ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

الذكرى الثالثة للمصالحة.. إلى أين وصلت العلاقات الخليجية؟

في 2024/01/10

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

في الخامس من يناير 2021، استضافت مدينة العلا في المملكة العربية السعودية قمة المصالحة الخليجية، التي هدفت إلى إنهاء الانقسام بين دول مجلس التعاون، وخرجت ببيان شدد على روابط التعاون بينها والعمل على توثيقها في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية.

كما أكد "إعلان العلا"، الذي وقعته دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر، على "تحقيق التعاون والترابط والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات، وتعزيز العمل الخليجي المشترك عبر "استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسية خارجية موحدة".

ومنذ تلك القمة، توالت الأحداث التي أفضت شيئاً فشيئاً لإنهاء تأثيرات الأزمة، وكانت السعودية أولى الدول التي باشرت بإنهاء القطيعة مع قطر وأعادت سفيرها إلى الدوحة، لتقوم الأخيرة لاحقاً بتعيين سفير لها في الرياض، تبعه توقيع بروتوكول لإنشاء "مجلس التنسيق السعودي القطري"، قبل أن يطبق الأمر لاحقاً مع الإمارات والبحرين.

تحسن كبير

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، انعكست المصالحة الخليجية بشكلٍ إيجابي على العلاقات بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى.

ومهدت تلك القمة وما تبعها من استئناف لروابط التجارة والسفر بين الدول الثلاث (قطر من جهة والسعودية والإمارات من الجهة المقابلة)، ولاحقاً تدريجياً مع البحرين، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وحركة السفر بانتظام جواً وبراً.

وبشكل عام، توج العام 2023 بخفض الخلافات في الخليج مع التقارب القطري البحريني الذي تأخر، رغم الملفات الخلافية بين دول المجلس المتعلقة بالسياسة الخارجية، مثل قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وتعويم نظام بشار الأسد في سوريا والموقف من الأزمة الليبية.

وعلى الصعيد الاقتصادي برزت مؤشرات إيجابية بتحقيق وفرة مالية وتحسن مطرد في معدلات النمو الاقتصادي لدول الخليج، وسط تنبؤات بأن يكون عام 2024 الأفضل مع تكامل التقارب بين جميع الدول الخليجية.

وتشكل دول مجلس التعاون الخليجي الست قوة اقتصادية هائلة، وتعمل حالياً على الاستفادة من المزايا المتنوعة من المخططات الاستثمارية والاقتصادية التي بدأت بالعمل بها لتحويل هذه البلدان إلى منطقة جاذبة للاستثمار والتجارة والسياحة.

قطر والسعودية.. تكامل مطلق

مثلت الدعوة السعودية لأمير قطر لحضور قمة العُلا، مطلع يناير 2021، عنواناً لرغبة المملكة في طي صفحة الخلاف، وبحضور الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتلك القمة كانت صفحة المقاطعة قد طويت.

ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الزيارات المتبادلة على مستوى قيادة البلدين، والوزراء، وكذا على مستوى اللجان والدبلوماسيين، 

وكان أمير قطر قد تسلّم، أواخر يونيو 2021، أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد منصور بن خالد آل سعود، ثم في أغسطس 2021، عُيّن بندر محمد عبد الله العطية سفيراً فوق العادة مفوضاً قطرياً لدى المملكة، وبذلك انتهت رسمياً القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.

وكان آخر أشكال التقارب، انعقد الاجتماع السابع للمجلس التنسيقي القطري السعودي المشترك في الدوحة، برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان (5 ديسمبر 2023).

ومجلس التنسيق يمثل إطاراً شاملاً لتعزيز العلاقات الثنائية بين قطر والسعودية، وجرى في أواخر أغسطس 2021، توقيع البروتوكول المعدل لمحضر إنشائه، والذي يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد، ومن الجانب القطري أمير البلاد.

وكان لافتاً أيضاً التعاون العسكري بين الجانبين، فخلال ثلاثة أعوام كان هناك العديد من اللقاءات بين القادة والوفود العسكرية من قطر والسعودية.

قطر والإمارات.. تصاعد بالعلاقات

كانت قطر والإمارات قد أعلنتا رسمياً إعادة التمثيل الدبلوماسي بينهما، وذلك باستئناف عمل سفارة الدوحة في أبوظبي وقنصليتها في دبي، وسفارة أبوظبي في العاصمة القطرية بعد مرور نحو عامين ونصف من المصالحة، وكان ذلك تحديداً ابتداء من 19 يونيو الماضي (2023).

ولم يأت ذلك الإعلان مفاجئاً، حيث كانت قطر قد أعلنت في أبريل الماضي عن جهود تبذل مع الإمارات لإعادة تبادل التمثيل الدبلوماسي، بعدما شهدت العلاقات بين البلدين الخليجيين تطوراً ملموساً خلال العام 2022، تمثل بتبادل الزيارات الرسمية لمسؤولين من البلدين واتصالات دائمة لتعزيز التعاون وترجمة مخرجات قمة العلا.

