدأ قسم الطب النووي في المستشفى السلطاني بالعمل على تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية للمرضى المحولين من مختلف مناطق السلطنة بمن فيهم المحولين من المستشفيات الخاصة.

ويقدم القسم الذي يعد الأكبر من نوعه في سلطنة عمان، خدمات علاجية بمعايير عالية متبعاً في ذلك الضوابط والمعايير الدولية في الحماية من الإشعاع.

ويضم، تشخيص الأورام، وأمراض القلب، والغدة الدرقية، والكلى، والعظام مستخدماً أجهزة متطورة في التقاط أشعة جاما والتصوير البوزيتروني والأشعة المقطعية، وكذلك جهاز قياس كثافة العظام، بالإضافة إلى قسم العلاج باليود المشع.

ومع التقدم التقني في الطب النووي، تم تدشين المعجل النووي "السيكلوترون" وهو الوحيد من نوعه في السلطنة، كما تم تدشين أول جهاز تصوير مقطعي بالإشعاع البوزيتروني في عام 2015.

وبهدف تثقيف وتوعية المجتمع العماني حول أهمية خدمات الطب النووي والتصوير الجزيئي، أطلقت السلطنة في نوفمبر 2023، العدد الأول من مجلة "نظائر" المتخصصة في الطب النووي.

ويشارك في تحرير المجلة، فريق من العاملين بمختلف التخصصات في قسم الطب النووي بالمستشفى السلطاني، وهي أول مجلة عُمانية بهذا التخصص.

الإمارات..إجراءات شاملة 

يعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات نمواً في الإمارات، التي تحتل المركز الأول عالمياً في عدد المنشآت الصحية المعتمدة.

وسعياً منها لتوفير بيئة صحية مناسبة، عملت الإمارات على تقديم خدمات متطورة فيما يخص الطب النووي، وتحديداً في مستشفى دبي الذي يستقبل سنوياً حوالي 5 آلاف مراجع، وفق تصريح لرئيسة القسم شهر أبريل 2022.

ففي ذلك العام، تم الإعلان عن علاج أكثر من 11 حالة باستخدام "العلاج بالنويدات المشعة" التي تستهدف أمراض المفاصل المزمنة المختلفة، حيث استخدمت هذه التقنية للمرة الأولى في الإمارات ومنطقة الخليج.

كما تمت إضافة عدة نظائر مشعة جديدة ومتطورة للصيدلية الإشعاعية في "مركز دبي للطب النووي" لتشخيص أمراض الذاكرة بواسطة مستقبلات موجودة في بعض الأمراض، والتوسع في التصوير الجزيئي لتشخيص كافة الأمراض العصبية والنفسية.

وشهد قسم الطب النووي استحداث العديد من الخدمات النوعية والفريدة على مستوى المنطقة، مثل خدمات تشخيصية باستخدام مواد مشعة جديدة فيما يخص تشخيص سرطانات الثدي والبروستاتا، وتم استحداث تقنيات التصوير الجزيئي باستخدام الفلورين المشع بما يتواكب مع أحدث التقنيات العالمية.

بدوره، يقدم قسم الطب النووي في مدينة برجيل الطبية (BMC) مجموعة شاملة من إجراءات الطبّ النووي التشخيصية والعلاجية، من PET CT وكاميرا الغاما مع SPECT CT إلى الخبرات المتخصصة في سرطان الغدة الدرقية.

إنتاج بحريني للأدوية الإشعاعية

وفي إطار حرصها على تقديم أفضل الخدمات الطبية للمواطنين والمقيمين، أنشأت البحرين، أول مرفق للطب النووي والنظائر المشعة وPETCT في عام 2014 وتحديداً في "مستشفى الملك حمد الجامعي"، ليكون قادرًا على إنتاج أدوية إشعاعية معقمة قابلة للحقن.

وتم إنشاء المرفق طبقاً لإرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وممارسات التصنيع الأوروبية الجيدة (GMP) لإنتاج المستحضرات الصيدلانية المشعة.

وفي عام 2015، تم اعتماد المنشأة من الموقع أوروبي لممارسات التصنيع الجيدة، لتبدأ بإنتاج الأدوية الإشعاعية.

وبعد ذلك بعام واحد، تم تثبيت وحدة تركيب جديدة تدعىFastlab developer، والتي سمحت للمنشأة بإنتاج أدوية إشعاعية إضافية على أساس روتيني لتلبية الطلب السريري خاصة بعد بدء الخدمة في مركز البحرين للأورام. 

ويتم تصوير المرضى بعد حقن الأدوية الإشعاعية بواسطة جهاز PET / CT وأحدث جهاز PET / MR الذي تم تركيبه في يونيو 2019.