دعوة » مواقف

حذرت منها السعودية.. من هي جماعة "الأحباب"؟

في 2021/12/13

كامل جميل - الخليج أونلاين-

ما إن حذر خطباء المساجد في المملكة العربية السعودية، في خطبة الجمعة (10 ديسمبر 2021)، من "جماعة التبليغ والدعوة"، الذين يطلقون على أنفسهم "الأحباب"، حتى نشطت على "تويتر" في المملكة وسوم علق ضمنها المواطنون معبرين عن تفاعلهم مع هذا التحذير.

في خطبهم الموحدة تحدث الخطباء  عن بيان "ضلال هذه الجماعة وانحرافها وخطرها على الأفراد والمجتمعات"، مشيرين إلى أنها "بوابة من بوابات الإرهاب، وإن زعموا أنهم خلاف ذلك".

جاء ذلك البيان والتحذير استناداً لتوجيهات وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ.

وشدد خطباء الجوامع على التحذير من الانتماء لكل الجماعات الحزبية، ومنها جماعة التبليغ، عادين إياها بأنها "تنطلق من منطلقات مخالفة للعقيدة الصحيحة ولمنهج الكتاب والسنة، وداعية لكثير من البدع والمنكرات والمحظورات الشرعية؛ فهي جماعة جهل وتزهيد في العلم الشرعي"، بحسب ما جاء في التحذير، مشددين على عدم جواز الخروج معهم أو الانتماء لجماعتهم وحزبهم الضال.

وأجمع الخطباء على أن "جماعة التبليغ لا تملك علماً يخوّلها أن تدعو"، مشيرين إلى أن أخطاءهم الكبيرة تظهر للعيان وتوضّح مدى جهلهم في الكثير من الأمور، لافتين إلى أن الدّعوة ليست محدودة بوقت وزمن معيّنين، وهم يحددون ذلك ويعيّنونه، ثم يفضلون الدعوة على طلب العلم، ويفضلون ما هو غير فريضة على الفريضة.

وقال المفتي العام للسعودية، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، في بيان نشرته الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في حسابها على "تويتر"، إن جماعة التبليغ والدعوة "هم أناس سلكوا مسلك التصوف في كثير من أحوالهم، ويهتمون بالأذكار".

وتابع أن هذه الجماعة "توشك أن تكون مرجعيتها وثنية"، مشدداً على حرمة المشاركة معهم حتى يلتزموا بـ"الكتاب والسنة".

وذكر مفتي المملكة أن "أفراد هذه الجماعة منزوون ومتقوقعون على أنفسهم، لا يصحبهم إلا من كان على مثل طريقتهم، يتبعون فكرة الخلود إلى الأرض وسلوكيات تصوفية ليست لها صلة بالعلم النافع".

من هم؟

جماعة التبليغ والدعوة تقول إنها خصصت نفسها من أجل الدعوة والزهد في الدنيا والابتعاد عن مغرياتها، ويرتكز أسلوبها في دعوتها على "الترغيب والتأثير العاطفي والروحاني".

بدأت جماعة التبليغ دعوتها في الهند في سنة 1926، ثم انتشرت في غالبية البلاد العربية والإسلامية.

تعتمد الجماعة على أمرين رئيسين هما: "تبليغ من لم تبلغه الدعوة الإسلامية، ومحاولة إدخاله إلى الإسلام، ووعظ المتساهلين من المسلمين بما يتعلق بالصلاة لأنها عماد الدين".

ورغم اتساع حجم الجماعة لكن ليس لهم ناطق رسمي، وليس لهم ممثل أو مخاطب مستند لهم.

يعود إنشاء جماعة التبليغ والدعوة إلى الشيخ الهندي محمد إلياس الكاندهلوي، وهو من مواليد سنة 1885، وتوفي في سنة 1944، حيث ولد في قرية كاندهلة وهي قرية من قرى سهارنفور في الهند.

طريقة الجماعة في الدعوة تعتمد على ما يلي: تعيين أمير عليهم في حال خروجهم للدعوة، فليس عندهم مناصب ولا وظائف معينة ومستمرة.

