سياسة وأمن » حروب

وثائق سرّية تُظهر امتعاض حلفاء الرياض | آل جابر لسفراء «التحالف»: الحرب طالت أكثر من اللازم

في 2023/07/12

متابعات-

كشف مصدر ديبلوماسي عربي في مسقط، وفق ما تُظهره وثائق سرّية اطّلعت عليها «الأخبار»، أن هناك مخارج يجري التداول بشأنها للوضع في اليمن، ومن بينها تشكيل مجلس رئاسي تشارك فيه حركة «أنصار الله»، إلى جانب بقيّة الفرقاء، وتقسيم الدولة إلى خمسة أقاليم إدارية، وإبداء مرونة في شأن مطلب نزع سلاح الحركة. ولفت المصدر إلى أن «المجلس الرئاسي» اليمني الذي شكّلته السعودية والإمارات برئاسة رشاد العليمي، لا يمتلك حظوظاً حقيقية للنجاح بسبب عدم التجانس بين أعضائه. وقال إن التطوّرات في اليمن باتت تستدعي العمل على إصدار قرار أممي جديد بديل من القرار 2216، يواكب المتغيّرات ويلبّي مصالح جميع الأطراف.

وبحسب الوثائق نفسها، انتقد سفير الحكومة اليمنية (المدعومة من السعودية) في الرباط، عز الدين الأصبحي، أمام ديبلوماسيين، المفاوضات بين السعودية و«أنصار الله». وقال في اللقاء الذي عقد مطلع هذا العام، إن حكومته مغيّبة عن المفاوضات والمعلومات المتصلة بها. واعتبر أن هناك تقديراً خاطئاً لدى السعودية في التعامل مع الوضع اليمني، ولا سيما في ما يتعلّق بالتفاهم حول ترتيبات أمنية تمنح «أنصار الله» اعترافاً بالسيطرة على الحدود بين المملكة وشمالي اليمن.

ووصف السفير اليمني في واشنطن، محمد الحضرمي (تابع للحكومة التي تدعمها الرياض)، بدوره، السعودية بـ«مهندسة الهدنة» في اليمن. وقال لديبلوماسيين عرب وأجانب إن المملكة ضغطت لتمرير الهدنة في نيسان 2022، وإن الجانب اليمني الرسمي لم يكن موافقاً على بعض ما جاء في بنودها. وكان سفير السعودية في اليمن، محمد آل جابر، أبلغ سفراء دول «التحالف العربي» في الرياض في نيسان 2022، أن الحرب في اليمن طالت أكثر من اللازم، ولم يتمكّن أيّ طرف من حسم الموقف فيها لمصلحته. كما اعتبر أن الحكومة التي كان يقودها عبد ربه منصور هادي لم تنجح في إدارة الأزمة. وتطرّق آل جابر إلى نتائج «المشاورات» التي نظّمتها الرياض بين أطراف يمنية عدّة وتغيّبت عنها «أنصار الله»، وطلبت تقديم تأييد علني لها من دول «التحالف»، وفق مصدر ديبلوماسي اطّلع على فحوى اللقاء.

من جهته، وفي روايته لظروف إعلان الهدنة في اليمن بين «أنصار الله» والقوات الموالية لـ«التحالف» الذي تقوده السعودية، قال وزير خارجية اليمن الأسبق، عبد الملك المخلافي، في حديث مع ديبلوماسيين أجانب في الأردن، إن وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، مارس ضغوطاً على الرئيس اليمني الموالي للرياض، عبد ربه منصور هادي (قبل عزله)، وطلب منه تقديم مقترحات يمكن أن تسهم في تغيير الوضع على الأرض. وأكد له أن السعودية قد تضطرّ في حال عدم تغيّر المعطيات خلال فترة قصيرة، إلى سحب قواتها من اليمن والتسليم بنصف خسارة بدلاً من خسارة كاملة. وكشف المخلافي أن الولايات المتحدة لعبت دوراً هاماً خلال معارك مأرب عام 2021، حيث تدخّلت بعد طلب سعودي لدعم القصف الجوي على «الحوثيين»، كما شجعت قوات «العمالقة» وقوات «المجلس الانتقالي» في محافظة شبوة على شنّ هجوم لوقف تقدّم الحركة. وتلاقت المعلومة الأخيرة مع ما قاله مسؤول إماراتي من أن مشاركة الجماعات الموالية للإمارات في معركة مأرب جاءت بطلب أميركي بعدما أدركت واشنطن أن سقوط مأرب بيد «الحوثيين» «سيعني حسم الحرب في اليمن وتكرار سيناريو أفغانستان».

