دول » الامارات

عبر التطبيع الرياضي.. كيف كسرت الإمارات خطوطاً حمراء "محظورة"؟

في 2020/09/24

متابعات-

عقب إعلان واشنطن تطبيع العلاقات بين الإمارات و"إسرائيل"، في 13 أغسطس 2020، توالت الاتفاقيات الثنائية التي أبرمها الجانبان، حيث تسير بوتيرة متسارعة طالت مجالات مختلفة، منها السياسية والاقتصادية والمصرفية.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل كسرت خطوطاً عربية حمراء؛ على غرار التطبيع الثقافي والرياضي، الذي ينقل العلاقات بين أبوظبي و"تل أبيب" إلى مرحلة جديدة تتخطى تلك التي وصلت إليها مصر والأردن عقب تطبيعهما مع "إسرائيل"، عامي 1979 و1994 توالياً.

يقول مراقبون إن القاهرة وعمّان تجنبتا كثيراً توسيع رقعة تطبيعهما مع "تل أبيب" واقتصاره على العلاقات الدبلوماسية، في حين تدفع الإمارات نحو إقامة علاقات شاملة مع الدولة العبرية في مختلف المجالات، والذهاب بعيداً في علاقتها مع الأخيرة .

استثمار إماراتي

أبوظبي شرعت في مفاوضات مع إدارة نادي "بيتار القدس" الإسرائيلي للاستحواذ على ملكيته، وفقاً لما أوردته قناة "i24news"، في 9 سبتمبر 2020.

و"بيتار القدس" نادٍ إسرائيلي عنصري يُعرف عن جماهيره التطرف وتبني أفكار يمينية، كما يرفض فكرة انضمام أي لاعب عربي أو مسلم إلى صفوفه.

القناة العبرية قالت أيضاً إن المفاوضات تتم بين مستثمرين إماراتيين ومالك النادي الإسرائيلي موشيه حوجج، ونقلت عن مصادر إماراتية قولها إنه في حال تم إبرام الاتفاق فإنه سيكون "أول استثمار إماراتي بمجال الرياضة في إسرائيل".

وبعد أيام كشفت وسائل إعلام عبرية أن رجل الأعمال الإماراتي سليمان الفهيم هو من يخطط لشراء ملكية النادي الإسرائيلي، وسط توقعات بأن يطير رئيس الأخير إلى أبوظبي لمواصلة المفاوضات.

احتراف لاعبين مرتقب

قطار التطبيع الرياضي الإماراتي وصل إلى محطة جديدة في ظل عزم أندية إماراتية على التعاقد مع نجم المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم بيرم كيال، للانضمام إلى دوري الخليج العربي (الدوري الإماراتي).

ولم تكشف القناة الإسرائيلية ذاتها، في 21 سبتمبر 2020، عن هوية تلك الأندية الإماراتية المهتمة بخدمات "كيال"، لكنها شددت على أنها "تعمل على قدم وساق من أجل إبرام صفقة انضمام اللاعب إلى صفوفها قريباً".

ويعتبر كيال أحد أبرز اللاعبين في المنتخب الإسرائيلي، ولعب في السنوات الأخيرة مع برايتون الإنجليزي، كما لمع نجمه في سلتيك الاسكتلندي، وقد يفتح انتقال اللاعب إلى البطولة الإماراتية الباب واسعاً أمام صفقات كروية مماثلة.

وكان نادي "هبوعيل بئر السبع" الإسرائيلي قد وجه، في بداية سبتمبر 2020، دعوة إلى "شباب الأهلي دبي" الإماراتي لخوض مباراة ودية بين الفريقين؛ احتفالاً بتطبيع العلاقات بين الجانبين.

ونقل حساب "إسرائيل بالعربية" التابع للخارجية الإسرائيلية أن كلا الفريقين تُوّج ببطولة الكأس في بلديهما، وهو ما يوحي بأن المباراة ستكون على كأس السوبر الإماراتي الإسرئيلي.

سجل حافل

التطبيع الرياضي لم يكن وليد اللحظة، بل سبقته عدة مؤشرات وفعاليات كانت بمنزلة شرارة انطلاق لعملية اندماج بين الجانبين من بوابة المنافسات الرياضية؛ إذ عزف النشيد الإسرائيلي "هاتيكفا" في الإمارات، أواخر أكتوبر 2018، بمناسبة فوز لاعب إسرائيلي بالميدالية الذهبية في إحدى بطولات العالم للجودو بالعاصمة أبوظبي.