تحدد مجموعة من الجماعة لدعوة أهل بلد ما، ويكون التقشف الصفة الغالبة عليهم.

علاقتهم باقتحام الحرم

في برنامج "الراصد" على قناة الإخبارية السعودية، كشف الباحث الشرعي تركي الغامدي سبب تحذير وزارة الشؤون الإسلامية من جماعة التبليغ والدعوة.

وقال إن الجماعة في الأصل "جماعة قبورية ليست في غلاف التصوف والجهل والخزعبلات، ثم أخذت مبدأ الدعوة والخروج والمقصود به أنهم يخرجون 3 أيام وأربعين يوماً أو شهرين، وإذا لم يخرج فإيمان الشخص ناقص إذا لم يكن في عمره 4 أشهر أو شهري خروج في السنة".

وأضاف أن عناصر الجماعة الموجودون في المملكة يمتلكون نفس الفكر، ولهم اجتماع سنوي في الهند يحضره من يمثلهم من السعودية أو الخليج، مشيراً إلى أنهم موجودون في العالم ككل، ولديهم بالهند أمير للجماعة الذي له أمراء موزعون في المناطق.

وتابع أن لديهم "مشكلة البدع والمغالاة في الأحاديث الموضوعة والرؤى، التي تكون بمثابة أدلة بالنسبة لهم"، لافتاً إلى أن "أغلب من كانوا في حادثة جهيمان واقتحام الحرم عام 1979 كانوا من جماعة الأحباب".

وحادثة الحرم المكي بدأت أحداثها فجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، حين استولى أكثر من 200 مسلح على الحرم المكي، مدعين ظهور المهدي المنتظر.

وهزت العملية العالم الإسلامي برمته، فقد وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد، وتسببت بسفك للدماء في باحة الحرم المكي، وأودت بحياة مصلين مدنيين، ورجال أمن، ومسلحين متحصنين داخل الحرم.  

التركيز على "العصاة المسلمين"

تقرير سابق لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، قال فيه الشيخ راشد الجدوع، أحد رموز جماعة الدعوة البارزين في المملكة: "نحن لا نتحدث مع النصارى، أو الهندوس، أو البوذيين، نحن نهتم بعصاة المسلمين".

ولا يتورع أفراد جماعة الأحباب عن الدخول إلى الحانات في البلدان الغربية والعربية للدعوة إلى الله فيها. يقول الجدوع: "إذا كان صيدنا هناك فما المانع من ذلك؟ نحن نذهب إلى الناس في كل مكان".

وينفي الجدوع صفة التنظيم عن جماعة الأحباب والدعوة، حيث يقول إنه ليس لها رموز معينة، إذ يظهر أثر أعضائها على الناس بحسب الخبرة فقط، وليس على أساس رمزية الأشخاص المنتمين لها.

ووفق قوله فإنه "ليس لهذه الدعوة ارتباط بجهة رسمية، ولكنها نشاط عالمي تعاوني احتسابي وليس اكتسابياً، الكل يعمل فيها محتسبين وليسوا مكتسبين".

وقال الجدوع، إن سر نجاحهم في الدعوة هو أنهم يتعاملون مع الدين الإسلامي معاملة الأب لابنه، يهتم به ويصرف عليه المال والوقت والجهد، وليسوا كغيرهم الذين يتعاملون مع الدين معاملة الابن لأبيه، وهي محبة ضعيفة بلا شك، مقارنة بالأولى.

ولا تعتبر جماعة "الأحباب" نفسها تنظيماً له أبعاد خاصة. ويقول الجدوع: "عملنا دعوي صرف، ليس له بعد سياسي ولا بعد جهادي، فنحن لا ننافس الناس في مناصبهم ولكننا نجتهد لإصلاح الناس في مناصبهم. وهذا يعطي أماناً في السياسة"، مستدركاً: "نحن لسنا ضد الجهاد، ولكن هو من اختصاص ولاة الأمر، فهم من يقيمونه".