ملفات » الطريف إلى العرش

جولة ولي العهد السعودي الإقليمية.. قراءة في النتائج والتداعيات

في 2022/06/24

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

بعد إتمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جولته الإقليمية إلى دول مصر والأردن وتركيا، توجت تلك الجولة بعدد من المكاسب السياسية والاقتصادية للسعودية والدول التي زارها.

وجاءت الجولة في وقت يمر فيه العالم بتطورات كبيرة ومتلاحقة، وأزمات مختلفة، إضافة إلى أنها تسبق زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى السعودية ومنطقة الشرق الأوسط، وإجراءه قمة خليجية عربية.

وعكست الجولة الخارجية لولي العهد حرصه على تعزيز علاقات قوية مع تلك الدول، وتنسيق المواقف معها، ومقاربة وجهات النظر في العديد من القضايا التي تهم السعودية والدول الثلاث.

زيارة مصر

بدأت جولة ولي العهد السعودي بزيارة إلى مصر (الاثنين 21 يونيو الجاري)، وتوجت باتفاق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على تعزيز التعاون في جميع القضايا السياسية، والسعي إلى بلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين أمنهما واستقرارهما.

وخلال الزيارة شدد الجانبان، وفق البيان الختامي، على أهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في جميع المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في البلدين والمنطقة.

وخلال الزيارة، وقعت السعودية مع مصر 14 اتفاقية اقتصادية وتجارية بلغت قيمتها  29 مليار ريال (7.73 مليارات دولار).

وأعلنت وزارة الاستثمار السعودية، في بيان لها، أن الاتفاقيات وقعت بين مجموعة من الشركات السعودية  تعمل في مختلف الأنشطة الاقتصادية وشركات وجهات مصرية.

وشملت الاتفاقيات عدة قطاعات حيوية بينها الطاقة المتجددة واللوجستيات والزراعة، وتضمنت إنشاء (مركز مصر لتخزين البترول والمنتجات البترولية) بين شركة عجلان وإخوانه القابضة السعودية وشركة المجموعة العربية لسلاسل الإمداد المصرية بقيمة 3.26 مليارات دولار.

فك للحصار السياسي

وحول الجولة الخليجية لبن سلمان، يؤكد الخبير بالشؤون الخليجية سليمان نمر، أنها جاءت لتنشيط دور بن سلمان بالمنطقة، من خلال المباحثات التي أجراها مع قادة تلك الدول.

وتأتي الجولة التي بدأها ولي العهد لمصر، كما يشير نمر في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، قبل القمة التي ستشهدها الرياض مع الرئيس الأمريكي ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، "لذلك حرص بن سلمان على زيارة مصر والأردن ليضمن مواقف مؤيدة له خلال القمة المقبلة".

كما يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن زيارة القاهرة صفحة جديدة في العلاقات المصرية – السعودية.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول هريدي: "البيان المشترك الذي صدر عن هذه الزيارة الهامة يمثل الإطار النظري لمسار تلك العلاقات لسنوات عديدة قادمة، وإن لم تكن لعقود مستقبلاً".

وسيغطي التعاون بين البلدين، وفق هريدي، جميع المجالات عدا التصنيع العسكري.

زيارة الأردن

شملت جولة ولي العهد السعودي الأردن، حيث كانت الدولة الثانية التي زارها بعد مصر.

وخلال الزيارة بحث بن سلمان، (الأربعاء 22 يونيو الجاري)، مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سبل تعزيز التعاون الثنائي، وآخر مستجدات القضايا الإقليمية والدولية، وتحدثا عن مرحلة جديدة من التعاون.

وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، والقطاعات التي يمكن لشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار المساهمة فيها.

وأكد الملك وبن سلمان اعتزازهما بمستوى العلاقات التي تربط المملكتين والشعبين، وحرصهما على توطيدها في المجالات كافة.

وشدد الملك عبد الله على "الدور المحوري للسعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتعزيز العمل العربي المشترك، والعمل من أجل تحقيق السلام بالمنطقة والعالم".

