من هنا وهناك » من هنا وهناك

ظاهرة "اللانينا".. ما أسباب تأخر هطول الأمطار في دول الخليج؟

في 2021/12/18

متابعات-

على غير المعتاد، تأخر هطول الأمطار في دول مجلس التعاون الخليجي أواخر العام الحالي، رغم قرب دخول فصل الشتاء، وانخفاض درجات الحرارة في معظم الدول الخليجية؛ وهو ما دفع حكومات خليجية إلى إقامة صلاة الاستسقاء أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة.

ويعطي تأخر سقوط الأمطار في دول الخليج مؤشراً على موسم ضعيف خلال فصل الشتاء القادم، وهو ما يشكل ضرراً على المياه الجوفية في دول الخليج، إضافة إلى المحاصيل الزراعية، وتشكل عواصف رملية.

ويُعزى عدم وصول الأمطار حتى الآن لدول مجلس التعاون، إلى عدم تأثر المنطقة بمنخفضات البحر المتوسط، وقارة أوروبا، إضافة إلى عدم انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير.

الرأي العلمي

يُرجع الراصد الجوي، ليث العلامي، تأخر هطول الأمطار في دول الخليج إلى حدوث ظاهرة "اللانينا"، وهي عبارة عن انخفاض في درجات حرارة سطح المياه بالمحيط الهادي، بالتحديد في المنطقة الاستوائية منه، لتكون أقل من معدلاتها بأكثر من نصف درجة مئوية.

وتؤثر هذه الظاهرة، وفق حديث "العلامي"، لـ"الخليج أونلاين"، بشكلٍ غير مُباشر على التيار النفاث شبه الاستوائي والمرتفعات الجوية التي تنشأ، كما يمتد تأثيرها نحو المحيط الهندي، إذ تؤدي إلى خفض درجة حرارة سطح المياه في القسم الغربي من المحيط الهندي وبحر العرب.

وتؤدى هذه الأسباب، وفق "العلامي"، إلى تناقص كمية بخار الماء المندفع نحو أجواء الجزيرة العربية، حيث ترتبط تلك الظاهرة، إحصائياً بمواسم أمطار أقل من المعدل على المشرق العربي نتيجة لتركز نشاط المنخفضات الجوية والكتل الباردة في مناطق وسط وجنوب أوروبا، ويقابلها عكسياً اندفاع الهواء الدافئ والمستقر نحو مناطق شرق المتوسط.

وتشهد دول مجلس التعاون الخليجي، وفق "العلامي"، تأخراً واضحاً في هطول الأمطار، إضافة إلى أن درجات الحرارة لا تزال أعلى من معدلاتها السنوية في تلك الدول.

وإلى جانب حديث "العلامي"، سجلت دول الخليج خلال فصل الصيف الماضي، درجات مرتفعة جداً، حيث سجلت الكويت 53.5 درجة مئوية في الظل و70 تحت الشمس، مسجلةً أعلى الأرقام في العالم.

وهنا يؤكد تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، صدر في نوفمبر الماضي، أن منطقة البحر الأبيض المتوسط سجلت في أغسطس الماضي، حرارة شديدة بلغت 48.8 درجة مئوية.

كما رافقت موجات الحر، وفق التقرير، حرائق كبرى في كاليفورنيا والجزائر وجنوب تركيا واليونان بشكل خاص، أدت إلى القضاء على مئات آلاف الهكتارات من الغابات، وهو ما يكشف عن أحدث مؤشرات التغير المناخي.

تأثيرات قادمة

ويتوقع أن يتسبب تأخر هطول الأمطار، وتراجع كميات المياه، في تراجع الزراعة بالمنطقة العربية بشكل عام، وهو ما أكدته دراسات دولية عدة، حيث أظهر بحث لوكالة أبحاث الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا"، نشر في نوفمبر الماضي، أن المنطقة العربية تعيش جفافاً ممتداً منذ أكثر من عشرين عاماً، هو الأطول من نوعه خلال ألف عام تقريباً.

وإلى جانب وكالة ناسا، حذَّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن استمرار موجات الجفاف وندرة المياه قد يعني انخفاض الزراعة في المنطقة العربية بنسبة 20% بحلول عام 2080.

وحول تأثير تأخر هطول الأمطار على دول الخليج تحديداً، يؤكد الراصد الجوي، أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الزراعة، خاصةً البعلية منها، إضافة إلى تخزين مياه الأمطار خاصة في السدود.

ويشير "العلامي" إلى أن دول الخليج ستشهد مزيداً من الموجات الغبارية والعواصف الرملية الكثيفة، بسبب قلة الأمطار، إضافة إلى إمكانية حدوث جفاف وتفكك بالتربة، بسبب عدم وجود كميات وفيرة من مياه الأمطار.

أمر اعتيادي

وخلافاً لحديث الراصد الجوي "العلامي"، يرى أستاذ المناخ ورئيس لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في السعودية "تسميات"، عبد الله المسند، أنَّ تأخُّر الأمطار على معظم أرجاء السعودية للموسم 2021-2022، ظاهرة معتادة، وحدث يتكرر في بعض المواسم.

وفي سلسلة تغريدات على حسابه بـ"تويتر"، يوضح "المسند" أن تتبُّع بداية الأمطار لمحطة الرياض منذ عام 1970 حتى 2014، يُظهر تأخُّر الأمطار في أكثر من موسم.

وفي موسم  1994-1995، يقول "المسند"، تأخرت الأمطار حتى 7 فبراير، وفي موسم 1998-1999 تأخرت حتى 9 يناير، وفي موسم 1999-2000 تأخرت حتى 16 يناير، وفي موسم 2001-2002 تأخرت حتى 1 يناير.

ويعتبر تأخر الأمطار الحالي، وفقاً لـ"المسند"، ليس أمراً شاذاً، بل في بعض الأحيان تتأخر حتى شهر أو شهرين أو أكثر.

وأواخر أكتوبر الماضي، شارك أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جموع المصلين في أداء صلاة الاستسقاء، تضرعاً إلى الله لإسقاط المطر.

كما دعا العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز ، إلى إقامة صلاة الاستسقاء بالمملكة في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الأخيرة، كما أدى سكان الكويت، منتصف الشهر الجاري، الصلاة ذاتها؛ طلباً لهطول الأمطار.

وأداء صلاة الاستسقاء هو اقتداء بسُنة النبي محمد ﷺ طلباً لنزول المطر في حال تأخره خلال أوقات الجفاف.