اقتصاد » احصاءات

اتفاقية بين بورصتيهما.. ما الفوائد التي ستجنيها السعودية والصين؟

في 2023/09/08

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

كان ملف الطاقة من أبرز الملفات على طاولة القمتين "الصينية - السعودية"، و"الصينية - الخليجية"، حيث انتهز الرئيس الصيني الفرصة لحث دول الخليج على الاستفادة من بورصة شنغهاي للنفط والغاز لتسوية صفقات الطاقة باليوان، على خلاف ما يحدث حالياً بتسويتها بالدولار الأمريكي.

وبعد نحو 9 أشهر من تلك الزيارة، أعلنت بورصة شنغهاي الصينية توقيع مذكرة تفاهم مع نظيرتها السعودية "تداول"، حول فرص التعاون في مجالات الإدراج والتكنولوجيا المالية، وغيرها من الملفات، في إطار شراكات واسعة بين الجانبين.

وتعد البورصة الصينية جزءاً من منطقة التجارة الحرة في شنغهاي، وبمنزلة منصة تداول وطنية صينية للطاقة، مثل الغاز الطبيعي وغاز النفط المسال والنفط، وهو مجال مفتوح أمام دول الخليج لتوسيع تجارتها بعملات جديدة غير الدولار، فما الذي قد تجنيه السعودية من فوائد من اتفاق كهذا؟

اتفاقية أولية

بعدما كان الرئيس الصيني شي جين بينغ دعا خلال زيارته للسعودية، في 7 ديسمبر 2022، دول الخليج للاستفادة من بورصة شنغهاي للنفط والغاز بصفتها منصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان، كانت السعودية أول دولة خليجية تسارع لاستكشاف ذلك العرض المقدم من بكين، كبوابة ربما للاستفادة من طريقٍ آخر غير عملة الدولار المعتمدة دولياً.

ففي 4 سبتمبر 2023، أعلنت بورصة شنغهاي أنها وقعت مذكرة تفاهم مع نظيرتها السعودية "تداول"، مع تطلع البلدين لتعميق العلاقات المالية، وسط حالة من الدفء في العلاقات الدبلوماسية.

ونقلت وكالة "رويترز" عن البورصة الصينية قولها، في بيان: إن البورصتين "ستستكشفان فرص التعاون في مجالات الإدراج والتكنولوجيا المالية والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والأبحاث".

وقال تساي جيان تشون، المدير العام لبورصة شنغهاي: "سعداء بالتعاون مع السوق السعودية.. ونتطلع إلى تعزيز التعاون المشترك في المنتجات، من ذلك صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة، وتعزيز العلاقات بين السوقين".

ومطلع أغسطس الماضي، كشفت وكالة "رويترز" عن أن "تداول" وبورصة "شنغهاي شنزن" تجريان محادثات  للسماح للصناديق المتداولة في البورصة بالإدراج المزدوج في السوقين.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي السعودية والصين إلى الاستفادة من العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بينهما في تعزيز التعاون الثنائي في القطاع المالي.

اتفاقيات وأرقام كبيرة

الرئيس الصيني خلال زيارته للسعودية قال إن بلاده ستواصل استيراد كميات كبيرة من النفط الخام من دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز واردات الغاز المسال، فضلاً عن التعاون لتطوير قطاع المنبع، والخدمات الهندسية والنقل والتكرير.

وأضاف جين بينغ أن الصين مستعدة لتنفيذ تعاون تنظيمي مالي مع دول الخليج، وتقديم تسهيلات لدخول الشركات الخليجية إلى سوق رأس المال الصيني، إلى جانب تأسيس اتحاد استثماري مشترك مع دول مجلس التعاون، ودعم صندوق الثروة السيادية لكلا الجانبين للتعاون في شتى المجالات.

ولعل توقيع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز "اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة" مع الرئيس الصيني خلال الزيارة ذاتها، يمثل مرحلة جديدة لتطوير العلاقات، ومواءمة مبادرة الحزام والطريق الصينية مع رؤية السعودية 2030، وبخاصة ما يتعلق بمشروع "نيوم" الذي من المنتظر أن تساهم شركات صينية في تنفيذه.

كما وقعت شركات سعودية وصينية 34 اتفاقية استثمارية في عدد من القطاعات بقيمة 50 مليار دولار، منها الطاقة الخضراء، والهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتقنية المعلومات، والخدمات السحابية، والنقل، والخدمات اللوجستية، والصناعات الطبية، والإسكان، ومصانع البناء.

