سياسة وأمن » صفقات

باتفاقية جديدة.. هل تفتح سوق الأسلحة البريطانية أبوابها للرياض؟

في 2022/12/15

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

تدفع العلاقات السعودية الأمريكية، وهي تمر بتراجع مستمر وتوتر؛ خاصة على أثر اتفاق "أوبك+"، بخفض الإنتاج الذي اعتبرته واشنطن تهديداً لها؛ إلى بحث الرياض عن أسواق أخرى للسلاح غير الأمريكي.

أسواق عديدة تفتح أبوابها للرياض لتحل محل السوق الأمريكي، لا سيما أن السعودية أكبر مشترٍ للسلاح، وصاحبة التصدير الأكبر من النفط في وقت تشتد فيه أزمة الطاقة عالمياً.

والولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أكبر مُصدر للسلاح في العالم، هي أكبر مصدر للسلاح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي أيضاً أكبر مُصدر للسلاح إلى المملكة الخليجية.

في نظرة سريعة إلى الأرقام المتاحة، يُمكن معرفة حجم السوق السعودي، حيث ارتفعت واردات المملكة من الأسلحة بنسبة 27% ما بين 2012-2016، و2017-2021.

وسجلت المملكة 11% من إجمالي حصة واردات الأسلحة العالمية، لتصنف ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بعد الهند مباشرة.

وبلغت واردات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى السعودية 82%، خلال 2017-2021.

طموح بريطاني مشروع

ويبدو أن بريطانيا التي تملك علاقات تاريخية مع السعودية تسعى لكي تأخذ نصيباً من تركة الولايات المتحدة.

ما يشير إلى هذا الاتجاه توقيع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، مع نظيره البريطاني بين والاس، خطة للتعاون الدفاعي، ضمن تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين، بحسب بيان وزارة الدفاع السعودية، يوم (13 ديسمبر 2022).

الاتفاقية تهدف إلى تطوير قدرات وزارة الدفاع في المملكة، وتوطين الصناعات العسكرية، وتعزيز الشراكة بين البلدين في المجالين العسكري والدفاعي.

وبحث الجانبان، وفق البيان، العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين، وأوجه التعاون الثنائي في المجالين العسكري والدفاعي، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المُشترك، وتطورات الأوضاع على المستويين الإقليمي والدولي.

بدورها أفادت وزارة الدفاع البريطانية بأن الجانبين تحدثا عن قوة الشراكة الدفاعية التاريخية بين بريطانيا والسعودية لأكثر من نصف قرن، على أساس الالتزام المشترك بالسلام والاستقرار وتعزيز الأمن المتبادل والإقليمي".

الاتفاق سيعيد التعاون الوثيق بين الجانبين في مجال التعاون العسكري، بعد اضطرار بريطانيا لمراجعة سياستها في بيع الأسلحة بعد أن حكمت محكمة الاستئناف، في يونيو 2019، بأن آلية اتخاذ القرار بشأن بيع الأسلحة غير قانونية؛ وذلك على خلفية مشاركة المملكة في الحرب باليمن.

سوق واسعة

الأرقام التي تداولتها تقارير بريطانية تؤكد أن هناك سوقاً واسعة للسلاح في الرياض جافتها بريطانيا في الفترة الماضية؛ فمنذ عام 2015 أعطت المملكة المتحدة ترخيصاً لبيع أسلحة بقيمة 5.3 مليارات جنيه إسترليني للمملكة العربية السعودية.

بيد أن تلك المعلومات تظل مجرد استنتاجات خلصت إليها تقارير عبر تحليل بيانات تجارة الأسلحة وبيانات الصادرات البريطانية.

وتعد المملكة المتحدة سادس أكبر مصدر للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين؛ وفقاً لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو مركز دراسات مستقبلية يراقب صناعة السلاح في العالم.

ووفقاً للمعهد، بريطانيا تأتي في المرتبة الثانية كمورد "للأسلحة الرئيسية" للسعودية، بعد الولايات المتحدة وقبل فرنسا.

وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية فإن 83% من صادرات الأسلحة البريطانية في عام 2013 ذهبت إلى المملكة العربية السعودية.

ومثلت مشتريات السعودية 43% من إجمالي مبيعات السلاح البريطانية خلال العقد المنصرم.

ويذكر أيضاً أن إجمالي واردات المملكة العربية السعودية من الأسلحة الرئيسية زاد بأكثر من ثلاثة أضعاف، في الفترة بين عامي 2012-2017، مقارنة بالسنوات الخمس التي سبقت عام 2013.

بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فإن ما تشتريه السعودية يقدر بأكثر من 40% من صادرات الأسلحة البريطانية.

وفي عام 2018 وحده، باعت أكبر شركة دفاع بريطانية، وهي شركة "بي إيه إي سيستيمز"، أسلحة للرياض تقدر بـ 2.6 مليار جنيه إسترليني.

الرخصة المفتوحة

وكانت صحيفة "الغارديان" نشرت، في أبريل 2020، تقريراً حول مبيعات شركة "بي إيه إي سيستيمز" البريطانية، المختصة بالطائرات والمقاتلات، بعنوان "بي إيه إي سيستيمز باعت أسلحة للسعودية بأكثر من 15 مليار إسترليني.

يشير التقرير إلى أن الشركة البريطانية الرائدة في صناعة الأسلحة، تمكنت من تحصيل عائدات فاقت 2.5 مليار جنيه إسترليني من مبيعات الأسلحة للسعودية، خلال 2019 فقط، ليرتفع عائد الصادرات للسعودية، بين عامي 2015 و2019، إلى نحو 15 مليار إسترليني، بزيادة سنوية تبلغ نحو 17.3%.

ويقول التقرير إن المعلومات المنشورة تكشف أن صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية، منذ 2015، تفوق بكثير مبلغ 5.3 مليارات جنيه إسترليني، الذي يمثل القيمة القصوى المسموح بها حسب رخصة التصدير القانونية.

بحسب التقرير فإن الفارق في القيمة يعود إلى صادرات السلاح التي وردتها بريطانيا إلى السعودية، عبر ما يسمى بالرخصة المفتوحة، والتي تسمح للندن بتصدير أسلحة ومعدات وذخائر مختلفة للمملكة، دون التقيد بضرورة ذكر قيمتها المالية.

ويضيف التقرير أن السعودية هي ثالث أكبر مشترٍ لمنتجات الشركة، بعد وزارتي الدفاع الأمريكية والبريطانية، وأن ما يقرب من ثلث صادرات الشركة للسعودية كانت مقاتلات تورنادو ومرفقاتها من أسلحة وأنظمة وبرامج.

من جانبها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير سابق، أن السعودية سوق كبيرة لمصنعي السلاح البريطاني، فبين أبريل 2015 ومارس 2018، رخصت الحكومة البريطانية بيع معدات عسكرية لا تقل قيمتها عن 4.7 مليارات جنيه إسترليني (نحو 5.89 مليارات دولار) للسعودية، وما قيمته 860 مليون جنيه إسترليني إضافي لشركائها في تحالف دعم الشرعية في اليمن.