علاقات » خليجي

"توقيت مهم".. ما الذي ستسفر عنه زيارة سلطان عُمان إلى السعودية؟

في 2021/07/08

الخليج أونلاين-

في أول زيارة خارجية له منذ توليه مقاليد الحكم مطلع العام الماضي، يتوجه سلطان عمان هيثم بن طارق إلى السعودية الأسبوع المقبل للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو ما يعكس التطور المتلاحق للعلاقات بين البلدين.

وشهدت الشهور الأخيرة تقارباً متنامياً في علاقة الرياض ومسقط، وتبادل مسؤولو البلدين رفيعو المستوى الزيارات، وأجروا مشاورات موسعة في عدد من المجالات المشتركة سياسياً واقتصادياً.

وقالت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، (الثلاثاء 6 يوليو)، إن سلطان عُمان سيلتقي العاهل السعودية (الأحد 11 يوليو) في مدينة "نيوم" السعودية.

وهذه هي أول زيارة رسمية يقوم بها سلطان عُمان للمملكة، كما أنها أول زيارة خارجية له منذ تقلده منصبه في يناير 2020 خلفاً للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.

ونقلت الوكالة الألمانية عن مصادر خليجية في الرياض أن السلطان هيثم سيصل برفقة وفد رفيع المستوى في زيارة تستغرق يوماً واحداً، وسيلتقي خلالها العاهل السعودي وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه محاولات لوقف حرب اليمن واستمرار مفاوضات الملف النووي الإيراني، فيما تحقق المفاوضات السعودية الإيرانية تقدماً ملحوظاً.

وستركز المحادثات، بحسب المصادر، على تطورات الوضع اليمني في إطار مساعي عُمان لإنهاء القتال المستمر منذ أكثر من سبع سنوات، وإطلاق حوار مباشر بين الأطراف، تمهيداً لإنهاء الوضع الإنساني المتردي.

كما ستتناول نتائج مفاوضات الملف النووي الإيراني، ودفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون، وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، ومن ضمن ذلك سبل دعم الاقتصاد العُماني".

تقارب متزايد

هذه الزيارة التي لم تؤكدها سلطنة عُمان بشكل رسمي حتى الآن، تأتي في وقت تشهد الملفات المشتركة بين مسقط والرياض تقدماً ملموساً سواء على مستوى الشراكة الاقتصادية وتطوير العلاقات أو على مستوى القضايا الإقليمية المشتركة.

وبعد سنوات من الركود المشوب بالحذر، عاودت العلاقات بين البلدين التطور بشكل متسارع بعد تولي السلطان مقاليد الحكم، وقد لعبت مسقط دوراً ملموساً في إتمام المصالحة الخليجية إلى جانب الكويت.

كما بدأ خلاف البلدين في التعامل مع الجانب الإيراني بالتراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة بعدما جلست الرياض وطهران على طاولة، وهو أمر لطالما شجعته مسقط ودعت إليه، وذلك ما أعطى دفعة للعلاقات السعودية العُمانية.

فعلى مستوى العلاقات بين البلدين شهدت الأسابيع الأخيرة الماضية لقاءات واجتماعات مكثفة بين الجانبين لتعزيز الشراكة الاقتصادية وتطوير العمل المشترك في وقت تشهد فيه مسقط أزمة مالية أدت لاندلاع احتجاجات محدودة الشهر الماضي.

وقد أعلنت الحكومة العُمانية عن قرب افتتاح الطريق البري الواصل بين البلدين بطول 800 كيلومتر، والذي من شأنه تعزيز حركة النقل والتجارة، ومن ثم سينعكس إيجاباً على المستثمرين من الجانبين.

كما طرحت الحكومة العُمانية على نظيرتها السعودية، منتصف الشهر الماضي، العديد من المشروعات المستقبلية ومجالات الاستثمار التي يمكن لرأس المال السعودي الدخول فيها في إطار مساعي السلطنة لتنويع مصادر دخلها وجذب الأموال الخارجية.

