سياسة وأمن » صفقات

هل بدأت الإمارات الاستغناء تدريجياً عن أنظمة الدفاع الأمريكية؟

في 2022/11/08

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

تعمل دولة الإمارات على تنويع مصادر التسلح ومنظوماتها الدفاعية ضمن جهودها لتعزيز أمنها واستقرارها وهي أولوية معلنة  خلال العامين الأخيرين.

وبعد صفقة طائرات قتالية مسيرة من تركيا عززت الإمارات منظوماتها الدفاعية بمنظومة "رافائيل" الإسرائيلية المتطورة للدفاع الجوي في أول صفقة معروفة بين البلدين منذ تطبيع العلاقات بينهما في 2020.

ولعل هذه الخطوات تأتي في وقتٍ تمر فيه العلاقات الأمريكية الإماراتية بأزمات مستمرة منذ تولي جو بايدن الحكم في الولايات المتحدة، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت أبوظبي سوف تستغني عن الدفاعات الجوية الأمريكية مقابل دفاعات أخرى كالإسرائيلية.

دفاعات إسرائيلية

في سبتمبر الماضي، ذكرت وكالة "رويترز" أن "إسرائيل" وافقت على بيع منظومة "رافائيل" المتطورة للدفاع الجوي للإمارات، لتأتي المعلومات بعد نحو شهر حيث نشرت الإمارات نظام دفاع جوي إسرائيلياً متقدماً في أبوظبي، وفق موقع "بريكينغ ديفينس" الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية؛ وذلك في إطار التعاون في المجال العسكري بين أبوظبي و"تل أبيب".

وبحسب ما ذكره الموقع (19 أكتوبر 2022)، فإن "مصادر دفاعية" قالت إن أول نظام دفاع جوي إسرائيلي من طراز "باراك" نُشر في دولة ​الإمارات​.

وأشارت المصادر إلى أن "نشر نظام ​الدفاع​ الجوي يأتي ضمن عقد يشمل أنظمة دفاعية إسرائيلية أخرى".

وفي 29 من ذات الشهر، التقطت أقمار صناعية صوراً تظهر نشر منظومة "باراك" الإسرائيلية المضادة للصواريخ والطائرات المسيّرة، جنوب العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن الصورة التي التقطت تكشف نشر المنظومة الإسرائيلية بالقرب من قاعدة الظفرة الجوية جنوب أبوظبي، مشيرة إلى أنها تظهر وجود قاذفتين "Barak-8" مع وحدة رادار "Elta EL-2084" في أحد المواقع جنوبي أبوظبي.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن عشر طائرات شحن كبيرة تابعة للقوات الجوية الإماراتية رصدت في قاعدة "نيفاتيم" الجوية الإسرائيلية، خلال أبريل الماضي.

بدائل للدفاعات الأمريكية

تأتي هذه الخطوات في وقت تستمر فيه إيران في تطوير منظومتها من الطائرات المسيرة وبرنامجها للصواريخ الباليستية، ووسط توقعات بفشل جهود إحياء الاتفاق النووي للعام 2015.

كما وجدت الإمارات أنها بحاجة إلى تعزيز قدرات دفاعها الجوي بعد سلسلة من الهجمات الحوثية على الدولة الخليجية باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة في يناير وفبراير.

وتقول وسائل إعلام أمريكية إن بعض الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية على الأقل حلقت على ارتفاعات منخفضة لتحاشي الاعتراض من قبل أنظمة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد) وصواريخ باتريوت الاعتراضية التي اشترتها الإمارات من الولايات المتحدة.

وتقول شركة "رافائيل" إن الصواريخ "سبايدر" يمكنها الدفاع عن مساحات شاسعة من تهديدات تتراوح من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز إلى المقاتلات الهجومية والطائرات المروحية والقاذفات، ومنها التي تحلق على ارتفاعات منخفضة.

لا استغناء

يرى المحلل العسكري والاستراتيجي، د.علي الذهب، أن ما حدث ليس استقداماً للمنظومة الدفاعية العسكرية الإسرائيلية، وإنما يعتقد أنه "ربما تكون صفقة لزيادة الصواريخ لهذه المنظومة ولمنظومة رافائيل".

