علاقات » اوروبي

"أزمة" بين الإمارات وإيطاليا.. فهل تمتد لدول أوروبية أخرى؟

في 2021/06/30

DW عربية-

ثلاثة قرارات بينت وجود أزمة بين الإمارات وإيطاليا، آخرها ما أثير عن سحب الجنود الإيطاليين من قاعدة إماراتية. فهل تريد أبوظبي تبليغ رسائل للغرب، خصوصا أنها باتت مرمى انتقادات كثيرة بسبب مشاركتها في حرب اليمن؟

تسير العلاقة بين الإمارات وإيطاليا إلى التأزم، إذ نقلت وكالة رويترز عن مصدر في الحكومة الإيطالية أن أبوظبي طلبت من روما هذا الأسبوع سحب طائراتها وجنودها من قاعدة عسكرية في البلاد بحلول الثاني من يوليو/ تموز القادم.

لم تذكر الإمارات سبب إقدامها على هذه الخطوة، غير أن هناك شكوكا واسعة في أن "الأزمة" بين الطرفين بدأت منذ وقف إيطاليا بيع الأسلحة إلى الإمارات والسعودية بسبب مشاركتهما في حرب اليمن، وهي صفقة تمت عام 2016 وأوقفتها الحكومة الحالية.

وبرّر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو وقف الصفقة، شهر يناير/كانون الثاني الماضي بأنها "خطوة ضرورية، ورسالة سلام واضحة من بلادنا. بالنسبة لنا، احترام حقوق الإنسان هو التزام لا تهاون فيه".

ورغم أن إيطاليا ليست أكبر مصدّر أسلحة للإمارات، إذ يبقى رقم الصفقة التي توقفت ضعيفا (485 مليون دولار) أمام ما تشتريه أبوظبي من واشنطن. وكمثال على ذلك فالصفقة التي أقرها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تبلغ قيمتها 23 مليار دولار، إلّا أن القرار كان معنويا بالأساس، ويأتي في سياق تردد أوروبي واضح في تزويد الإمارات والسعودية بالأسلحة بسبب حرب اليمن.

وكانت إيطاليا تستخدم قاعدة المنهاد الجوية، جنوب دبي، وتوجد في القاعدة قوات جوية لمجموعة من الدول الأخرى التي تشارك في مهام عسكرية بالشرق الأوسط أو بمناطق في آسيا، منها هولندا وبريطانيا، غير أن القرار الذي وُصف بالطرد، كان مقتصرا على القوات الإيطالية.

احتجاج إيطالي

لم تدخل الإمارات في أزمة دبلوماسية مع أيّ بلد داخل الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة، غير أن القرار الأخير لأبوظبي لم يكن مفاجئا لكثير من المتتبعين. ففي وقت سابق من هذا الشهر، استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير الإماراتي في روما للتعبير عن "الاستياء والدهشة"، بعدما رفضت الإمارات مرور طائرة للسلاح الجوي الإيطالي فوق ترابها، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإيطالية أنسا.

الطائرة كانت تحمل صحافيين إيطاليين كانوا متجهين إلى أفغانستان لأجل تغطية انسحاب القوات الإيطالية من هذا البلد. واضطرت الطائرة إلى الهبوط في السعودية بحثا عن مسار جوي آخر.

وعلى تويتر، احتفت حسابات مجموعة من المغرّدين الإماراتيين بقرار بلادهم، واعتبروا ذلك "انتصارا لسيادة البلد"، وكتب ماجد الرئيسي: " العبرة.. موقف استثنائي ورسالة تمتد لأبعد من إيطاليا".

كما كتب المدون السعودي منذر آل الشيخ مبارك: "لكم أسبوع لا أكثر وهذا هو ردنا، درس في السيادة من الإمارات وصفعة قوية في وجه إيطاليا". كما احتفى المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي بالقرار، داعيا إلى تكرار دول خليجية للأمر ذاته ضد كندا وألمانيا ودول أخرى، مدعيا أن تجميد الحكومة الإيطالية لصفقة السلاح أدى إلى انتقادات داخل إيطاليا.

ويأتي القرار الإماراتي في ظل ازدهار العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية، وفي الأسبوع الذي شهد افتتاح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد سفارة بلاده في الإمارات، كما استطاعت الظفر بصفقة الأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة رغم كل الاعتراضات من جهات في واشنطن.

هل يتكرر مع دول أخرى؟

ورغم العلاقات الإماراتية -الأوروبية القوية في مجموعة من المجالات، إلاّ أن قرار أبوظبي بحق الجنود الإيطاليين دفع مغرّدين إلى تبني السياسة ذاتها ضد دول أخرى.

وسبق لألمانيا أن أوقفت تصدير الأسلحة للسعودية بسبب مشاركتها في حرب اليمن وكذلك بسبب قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، كما علقت بليجكا أربعة تراخيص أسلحة كانت موجهة للسعودية.

وترغب أبوظبي بتوجيه رسالة للدول التي تفكر بتعليق صفقاتها لها بأنها سترد. وتركز الإمارات بشكل كبير على دبلوماسية التسلح، ومن ذلك تنظيمها للمعرض الدولي للسلاح الذي شاركت في آخر نسخه أكثر من 900 شركة من 59 دولة.

وهناك ملف آخر للخلاف الأوروبي-الإماراتي يكمن في تحرك ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لمعاقبة كل القوى الدولية والإقليمية التي تخرق حظر توريد الأسلحة إلى أطراف ليبية. وتدعم الإمارات رجل شرق ليبيا القوي الجنرال خليفة حفتر، غير أنها تتشاطر بعض الرؤى مع فرنسا في الملف الليبي عكس ألمانيا وإيطاليا.

رغم ذلك تعمل كل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا حاليا على بلورة عقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي على عمليات خرق توريد الأسلحة إلى ليبيا التي تمزقها حرب أهلية، فاقمتها تدخلات إقليمية ودولية.

وقد تصل العلاقة بين الإمارات وفرنسا في حال إصدار القضاء الفرنسي حكما ضد الإماراتي أحمد الناصر الريسي، على خلفية شكوى مرفوعة ضده من منظمة حقوقية بسبب سجن المعارض أحمد منصور. كما طالب نواب فرنسيون الرئيس إيمانويل ماكرون بالاعتراض على ترّشح الريسي للشرطة الجنائية الدولية الإنتربول التي يوجد مقرها في ليون الفرنسية، ويعمل فيها الريسي مندوبا.

كما توجد دعاوى في بريطانيا ضد مسؤولين إماراتيين، ومنها دعوى رفعها الأكاديمي ماثيو هيدجز ضد أربعة مسؤولين إماراتيين بتهمة تعذيبه لما كان مسجونا في أبوظبي.

وتلاحق الإمارات انتقادات حقوقية واسعة بسبب مشاركتها الكبيرة في حرب اليمن، خصوصا في الجنوب، حيث تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي المتهم بالسعي إلى الانفصال عن الشمال. كما توجه منظمات حقوقية ملاحظات كثيرة على السجل الحقوقي داخل الإمارات، خصوصا اعتقال المعارضين وقمع حرية الرأي والتعبير.