تواصل » تلفزيون

داود الشريان: «صَحوة ضمير»... يليها اعتذار

في 2023/11/21

  زينة حداد- الأخبار- 

غرّد الإعلامي المعروف مهاجماً «العربية»، مؤكداً على تراجع نسبة مشاهديها وممارستها الدعاية السياسية البليدة، ما أدى إلى انطلاق حملة ضده، فاضطر إلى حذفها والاعتذار! وراحت التعليقات تربط فورة الغضب هذه بتغطية القناة لحرب غزة، وسياستها التحريرية التي تتماهى مع العدو الإسرائيلي. 

لم يكن ينقص قناة «العربية» السعودية إلا الهجوم العنيف الذي شنّه عليها داود الشريان الذي شغل سابقاً منصب نائب المدير العام للمحطة. الشاشة التي يملكها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تمرّ حالياً في مرحلة مصيرية سترسم مستقبلها، بسبب تغطيتها المتطرّفة للحرب على غزة وسياستها التحريرية المنحازة إلى العدو الإسرائيلي، إذ تساوي بين الجلّاد والضحية وتبرّر الجرائم والإبادة الصهيونية المُرتكبة في القطاع. هكذا، عاد الشريان إلى الأضواء بعد غياب سنوات، وهذه المرة من باب تغريدة له على منصة x. فقد غرّد الإعلامي السعودي مساء السبت الماضي منتقداً «العربية» التي يديرها حالياً السعودي ممدوح المهيني، قائلاً «إنّ قناة «العربية» أصغر من التعبير عن السعودية، ولا تعرف حجم الرياض، ومكانتها العربية والإسلامية ودورها المحوري في إدارة أزمات المنطقة». وتابع الإعلامي المخضرم: «مشاهدات قناة «العربية» متدنّية، تمارس دعاية سياسية بليدة، تعد سابقة في الغباء المهني».

هذه التغريدة كانت كفيلة بشنّ حرب تخوينيّة سعودية ضد الشريان، الذي تصدّر هاشتاغات X، قبل أن يضطر إلى تقديم اعتذاره وحذف التغريدة والتراجع عن موقفه. خطوة وصفت بأنها «صحوة ضمير ثم تراجع خوفاً من أن يلقى مصير الصحافي السعودي جمال خاشجقي» (1958ــــ 2017) الذي قُطِّع إرباً في تركيا.

في هذا السياق، انهالت الانتقادات على مقدّم برنامج «الثامنة» (mbc)، متّهمين إياه بأنه كان في منصب فاعل في «العربية»، لكنه لم يقم بواجباته في تغيير سياسة «العربية». فقد تبوأ مراكز عدة في القناة التابعة لـ«الشركة السعودية للأبحاث والتسويق»، وكان عضواً في مجلس إدارة «العربية»، كما ترأس تحرير موقع «العربية نت».

رغم أن تغريدة الشريان لم تكن واضحة لجهة السبب وراء انتقاده اللاذع لـ«العربية»، لكنّ مصادر تلفت لنا إلى أنه لا يمكن فصل كلام الإعلامي عن الأحداث التي تشهدها غزة وتغطية «العربية» لجرائم العدو الإسرائيلي. وأشارت المصادر إلى أنّ كلام الشريان يدلّ على أنه يعيش ما يشبه «الإحباط» من تغطية القناة للجرائم في فلسطين، على إثر اتخاذ «العربية» موقفاً منحازاً إلى العدو. خطوة تدعم عملية تطبيع السعودية مع العدو الإسرائيلي التي كان يقودها محمد بن سلمان.

من هذا المنطلق، أجمعت التعليقات على أنّ كلام الشريان عن «العربية» جاء في توقيت حسّاس تعيشه القناة، لأسباب عدة أبرزها أنّ «العربية» تتعرض لهجوم واسع على صفحاتها على السوشال بسبب تغطيتها غير المهنية للعدوان على غزة، وتبنّيها خطاب العدو الإسرائيلي. يمكن القول إنّ العدوان على غزة يُخاض أيضاً على جبهات السوشال ميديا وفي استديوات الإعلام. وفي وقت شهد فيه العالم تظاهرات في مختلف عواصمه ضد السياسة الإسرائيلية الإجرامية، تقدّم «العربية» ما تصفه بـ«تغطية حيادية» كاذبة عبر وصف الشهداء في فلسطين بأنهم قتلى! وخير دليل على تلك السياسة ما قام به مراسل «العربية» في فلسطين أحمد حرب. في بداية العدوان، كان أحمد حرب يتحدث عن الوضع الأمني في شرق مدينة خان يونس، قائلاً إنّه «سقط 11 شهيداً حتى هذه اللحظة»، قبل أن يستدرك مصحّحاً «11 ضحية وعشرات الإصابات»! كذلك، طال النقد المحلل العسكري لـ«العربية» رياض قهوجي، الذي تبنّى رواية الاحتلال بأنّ «مجمع الشفاء الطبي» في غزة يضمّ مقراً عسكرياً وقيادة لحركة «حماس».

على الضفة نفسها، تلفت المصادر إلى أن هجوم الشريان على «العربية» يأتي في وقت تستعدّ فيه للانتقال نهائياً من الإمارات إلى السعودية على إثر قرار MBS قبل أكثر من ثلاث سنوات، بتعزيز حضور الرياض في المشهد الإعلامي. وتكشف المصادر أن موظفي المحطة ينتقلون على مراحل إلى الرياض وفي منتصف عام 2024 ستترك «العربية» مدينة دبي بشكل نهائي. وتشير المعلومات إلى أنّ هجوم الشريان على «العربية» يصبّ في مصلحة «الجزيرة» التي تعتبر إحدى الأذرع الإعلامية القطرية الأساسية في الحرب السعودية القطرية، على اعتبار أنه رغم الانتقادات السلبية التي تطالها، إلا أنّ «الجزيرة» ظلّت متمايزة في تغطية العدوان ونشر صور الأطفال الشهداء، ما أسهم في تغيير مزاج الرأي العام حول العالم.

وكما كان متوقعاً، لم تمر ساعات على تغريدة الشريان حتى حذفها وقدم اعتذاره. وقال الإعلامي: «تغريدتي عن قناة «العربية» وقعت في أبجديات الأصول، فضلاً عن المهنية، وهي أني قلت رأياً في العلن، عن عمل زملاء أعمل معهم في المؤسسة ذاتها، وكان بإمكاني إيصال الفكرة عبر بريد إلكتروني، فضلاً عن أني استخدمتُ عبارات فيها الكثير من المبالغة. إن شئت، التجنّي على جهد زملاء يبذلون ما في وسعهم لمواجهة هذا الطوفان من التحريض على وطني السعودية، لهذا وجب عليّ الاعتذار لهم بشدة».