علاقات » صيني

تنويع أمن وزيادة نفوذ وخرق لعزلة.. مكاسب للرياض وبكين وطهران

في 2023/04/11

 آنا براون/ معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى- ترجمة الخليج الجديد-

حقق الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، مكاسب عديدة ومتنوعة لكل من الرياض وطهران وبكين، بينما قوض بعض نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ذلك ما خلص إليه خبراء من "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" عبر مقالات وظهور في وسائل إعلام طرحوا خلالها آراء جمعتها آنا بروان، منسقة العلاقات الإعلامية بالمعهد، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد".

وفي يناير/ كانون الثاني 2016، قطعت السعودية (ذات أغلبية سنية) علاقاتها مع إيران (ذات أغلبية شيعية)؛ إثر اقتحام محتجين لسفارة المملكة بطهران وقنصليتها في مدينة مشهد (شرق)؛ بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

"شبه خيانة" لواشنطن

ولأكثر من سبعين عاما، كان يُنظر إلى السعودية على أنها حليف وثيق للولايات المتحدة. ومن ثم، اعتبر كثيرون في واشنطن الأمر "شبه خيانة" عندما أعلنت الرياض أن الصين، المنافسة للولايات المتحدة، توسطت في الصفقة، بحسب روبرت ساتلوف.

وتابع ساتلوف: هذا "تعبير درامي عن انعدام الثقة في الولايات المتحدة، وعلى واشنطن إعادة النظر في أولوياتها الأساسية بالشرق الأوسط".

واستدرك: "لا ينبغي على واشنطن أن تخاف، فمجرد حقيقة خفض التصعيد السعودي الإيراني هو في المصلحة الأمريكية".

بدوره، قال مايكل سينغ إن علاقات الصين مع حلفاء الولايات المتحدة هي "واقع عالمي جديد للولايات المتحدة. يتعين على صانعي السياسات قبولها".

أمن السعودية

ووفقا لسايمون هندرسون "يبدو أن الرياض قررت العمل مع طهران بسبب الكراهية وعدم الدعم الذي تتلقاه السعودية من إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن والديمقراطيين في الكونجرس".

وأضاف أن "الصفقة قد تشمل قمع إيران لهجمات المتشددين (يقصد جماعة الحوثي في اليمن الجار الجنوبي للمملكة) على السعودية".

كما أن عدم تحرك واشنطن، بحسب ساتلوف، ردا على التقدم النووي الإيراني الأخير "كان القشة الأخيرة التي أقنعت الرياض بأن الخطوة الدراماتيكية (الصفقة) كانت في محلها.. وبالنسبة للرياض الغرض من الصفقة ليس تغيير المعسكرات، ولكن لتنويع مصادر الأمن".

بالتركيز أيضا على عامل توفير الأمن للمملكة كي تتمكن من تنفذ رؤية 2030 التنموية الطموحة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال جرانت روملي وهنري روما إن "تهدئة الحرب الأهلية اليمنية كان عاملا محفزا للسعودية".

وأضافا أنه "ورد أن إيران وافقت على تشجيع حلفائها الحوثيين في اليمن على الحفاظ على الهدنة الحالية لمدة عام.. لقد أنفقت السعودية ملايين الدولارات للدفاع عن أراضيها ضد هجمات الحوثيين بصواريخ وطائرات بدون طيار".

وفي زيارة نادرة، يجري وفد رسمي سعودي منذ السبت مباحثات مع الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار تمهيدا لحل سياسي نهائي للنزاع.

ومنذ تسع سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء (شمال) منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

عزلة إيران

ظاهريا، يبدو أن الإيرانيين كان لديهم الكثير للاستفادة من صفقة مع السعودية، حيث لا يزالون معزولين عموما عن الغرب وبدون أمل كبير في العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وفقا لسايمون هندرسون، الذي اعتبر أن الصفقة بمثابة "فوز لطهران خطوة كبيرة إلى الأمام للموقف الإيراني بالشرق الأوسط".

بالمثل، قال روما إن الصفقة "تبدأ في اختراق العزلة التي كان الإيرانيون يشعرون بها خلال الأشهر القليلة الماضية".

وتتهم عواصم إقليمية وغربية، بينها الرياض وتل أبيب (تمتلك ترسانة نووية) وواشنطن، طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

كما اعتبر روما وروملي أن "إيران قد تنظر إلى الاتفاق على أنه تأييد ضمني لسياستها النووية الحالية" ، محذرين من أنه إذا تضاعفت طهران في استراتيجيتها النووية فإنها ستثير قلق المسؤولين الغربيين والعرب والإسرائيليين.

وتابعا أنه كجزء من الاتفاق ستخفف السعودية التغطية الإعلامية للشأن الإيراني في وسائل إعلام تابعة للرياض اعتبرت طهران أنها المحرض الرئيسي على الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام الحاكم منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.

نفوذ الصين

ومن خلال توسطها في الصفقة، وفقا لسيمون هندرسون، أظهرت الصين أنها يمكن أن تكون حقا لاعبا رئيسا.

وأردف أن الصين لعبت دورا مهما في جلب إيران والسعودية إلى طاولة المفاوضات وكانت أيضا تتقدم في المنطقة بطرق أخرى، بينها القمة الخليجية الصينية التي استضافتها الرياض في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ.

واعتبر ساتلوف أن الصينيين لم يكتسبوا حلفاء أقوى في السعودية وإيران فحسب، بل تمكنوا في نظرهم من تقويض واشنطن، فالوساطة الصينية مثلت "صفعة إضافية لواشنطن".

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاتفاق "لا يشير إلى نظام جديد تقوده بكين في الشرق الأوسط"، بحسب روما وروملي، ويبدو أنه من خلال لعبهم دورا محوريا في المفاوضات، يتطلع الصينيون إلى زيادة نفوذهم في المنطقة وتعزيز التحالفات مع الشركاء الخليجيين الرئيسيين.