سياسة وأمن » صفقات

كيف كسرت السعودية حظر شراء الأسلحة الغربية؟

في 2024/01/13

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

يشير اقتراب السعودية من شراء مقاتلات "يوروفايتر تايفون" وصواريخ "جو - جو" من ألمانيا، وعقد صفقة لشراء طائرات "رافال" الفرنسية إلى أن الرياض تخطت كثيراً الحظر الذي فرضته الدول الغربية على بيع السلاح للمملكة منذ سنوات.

وعلى خلفية قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، أوقفت العديد من الدول الغربية المصنعة للأسلحة مبيعاتها للسعودية منذ عام 2018، على رأسها الولايات المتحدة، لا سيما بعد تحشيد أوروبي واسع، وتبني البرلمان الأوروبي قراراً بحظر بيع الأسلحة إلى الرياض، بسبب ما سمّاه "انتهاكات ترتكبها السعودية في اليمن".

لكن السعودية التي تعتبر من أكبر مستورد للسلاح في العالم، كما احتلت المرتبة الخامسة عالمياً في الإنفاق العسكري خلال عام 2022.بحسب تقرير معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، لم تستسلم للضغوط الغربية، وأثبتت نجاحها في تخطيها؛ حيث لجأت إلى أسواق أخرى مثل روسيا والصين، وتركيا، فضلاً عن نجاحها في توطين عدد من صناعاتها العسكرية.

السلاح الألماني يعود للسعودية

وعملت الدول الغربية المصنعة للسلاح على التقارب مع الرياض خلال السنوات الثلاثة الماضية لاسيما بعد حرب أوكرانيا في فبراير 2022، والتقارب السعودي مع كل من روسيا والصين، وذلك بعد أن أثبتت قدرة كبيرة على الصمود أمام الحظر وتخطيه بالبحث عن موردين جدد.

كما كان لتأثيرها الكبير على سوق النفط وسط ما يشهده العالم من تداعيات اقتصادية نتيجة الصراعات وتأثيرات "كوفيد 19"، أثراً قي وجود سعي دولي لتمتين العلاقات مع الرياض، التي أثبتت أن لا غنى لدول الغرب عن التعاون معها وإن كان في بيعها السلاح الذي تريده.

ذلك ما يشير إليه إعلان برلين مطلع الشهر الجاري أنها مستعدة لبيع مقاتلات "يوروفايتر تايفون"، للرياض والتي تعتبر أهم صناعاتها العسكرية.

وحظرت برلين مبيعات الأسلحة للرياض منذ مقتل الصحفي، جمال خاشقجي، أواخر عام 2018؛ ما أوقف بيع طلبية كبيرة لشراء 48 طائرة "يوروفايتر تايفون"، علماً أن السعودية تمتلك أسطولاً يضم أكثر من 70 طائرة "يوروفايتر".

وبحسب تقرير تحليلي لموقع "ديفينيس نيوز"، سبق أن قال المسؤولون في الرياض إنهم يريدون المزيد من "يوروفايتر"، وهددوا بشراء أنواع أخرى من المقاتلات في أماكن أخرى إذا لم يتم تلبية طلبهم.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، قالت يوم الأحد (7 يناير الجاري)، إن بلادها أصبحت مستعدة للسماح بمبيعات جديدة لمقاتلات "يوروفايتر تايفون" للسعودية.

وأكدت بيربوك خلال زيارتها إلى تل أبيب، على دور الرياض البنّاء "في الأزمة الأمنية التي تشهدها المنطقة منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر".

وأعقبها بيوم واحد، تأكيد متحدث باسم الحكومة الألمانية، إن المستشار أولاف شولتس لن يقف في طريق تسليم مزيد من "يوروفايتر" إلى السعودية.

وتقود المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، برنامج إنتاج مقاتلات "يوروفايتر" الحديثة والأكثر تطوراً في العالم.

وتبلغ سرعة هذه المقاتلات القصوى 2 ماخ، وأقصى ارتفاع يمكن أن تصل إليه هو 55 ألف قدم، ويبلغ طولها نحو 16 متراً، كما تتميز بالقوة وسرعة الحركة والمرونة العالية، إضافة إلى القيام بهجمات جو/جو وهجمات جو/أرض في الوقت نفسه.

والأربعاء (10 يناير 2024)، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت، موافقة برلين على تسليم 150 صاروخ "جو - جو" من طراز "إيريس - تي" للحكومة السعودية.

وصاروخ "إيريس - تي" هو صاروخ "جو - جو" قصير المدى، مجهز بمستشعر يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ومحرك محسّن للقتال الجوي، يمكنه الاشتباك مع أي هدف.

كما يتميز الصاروخ بقدرة فائقة على المناورة وإطلاق النار، إذ إن نطاقه ودقة إصابته أعلى، وفعالية الرأس الحربي لديه أكثر فعالية من سابقيه.

رافال الفرنسية

بدورها فإن فرنسا التي تعدّ من أبرز المصدرين للأسلحة إلى السعودية، يبدو أنها تستعد لإبرام صفقة بيع طائرات "رافال" للمملكة.

ذلك ما كشف عنه وزير الجيوش الفرنسية سيبستيان لوكورنو، في أكتوبر الماضي، لافتاً إلى وجود محادثات بين السعودية ومجموعة "داسو" لصناعات الطيران والدفاع حول صفقة محتملة لشراء مقاتلات من طراز "رافال".

وقال الوزير الفرنسي في مؤتمر صحفي: "نعم هناك محادثات، لكن كما في كل مرة، في هذا النوع من المحادثات والعلاقات التجارية بين شركة في مجال صناعات وتكنولوجيا الدفاع ودولة أجنبية تتمتع بالسيادة"، رافضاً التعليق للصحافة عما تم التطرق إليه في تلك المحادثات.

تصريحات وزير الجيوش الفرنسي جاءت بعد يوم من نشر صحيفة "لاتريبيون ديمانش" الفرنسية تقريراً أكدت فيه أن السعودية تجري مفاوضات مع شركة "داسو" للحصول على عرض أسعار لشراء 54 طائرة "رافال".

وقالت الصحيفة إنه إذا تمت الصفقة فسيكون هذا النجاح "مدوياً" لطائرة "رافال"، حيث تفضل السعودية حتى الآن الحصول على طائرة "إف-15" الأمريكية أو "يوروفايتر تايفون" المصنعة من مجموعة شركات من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا.

أمن الشرق الأوسط

المحلل السياسي إبراهيم ريحان يقول لـ"الخليج أونلاين" إن "هناك كثيرة هي العوامل التي جعلت الدول الغربية تغير موقفها من مسألة بيع السلاح للمملكة العربية السعودية".

أول هذه العوامل - وفق ما يقول ريحان - يتمثل بتقدم الحل السياسي في اليمن؛ إذ توصل أطراف النزاع إلى مسودة اتفاق لإطلاق محادثات سلام، لعبت الرياض دوراً مهماً في هذا الشأن.

أما العامل الثاني يضيف: "الدول الغربية تعتقد أنه عبر الموافقة على صفقات السلاح للسعودية، قد تقطع الطريق أو تخفف من التقارب الكبير الذي حصل في الأعوام الأخيرة بين السعودية وكلّ من روسيا والصين".

وثالث العوامل يتمثل في "دور كبير لعبته واشنطن في هذا الإطار، إذ تحاول أن تقدم إشارات الطمأنة للمملكة حول الاتفاق الاستراتيجي، الذي يُبحَث بين واشنطن والرياض بعيداً عن الأضواء"، وفق ريحان الذي يشير إلى أن هذا الاتفاق يتضمن توثيق التحالف الأمني والعسكري بين البلدين كما يبحث تطوير برنامج نووي سعودي.

والعامل الأخير هو أن "الدول الغربية بعد طوفان الأقصى والحرب على غزة تحرص على ترميم وتطوير علاقاتها بدول المنطقة؛ لأسباب أمنية تتعلق بأمن الشرق الأوسط وأمن مصادر الطاقة والتجارة وتجارة السلاح هي أحد أهم هذه الأبوب" على حد قول ريحان.