وحضرت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف آنذاك مشهد رفع العَلم الإسرائيلي وعزف النشيد، وهو ما وصفه مراقبون حينها بأنه "خطوة تمهيدية لإعلان التطبيع بين الجانبين"، وهو ما حدث بعد أقل من عامين.

وفي مارس 2018، شهدت الإمارات مشاركة سائقِين من الدولة العبرية في "رالي أبوظبي الصحراوي" للسيارات، كما شارك 20 رياضياً إسرائيلياً في بطولة العالم للجوجيتسو لفنون القتال للشباب والناشئين بالإمارات، في الشهر ذاته.

وإضافة إلى ذلك شاركت الإمارات والبحرين في "طواف إيطاليا 2018" للدراجات الهوائية الذي أقيم بـ"إسرائيل"، في مايو 2018، في حين شارك وفد رياضي إسرائيلي، في مارس 2019، بدورة الألعاب الأولمبية المخصصة للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، التي احتضنتها أبوظبي.

تسريع لتطبيع كامل

في هذا الإطار يقول الصحفي الرياضي محمود يوسفي إن التطبيع الإماراتي مع العدو الإسرائيلي "خيانة للقضية الفلسطينية وتصفية لها، وخيانة أيضاً لدماء الشهداء على مر عشرات السنين التي بطش بها العدو في فلسطين المحتلة".

وحول سلسلة الخطوات الأخيرة بين أبوظبي و"تل أبيب" رياضياً اعتبر يوسفي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن ذلك يندرج في سياق "تسريع التطبيع الكامل بين الطرفين".

وأشار إلى أن الجانبين الإسرائيلي والإماراتي "يودان إظهار أكبر قدر ممكن من علامات الوئام التطبيعي"، لكنه بيّن أن هذا يكشف "مدى هشاشة تلك الخطوات الرياضية"، متوقعاً أن يكون مآلها "الفشل الشعبي".

واستحضر الصحفي الرياضي هنا العديد من الأبطال العرب والمسلمين الذين رفضوا مواجهة الإسرائيليين في مختلف المحافل الإقليمية والدولية والأولمبية.

واستشهد بما فعله بطل الجودو الأردني بكر جميل الزيدانين، عندما رفض اللعب مع منافسه الإسرائيلي بعد أن أوقعته القرعة معه ضمن فعاليات "غراند بريكس" التي أقيمت في هنغاريا العام الماضي، إضافة إلى انسحاب لاعب نادي الشباب ومنتخب الكويت للجودو حبيب السبتي من بطولة روما الدولية بعد معرفته بوجود 3 لاعبين إسرائيليين معه في الفئة نفسها.

ورغم العقوبات التي تسلط على الرياضيين العرب عند الانسحاب فإن الصحفي الرياضي يرى أن رمزية هذا القرار وعدم مصافحة الرياضيين الإسرائيليين تعتبر "انتصاراً للقضية الفلسطينية، وموقفاً مخزياً للعدو الذي أوجدت له الإمارات بوابة لاقتحام الممنوع من خلال تطبيع العلاقات بين الطرفين".

وحول ما بات يُعرف بـ"الهرولة إلى التطبيع" يوضح يوسفي أن بعض الدول العربية -على غرار الأردن ومصر- "ظلت إلى وقعت ليس بالبعيد تنظم علاقاتها بسرية تامة مع الجانب الإسرائيلي خوفاً من الهجمة الشعبية التي قد تطال هذه الأنظمة على خلفية أي علاقات علنية".

لكنه استدرك بقوله: إن "النظام الإماراتي لا يعترف بالإرادة الشعبية، وهو دليل آخر على استمرار قمع الحريات السياسية في هذا البلد"، مضيفاً أن هذا الشيء "دفع المحسوبين على النظام للقيام بمبادرات مضحكة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل استرضاء حكام أبوظبي".

وتوصلت الإمارات و"إسرائيل"، في 13 أغسطس الماضي، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، ثم لحقتها البحرين بعد 29 يوماً فقط.

ووقعت الأطراف الثلاثة، في 15 سبتمبر 2020، في البيت الأبيض على اتفاقيتي التطبيع بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ونظيره البحريني عبد اللطيف الزياني.

وقوبل الاتفاق بتنديد فلسطيني واسع، حيث اعتبرته الفصائل والقيادة الفلسطينية "خيانة" من الإمارات وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني.