سياسة وأمن » حروب

زيارات واتصالات مكثفة.. هل تفضي لإحداث اختراق في المشهد اليمني؟

في 2022/12/24

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

ثلاثة أشهر تقريباً منذ انتهاء الهدنة في اليمن، مرت دون إحراز أي تقدم بخصوص تجديدها؛ بسبب اشتراطات وضعها الحوثيين، حيث دخلت الأزمة اليمنية طور التجميد، فيما تستمر حالة اللا سلم واللا حرب.

وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف الجهود الدبلوماسية الدولية عن محاولة تحقيق اختراق في جدار الأزمة، لكن يبدو أن ذلك لم يحقق أي تقدم، خلال الشهرين الماضيين، حيث يحاول الحوثيين استغلال التوجه الدولي لإغلاق الأزمة اليمنية للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب.

اتصالات جديدة

في 19 ديسمبر 2022، كشفت جماعة الحوثي في اليمن عن وجود اتصالات من أجل وقف الحرب الدائرة في اليمن، منذ 8 سنوات، وقال ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، في بيان اطلع عليه "الخليج أونلاين"، إنه اطلع على الاتصالات القائمة بشأن المباحثات بين اليمن والتحالف المتعلقة "بوقف العدوان ورفع الحصار، وما تمخضت عنه من نتائج".

ولم يكشف المجلس التابع للجماعة عن طبيعة هذه الاتصالات، لكنه حذر من "مخاطر استمرار حالة اللا سلم واللا حرب في اليمن"، مشدداً على أنها لن تستمر بلا نهاية.

وبعد يومين فقط، وصل وفد عُماني إلى صنعاء؛ لبحث مستجدات الأزمة السياسية، وقال كبير مفاوضي الحوثي محمد عبد السلام، إن الوفد العماني حمل الأفكار التي طرحها الجانب السعودي والأطراف الدولية الأخرى.

ونقلت قناة "المسيرة" عن عبد السلام أن دفع رواتب الموظفين الحكوميين (في مناطق سيطرة الحوثي)، ورفع التحالف العربي قيوده عن المطارات والموانئ الخاضعة لسيطرة المليشيا، يمثلان أساساً لتحقيق تقدم في الملف الإنساني تمهيداً للتقدم في باقي الملفات.

وأشاد عبد السلام بدور سلطنة عُمان التي قال: إنها "قدمت الكثير من الدعم لتحقيق السلام في اليمن وفي الملف الإنساني"، مضيفاً أن زيارات العمانيين المتكررة إلى صنعاء "دليل جهودهم الطيبة".

ومطلع الشهر الجاري، شهدت الرياض مباحثات أمريكية أممية سعودية منفصلة؛ لبحث سبل تمديد الهدنة، و"تعنت" الحوثيين إزاء الهدنة (بدأت مطلع أبريل وانتهت بداية أكتوبر) ووقف الحرب.

كما طالب سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدى اليمن بالتعاطي البنَّاء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لإعادة تثبيت هدنة طويلة وموسعة، وشددوا على أهمية تجنب التصعيد، وضبط النفس.

زيارات ليندركينغ

في ظل الوضع القائم في اليمن، وتوقف أي عملية سلامٍ تقودها الأمم المتحدة خلال الآونة الأخيرة، تواصلت جولات المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى دول المنطقة، وكان آخرها زيارته إلى سلطنة عُمان والسعودية، بهدف دعم جهود السلام.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان (28 نوفمبر)، إن ليندركينغ سافر إلى عمان والمملكة العربية السعودية لـ"دعم جهود السلام الجارية"، مشيرة إلى أن البيئة التي أوجدتها الهدنة بوساطة الأمم المتحدة "تمثل أفضل فرصة أتيحت لليمن من أجل السلام منذ عدة سنوات".

ودعت في بيانٍ لها الحوثيين إلى "وقف فوري لهجماتهم على الموانئ اليمنية"، داعيةً الجماعة المدعومة من إيران إلى اغتنام فرصة السلام عبر التعاون مع جهود الأمم المتحدة.

وأضافت الخارجية الأمريكية: "في هذه اللحظة الحرجة نذكّر الحوثيين بأن اليمنيين يدعون إلى السلام وليس العودة إلى الحرب"، مضيفاً: "تحقيقاً لهذه الغاية ندعو الحوثيين إلى الوقف الفوري لهجماتهم على الموانئ اليمنية".

وحضت الحوثيين على "اغتنام هذه الفرصة للسلام، والتعاون مع الأمم المتحدة، وقبول أن الطريق الوحيد لإنهاء 8 سنوات من الحرب المدمرة هو من خلال تسوية سياسية تفاوضية وشاملة".

وهذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها ليندركينغ منطقة الخليج، ففي مطلع نوفمبر 2022، قالت الخارجية الأمريكية إنه سيزور دولتي الإمارات والسعودية؛ "لدعم جهود تجديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن".

تتسع داخلياً وحذر خارجياً

وعلى الرغم من أن الهدنة توقفت في 2 أكتوبر الماضي، فإن اليمن يمر بحالة هدوء حذر أحياناً، وتصعيد بين الحين والآخر، لكن مع السعودية لم يقم الحوثيين بأي هجمات ضدها، واكتفت بإصدار تهديدات مباشرة لها بشن هجمات على منشآتها.

والأبرز فيما بعد الهدنة خوض جماعة الحوثي "حرباً نفطية" ضد الحكومة المعترف بها دولياً، لإجبارها على تقاسم إيرادات النفط الشحيحة.

وشنت الجماعة عدة هجمات بطائرات مسيرة على ميناءي الضبة النفطي في محافظة حضرموت، والقنا في محافظة شبوة، المطلين على خليج عدن وبحر العرب جنوبي البلاد، لمنع رسو السفن النفطية، سواء لتصدير النفط الخام أو لتفريغ شحنات مشتقات النفط.

ودفعت تلك الهجمات مجلس الدفاع الوطني في اليمن، في 23 أكتوبر الماضي، لإعلان تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، وتوعد باتخاذ "إجراءات صارمة تجاه الكيانات أو الأفراد الذين يقدمون لها الدعم والمساعدة".

ولعل نجاح الحوثيين في تحقيق توازن الردع مع التحالف العربي من خلال وقفهم قصف السعودية والإمارات بالطائرات المسيرة والصواريخ، مقابل وقف التحالف القصف الجوي لمناطقهم، شجعهم للانتقال إلى مرحلة جديدة من الردع، في ظل توازن القوة العسكرية على الأرض.

وكان لافتاً خلال ما بعد انتهاء الهدنة إطلاق الحوثيين سلسلة تهديدات للبلدين الخليجيين باستهدافهما في حال لم تتوقف الشركات النفطية عن العمل بهاتين الدولتين، إضافة إلى إطلاق تهديدات بعمليات عسكرية بحرية ضد التحالف.

أزمة مستمرة

يقول المحلل السياسي نجيب السماوي، إن الأزمة اليمنية مستمرة على الرغم من كل التحركات المكثفة للمبعوثين الأمريكي والأممي.

وأوضح "السماوي" في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن أزمة اليمن تمر بمنعطفات مختلفة؛ أبرزها تداخلات الملفات الدولية التي تؤثر بشكل كامل عليها، وفي مقدمتها أزمة أوكرانيا وأزمات النفط وصولاً إلى مونديال قطر.

وحول ما إن كانت الهجمات ستستأنف بعد انتهاء المونديال وسط تحركات مكثفة للمبعوثين، يقول السماوي: "لا أعتقد حدوث ذلك إلا في حال أرادت إيران أن تحرك ملف المفاوضات مع السعودية".

ويوضح: "بخصوص الحوثيين لديهم الآن ملف أكبر يتمثل بالموارد النفطية اليمنية؛ لأنهم لا يفكرون بتوسيع معركتهم مع السعودية خشية من تلقيهم ضربات كبيرة، لذلك يهاجمون باستمرار موانئ النفط في شبوة وحضرموت؛ بهدف الضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم".

ويؤكد أن التحركات الأمريكية والأممية "تأتي وسط محاولات لإجبار الحكومة على التنازل في بعض النقاط لصالح الحوثي، بما فيها تقاسم الثروات، والذي قد يزيد من ثراء الحوثيين وتحقيق أهدافهم بعيداً عن الهدف الرئيس المتمثل في إسقاط انقلابهم في شمال البلاد".

الهدنة وحرب اليمن

ولا تزال الأمم المتحدة تأمل في هدنة جديدة، ففي 22 نوفمبر 2022، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ، إن المحادثات التي يجريها مع الأطراف اليمنية، منذ الثاني من أكتوبر الماضي، "تشهد تقدماً"، حتى لو لم يتوصل إلى اتفاق بعد حول تجديد الهدنة وتوسيعها وأمور أخرى.

وجاء تعثر تمديد الهدنة إثر تباين وجهات النظر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بشأن قبول مقترح قدمه المبعوث الأممي، مطلع أكتوبر الماضي، ينص على تمديدها 6 أشهر.

والسعودية التي تعد محطة رئيسية دائمة في جولات المبعوثين الأمريكي والأممي إلى اليمن، تقف على مسافة واحدة من الأطراف كلها لحل الأزمة، وقدمت منذ اليوم الأول لنشوب الأزمة دعماً للجهود السياسية للأمين العام للأمم المتحدة.

أما عُمان التي عملت منذ اندلاع الحرب اليمنية على أداء دور الوسيط بين المنطقة والعالم من جهة، والجماعة الحوثية من جهة أخرى، فتسعى لإبراز دورها في حل الأزمة في العلن بعد أن ظلت تفضّل أداء هذا الدور بصمتٍ ودون تصريحات رسمية، وهو ما يبدو لافتاً من الزيارات المتكررة للمبعوثين الأمريكي والأممي إلى مسقط.