أحد المسؤولين الأميركيين عن الملفّ اليمني أبلغ ديبلوماسياً خليجياً بأن «الحوثيّين» لا يريدون صدقات من الرياض

وعبّر السفير اليمني في بروكسل، محمد مصطفى (تابع للحكومة التي تدعمها الرياض)، من جهته، أمام ديبلوماسيين عرب عن اعتقاده بأن السعودية والإمارات تريدان اليمن دولة ضعيفة كي يمكن لهما التحكّم بها. وأشار إلى أن الاختلافات التي ظهرت بين الجانبين السعودي والإماراتي بعد السيطرة على عدن «أوقعت اليمن بين مطرقة محمد بن سلمان وسندان محمد بن زايد». واستدلّ على تحكّم السعودية بقرار الحكومة اليمنية التي تدعمها، برواية واقعة جرت قبل سنوات عندما علمت الرياض بأن تلك الحكومة عقدت صفقة أسلحة مع أوكرانيا، فـ«جُنّ جنون السعوديين وطلبوا إلغاء الصفقة». وأبدى مصطفى تشاؤمه حيال الوضع العسكري، ورأى أن السعوديين والإماراتيين اعتقدوا لفترة طويلة أنه يمكنهم الفوز بالحرب من الجو فقط، وهذا غير ممكن.

وممّا تكشفه الوثائق التي اطّلعت عليها «الأخبار» أيضاً، أن أحد المسؤولين الأميركيين عن الملفّ اليمني أبلغ ديبلوماسياً خليجياً بأن «الحوثيّين» لا يريدون صدقات من الرياض، بل تأمين الرواتب للموظفين اليمنيين من خلال إتاحة الوصول إلى الأموال اليمنية المحتجزة في «البنك الأهلي التجاري» في السعودية، وهو المؤسّسة المالية التي تودَع فيها إيرادات النفط والغاز اليمنية من مأرب وشبوة وحضرموت. ودعا إلى استباق هجمات جديدة لـ«الحوثيين» من خلال الضغط على السعودية للإفراج عن الأموال في البنك المذكور. وفي الاتجاه نفسه، أبلغ المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، مسؤولين خليجيين، أنه فاتح ولي عهد السعودية بشأن تداعيات استمرار أزمة الرواتب، فأبدى الأخير استعداده لحلّها، على ضوء رغبته في المضيّ في «رؤية 2030» التي قدّر المبعوث الأميركي أنها ستواجه مخاطر كبيرة في حال استمرّت الحرب في اليمن.

كذلك، تكشف برقية صادرة عن السفارة الإماراتية في واشنطن عن تحرّك كثيف للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في اتجاه أعضاء في الكونغرس الأميركي، ومجموعات ضغط يهودية، لدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة إدراج «الحوثيين» في قائمة المنظّمات الإرهابية. وعبّر العتيبة، أمام أعضاء في مجلس الشيوخ، عن الغضب من الضربات التي تعرّضت لها أبو ظبي يوم 17 كانون الثاني 2022، ووصفها بأنها شبيهة بهجمات 11 أيلول على نيويورك وواشنطن. وبرغم استماع المسؤولين الأميركيين إلى المطلب الإماراتي، وإبدائهم استعدادهم لفرض عقوبات محدّدة على مسؤولين «حوثيين»، إلّا أنهم استبعدوا فكرة تصنيف «أنصار الله» منظمة إرهابية، لأن ذلك من شأنه أن يقيّد خيارات واشنطن في التعامل مع الأزمة في اليمن. وبالنتيجة، أسفرت لقاءات سفير الإمارات عن خيبة أمل حيال إمكانية الحصول على دعم أميركي استثنائي لبلاده.