علاقات » دول أخرى

تصعيد يعقد المشهد.. إلى أين تصل أزمة العمالة بين الكويت والفلبين؟

في 2023/05/27

أشرف كمال - الخليج أونلاين- 

اتخذت أزمة العمالة الفلبينية في الكويت منحنى تصعيدياً بعدما اتهمت الحكومة الكويتية الجانب الفلبيني بمخالفة القوانين الدبلوماسية، وطالبتها بتعهد رسمي بعدم تكرار هذه المخالفات مرة أخرى.

وهاجم وزير الداخلية الكويتي الشيخ طلال الخالد (24 مايو 2023)، سفارة الفلبين في بلاده، وقال إن سيادة الكويت وكرامة أهلها "خط أحمر"، مؤكداً التزام بلاده بالاتفاقيات الموقعة مع حكومة الفلبين.

ما الجديد؟

تصريحات "الخالد" جاءت بعد انتهاء جلسة مفاوضات عقدها مع الجانب الفلبيني بطلب من حكومة مانيلا بشأن استقدام العمالة.

ووفقاً للداخلية الكويتية، فقد أكد الخالد خلال الاجتماع "استمرار وقف جميع أنواع التأشيرات للعمالة الفلبينية، والاستمرار بالتجديد لمن لديه إقامة سارية ويرغب في الاستمرار بالعمل".

وأوضح أن الكويت "اتخذت هذا الموقف نتيجة للممارسات الخاطئة التي تقوم بها السفارة الفلبينية في البلاد، والجرائم المرتكبة من قبل الجالية الفلبينية".

ونقلت وزارة الداخلية الكويتية عن الخالد قوله: إن "الكويت ملتزمة بموقفها بعد المفاوضات مع الجانب الفلبيني، وملتزمة بالاتفاقيات الدولية المبرمة بين الجانبين"، غير أنها اتخذت هذا الموقف "بسبب الممارسات الخاطئة لسفارة الفلبين والجرائم المرتكبة من قبل الجالية الفلبينية".

في الوقت نفسه أكدت الوزارة أن الخالد طالب السفارة بالاعتراف والإقرار بأنها ارتكبت مخالفات وتعديات على القوانين، والقرارات واللوائح المعمول بها داخل الكويت، منتهكة بذلك الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها بين الدول.

كما طالب الوزير الكويتي -بحسب الوزارة- سفارة الفلبين بتقديم تعهد رسمي بعدم تكرار أو القيام بمثل تلك الأفعال مستقبلاً، وتبليغ حكومتها بهذا الاعتراف والتعهد.

ووجه الخالد بعقد اتفاقيات عمالية وتزويد السوق بالعمالة المدربة من مختلف الدول المصدّرة للعمالة.

ما الاتهامات الموجهة للفلبين؟

وفقاً لوزارة الداخلية الكويتية، فقد تضمن كتاب الهيئة العامة للقوى العاملة الموجهة لوزير الداخلية أبرز المخالفات التي تقوم بها السفارة الفلبينية في البلاد وهي:

الإيعاز لمكاتب استقدام العمالة المنزلية بالتدخل في إجراءات سحب العمالة المنزلية من منازل المواطنين بحجة أن العامل أو العاملة قد أتم عقده.
الضغط على مكاتب استقدام العمالة المنزلية لإيواء العمالة في السكن الخاص للمكاتب، على الرغم من أن القوانين واللوائح المنظمة في الكويت تمنع هذه الإجراءات.
إلزام المكاتب بالبحث عن العمالة المنزلية الهاربة من منازل أصحاب العمل، وأخذ دور مؤسسات الدولة المختصة في هذا الشأن.
الضغط على أصحاب العمل عند تجديد عقود العمل ببنود تعاقدية لا يرغب بها صاحب العمل أو العامل.
الاتصال مباشرة على المواطنين ومكاتب استقدام العمالة لمراجعة السفارة دون الرجوع إلى الجهات المختصة في الكويت.
معاملة المواطنين بصورة غير لائقة عند مراجعة السفارة بناءً على طلبها.
عدم توثيق عقود مكاتب استقدام العمالة لدى السفارة ودون مسوغ قانوني.
وضع حظر على أصحاب العمل مع علم السفارة بأنه توجد شكاوى منظورة في الجهات الحكومية ذات الصلة وهو مخالفة صريحة وتعدٍ صارخ على قوانين الكويت.
تقوم السفارة بإيواء العمالة بسكن خاص أو مركز إيواء تابع لها علماً بأن بعض تلك العمالة مخالفين لقانون الإقامة أو صادر بحقهم بلاغات تغيّب.

ما موقف الفلبين؟

في 18 مايو 2023، أكدت وزارة الخارجية الفلبينية احترامها الكامل للقوانين الكويتية، وقالت إن جميع الإجراءات التي تتخذها مانيلا هي فقط لضمان سلامة ورفاهية مواطنيها، وإنها "تعبر عن تقديرها لكرم ضيافة الكويت وحكومتها لأكثر من 200 ألف عامل فلبيني يعملون فيها يعتبرون الكويت وطنهم الثاني".

وجاء البيان الفلبيني بعدما قررت الكويت وقف استقدام العمالة الجديدة من الفلبين، وإلغاء دخول حتى من حصلوا على تأشيرات قبل صدور القرار.

وفقاً لبيان الخارجية الفلبينية، فقد انخرط البلدان في محادثات ثنائية رفيعة بالكويت، في الفترة من 16 إلى 17 مايو 2023، وقد أكدت الفلبين أنها "ستظل منفتحة على الحوار البناء حول كيفية معالجة الشواغل الحالية".

في الوقت نفسه أكدت مانيلا أن توفير الحماية لمواطني أي دولة في الخارج هو "واجب راسخ للمكاتب القنصلية بموجب القانون والاتفاقيات الدولية".

كيف تصاعدت الأزمة؟

في 22 مارس 2023، كشفت القنصل العمالي بالإنابة بسفارة الفلبين في الكويت كاثي دولادول، عن إعادة 1022 عاملة منزلية فلبينية إلى بلادهن، اعتباراً من يناير الماضي.

وقالت المسؤولة الفلبينية لصحيفة "الراي" الكويتية، إن هناك مزيداً في انتظار معالجة مستنداتهن القانونية تمهيداً لعودتهن.

ووفقاً للمسؤولة الفلبينية فإن "برنامج العودة إلى الوطن" التابع لمكتب العمال المهاجرين، وإدارة رعاية العمال الأجانب بالتعاون مع السفارة، هو مشروع مستمر لحكومة مانيلا؛ لمساعدة العمال الفلبينيين بالخارج على العودة إلى بلدهم، وهو يتم بالتعاون مع وزارتي الخارجية والداخلية في الكويت.

وقد غادر أكثر من 637 عاملة منزلية قادمة من المأوى وإدارة الإبعاد في الكويت، منذ بداية مارس 2023، وقد نقلت الصحيفة الكويتية عن مصادر -لم تسمها- أن المأوى يستقبل من 10 إلى 20 عاملة منزلية يومياً.

وبحسب الصحيفة فإن معظم العاملات من القادمات الجدد اللواتي لم ينهين أشهر اختبارهن ويرفضن العمل رغبة في الحصول على فرصة عمل أفضل خارج الكويت، في حين يرفض البعض الآخر العمل بسبب عدم التزام الكفيل ببنود العقد.

ولفتت المصادر إلى أن جميع الرحلات يتم تمويلها من قبل برنامج العودة إلى الوطن وإدارة رعاية العمال الأجانب، تطبيقاً لوعد الحكومة للعاملين في الخارج بإعادتهم إلى منازلهم بأمان بغض النظر عن وضعهم الحالي.

وكانت الفلبين قد استأنفت إرسال العمالة المنزلية إلى الكويت، في أبريل 2021، بعد التوصل إلى تفاهمات بشأن شروط التعاقد، وذلك بعد توقف دامَ أربعة أشهر.

لكن الأزمة عادت مجدداً بعدما أوقفت مانيلا إرسال العمالة، في فبراير 2023، بعد مقتل العاملة جوليبي رانارا، على يد صاحب عملها، فيما شرعت عاملات فلبينيات مغادرة الكويت.

وفي 10 مايو 2023، أصدرت الداخلية الكويتية تعليمات للإدارة العامة للطيران المدني بعدم قبول أي راكب من الجنسية الفلبينية، حتى وإن كانت لديه تأشيرة مسبقة، والسماح فقط لمن لديه إقامة صالحة في الكويت بالصعود للطائرة.

ويأتي الفلبينيون ضمن أعلى 10 جنسيات في سوق العمل بالكويت، منهم 63584 في قطاع العمل الأهلي، و162041 في قطاع العمالة المنزلية، بإجمالي 225625 عاملاً.

ووفق بيانات الإدارة العامة للإحصاء في الكويت، يبلغ عدد العمالة المنزلية بالبلاد نحو 750 ألف عامل، مستحوذين على نحو 22% من إجمالي العمالة الوافدة البالغ إجماليها 3.4 ملايين شخص.

"ستأخذ وقتاً"

صاحب مكتب لاستقدام العمالة المنزلية في الكويت نادر الحبيب، يؤكد أنه حسب المعطيات في مساءلة العمالة الفلبينية، فإن "هناك فجوة كبيرة بين الرأيين الكويتي والفلبيني، ومن ثم فالموضوع سيأخذ وقتاً طويلاً للوصول إلى الحل، في حالة عدم تقديم تنازلات".

ويوضح "الحبيب" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الحكومة الكويتية أصدرت تعليمات لوازرة الخارجية للتباحث مع دول أخرى لتنويع العمالة المنزلية بهدف طرق أسواق جديدة لتعويض غياب العمالة الفلبينية.

ويقول: إن "الحكومة الفلبينية هي من أوقفت العمالة للكويت، وهو ما تسبب بخسارة مكاتب الاستقدام في الفلبين والكويت"، معتبراً رد فعل الحكومة الكويتية حول قرار مانيلا "طبيعي".

ويبين أن حقوق العمالة بشكل عام في الكويت مصانة، حيث يوجد قانون ينظم هذا القطاع، على غرار منح الإجازة السنوية، وساعات الراحة، ومكافأة نهاية الخدمة، وحق التقاضي.

ويوضح أن السلطات الفلبينية تريد تغيير القانون الكويتي حول حقوق العمالة، إضافة إلى أنها تتجاوز القانون من خلال إيواء عمالة هاربة في سفارتها في الكويت.