ملفات » الهياط في السعودية

"ما بين كورونا والهدر".. هل تغير سلوك المستهلك السعودي في رمضان؟

في 2021/04/16

الخليج أونلاين-

مع حلول شهر رمضان المبارك ترتفع نسب استهلاك الغذاء في السعودية لنسب عالية جداً تجاوزت الـ 70% إلى 100% في بعض السنوات، لكن ربما قلل حلول وباء فيروس كورونا وتغير المشهد الاقتصادي في المملكة من معدلات الاستهلاك لدى المواطن السعودي.

وتعد السعودية من الدول ذات المعدلات المرتفعة باستهلاك الغذاء مقارنة بعدد السكان، وتتصدر المملكة ترتيب دول العالم بثقة المستهلك، حيث تصنف في المركز الثاني بعد الصين.

وبعد تفشي وباء فيروس كورونا المستجد وفرض الحظر الجزئي أو الكلي في المملكة لفترات متعددة، وقعت خسائر مادية كبيرة لدى قطاعات واسعة من الشعب، رغم المساعدات المالية التي قدمتها الحكومة، وهو ما وضع السعوديين أمام تحديات جديدة لم تكن مسبوقة من قبل.

وضاعف من التحديات أمام المستهلكين فرض زيادة على نسبة ضريبة القيمة المضافة لـ 15% على مختلف السلع والخدمات ابتداء من 1 يوليو 2020، وهو ما أثر على معدل الاستهلاك بشكل عام.

مبيعات مضاعفة برمضان

وفي كل عام تزيد نسب مبيعات المحلات التجارية الغذائية خصوصاً، بنسب تتجاوز 100% مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث يقبل السعوديون على الشراء والتخزين، في الوقت الذي تلجأ فيه العديد من الأسواق التجارية لتقديم عروض ترويجية كبرى متزامنة مع شهر الصيام، عبر تخفيض أسعار بعض منتجاتها إلى أكثر من 50% عن أسعارها المعتادة طوال السنة.

وذكرت صحيفة "عكاظ" المحلية أن شهر رمضان يعد من أعلى المواسم إقبالاً من المشترين، ولهذا تنتشر العروض طوال العام.

ونقلت عن المستثمر في قطاع التجزئة حذيفة عبد القادر، أن "موسم رمضان أصبح موسماً متعارفاً عليه بين التجار والمستثمرين في مجال الأغذية والتجزئة، فهو يعد الموسم الأمثل والأبرز لبيع المنتجات الغذائية خصوصاً المعلبة".

وأوضح أن المنتجات الاستهلاكية الصناعية يزداد الطلب عليها خلال رمضان، لبقائها مدة أطول من غيرها، ما يدفع الأسر لشرائها بكميات كبرى للتخفيف من النزول للمحلات التجارية خلال شهر رمضان.

كما بيّن أن فترة رمضان تعد الأفضل للتجار، لمساهمتها في الترويج للمنتجات الجديدة أو غير المعروفة، وكذلك في رفع المبيعات وتحقيق النسبة المرجوة، إضافة إلى تصريف المنتجات التي يقل الإقبال عليها طوال السنة.

وقبل حلول رمضان 2021 بأيام، ارتفعت معدلات الطلب على محلات بيع اللحوم بنسبة 20% فيما لم تسجل ارتفاعات ملموسة في الأسعار، وذلك في ظل المنافسة الشديدة بالسوق. 

ونقلت صحيفة "المدينة" السعودية عن محمد العسيري "صاحب محل للجزارة" قوله: إن "زيادة الإقبال على اللحوم تعود لقرب شهر رمضان، واحتياج الأسر لها بكميات كبيرة في الأكلات المختلفة"، مشيراً إلى أن "ارتفاع أسعار الذبائح وإحجام البعض عن شرائها أدى إلى زيادة الإقبال على محلات الجزارة من أجل الشراء بالكيلو لتخفيف التكلفة".

ويبدو أن الاستهلاك لا يقتصر على الطرق الاعتيادية فقد أصبح للتسوق الإلكتروني حضور بارز في المملكة، فقد توقعت دراسة حديثة أجراها موقع "Checkout" عن زيادة كبيرة في التسوق عبر الإنترنت في السعودية خلال شهر رمضان 2021؛ حيث إن ثلاثة أرباع من شملهم الاستطلاع يخططون لشراء المنتجات والخدمات عبر الإنترنت بشكل متكرر خلال شهر رمضان.