وخلال عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 106.1 مليارات دولار، بارتفاع سنوي 30%.

فوائد وتعزيز التعاون

يشير الخبير الاقتصادي أحمد صدام في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن مذكرة التفاهم "تؤخذ في إطار تعاون مبدئي عام".

لكن، حسب صدام، في حال نتج عنها لاحقاً اتفاقية بين البورصتين الصينية والسعودية "يمكن الحديث حينها عن أوجه عدة يمكن الاستفادة منها"، طارحاً مثالاً بقوله: "إذا ما تم الاتفاق على الإدراج المزدوج بين البورصتين فهذا سيؤدي إلى رفع مستوى السيولة لأسهم الشركتين".

وشدد على أن الأهم من كل ذلك "هو أن بورصة (تداول) السعودية سوف تنتقل من الإطار المحلي والخليجي إلى الإطار الدولي، بمعنى توسيع مستوى عرض الشركات المدرجة أو تنويع استثمارات المساهمين".

ويشير إلى أن ذلك "سيؤدي إلى تقليل مستوى المخاطرة للمحافظ الاستثمارية وللشركات المدرجة في السوقين"، إلى جانب أن هذا النوع من التعاون "سيرفع مستوى البيع وتحقيق الربح في حالة نقص الطلب على أسهم شركة ما في أحد السوقين".

وحول الفوائد للبلدين يعتقد أنها تكمن في "تعزيز مستوى أواصر العلاقات الاقتصادية، وزيادة مستوى انتقال رؤوس الأموال، لا سيما للشركات المدرجة في السوقين".

ولفت إلى أن هذا التعاون بطبيعة الحال "سوف يرفع مستوى تنافسية الشركات الصينية في السوق السعودية بالمقارنة مع الشركات الأخرى، كما يمكن أن يعزز من مستوى ثقة المستثمر الصيني، ويرفع من مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في السعودية".

شنغهاي واليوان الصيني

يذكر أن بورصة شنغهاي للنفط والغاز بدأت عملياتها رسمياً في 26 نوفمبر 2016، حيث تعد البورصة جزءاً من منطقة التجارة الحرة في شنغهاي، وبمنزلة منصة تداول وطنية صينية للطاقة، مثل الغاز الطبيعي وغاز النفط المسال والنفط.

ويقدم المركز التجاري في شنغهاي نظام خدمة شاملاً لتجارة النفط والغاز، حيث تهدف بورصة شنغهاي للنفط والغاز إلى أن تصبح مركزاً لتجارة وتسعير النفط والغاز لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بديلاً عن التسعير الدولي المعروف بالدولار.

وفي مارس الماضي، زادت شركة "أرامكو" السعودية العملاقة للنفط استثماراتها التي تقدر بمليارات الدولارات في الصين من خلال وضع اللمسات الأخيرة على مشروع مشترك مزمع تحديثه في شمال شرق الصين، والاستحواذ على حصة أكبر في مجموعة بتروكيماويات مملوكة للقطاع الخاص.

كما سبق أن كشفت "رويترز"، مطلع أغسطس الماضي، عن مباحثات أجرتها بورصة "شنتشن" و"تداول" السعودية للسماح بتبادل إدراج صناديق مؤشرات متداولة في كل منهما.

ونقلت الوكالة حينها عن مصادر قولها إن المحادثات في المراحل الأولى، ويمكن أن تمثل أول خطوة كبيرة من بكين والرياض نحو توسيع نطاق التعاون ليشمل قطاعات أخرى غير الطاقة والأمن والتكنولوجيا الحساسة.

وإن تخلت السعودية -أكبر مُصدّر للنفط عالمياً- عن تسعير النفط بالدولار واتجهت إلى اليوان، وفعلت قطر نفس الشيء مع غازها المسال، فسيشكل ذلك ضربة للدولار تهدد بكسر هيمنته على سوق العملات الدولية، وفق محللين.

وتكمن جدية هذا الأمر في أن الصين أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم وثاني أكبر مستهلك لهما، في حين تعد السعودية أكبر مصدر له، وقطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسال، حيث تستورد بكين كميات كبيرة من النفط الخليجي، واتفقت مع الدوحة على استيراد كميات أكبر من الغاز المسال.