ويشير "الذهب"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن المعلومات المتناقلة سابقاً تفيد بأن منظومة الدفاع الإسرائيلية (باراك 8)، موجودة في الإمارات واستخدمت في صد الهجمات التي شنها الحوثيون ضد الإمارات في يناير من العام الجاري.

ويؤكد أن المنظومة الإسرائيلية بالأساس "ليست من أجل الاستغناء عن المنظومات الأمريكية، بل لتعزيز قدرات الدفاع الجوي في البلاد، لا سيما أن الإمارات تسعى لبناء قبة حديدية مماثلة لتلك الموجودة في "إسرائيل"، لمواجهة التهديدات الإيرانية أو القوى المتفاعلة معها، سواء بالطائرات أو الصواريخ الباليستية".

ويضيف المحلل العسكري: "تعزيز هذه القدرات من باب حماية أمن الوطن الإماراتي ومصالح الدول الكبرى الموجودة في دول الخليج، والقوى الصاعدة إقليمياً ومن ضمنها (إسرائيل) والإمارات، اللتين دخلتا إلى جانب البحرين ضمن الاتفاق الإبراهيمي في عام 2020".

ويوضح أنها تأتي أيضاً "لتعزيز هذه القدرات والاستفادة من القدرات الإسرائيلية في مواجهة الطائرات غير المأهولة أو التقليدية والصواريخ بشكل عام".

ويلفت إلى أن "الإمارات و(إسرائيل) تتقاسمان مخاوف من التهديدات الإيرانية أو الفواعل التي تدعمها طهران كالحركات المحيطة بـ"إسرائيل"، مشيراً إلى أن هذا الأمر يؤدي إلى "تجسير عملية الدفاع ضد التهديدات الخارجية".

ويرى أن إقدام الإمارات على هذه الخطوة، سواء كانت استقدمت المنظومة سابقاً أو حالياً، إنما يعود "لثقتها أن إسرائيل ستمنحها منظومة هذه الصواريخ، لأنها تحاول كسب الإمارات بأكبر شكل ممكن، ووافقت في ضوء ذلك بسهولة على هذا الطلب ونشرت بطاريات صواريخ إسرائيلية في جنوبي أبوظبي".

ويشير إلى الاستفادة الإسرائيلية من ذلك بقوله إن "تل أبيب" تريد اختبار قدراتها الدفاعية أمام جديد إيران عسكرياً خاصة في الطائرات المسيرة، مع وجود حرب في اليمن.

ويجدد تأكيده أن "القدرات الأمريكية والإسرائيلية متقاربة بشكل كبير، ولا يوجد سوى فوارق بسيطة، لذلك لا يمكن الاستغناء عن منظومة الباتريوت الأمريكية من قبل أبوظبي".

تقلبات في العلاقات

تأتي هذه التطورات في ظل مساعٍ أمريكية للتقارب مع دول المنطقة، خاصة في الخليج العربي، ومع الإمارات التي وقعت اتفاقية مع "إسرائيل" وبناءً عليها حصلت على مميزات لشراء أسلحة أمريكية.

لكن قرار "أوبك+" تقليص إنتاج النفط، دفع مجموعة من النواب الديمقراطيين الأمريكيين إلى اقتراح مشروع قانون ينص على سحب جميع القوات من السعودية والإمارات، إضافة إلى سحب أنظمة الدفاع الصاروخي.

ووفقاً للنواب الأمريكيين "فإن الولايات المتحدة توفر الأمن للدولتين، وضمن ذلك حقول نفطهما، منذ عدة سنوات. لا نرى أي سبب يدعو القوات والمقاولين الأمريكيين إلى الاستمرار في تقديم هذه الخدمة إلى البلدان التي تعمل بنشاط ضدنا".

وسبق أن توترت العلاقات بين الجانبين بسبب اشتراطات أمريكية لتسليم طائرات "إف-35" وأسلحة مختلفة ما دفع أبوظبي، في ديسمبر من العام الماضي، إلى الإعلان عن وقف أي مباحثات حول هذه الأسلحة.

وفي أبريل الماضي، كان موقع "أكسيوس" الأمريكي أفاد في تقرير بأن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي آنذاك، ساعد في تهدئة التوترات وإعادة العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة إلى المسار الصحيح".