بدوره شدد بن سلمان على "حرص السعودية المتواصل على توطيد العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، وإدامة التنسيق والتشاور تحقيقاً لمصالحهما وخدمة لقضايا المنطقة".

وتزامناً مع الزيارة، وقعت شركات أردنية وسعودية في عمان العديد من الاتفاقيات التي تسهم في تدعيم علاقات البلدين التجارية، وبما يحقق مصالحهما العليا المشتركة.

وشملت الاتفاقيات التي وقعت في اختتام فعاليات ملتقى الأعمال الأردني السعودي (الثلاثاء 21 يونيو الجاري) أي قبل وصول ولي العهد بيوم واحد، اتفاقية تطوير عقاري بين مجموعة "الشغدلي" لتطوير المشاريع السياحية والتجارية والخدمية والمقاولات الإنشائية السعودية، وشركة "المتحدون" للقانون والتحكيم الأردنية.

كما تم توقيع عقد تدريب كوادر بين هيئة الطاقة الذرية الأردنية ممثلة بالمفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب وشركة النظائر الحديثة للتصنيع السعودية.

وحول زيارة ولي العهد السعودي للأردن، يرى الخبير بالشؤون الخليجية سليمان نمر، أنها جاءت بعد أن كانت العلاقات السعودية الأردنية "على غير ما يرام، خاصة بعد قضية الأمير حمزة، وما قيل عن باسم عوض الله أحد مستشاري بن سلمان".

ولم يزر العاهل الأردني، حسب حديث نمر لـ"الخليج أونلاين"، السعودية منذ عامين، وهو ما يشير إلى "عدم الارتياح الشخصي للملك عبد الله بعلاقاته مع الرياض، ولكن زيارة بن سلمان لعمان الأخيرة فتحت صفحة جديدة بين ولي العهد والملك الأردني".

زيارة تركيا

كانت تركيا المحطة الأخيرة في زيارة ولي العهد السعودي، حيث جاءت بعد تدهور كبير في العلاقات بين البلدين، من جراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.

وخلال زيارة بن سلمان لتركيا، (الأربعاء 22 يونيو الجاري)، عقد لقاءً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واتفق الجانبان على تعميق التعاون بينهما في المجالات كافة، وفي طليعتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.

وقرر الجانبان، وفق بيان ختامي مشترك للزيارة، تعميق التشاور والتعاون في القضايا الإقليمية من أجل تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة.

وجرى خلال المباحثات استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والسعودية من مختلف الجوانب، والتأكيد بأقوى صورة على عزم البلدين المشترك لبدء حقبة تعاون جديدة في العلاقات الثنائية؛ ومن ذلك العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، بحسب البيان.

وحول الزيارة، يرى المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، أنها تؤكد عودة العلاقات بين البلدين، وأنه ستكون أقوى وأكبر في الفترة القادمة بالمجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وتحمل زيارة ولي العهد السعودي إلى تركيا، وفق حديث رضوان أوغلو لـ"الخليج أونلاين"، رسائل عدة إلى دول المنطقة، و"تعكس وجود تكتل سياسي بالمنطقة ضد الأهداف النووية الإيرانية في المنطقة".

وتؤكد الزيارة، حسب رضوان أوغلو، وجود توافق سعودي تركي على إخراج الغاز من شرق مياه المتوسط، وإذابة الجليد حول العديد من القضايا، التي ستشهد تطوراً كبيراً، خاصة أن السعودية شريك في شركة تركيا للصناعات الدفاعية.

كما يرى الخبير في الشؤون الخليجية سليمان نمر، أن زيارة ولي العهد السعودي إلى تركيا قد حققت لبن سلمان وبلاده مكاسب سياسية، إضافة إلى أنها ستحقق مصالح اقتصادية لأنقرة.

وبعد جولة بن سلمان إلى المنطقة، وفق ما يوضح نمر، "سيعود منها مسلحاً بدور إقليمي بالمنطقة وليس دول الخليج فقط".