ويوم الاثنين 5 يوليو، قدم عبد الله العنزي أوراق اعتماده للسلطان هيثم بن طارق، سفيراً فوق العادة ومفوضاً من قبل العاهل السعودي معتمداً لدى سلطنة عُمان.

وسبق أن قال السفير العُماني لدى الرياض فيصل بن تركي آل سعيد، إنه "من المتوقع أن نشهد في القريب العاجل توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين، ونتطلع إلى أن يكون القطاع الخاص في البلدين مكوناً رئيسياً فيها".

ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الربع الأول من 2021 إلى نحو 2.152 مليار ريال سعودي (570 مليون دولار) بزيادةٍ بنسبة 6.2% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

توقيت لافت

وسياسياً، تتزامن الزيارة مع حديث عن تحقيق تقدم على مستوى المفاوضات الجارية بين طهران والرياض، بالإضافة إلى حديث يمني عن تقدم على مستوى وقف القتال بوساطة عُمانية.

فقد قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي (الثلاثاء 6 يوليو)، إن المفاوضات تسير بشكل ودي وإن الجانبين طرحا القضايا محل الخلاف والمخاوف المتبادلة للنقاش.

وقد تحدثت دول مجلس التعاون، الشهر الماضي، عن ضرورة إشراكها في مفاوضات فيينا الرامية لإحياء اتفاق 2015 النووي بين إيران والغرب، وطالبوا بضم برنامج إيران الصاروخي ودعمها للمليشيات إلى المفاوضات.

لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال إن هذه الملفات يمكن مناقشتها في إطار الأمن الإقليمي.

وفي ظل المخاوف التي تخيم على الوضع بعد وصول إبراهيم رئيسي، المحسوب على المحافظين، إلى رئاسة إيران، فإن زيارة سلطان عُمان للمملكة قد تفتح أبواباً جديدة لتقليل هذه المخاوف، وربما تقدم رؤى على أعلى مستوى لحلحلة الخلافات ولو جزئياً.

وعلى صعيد الوضع اليمني، قال وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، في يونيو الماضي، إن الوساطة العُمانية حققت تقدماً على طريق وقف القتال، وذلك بعد زيارة هي الأولى منذ 2014 أجراها وفد سلطاني لصنعاء وبحث خلالها وقف القتال مع الحوثيين.

وكثفت مسقط، خلال الأشهر الماضية، جهودها المتمثلة في تنسيق لقاءات على مستوى منخفض بين التحالف العربي والحوثيين، إضافة إلى تنظيم سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين دوليين وغربيين والوفد الحوثي.

وتحظى عُمان بعلاقات جيدة سواء مع الإيرانيين أو الحوثيين فضلاً عن علاقات قوية مع الرياض؛ وهو ما يمكنها من إحداث خرق في عدد من الملفات الصعبة.

نتائج مهمة متوقعة

المحلل العُماني عوض باقوير قال إن الزيارة المرتقبة لسلطان عُمان تحظى بقدر كبير من الأهمية بالنظر إلى التطور اللافت في العلاقات بين مسقط والرياض على المستويين السياسي والاقتصادي.

وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أوضح باقوير أن الزيارة المرتقبة سوف تشهد مشاورات مهمة بين قادة البلدين، وتوقع أن تشهد توقيع العديد من الاتفاقيات المهمة في مجال التجارة والسياحة.

ولفت المحلل العُماني إلى "احتمالية توقيع اتفاق إقامة منطقة صناعية سعودية في السلطنة".

ورجح باقوير أن "تسفر الزيارة عن تقدم كبير في الملفات السياسية التي تعمل السلطنة على حلحلتها، وخاصة فيما يتعلق باليمن والعلاقات مع إيران"، مشيراً إلى أنها "ستمثل نقلة كبيرة على مستوى العلاقات السعودية العمانية".

وخلص إلى أن "الزيارة تعكس أهمية العلاقة بين البلدين؛ لكونها أول زيارة خارجية للسلطان منذ توليه الحكم، ومن ثم فمن المتوقع أن تكون نتائجها كبيرة على جميع المستويات، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك".