علاقات » اسرائيلي

دفاع مستميت واستسلام كامل.. كيف يسوق مغردون لـ "إسرائيل"؟

في 2020/09/26

متابعات-

منذ أعلن التطبيع بين الإمارات و"إسرائيل" وما تلاه من إعلان البحرين الالتحاق بقطار المطبعين، حتى توقيع الاتفاق في 15 سبتمبر 2020، والحديث عن دول عربية أخرى ستطبع قريباً مع تل أبيب، تضج وسائل التواصل الاجتماعي بتصريحات وتغريدات تدافع عن هذه الخطوات.

والأمر المثير للجدل هو حالة التبرير والدفاع عن التطبيع بأسلوب يقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، مع استخدام مغالطات من قبل أشخاص محسوبين على ما يطلق عليه اليوم بـ "تيار المطبعين".

وخلال الأسابيع الماضية، عكف أشخاص بينهم مشاهير ولديهم عشرات ومئات آلاف المتابعين على تزييف الحقائق، وتجاوز المعقول إلى درجة يصفها البعض بـ "فقد الحياء" بالدفاع عن "إسرائيل" والتطبيع معها، متجاوزين حالة ما يصفونه بـ "السلام الاستراتيجي"، أو "المصالح المشتركة"، التي تلصق عادة بالبيانات الرسمية، إلى حالة من "الانبطاح"، في ظل استثمار تل أبيب لهذه التصريحات والأقوال.

أشراط الساعة

وانتقلت الحالة من التطبيع إلى الدفاع المستميت عن "إسرائيل"، وتحميل اللوم لرافضي التطبيع والتعامل مع دولة احتلت أراضي عربية وهجرت منها سكانها، ومتهمة بارتكاب جرائم حرب.

وكان آخر تلك التغريدات التي فتحت الجدل واسعاً، ما قاله الداعية الإماراتي (من أصل أردني) وسيم يوسف: إن "من أشراط الساعة انقلاب الموازين، من يريد السلام (متخاذل) ومن يريد (الدمار) شجاع، من يريد الأمان لوطنه (عميل) ومن يريد (الفتنة) مناضل، من يريد التعايش مع الأديان (مرتد)، ومن يريد الطائفية (مجاهد)، من يريد الوسطية (منافق) ومن يريد التشدد (ثابت)".

الناطق باسم الجيش الإسرائيلي "أفيخاي أدرعي" أعاد نشر تغريدة "يوسف" معلقاً عليها بقوله: "نسأل الله سبحانه الثبات على الحق".

كما أعرب حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية عن إعجابه بالتغريدة التي أعاد نشرها وعلق عليها بـ"صدقت يا شيخ، نسأل الله الثبات على الحق ويجعل الحقيقة بمثابة بوصلتنا جميعاً، اللهم آمين يا رب".

في مقابل ذلك رد العشرات على تغريدة يوسف، في حالة استغراب من الحالة التي وصل بها الدفاع عن التطبيع.

وعلق أحدهم قائلاً: "من يريد السلام مع قتلة المسلمين، من يريد السلام مع من احلتوا بلد عربي مسلم، من يريد السلام مع من انتهكوا مقدسات المسلمين ودنسوها، من يريد السلام مع من قصفوا مساجد وبيوت ومدارس المسلمين، ايش يعتبر؟ أتمنى أحد يجاوبني؟!".

فيما قال آخر: "سبحان الله! ومن يريد الدفاع عن أرضه واسترداد حقوقه (إرهابي)، من يرفض التصالح والتسامح مع عدو قتل ويقتل وسوف يقتل، (عدو للسلام)، الحق واضح، واحنا الفلسطينيين عارفين لا أنت ولا أمثالك بتقدروا تغطوا الشمس".

وسبق للداعية المصري عصام تليمة أن قال بخصوص حديث يوسف عن "إسرائيل" في تغريدة له: "أعتقد أن الكيان الصهيوني لم يعد بحاجة لمتحدث باسمه، سواء أفيخاي أدرعي أم غيره، وذلك لوجود مدافع ومتحدث عنهم مهم وهو وسيم يوسف، أعتقد رسالته وصلتهم، وجاري التفكير في اعتماده، سواء بأجر أو عمولة، أو متطوعاً، لينضم لباقي الصهاينة العرب".

ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا

وفي ذات الإطار جاء تصريح وكيل وزارة التربية والتعليم البحريني محمد مبارك جمعة، خلال لقاء ضم شخصيات إسرائيلية وبحرينية، في بث مباشر عبر الإنترنت، في 21 سبتمبر 2020 ، قال مبارك: "أعتقد أن ما يجمعنا بإسرائيل وإخوتنا اليهود أكثر مما يفرقنا نحن الشعوب العربية واليهودية في إسرائيل.. أليس من دليل أنه خلال الترجمة أستطيع فهم 30-40% من الترجمة؟ وهو دليل أن اللغة تجمعنا".

وطالب مبارك بوضع رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل مد الجسور مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وحضر الندوة التي كان عنوانها "دور الإعلام في تعزيز السلام بالمنطقة"، ونظمها ما يسمى "المجلس العربي للتعاون الإقليمي"، صحفيون من البحرين والإمارات والسعودية والسودان ومصر والجزائر، إلى جانب شخصيات ووزراء إسرائيليين.

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتصريحات المسؤول البحريني بخصوص "إسرائيل" معتبرين أنه لا يمثل الشعب البحريني.

وقال الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة: "هذا (وكيل وزارة التربية والتعليم في البحرين)، يقول إن ما يجمعنا بإسرائيل أكثر مما يفرقنا"، معلقاً: "هذا المستوى من الابتذال لا يمكن أن يصدر عن عقل ولا منطق، فضلاً عن الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي تجاه الأمة وقضيتها المركزية، كأن هؤلاء يمعنون في فضح أنفسهم!!".

وقال أحد النشطاء: "ما الذي يريده هذا وأمثاله؟ الغالبية العظمى من الشعب ترفض التطبيع رفضاً قاطعاً، وهو يطالب بالمزيد من القمع وترسيخ مفهوم (الأخ الأكبر) وتعميمه حتى على مواقع التواصل الاجتماعي لتكميم جميع الأفواه، ليتسنى لحضرته (التعاون) مع كيان الاحتلال الغاصب، رغماً عن الإرادة الشعبية".

وشاركت الممثلة البحرينية شيماء سبت في تقطيع كيكة "السلام" بعد توقيع اتفاق التطبيع بين بلادها و"إسرائيل" بحضور رئيس الجالية اليهودية البحرينية إبراهيم نونو، وأكّدت أنها سعيدة بالاتفاق وأن "ثمار هذا السلام سيجنيه أبناء المستقبل".

واستنكر كثير من المغردين خطوة سبت، معتبرين أنها لا تمثل رأي الشعب البحريني الذي خرج في مظاهرات رفضاً للتطبيع.

غناء بالعبرية

وفي السياق نفسه، لا يلبث المدون السعودي محمد سعود الذي يعد من أكثر المغردين السعوديين نشاطاً لصالح "إسرائيل" في المملكة، أن يشعل الجدل بخصوص أمنياته بالتقارب بين تل أبيب والرياض، ولا تتوقف مقاطعه المصورة التي يغني فيها بالعبرية، رغم إقامته داخل السعودية.

وأدى سعود، مع مواطن إسرائيلي أغنية باللغة العبرية، أثارت ردود فعل مرحبة من الجانب الإسرائيلي، حيث نشرتها صفحة "إسرائيل بالعربية" معلقة عليه بالقول: "صباح الخير مع هذا التعاون الموسيقي الجميل بالعبرية بين مواطنين سعودي وإسرائيلي".

وكان سعود قد زار "إسرائيل" وهوجم من جانب عدد من الفلسطينيين أثناء تجوله بمدينة القدس، وأجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أبريل 2020، بخطوة لم يسبق أن قام بها سعودي علناً من قبل.

سعود كذلك نشر مقطع فيديو، في أغسطس 2020، وهو يغني أغنية عبرية تقول: "بيبي بيبي يا حبيبي". والتي يمتدح فيها نتنياهو، مضيفاً فيها: "الجميع يحبك"، ولم يكن هناك أي ردود فعل سعودية رسمية ضد المدون الذي تجاوز التطبيع إلى حالة من "الغرام" مع دولة الاحتلال.

وعلق على مقطع سعود أحد المغردين قائلاً: "ما زال هناك بقية من يهود خيبر يسرحون ويمرحون علناً في جزيرة العرب بعد أن أتيحت لهم الفرصة للظهور في ظل حرية الرأي في اتجاه واحد فقط، وإﻻ متى تعلموا العبرية لوﻻ أنها كانت تجري في عروقهم منذ زمن ولكن من تحت الطاولة. انكشف الغطاء".