سياسة وأمن » صفقات

“باراك” بعد “سبايدر”.. منظومة إسرائيلية للإمارات “في لحظة حرجة”

في 2022/10/31

عاموس هرئيل-  هآرتس- 

الصور الجوية التي نشرت في نهاية الأسبوع الماضي كشفت أحد الأسرار الخفية في الشرق الأوسط، وهو أن إسرائيل نقلت إلى الإمارات في هذه السنة بطاريات صواريخ “براك” من إنتاجها، التي تم نشرها قرب أبو ظبي. نشر هذه البطاريات يضاف إلى تقرير آخر نشرته وكالة “رويترز” قبل شهر تقريباً حول شراء منظومة صواريخ إسرائيلية أخرى من نوع “سبايدر”.

المنظومات الإسرائيلية استهدفت مساعدة الإمارات في الدفاع عن نفسها من تهديد المسيرات الإيرانية، التي يستخدم جزءاً منها المتمردون الحوثيون في اليمن. في بداية السنة، تعرضت الإمارات لسلسلة هجمات من الحوثيين الذين أقلقوا قيادة الخليج كثيراً. في كانون الثاني، قتل ثلاثة مواطنين في الإمارات في هجوم على أبو ظبي. وحدثت هجمات أخرى في الأشهر التالية. في نيسان، تم توثيق حركة استثنائية لطائرات نقل كبيرة بين الإمارات وقاعدة لسلاح الجو في “نباتيم”.

يبدو أن إسرائيل قد نقلت مساعدة أمنية للإمارات في الوقت الذي كانت بحاجة إليها بشكل ملح ولم تحصل عليها من دول صديقة أخرى، من بينها الولايات المتحدة. إن نقل المنظومات الإسرائيلية ضد المسيرات يعكس توطيد العلاقات بين الدولتين، استمراراً لـ “اتفاقات إبراهيم” التي تم التوقيع عليها بمبادرة إدارة ترامب في الولايات المتحدة قبل سنتين تقريباً.

تحاول إدارة بايدن مواصلة العملية التي اتبعها سلفه في تشكيل منظومة دفاع إقليمية ضد الصواريخ والمسيرات، لكن الحديث الآن يدور عن تحسسات وتدريبات أولية، وليس عن تعاون شامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول السنية المعتدلة المعادية لإيران. وحتى أكثر من الأحداث في الشرق الأوسط، فإن مساعدة إيران لروسيا وتوفير المسيرات لحربها في أوكرانيا زادت القلق من المسيرات والمروحيات الهجومية ووضعتها على جدول الأعمال العالمي. هذا الأمر وجد تعبيره في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن عقدت في الهند نهاية الأسبوع. ناقشت الجلسة ثلاثة أخطار برزت في الساحة الدولية: المسيرات والمروحيات، وهجمات السايبر واستخدام العملة الرقمية (كريبتو)، وجميعها لغرض الإرهاب.

الدكتور دودي زكريا، مدير في الذراع التنفيذي في مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب ورئيس قسم الأبحاث فيه، قال للصحيفة إن وزراء وسفراء من الدول الأعضاء في مجلس الأمن شاركوا في الجلسة التي عقدت في مومباي وبعد ذلك في دلهي. وفي تلك النقاشات، بلور المجلس سياسة موحدة وخطة عمل شاملة لتقييد استخدام المسيرات للأهداف الإرهابية. في 2016، سبق أن اعتبر المجلس المسيرات تهديداً رئيسياً في النضال العالمي ضد الإرهاب. وحسب أقوال زكريا، “ثمة شيء جديد ومقلق. تعلمنا التجربة بأن كل صراع يجلب معه أساليب عمل جديدة”.

على الرغم من أن روسيا تواجه انتقادات دولية كبيرة بسبب عملياتها في أوكرانيا، التي يتم جزء منها مؤخراً بواسطة مسيرات انتحارية من إنتاج إيران، لم تقاطع روسيا جلسة مجلس الأمن، بل تشارك فيها كإحدى الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن.

       المستقلون

في الضفة الغربية، قام مؤخراً عدد آخر من أعضاء تنظيم “عرين الأسود” في نابلس بتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن الفلسطينية. يبدو أن مطاردة إسرائيل لأعضاء هذا التنظيم وقتل ستة نشطاء في نابلس في حادثتين في الأسبوع الماضي، أدت إلى قرار استثنائي. في الوقت نفسه، تجري محاولات لتنفيذ عمليات في منطقة نابلس، الأمر الذي يبرهن على نية الانتقام.