وأبدى المستهلكون في السعودية تحولهم بشكل قوي وكبير نحو التسوق عبر الإنترنت، خلال هذه الفترة، حيث إن 95% من المستطلعة آراؤهم يفضلون التسوق عبر الإنترنت، في حين أن 29% منهم يتسوقون بالفعل أسبوعياً أو حتى يومياً.

وفي إطار ذلك أكّد الخبير النفسي والمستشار الأسري، الدكتور عبد الرحمن آل عشقان، أن أحد أهم أسباب تدافع المستهلكين لشراء المنتجات الاستهلاكية خلال شهر رمضان بطريقة مختلفة عن طوال السنة رغبتهم في الاستفادة والاستزادة من عروض شهر رمضان التي عادة ما يلجأ إليها التجار والمستثمرون خلال هذه الفترة، وفق "عكاظ".

وقال: إن "هذه الفترة تشهد شراء منتجات "غير مرغوبة من الأسر ذوي الدخل المحدود، بسبب وجود عروض ترويجية عليها دون حاجة الأسرة إليها، وهذا الخطأ الذي تقع فيه العديد من الأسر لشرائها ما لا تريد، بل لشراء المنتجات لأن عليه خصومات فقط".

وأردف أن "لبعض المستثمرين دوراً في هذا الجانب، بعرضهم منتجات بأسعار رخيصة للترويج لها، وبعضها قد تكون قاربت على انتهاء الصلاحية، ما يدفع التاجر لتصريف المخزون، أو للترويج لمنتجه".

هدر غذائي 

وتزيد معدلات هدر الطعام في رمضان بشكل كبير. ومع تفشي جائحة كورونا، التي طالت جميع الصناعات والاقتصادات العالمية، واجهت الأنظمة الغذائية وسلاسل الإنتاج والتوريد الأزمة ذاتها، وهو ما ينعكس على الأمن الغذائي محلياً وعالمياً.

ويُقدر الحجم العالمي لفقد الطعام بحوالي 1.6 مليار طن من معدلات المنتج الأولي، في حين يقدر إجمالي الهدر للأغذية الصالحة للأكل بحوالي 1.3 مليار طن منها.

وفي أبريل 2021، كشفت دراسة حديثة أن الهدر والفقد الغذائي يكلف المملكة 40.4 مليار ريال (10.67 مليارات دولار) سنوياً على أساس الإنفاق الاستهلاكي، بينما يبلغ حجم الهدر وفقاً للسلع المستهدفة 4.06 ملايين طن، بنسبة تصل إلى 33.1% سنوياً، إذ تبلغ مساهمة الفرد نحو 184 كيلوغراماً من الغذاء المهدر.

وأكدت الدراسة التي أعدتها المؤسسة العامة للحبوب في السعودية، وأجريت على جميع مناطق المملكة، أن الهدر في الخضراوات يتجاوز 335 ألف طن سنوياً، في حين يبلغ الهدر في خضار الكوسا 38 ألف طن، والبطاطس 201 ألف طن، والخيار 82 ألف طن، والبصل 110 آلاف طن، والطماطم 234 ألف طن.

وبحسب الدراسة التي استهدفت 30.8 ألف عينة، بلغ الهدر والفقد في الدقيق والخبز 917 ألف طن سنوياً، فيما تهدر 557 ألف طن من الأرز، و22 ألف طن من لحوم الغنم، إلى جانب إهدار 13 ألفاً من لحوم الإبل، و41 ألف طن من اللحوم الأخرى، و444 ألف طن من لحوم الدواجن، فيما تبلغ نسبة الهدر في الأسماك 69 ألف طن سنوياً.

من جهته، قال المهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة: "إن للهدر والفقد الغذائي آثاراً سلبية في البيئة والصحة والاقتصاد"، داعياً الجميع إلى التوازن في شراء المواد الغذائية بما يحقق الكفاية ولا يهدر الطعام، وفق صحيفة "الاقتصادية" المحلية.