دول » دول مجلس التعاون

وصلت لـ75 مليار دولار.. التجارة عمود علاقات الخليج وبريطانيا

في 2024/03/05

طه العاني - الخليج أونلاين-

في ظل التحولات الاقتصادية والتغيرات الجيوسياسية العالمية، تشهد علاقات التجارة بين دول الخليج والمملكة المتحدة مساراً جديداً من النمو والتطور.

وبينما تتأثر الأسواق العالمية بتحديات متعددة، تظل دول الخليج وبريطانيا تمتلكان علاقة تجارية تاريخية ممتدة لعقود، تجسد تبادلاً حيوياً للبضائع والخدمات.

انتعاش التجارة

يشكل انتعاش التجارة بين الخليج وبريطانيا محطة مهمة تعكس التزام الطرفين بتعزيز الروابط التجارية وتوطيدها، فيما تُبرز هذه الخطوات الاقتصادية الجديدة الفرص الواعدة لزيادة التبادل التجاري وتوسيع أفق التعاون بين الطرفين، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي ويعمق الشراكة بين الجانبين.

ومن خلال استغلال الإمكانيات الاقتصادية وتعزيز التواصل والتعاون، يمكن لهذه الشراكة الازدهار والنمو، وتحقيق مكاسب متبادلة تعود بالفائدة على البلدين وتعزز الاستقرار الاقتصادي العالمي.

وأكد الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج والمملكة المتحدة، المقامة في 26 فبراير الماضي، تسير بخُطا ثابتة ومتسارعة، حيث يدرك الطرفان بوضوح أهمية هذه الاتفاقية لتعزيز المصالح المشتركة بينهما.

وعقد الاجتماع بحضور الوزراء الخليجيين المعنيين باتفاقيات التجارة الحرة، ووزيرة التجارة في المملكة المتحدة كيمي بادينوك، بحسب بيان صادر عن المجلس.

وبحسب البيان، استعرض الاجتماع كافة جوانب وفصول اتفاقية التجارة الحرة، حيث تم الإجماع من المشاركين على ضرورة تسريع الحوار بين الفرق الفنية المختصة لإنهاء الاتفاقية بما يعود بالنفع على كلا الجانبين، ويخدم المصالح المشتركة بينهما.

وقال الأمين العام: إن الاجتماع الاستثنائي "يهدف إلى التباحث حول السبل المثلى لإزالة العقبات الرئيسية وتوطيد التفاهم المشترك بين الطرفين للتقدم نحو توقيع اتفاقية التجارة الحرة الطموحة بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة في المستقبل القريب".

عمق العلاقات

ويؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور أن دول الخليج العربي ترتبط بعلاقات تجارية وسياسية واجتماعية تاريخية مع المملكة المتحدة، وتترجم بحجم تجارة واستثمارات ضخمة بين الجانبين.

ويبين في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن حجم التبادل التجاري السنوي بين دول الخليج وبريطانيا "يصل إلى ما يربو على 75 مليار دولار، فضلاً عن الائتمار المباشر الخاص والحكومي المتبادل".

وأشار الهور إلى تصريحات وزير الدولة البريطاني للشؤون التجارية الأخيرة التي ركز فيها على التجارة مع الخليج وأهمية البحر الأحمر، وأكد أن تعزيز التجارة بين الدول تعمل على استقرار العلاقات السياسية وتعزيزها وتقليل احتمالات وقوع نزاعات مسلحة أو خلافات بالمعنى الشمولي.

ويرى أنه من المهم جداً استخدام هذه العلاقات التاريخية المهمة في تحقيق السلام بمنطقة الشرق الأوسط، وإيقاف الحرب في فلسطين والبحر الأحمر، بما ينعكس إيجاباً على العلاقات الثنائية والاستقرار والتنمية المستدامة وحفظ خطوط التجارة الدولية ونزع فتيل أي أزمات دولية قابلة للحدوث.

ويلفت الأكاديمي والخبير الاقتصادي إلى أن العلاقات العربية -الخليجية تحديداً- مع بريطانيا تأخذ منحى تاريخياً ثقافياً اجتماعياً، قبل كونه سياسياً تجارياً؛ وذلك بحكم تاريخ العلاقة وعمقها.

دعامة أساسية

تعد التجارة دعامة أساسية للعلاقات بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون، حيث تفتح أبواباً واسعة لبناء الازدهار المشترك، فهناك استثمارات ضخمة متبادلة، وتتمتع قوتهما الاقتصادية المجتمعة بالقدرة على تحقيق الفائدة لكلا الجانبين.

وشهدت العلاقات التجارية بين الجانبين خلال الفترة من 2010 إلى 2019 نمواً هائلاً، فقد ارتفعت واردات المملكة المتحدة من دول الخليج بنسبة 41.6%، في حين ارتفعت صادراتها من السلع إلى تلك الدول بنسبة 63.6% خلال نفس الفترة.

وتسعى بريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي عام 2016، إلى البحث بجدية عن شركاء اقتصاديين جدد في إطار ما يعرف بـ "البريكست"، ومن بين الشركاء يتم إيلاء أولوية خاصة للدول الواقعة في منطقة الخليج، وتركز على 3 دول هي قطر والسعودية والإمارات.

وقد أوضح مسؤولون في الحكومة البريطانية أن حكومة بلادهم تتطلع إلى زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري مع منطقة الخليج إلى تريليون جنيه إسترليني (قرابة 1.3 تريليون دولار) بحلول عام 2050.

وأشار وزير الدولة البريطاني للسياسات التجارية غريغ هاندز، في 28 فبراير الماضي، ذلك في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية" على هامش الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إلى أن التجارة الحرة مع دول الخليج تمثل أهمية بالغة لبلاده.

وأكد هاندز أهمية العلاقات الاقتصادية العميقة بين الطرفين، مبيناً أن هذه الخطوة تمثل الاعتراف بأهمية منطقة الخليج كوجهة رئيسية للتبادل التجاري والاستثمارات بالنسبة لبريطانيا.

وأوضح هاندز أن حجم التبادل التجاري بين بريطانيا ودول الخليج يصل إلى 59 مليار جنيه إسترليني سنوياً، ما يعادل نحو 74.64 مليار دولار، مشيراً إلى أن إنشاء منطقة تجارية حرة بينهما قد يؤدي إلى زيادة حجم التجارة بنسبة تقدر بنحو 16%، مما يبرز أهمية هذه الاتفاقية.

ولفت وزير الدولة البريطاني للسياسات التجارية إلى أن المحادثات حول إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الخليج "تتسم بالإيجابية"، وأعرب عن ثقته في أن المحادثات ستسفر عن نتائج جيدة.

وحول الاتفاقية، يرى هاندز أن أهم النقاط المذكورة في الاتفاقية تشمل ثلاثة مجالات وهي السلع والخدمات والاستثمارات.

وقال: "من حيث السلع، لدى المملكة المتحدة مزايا مذهلة لتقدمها. أما من جانب الخدمات فالخدمات المالية مع دول الخليج يمكن أن تكون قوية جداً، حيث يملك الطرفان قطاعات قوية للخدمات المالية، ويمكن أن توفر المملكة المتحدة الكثير من الخدمات الأخرى".

وتابع: "من جانب الاستثمارات، علينا التأكد من أن الكبيرة منها بإمكانها أن تتدفق، وعلى أساس ذلك يمكن التنبؤ به أكثر، وعلى نحو متسق، والمملكة المتحدة تُعدّ مستثمراً كبيراً في الخارج ومتلقياً مهماً للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تأتي بشكل كبير من دول الخليج".