أمس قتل شخص وأصيب ثلاثة مواطنين في عملية إطلاق نار قرب “كريات أربع”. المخرب الذي كان -حسب مصادر فلسطينية- من أعضاء حماس، تم قتله بعد إطلاق النار عليه. فجر الجمعة، تم إطلاق النار على موقع عسكري قرب حاجز حوارة على المدخل الجنوبي لنابلس. لم تكن هناك أي إصابات، ولكن قوة للجيش الإسرائيلي وضعت كميناً رد بإطلاق النار على السيارتين الفلسطينيتين اللتين سافرتا في المكان. بسبب النار الإسرائيلية قتل اثنان من ركاب السيارات، وأصيب فلسطيني آخر إصابة بالغة. حسب أقوال المصادر الفلسطينية، فإن القتيلين هما من الأجهزة الأمنية الفلسطينية. في أفلام فيديو لسيارة من السيارات التي أصيبت، شوهدت ظروف فارغة لذخيرة من سلاح خفيف في السيارة، الأمر الذي يدل على إطلاق النار منهما على الموقع.

إذا كان المصابون هم الذين أطلقوا النار على الموقع حقاً، فهذا يعتبر حادثاً آخر سجلت فيه مشاركة لرجال الأجهزة في احتكاك عنيف مع الجيش الإسرائيلي مؤخراً. في نابلس بالتحديد، يتم بذل جهود متزايدة للأجهزة كي تستعيد السيطرة في المدينة مع الاستعداد لمواجهة التنظيم. يعترف الجيش بأنه يصعب على السلطة مواجهة هذه الظاهرة التي تعتبر ظاهرة شعبية وواسعة ولا ترتبط بالخصم الداخلي المباشر لها، وهو حماس.

على الرغم من أن حماس نقلت لأعضاء “عرين الأسود” دعماً مالياً بارزاً، فقد حافظ هذا التنظيم على الاستقلالية ولم يخضع لتعليمات المنظمة الأقدم منه. حماس والجهاد الإسلامي يتعاملان بصورة مشابهة أيضاً مع تنظيمات محلية أخرى. تلاحظ إسرائيل وجود تغيير في سياسة التنظيمات القديمة. في هذه المرحلة، من المهم لهم التماهي التنظيمي والأيديولوجي الواضح، والأكثر أهمية هو النتيجة: المس بالإسرائيليين وتشجيع الفوضى في الضفة، على أمل أن يكون بالإمكان ضعضعة حكم السلطة من خلال ذلك. وألصق الجيش للمسلحين اسماً جديداً هو “المستقلون”.

تغيير الاتجاه

انشغال الإعلام باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان خفت تقريباً بعد التوقيع عليه الخميس الماضي. رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي كان مستعداً للمخاطرة بانسحاب إسرائيل من الاتفاق وباحتكاك عسكري مع “حزب الله” شريطة أن لا تسجل الحكومة لصالحها أي إنجاز سياسي، يتوقف عن مهاجمة القرار بعد اكتشافه بأن جمهور البلاد غير مهتم بتفاصيل التفاهمات ولا يقلقه ذلك.

في ظل غياب ادعاء آخر للتمسك به، فإن دعاية الليكود تعتبر مجرد نكتة لرئيس الحكومة يئير لبيد، الذي التقطه ميكروفون “كان” وهو يلقي اللوم على المبعوث الأمريكي لشؤون الطاقة، عاموس هوكشتاين، بأنه “دمر العلاقات مع السعودية”. وقصد لبيد الصعوبة التي تواجهها أمريكا في إقناع السعودية بإنتاج المزيد من النفط، لكن هذا الأمر لم يمنع الليكود من أن يتهم رئيس الوزراء بتدمير العلاقات بين إسرائيل والسعودية.

قد نعرف أهمية الاتفاق من بعض الردود داخل لبنان. حنين غدير، وهي محللة مخضرمة في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط ومواطنة لبنانية من أصل شيعي، كتبت في مقال لها في موقع “وور أون ذي روكس” أنها حين كانت تعيش في جنوب لبنان كانت كلمة “إسرائيل” محرمة، لا يجب لفظها بأي شكل من الأشكال. “رغم معرفتنا بأن الدولة قائمة وأنها ازدهرت وراء حدودنا الجنوبية، فقد عني “حزب الله” بالتأكيد على أن نفهم بأن النفي هي الطريقة الأفضل لمواجهة هذا الواقع. إذا تجرأ شخص على قول “إسرائيل” كان الجواب الفوري التذكير بأنه يجب تسميتها فلسطين أو الكيان المحتل”.

لكن غدير لاحظت أنه في خطاب رد على توقيع الاتفاق، قال رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، بأنه “لا مشكلة في الاتفاق مع إسرائيل”. وحسب قولها، “بالنسبة لكثير من اللبنانيين، هذا يدل على تغير مهم في الرواية والاستراتيجية. لا أحد من أعضاء “حزب الله” لفظ كلمة إسرائيل من قبل. ولا أحد منهم تسامح عندما قال آخرون هذه الكلمة. ربما يدور الحديث عن زلة لسان، لكن يجدر تذكر ذلك بدلاً من التقليل من أهمية الاتفاق ووصفه بأنه وثيقة استسلام إسرائيلية”.