وبرز التقارب بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدوحة في نوفمبر 2022، تلاه استقبال أمير قطر رئيس الإمارات، محمد بن زايد، الذي كان في زيارة رسمية.

وبعد نحو شهر، حضر أمير قطر القمة التي عقدت في أبوظبي بمشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عُمان هيثم بن طارق، وأعرب بعدها في تغريدة، عن سعادته "باللقاء التشاوري مع عدد من إخواني قادة الدول الشقيقة".

عودة متأخرة للبحرين وقطر

مطلع أبريل 2023 انتهت آخر الملفات الخليجية العالقة على خلفية أزمة عام 2017، بإعلان قطر والبحرين استئناف علاقتهما الدبلوماسية بعد نحو عامين ونيف من إبرام اتفاق قمة العلا الخليجية.

وكان 2023، هو العام الفعلي لعودة التقارب بين المنامة والدوحة، فقد شهد تحركات متسارعة، حيث أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، نهاية يناير الماضي، أهمية العمل على حل كل القضايا والمسائل بين بلاده وقطر.

وقبل ذلك بأيام، أجرى ولي عهد ملك البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، اتصالاً بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد خلاله ضرورة حل المسائل العالقة بين البلدين استناداً إلى علاقتهما الأخوية.

وعقدت لجنة المتابعة القطرية – البحرينية اجتماعها الأول في فبراير الماضي، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض؛ وذلك من أجل بحث إنهاء الأمور العالقة بين البلدين.

وفي الفترة نفسها أيضاً، جمع مقر مجلس التعاون الخليجي بالرياض وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، حيث اتفقا على وضع الآليات والإجراءات اللازمة لإطلاق مسار المباحثات على مستوى اللجان الثنائية لإنهاء الملفات الخاصة المعلقة بينهما.

وكان أغسطس عام 2022، قد شهد لقاءً جمع أمير قطر مع العاهل البحريني للمرة الأولى منذ إنهاء الأزمة، على هامش "قمة جدة للأمن والتنمية".

ولم يعد البلدان الخليجيان إلى اليوم فتح سفارتهما، لكن متحدث وزارة الخارجية القطرية، ماجد بن محمد الأنصاري، سبق أن قال في يونيو 2023، إن العمل جارٍ لفتح السفارات مع البحرين.

تباينات خليجية

يرى الخبير بالشأن الخليجي والدولي حسام شاكر، أن دول الخليج تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية، من "طي صفحة الأزمة حقاً وتلك المرحلة التي كانت العلاقات الخليجية فيها ملتهبة، ووصلت إلى استقطابات معلنة وتوترات شديدة الوطأة وغير مسبوقة بينها".

لكن على الرغم من ذلك يرى أن "الصفحة نعم طويت، ولكن لا يعني ذلك أن الخليج ذهب إلى مواقف متماسكة على مستويات الأمن الجماعي الإقليمي والتكامل الاقتصادي والتوافق في إدارة الملفات العربية والإقليمية".

ويوضح لـ"الخليج أونلاين" بقوله: "دول الخليج رغم أنها طوت صفحة الخلافات الحادة والصراع الذي كان مفتوحاً بين محاور الأزمة التي كانت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فإنها لم تذهب إلى توافقات في إدارة ملفات مُلحة إقليمياً وعربياً".

وأضاف: "هناك افتراق في تطورات اللحظة الراهنة بغزة والمنطقة، ونشهد أن دول الخليج تتمايز بوضوح في مواقفها وكيفية تفاعلها مع الأحداث".

وتابع: "مثلاً، هناك ملفات بين دول تحتفظ بعلاقات متقدمة جداً مع الاحتلال الإسرائيلي، ودول تعبر عن مواقف ناقدة بوضوح أو مواقف تعتبر أقرب لمزاج الشعب في بلدانها"، مشيراً إلى أن ذلك "له سلبيات سياسية وتجليات إعلامية بالنسبة للدول الأعضاء".

ويعيد تأكيده حول تقارب دول الخليج بقوله: "الدول الخليجية أنهت نعم فصلاً بائساً من الصراع المفتوح والملتهب تحت عنوان الأزمة الخليجية، لكنها لم تذهب إلى حالة من التكامل الاستراتيجي والتوافق في إدارة الملفات المتعددة والتصرف ككتلة جيواستراتيجية متكاملة أو متقاربة في القضايا المتعددة والمُلحة".

وأكمل: "لم نشهد تطوراً بالعلاقات الخليجية في التعامل مع التحديات والقضايا التي تعيشها دول المنطقة والإقليم إلا في ملفات محدودة جداً".