ملفات » الفساد في السعودية

بعد 5 أعوام على "اعتقالات الريتز".. هل نجحت السعودية في لجم الفساد؟

في 2022/11/05

متابعات- 

شنّت السلطات السعودية قبل خمسة أعوام حملة اعتقالات غير مسبوقة طالت 11 أميراً وأربعة وزراء كانوا في مناصبهم وعشرات الوزراء السابقين، وذلك بعد ساعات على تشكيل السعودي سلمان بن عبد العزيز لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وبررت السعودية حملة الاعتقالات التي جرت في 5 نوفمبر 2017؛ بسبب وجود "استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام" وفق ما أفادت وكالة الأنباء السعودية آنذاك.

وشملت حملة التطهير ما يقارب 400 من أقوى الشخصيات في السعودية، واحتجزتهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض الفاخر بالعاصمة الرياض.

عشية الاعتقال

وبعد نحو ثلاثة أعوام من الحادثة، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في 19 نوفمبر 2020، بعضاً مما دار في أروقة الفندق، أوائل نوفمبر 2017، فيما أصبح يوصف بأنه أكبر عملية تطهير، وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ المملكة الحديث.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة لم تسمّها ما قالت إنها روايات حدثت في فندق "الريتز" لبعض كبار رجال الأعمال السعوديين، حيث جرت التحقيقات تحت إشراف وزيرين مقربين من ولي العهد محمد بن سلمان.

وكان من أبرز الموقوفين رئيس شركة المملكة القابضة الأمير الوليد بن طلال، ووزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله، وأمير منطقة الرياض السابق تركي بن عبد الله، والرئيس السابق للديوان الملكي خالد التويجري، ووزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه، ووزير المالية السابق إبراهيم العساف، وقائد القوات البحرية عبد الله السلطان.

وقدرت السلطات السعودية المسؤولة عن مكافحة الفساد بأن حجم التسويات المالية ممن شملتهم الحملة بلغت أكثر من 107 مليارات دولار.

"ميني ريتز"

وشنت السلطات السعودية حملة مماثلة عام 2020، لكنها أقل زخماً من الأولى، ما دفع الصحافة إلى تسميتها "ميني ريترز"، في إشارة إلى حملة 2017.

حيث جرى في 15 مارس 2020 اعتقال 298 شخصاً بتهم الرشوة والاختلاس وإهدار الأموال العامة وجرائم فساد أخرى.

وذكرت وسائل الإعلام السعودية والهيئة الحكومية لمكافحة الفساد حينها أن الاعتقالات جاءت في أعقاب تحقيقات جنائية تم خلالها استجواب 674 شخصاً، وبلغت الأموال المختلسة أكثر من 100 مليون دولار، ما يعني أن القضايا الأخيرة أصغر حجماً بكثير من تلك التي حصلت في أواخر عام 2017.

وبحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، في مارس 2020، فإن التوقيفات المعلن عنها شملت ضباطاً ومسؤولين كباراً من وزارتي الدفاع والداخلية يشتبه في تقاضيهم رشاوى وتبييض الأموال فيما يتعلق بالعقود الحكومية خلال السنوات 2005 - 2015.

استرداد المليارات

وتواصل هيئة مكافحة الفساد أعمالها على مدار السنوات الماضية، حيث أعلنت عن استرداد مئات المليارات المنهوبة إلى خزينة الدولة في قضايا فساد مختلفة.

وقال ماجد القصبي، وزير الإعلام السعودي في تصريحه لقناة (الإخبارية) السعودية، مطلع أكتوبر 2022: "إن المملكة العربية السعودية تقود حرباً لمكافحة الفساد، وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة".

وشدد القصبي على "تصميم الجهات المسؤولة في المملكة للوقوف بحزم ضد كل من يتعدى على الأموال وستتم معاقبة المتجاوزين".

وبيّن أن "الأموال المنهوبة ترجع إلى المواطنين في الأصل عن طريق مشاريع البنى التحتية، وتتم إعادتها إلى خزينة الدولة، حيث تسجل ضمن الإيرادات، وتعلن في ميزانية كل عام، ويعاد ضخها في ميزانيات الدولة".

من جانبه صرَّح مصدر مسؤول في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، في 22 أكتوبر 2022، بأن الهيئة باشرت التحقيق في 15 قضية فساد جديدة، وجارٍ استكمال الإجراءات النظامية بحق مرتكبيها.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور أسعد كاظم أن حملة "مكافحة الفساد" أتت ضمن أولويات الأمير محمد بن سلمان، وضمن أولى استراتيجياته في إدارة المملكة كولي للعهد.

وصرح لـ"الخليج أونلاين" بأن الحملة كانت "نوعية" و"مثمرة"، وابتدأت من القمة، وطالت بالدرجة الأولى الأسرة الحاكمة، إضافة إلى وزراء وشخصيات نافذة في الدولة.

ويتصور كاظم بأن خطة المملكة ورؤيتها للإصلاح 2030 اقتضت أن "تضرب رؤوس الفساد"، كما أنها تأتي في احتياج المملكة إلى أموال طائلة تساعدها على إدارة الكثير من المشاريع الاستراتيجية.

وبالحديث عن إعلان هيئة مكافحة الفساد، في أكتوبر الماضي، فتح 15 قضية فساد جديدة، فيرى أستاذ العلوم السياسية أنها تأتي "ضمن الرؤية الاستراتيجية للمملكة، ومن دلالات هذا أن المملكة سارية بخطوات شجاعة وحكيمة وسريعة بتطهير كافة وجوه الفساد في الدولة مهما كانت".